تشكل التقية معلماً من المعالم المهمة في فهم الحياة السياسية والاجتماعية في نظرية أهل البيت(ع)، وقد وردت فيها نصوص كثيرة عالية السند والمضمون والسعة والشمول، ويظهر من تلك النصوص المتعرضة لذلك ارتباط هذا المنهج بقضايا أساسية في الدين بحيث تأخذ حيزاً واسعاً من الدين والالتزام بالنسبة إلى الإسلام.
وتتضح مدى أهمية التقية وقيمتها من خلال الآثار والنتائج التي وصفها الأئمة الأطهار(ع) بإزاء هذا الموضوع، فعن المعلى بن خنيس قال: قال لي أبو عبد الله(ع): يا معلى، اكتم أمرنا ولا تذعه فإنه من كتم أمرنا ولا يذيعه أعزه الله في الدنيا، وجعله نوراً بين عينيه يقوده إلى الجنة، يا معلى، إن التقية ديني ودين آبائي، ولا دين لمن لا تقية له، يا معلى، إن الله يحب أن يعبد في السر كما يحب أن يعبد في العلانية، والمذيع لأمرنا كالجاحد له[1].
وقد بحثت مسألة التقية في علمي الكلام والفقه، فبحثت ضمن المسائل الاعتقادية، كما عن الشيخ الصدوق(ره) في اعتقاداته[2]، والمفيد في تصحيح الاعتقاد[3].
وإن كان الأنسب أن يكون البحث عنها في الفقه، لأن البحث فيها يرجع إلى أحكامها الخمسة، خصوصاً وجوبها، أو حرمتها، وكذا البحث عن إجزاء العمل المأتي به تقية بعد ارتفاع موضوعه، وهكذا.
ولا يخفى أنه لا تختص التقية بالإسلام، بل هي مشرعة في الأديان والأمم السابقة، كما يفهم من قصة مؤمن آل فرعون، وأنه كان يكتم إيمانه تقية. قال تعالى:- (وقال رجل من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذباً فعليه كذبه وإن يك صادقاً يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب)[4]، فقد اتفقت كلمة المفسرين على أن منشأ كتمانه لإيمانه عن طاغية عصره وهو فرعون عمله بالتقية. كما أنها تدل على مشروعية التقية في ملة الكليم موسى(ع)، لأن الآية كما عرفت تتحدث عن استخدام مؤمن آل فرعون إليها، وهذا يعني مشروعيتها، بعد معروفيتها في ذلك الزمان، وإلا لم يستخدمها.
أهمية التقية:
وتظهر أهمية هذا الموضوع عند التوجه إلى ما ورد في القرآن الكريم والسنة المباركة من النصوص المتظافرة في أهميتها والتأكيد على رعايتها والوعد بالثواب العظيم على فعلها، والوعيد بالعذاب الأليم على تركها، والمدح الكثير لمن جعلها شعاراً له ومنهجاً يعمل به لنفسه.
وقد يتوهم اختصاص التقية بخصوص باب العبادات فلا تجري في المعاملات، ومنشأ التوهم المذكور كثرة النصوص الواردة فيها في جانب العبادات دون المعاملات.
ويندفع التوهم المذكور، بملاحظة النصوص الشريفة، فإن المستفاد منها عدم اختصاصها بباب العبادات فقط، بل تجري في المعاملات أيضاً كما تجري في العبادات، ما يكشف عن شموليتها لجميع أبواب الفقه، وعدم اختصاصها بشيء منه دون شيء آخر.
حكمة تشريعها:
وقد يطرح تساؤل حين كون الحديث عن التقية، فيسأل: لماذا شرعت التقية، وما هي الحكمة من ذلك؟
في مقام الإجابة، ذكرت أمور في كلمات الأعلام، نشير لبعضها:
أحدها: حقن الدماء، وحفظ النفوس:
إن العمل على وفق التقية يكون سبباً موجباً لحفظ أرواح الأولياء والصالحين وأهل الإيمان، وحقن دمائهم، وعدم إراقتها هدراً، وقد أشير إلى ذلك في العديد من النصوص منها ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي جعفر(ع) قال: إنما جعلت التقية ليحقن بها الدم، فإذا بلغ الدم فليس تقية[5].
ثانيها: صيانة الشريعة والمذهب:
ومن الدواعي لتشريعها أنها أحد الوسائل التي يتم من خلالها حفظ المذهب صيانته، بل حفظ رسالة النبي الأكرم محمد(ص)، من خلال سدّ طريق الفرقة والاختلاف بين المسلمين، ومنع وقوع الفتنة بينهم، وقد ورد عن الإمام الصادق(ع) أنه قال: اتقوا الله وصونوا دينكم بالورع وقووه بالتقية[6]. وجاء عنه(ع) أيضاً أنه قال: اتقوا الله على دينكم فاحجبوه بالتقية، فإنه لا إيمان لمن لا تقية له، إنما أنتم في الناس كالنحل في الطير، لو أن الطير تعلم ما في أجواف النحل ما بقي منها شيء إلا أكلته[7]. وقد أوصى(ع) أحد أصحابه وهو أبو جعفر محمد بن النعمان الأحول، فقال له: يا ابن النعمان إذا كانت دولة الظالم فامش واستقبل من تتقيه بالتحية، فإن المتعرض للدولة قاتل نفسه وموبقها[8].
ثالثها: صون كرامة الأئمة وزعماء المذهب:
وقد كان أحد الأسباب الداعية إلى التأكيد على موضوع التقية، وكثرة الاهتمام بها الحفاظ على كرامة الأئمة الأطهار(ع)، وصون زعماء المذهب، ويظهر هذا بملاحظة أمرين:
1-إن الحركات الشيعية المعارضة والتي كانت في عصر الأمويـين، والعباسيـين، لم تكن تملك العدة والعتاد إلى مقارعة الظلمة، وكان ذلك يوجب إراقة دماء الشيعة من غير تقوية للمذهب، بل ربما وهنه، فكانوا يؤكدون عليها.
2-اجتناب الشيعة المعاشرة مع أبناء العامة وترك رعاية كثير من حقوق الأخوة الإسلامية التي ندب إليها الشارع المقدس، فكانوا يعابون على ذلك، وكان ذلك شيناً عليهم(ع). فعن هشام الكندي، قال: سمعت أبا عبد الله(ع) يقول: إياكم أن تعملوا عملاً نعير به، فإن ولد السوء يعير والده بعمله، كونوا لمن انقطعتم إليه زيناً، ولا تكونوا عليه شيناً، صلوا في عشائرهم، وعودوا مرضاهم، واشهدوا جنائزهم، ولا يسبقونكم إلى شيء من الخير فأنتم أولى به منهم، والله ما عبد الله بشيء أحب إليه من الخبء، قلت: وما الخبء؟ قال: التقية[9].
رابعها: إغلاق باب الشقاق والفتن بين المسلمين:
سنة وشيعة. فإنه لولا وجود التقية كقانون طبقه الأئمة الأطهار(ع) كانت تحدث فتن تهدم أساس المذهب، بل تزعزع كيان الدين، وتهدم أصله. وهذا يبرر لنا سر اتخاذ هذا القانون منهجاً أساسياً في سيرة المعصومين(ع)، بدءاً من أمير المؤمنين(ع)، ومن بعده أولاده الطاهرين(ع)، وأصحابهم، فإن سكوت أمير المؤمنين(ع)، عن المطالبة بحقه إنما كان من أجل هذا، وإلا ليس في القوم من يقدر على مقارعة أمير المؤمنين(ع) ولا مجابهته.
حقيقة التقية:
لم يختلف مفهوم التقية عن بقية المفاهيم، فقد وجد له معنى في اللغة، ومعنى في الاصطلاح، وما يلزم ملاحظته، أن معناها الاصطلاحي هل يغاير معناه اللغوي، فيكون للشارع المقدس دخالة في التصرف في هذا المفهوم وتغيـير حقيقته، أم أن الشارع المقدس، قد أمضى ما هو الموجود والمعروف عند علماء اللغة، ومن الواضح، أن ذلك لا يكون إلا بملاحظة ما ذكره علماء اللغة بياناً لحقيقتها، وما جاء في كلمات أهل الاصطلاح.
أما حقيقة التقية ومعناها لغة: فإنها مأخوذة من مادة وقى، يقي، هذا المعنى يفيد الحماية والحفظ، كما هو الظاهر من مادة الوقاية، وعليه يمكن القول بأن المستفاد من كلمات أهل اللغة كون المقصود من التقية لغة عبارة عن عملية الحفظ والوقاية.
وأما في الاصطلاح، فالظاهر أن حقيقتها أخص في الجملة من معناها اللغوي، ذلك أنها لا تعرف بأنها مطلق الحفظ والوقاية، وإنما تحدد حقيقتها بأنها حفظ شيء خاص وصيانته عن شيء خاص.
وهي بهذا التعريف كما عرفت لا تعني مطلق الحفظ والصيانة، كما أنها قد ضيقت الدائرة في ما يتحفظ منه، فلم تجعله مطلق التحفظ عن كل شيء، بل حددته بكونه تحفظاً عن شيء خاص.
ولهذا نجد تعريفها في كلمات الشيخ الأعظم الأنصاري(قده): التحفظ عن ضرر الغير بموافقته في قول أو فعل مخالف للحق.
وقد أخذ الشيخ الأعظم(ره) في تعريفه إياها قيوداً ثلاثة، أختلف معه فيها بعض الأصحاب فلم يعتبرها بأكملها، ووافقه آخرون، وهذا يعني أن القيود المذكورة في تعريفه لها ليست مورد قبول عند جميع أصحابنا، بل هناك من لا يعتبر بعض هذه القيود، وهناك من يعتبرها.
وكيف ما كان، فإن القيود المذكورة في التعريف الوارد في كلامه على لسانه(ره)، هي:
الأول: موافقة الغير، والموافقة المذكورة قد تكون موافقة إياه في الترك، مثل: ترك وضع الجبهة، أو الشهادة بالولاية في الأذان والإقامة لأمير المؤمنين(ع) وأولاده المعصومين(ع)، كما تكون موافقة له في الفعل، مثل التكتف بوضع اليد اليمنى على اليد اليسرى حال الصلاة.
الثاني: مخالفة الحق، ويقصد به مخالفة الفعل أو الترك لمذهب أهل البيت(ع)، وما عليه الشيعة الإمامية من عمل موافق لهم(ع).
الثالث: أن الهدف منها هو حفظ النفس عن ضرر الغير، ومع أن القيد الوارد في كلامه(ره) بقوله: التحفظ، أعم فيشل حفظ النفس وغيرها، إلا أن الظاهر وجود انصراف في البين يمنع من حجية الظهور في الإطلاق، كما لا يخفى، فتأمل.
نعم لابد من أن يكون الضرر الذي يسعى لحفظ النفس منه ضرراً عقلائياً، يحتمل العقلاء حصوله، ويكفي وجود الضرر الشخصي المحتمل، وهذا يعني أنه يلزم أن يكون المقصود من الضرر ما يوجب الخوف على النفس، أو على المال، أو على العرض، سواء كان خوفه على نفسه، أم كان خوفه على أخيه المؤمن، وكذا سواء كان خوفه على ماله، أم كان خوفه على مال أخيه المؤمن، وهكذا يجري أيضاً بالنسبة إلى العرض.
نعم لو كان هناك ضرر نوعي، إلا أن المكلف لم يخف لشجاعته، ورباطة جأشه وقوة شكيمته، فالظاهر شمول أدلة التقية لمثله، إلا أن ذلك يكون بنحو الرخصة وليس العزيمة، فتكون التقية مشروعة في حقه لو شاء أن يعمل بها لكانت نصوص التقية شاملة لمثله، وإن لم يشأ العمل بها لم يكن في ذلك إشكال.
ولا يظهر من كلام الشيخ الأعظم الأنصاري(ره) وغيره من الفقهاء، أخذ كون المتقى منه من المخالفين، بل ظاهر التعريف المذكور إمكان كونه من الكفار، أو من أهل الكتاب، وهذا يعني عدم حصر موارد جريانها في مال وكان المتقى منه مخالفاً.
بين التقية والمداهنة:
ومع عرض حقيقة التقية وبيان مفهومها، قد يتوهم أنه ليس بينها وبين المداهنة فرق، وهذا يمنع من مشروعيتها، لأن المداهنة التي هي معاشرة الكفار والطواغيت ومرافقتهم، والتعامل معهم بلين ورفق، بل وتكريم وتبجيل، من المحرمات. ولا يختلف تعريف التقية المتقدم عن مفهومها وحقيقتها، فكما أن المداهنة محرمة، يلزم أن تكون التقية محرمة أيضاً، لعدم الفرق بينهما.
وقد دفع هذه الشبهة، وأزال هذا التوهم الشهيد الأول(ره)، فذكر فرقاً بينهما، حاصله:
إن المداهنة تشتمل على تعظيم لمن لا يستحق التعظيم، والغاية من ذلك الحصول على منفعة منه، أو تقرب إليه بصداقته، وهذا مثل من يعمد إلى مدح ظالم في ظلمه، ويصوره أنه قد عدل وقسط، أو يقول لمبتدع بأنه قد أتى بالحق، وهكذا.
أما التقية، فإنها مجاملة الناس بما يعرفون، وترك ما ينكرون، والغاية الأساس من ذلك هو الحذر من غوائلهم، والحفاظ على نفسه من شرورهم.
وهذا يعني أنه ليس في التقية تعظيماً لأحد على فعله، وإنما هو نوع مجاراة للفاعل في ما عمل رغبة في حفظ نفسه وصيانتها من البلاء[10].
والحاصل، إن المداهنة تعظيم غير المستحق، من أجل غايات ومصالح، وهي:
1-اجتلاب نفعه.
2-تحصيل صداقته.
وأما التقية، فهي مجاملة الناس في ما يعرفون وترك ما ينكرون، حذراً من غوائلهم.
وقد يقال، بأنه يمكن تحديد الفرق بينهما من خلال ملاحظة النسبة بينهما، وهل هي العموم والخصوص من وجه أو العموم والخصوص المطلق، ومن الواضح أنه لو بني على أي من النسبتين، كان مقتضى ذلك الحكم بوجود مغايرة بينهما بلا إشكال، وأوضح من ذلك ما لو كانت النسبة بينهما هي نسبة التباين، بخلاف ما لو كانت النسبة هي نسبة التساوي، ولعل المستشكل توهم أن النسبة بينهما هي نسبة التساوي، لذلك جاء يقرر أنه لا فرق بينهما، وقد عمد الشهيد(ره) إلى البناء على أن النسبة بنهما هي نسبة التباين، وهذا يقتضي وجود الفرق بينهما.
والظاهر أنه لو بني على أن النسبة بينهما هي نسبة العموم المطلق، فإنه يلتزم بوجود فرق بينهما، ذلك أنه سوف يقرر بأنه ليست كل مداهنة ممنوعة ومحرمة، فإن المداهنة قد تكون من أجل تقوية شوكة الظالم ومساعدته في طغيانه وغيه، وقد تكون الغاية منها حفظ النفوس المحترمة وصونها، فإن كانت من النوع الأول، فلا ريب في حرمتها، أما لو كانت من النوع الثاني، فلا إشكال في مشروعيتها، بل حسنها بنظر العقلاء، كما لا يخفى.
وعليه، يمكن القول بأن التقية مداهنة من النوع الثاني، وليست من النوع الأول، فلا مانع من البناء على مشروعيتها، فلاحظ.
ومثل هذه الشبهة الواهية، الشبهة القائلة بأن التقية نفاق، ولما كان النفاق محرماً، يلزم أن تكون التقية كذلك أيضاً.
وتدفع الشبهة المذكورة بوجود المغايرة بين العنوانين، فإن النفاق إظهار الإيمان ممن لا يعتقد به أصلاً ولا إيمان له في الباطن. بينما التقية وإن تضمنت إظهار الكفر مثلاً، إلا أن الفرض أن مظهره قلبه مفعم ومطمئن بالإيمان، وكذا لو كان يظهر خلاف ما يعتقد، فإن المفروض أن فكره وقلبه مطمئن بصحة ما يعتقد، وهكذا. مضافاً إلى أن وجود غرض مشروع عقلائي في التقية وهو دافع إيجادها يوجب مغايرتها للنفاق الذي ليس له غرض عقلائي كما لا يخفى.
ومنه يتضح عدم صحة مساواتها بالرياء، فإن المفهومين وإن تضمنا جلب رضا الخلق، إلا أن التقية يكون رضا الخلق مجرد غاية يرتجى منها تحصيل رضا الخالق سبحانه وتعالى، وهذا ما لا يوجد في الرياء، فإنه ينحصر في خصوص تحصيل رضا المخلوق.
أدلة التقية:
ثم إنه بعد الإحاطة الإجمالية بأهمية هذا القانون السماوي، والتعرف على حقيقته وبيان المقصود منه، والإشارة إلى حكمة تشريعه، نشير إلى ما يستدل به على مشروعيته، فقد استدل على ذلك بالأدلة الأربعة، ولا ينحصر الاستدلال بالسنة الشريفة في خصوص النصوص الواردة من مصادرنا، بل هناك نصوص موجودة في مصادر العامة، استند إليها القائلون بمشروعيته.
فمن الآيات الشريفة التي استدل بها، قوله تعالى:- (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فلس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة)[11]، فقد تضمنت استثناء حالة واحدة من تولي الكافرين واتخاذهم أولياء وإظهار المودة إليهم هي حالة التقية، بإيجاد الموافقة والمرافقة معهم. قال صاحب مجمع البيان(قده): والمعنى إلا أن يكون الكفار غالبين والمؤمنون مغلوبين فيخافهم المؤمن إن لم يظهر موافقتهم، ولم يحسن العشرة معهم، فعند ذلك يجوز له إظهار مودتهم بلسانه، ومداراتهم تقية منه، ودفعاً عن نفسه، من غير أن يعتقد ذلك، وفي هذه الآية دلالة على أن التقية جائزة في الدين عند الخوف على النفس[12].
ومن النصوص، ما سمعت وسيأتي في طيات البحث، وغيره كثير مما يجده المتتبع، وهي فوق حد التواتر، فلا حاجة لاستعراضها. كما يستدل لذلك بالإجماع أيضاً، لأنه لا يوجد مخالف بين أصحابنا في مشروعيتها، بل عدّ أصل المشروعية من ضروريات المذهب. بل لو قيل أنه من ضروري الدين، لم يكن في ذلك ضير كف وهناك جملة من الآيات الشريفة دالة على مشروعيتها.
وأما الاستدلال بحكم العقل، فعلى أساس أن العقل يحكم بلزوم دفع الضرر عن النفس والمال والعرض، ولزوم حفظ هذه الأمور عن الظالم، فلو توقف حفظ شيء منها على العمل بالتقية، فلا ريب في حكم العقل بحسنها.
ولما لم تكن الغاية من البحث الدراسة الفقهية، وإنما الإشارة الإجمالية لهذا القانون السماوي، فلنكتفي بالعرض الإجمالي والموجز لما يذكر دليلاً على المشروعية، ويمكن للقارئ العزيز الرجوع للمصادر التي تعرض لذلك عادة، ولنركز البحث على خصوص ما يتمسك به القائلون بعدم المشروعية، وهو أمران:
الأول: إن ما دل على الحكم الأولي لأي موضوع من الموضوعات، يفيد وجوب الإتيان به كما هو مطلوب، وعدم صحة الإتيان به بغير ما فرض، فضلاً عن عدم إجزائه، مثلاً إن المعتبر أن يكون الوقوف في عرفات في يوم التاسع من شهر ذي الحجة واقعاً، وهذا يعني أنه لا يجتزئ بالوقوف في يوم الثامن منه، فلو أن الحاج وقف في اليوم الثامن منه تقية، لم يكن وقوفه في هذه الحالة وقوفاً بما هو المطلوب منه، بل يكون المأتي به غير المطلوب، وعليه لا يكون العمل الصادر منه مجزياً عما اشتغلت ذمته به.
الثاني: إن المستفاد من غير واحدة من الآيات القرآنية الشريفة، وكذا النصوص المباركة الصادرة عن المعصومين(ع)، لزوم مقابلة الطاغوت ومجاهدة الظالم، ودفع الظلم، وتحريم إعانة الجائر والظالم، ولو بالسكوت عنه، وعدم مقارعته. قال تعالى:- (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار)[13]، وجاء عنه(ص) أنه قال: من أعان ظالماً على ظلمه وهو يعلم أنه ظالم، فقد برئ من الإسلام[14]. وقال أمير المؤمنين(ع): أمرنا رسول الله(ص) أن نلقى أهل المعاصي بوجوه مكفهرة[15].
ولا ريب أن العمل بمقتضى ما تضمنته نصوص التقية يتنافى وجميع ما ذكر، فإن مقتضاها الأمر بموافقة الباطل، وكتمان الحق.
وكلا الأمرين مدفوعان، فيجاب عن أولهما:
بأن من المعروف بدلية الأدلة الاضطرارية بالنسبة للأحكام الأولية، وأنها تفيد تنـزيل المأتي به بسبب الاضطرار منـزلة التكليف الأولي الاختياري. وقد ذكر في الأصول أن دليل البدل الاضطراري حاكم على دليل الواجب المبدل الاختياري، فيوسع موضوعه ومتعلقه إلى البدل. ولما كان دليل التقية واحداً من الأدلة الاضطرارية، فإنه سوف يكون حاكماً على الأدلة الأولية للأحكام، ويتولى توسعة موضوعها ومتعلقها، ويحكم بإجزاء المأتي بها. فالصلاة على ما لا يصح السجود عليه تقية، تنـزله أدلة التقية منـزلة الصلاة على ما يصح السجود عليه، لأنها توسع دائرة الحكم الموجه للمكلف ليكون شاملاً لهذا المورد، ويحكم بإجزائه كما لو أتى بالسجود على ما يصح السجود عليه.
وأما الأمر الثاني، فقد يجاب عنه، بأن أدلة التقية حاكمة على الأدلة الأولية التي تضمنت المنع من الركون إلى الظالم، ودلت على لزوم مواجهته، والخروج عليه، حكومة تضيـيق بحيث تختص تلك الأدلة بما إذا لم يكن هناك خطر على المكلف، أما حال وجود خطر عليه، فإنه لا ينبغي له القيام بشيء من ذلك، ولا ريب أنه في موارد وجود التقية يكون الخطر محذقاً.
وهذا الجواب، يصح إذا كانت الأدلة المتعرضة لذلك قد أخذ في موضوعها الخطر والضرر، ولم تكن مطلقة غير مقيدة بذلك، أما لو كانت مطلقة ليس فيها تقيـيد بذلك، فالظاهر أنه لا يمكن أن تحكم أدلة التقية عليها، لأنها-أعني أدلة التقية-لا نظر فيها إلى تلك الأدلة الأولية، وهذا يعني عدم القبول بالجواب المذكور.
نعم الصحيح أن يجاب عنه بأن نصوص التقية تصلح لتخصيص النصوص الآمرة بالمواجهة مع الظالمين وعدم الركون إليهم، والوقوف في وجههم، ولعل هذا يتضح من خلال ما تضمنته بعض الآيات الشريفة من استثناء حال الإكراه، أو حال التقية، كقوله تعالى:- (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان)، وقوله سبحانه وتعالى:- (إلا أن تتقوا منهم تقاة).
شبهات حول التقية:
أثيرت حول التقية مجموعة من الشبهات في كلمات العامة، نعرض لشيء منها بصورة موجزة، ويمكن لمن أراد التفصيل أن يرجع للكتب المتعرضة لهذا الموضوع بصورة مفصلة.
منها: إن ما تسمونه بتقية ليس إلا نحواً من أنحاء الكذب الذي دلت الأدلة الشرعية، بل حكم العقل على حرمته، ولزوم المنع عنه، وعدم الفرق بين صغيره وكبيره، بل هو محرم حتى في المزاح والهزل.
وأما كونها كذباً، فلأنها كما عرفت عند تعريفها بأنها إظهار ما لا يكون مطابقاً ومتوافقاً مع الواقع في اعتقاد شخص المتقي. وهذا هو الكذب، لأنه إخبار بما يكون مخالفاً للواقع.
ويجاب عن ذلك، أولاً: إن هناك فرقاً بين الكذب والتقية، وذلك لأن الكذب من مقولة اللفظ، لأنه قد عرف بأنه الإخبار بغير ما يطابق الواقع، وأما التقية فإنها أعم من القول والفعل، فقد تكون قولاً وقد تكون فعلاً، والأغلب أن تكون فعلاً، ومن الواضح أن الفعل لا يصدق عليه الكذب، لأن الفعل ليس من مقولة اللفظ.
ولو قيل: بأن التقية بالفعل وإن كانت خارجة عن مقولة القول، وبالتالي لن ينطبق عليها الكذب، إلا أنه يبقى القسم الآخر منها وهو التقية بالقول، وهو غير قليل، وحتى لو كان قليلاً، فلا أقل من لزوم البناء على التفصيل، فلا يحكم بمشروعية التقية بقول مطلق، بل يلزم حصر مشروعية التقية في خصوص ما كانت فعلاً، ولا يشمل التقية التي تكون قولاً.
قلنا: إن القبول بما ذكر يتوقف أولاً على أن يصدق على ما يصدر من المكلف حال التقية القولية أنه إخبار، ليكون مشمولاً لتعريف الكذب كما سمعت، وهذا ليس دائماً وأبداً، لأن كثيراً من موارد التقية القولية قد لا تكون متضمنة للإخبار، ومقتضى ذلك لزم التخصيص في التخصيص، ولا يبعد أن يكون من موارد تخصيص الأكثر وهو مستهجن، كما قرر في الأصول.
وبالجملة، إنه ليس كل تقية قولية مصداقاً للكذب، وهذا يوجب المنع من القبول بالإشكال المذكور.
ثم إنه لو سلم بالقبول بشمول جزء من التقية القولية لمفهوم الإخبار، ليكون محكوماً عليه بأنه من صغريات الكذب، فإن المنع عنه يتوقف على الحكم بقبح مطلق الكذب، وعدم بناء العقلاء، فضلاً عن العقل بحسنه في بعض الموارد.
وبعبارة أخرى، إنه لو سلم بكون كل كذب قبيح من دون فرق بين كونه يشتمل على أمر عقلائي يحسنه العقل والعقلاء كإنقاذ النفس، أمكن القول بأن التقية لو كانت متضمنة للإخبار، دخلت تحت عنوان الكذب، وبالتالي يحكم بقبحها وحرمتها، وإلا فلا.
ثانياً: إنه بعد التسليم بكون التقية كذباً، يلزم ملاحظة أن حرمة الكذب هل هي ذاتية، أو أن حرمته بالوجه والاعتبار، فلو بني على الأول، كان البناء على مشروعية التقية مع صدق عنوان الكذب عليه مشكل جداً، لأن القبح الذاتي لا يزول، أما لو بني على أن حرمة الكذب بالوجه والاعتبار، وهذا هو الظاهر من الأدلة، وكذا من كلمات الأعلام، بحيث ترتفع حرمته في مورد الإكراه مثلاً، أو الاضطرار، أو أمثال ذلك، فلن يوجد ما يمنع من مشروعية التقية وإن عدت من صغريات الإخبار بغير الواقع. لأن القبح الثابت للكذب يرتفع حال الاضطرار كما عرفت، بل إن الإثم المترتب عليه يرتفع أيضاً، والتقية نحو من أنحاء الاضطرار، فيكون وجودها موجباً لرفع قبح الكذب، وأثمه.
ومنها: إن الالتزام بمشروعية التقية وعدها قانوناً سماوياً ينافي حجية الروايات الموجودة في المصادر الشيعية، لأن احتمال التقية سوف يتصور في جميع تلك الروايات، وهذا يمنع من القبول بها، فضلاً عن العمل على طبقها، لأنه ما دام يعتقد أن المعصومين(ع) يتكلمون تقية، فإن هذا الاحتمال يجري في جميع ما صدر عنهم من نصوص، وهذا يوجب التوقف في العمل بأي واحد منها.
وبالجملة، إن احتمال التقية وارد في جميع النصوص الصادرة عن المعصومين(ع).
وتدفع الشبهة المذكورة، بأن ما يعتقده الشيعة الإمامية أن الأئمة الأطهار(ع) لم يتقوا بقول مطلق في ما بينوه من أحكام شرعية، وإنما اتقوا في موارد خاصة عند بيانهم للأحكام الشرعية، وقد كان هدفهم منها صون دماء المسلمين وحفظها، وحماية كيان المذهب، ودفع الفرقة والعداوة والبغضاء بين المسلمين.
وقد يتوهم فيقال: إنه مع صدور روايات عنهم ولو في الجملة تقية موجبة لإغراء الجاهلين من المكلفين بالوقوع في الخطأ والاشتباه.
ويدفع، بأن هناك قرائن حافة بهذه النصوص الصادرة تقية، تمنع من التغرير بالجاهلين، ووقوعهم في ما يخالف حكم الله الواقعي.
وبعبارة أخرى، إن هناك قاعدة أساسية يعمد إلى ملاحظتها عند حمل أي نص من النصوص على التقية، كموافقة الحكم المذكور للعامة. مضافاً إلى وجود نصوص تشير إلى بيان الحكم الشرعي الواقعي مخالفة لما عليه العامة. ومتى توفر هذان الأمران أوجب ذلك حمل النص الموافق للعامة على التقية.
أقسام التقية:
ليس المقصود من أقسامها تقسيمها حسب ما تتصف به من الأحكام الخمسة، من الوجوب والاستحباب والحرمة والكراهة والإباحة، كما جاء في كلمات غير واحد من أعلامنا. فالواجب منها ما كان من أحل دفع الضرر، والمستحب ما كان التحرز فيه عن معارض الضرر، بحيث يؤدي تركه إلى حصول الضرر، كترك المدارة مع أبناء العامة، وعدم المعاشرة معهم في بلادهم.
وأما المباح، فهو الذي يكون التحرز عن الضرر وفعله مساوياً في نظر الشارع. أما المكروه، فهو الذي يكون ترك التقية وتحمل الضرر أولى من فعله، كما لو كان الإنسان شخصاً يقتدي به الناس، وقد طلب منه إظهار كلمة الكفر، فإن تركه لإظهارها أولى من إظهارها تقية. وأما التقية المحرمة، هي التي يوجب الالتزام بها إراقة الدماء[16].
وإنما نقصد تقسيمها بلحاظ ملاكات تشريعها، لاختلاف الجهات التي شرعت التقية من أجلها، سواء كان خوفاً دينياً أو دنيوياً، أم كان مراعاة ومداراة، طلباً لمودة، أو من باب الاضطرار، أو الإكراه.
وعلى أي حال، فهنا أقسام للتقية، نشير إليها وفقاً لما جاء في كلمات عدة من الأعلام:
منها: التقية الاضطرارية:
وهي التقية التي شرعت عند عروض الاضطرار، وكان الغرض من تشريعها هو دفع الضرر عن النفس أو عن العرض، أو عن المال.
ومن المعلوم أن المحرمات ترفع عند الاضطرار، كما أن الضرورات تبيح المحظورات، وقد أشير إلى هذا المعنى في النصوص، فقد ورد عن زرارة عن أبي جعفر(ع) قال: التقية في كل ضرورة، وصاحبها أعلم بها حين تنـزل به[17].
ومتى صدق على المكلف عنوان المضطر شملته أدلة هذا القسم من أقسام التقية، لما رواه محمد بن مسلم وزرارة عن أبي جعفر(ع) أنه قال: التقية في كل شيء يضطر إليه ابن آدم فقد أحله الله له[18].
نعم متى كانت التقية توجب ضرراً على الاسلام والمسلمين، لم يكن مجرى لها، وذلك لانتفاء عنوان الاضطرار حينئذٍ عنه.
ومنها: التقية: المداراتية:
وهي التي كان هدف تشريعها وحدة المسلمين وجمع كلمتهم، بتحبيب قلوب المخالفين وجرّ مودتهم، واتقاء وقوع الفتنة والاختلاف بين المسلمين رغبة في تقوية المذهب، وصوناً له من الوهن والضعف. فعن هشام الكندي، قال: سمعت أبا عبد الله(ع) يقول: إياكم أن تعملوا عملاً نعير به، فإن ولد السوء يعير والده بعمله، كونوا لمن انقطعتم إليه زيناً، ولا تكونوا عليه شيناً، صلوا في عشائرهم، وعودوا مرضاهم، واشهدوا جنائزهم، ولا يسبقونكم إلى شيء من الخير فأنتم أولى به منهم، والله ما عبد الله بشيء أحب إليه من الخبء، قلت: وما الخبء؟ قال: التقية[19]. وعن مدرك بن الهزهاز عن أبي عبد الله(ع) أنه قال: رحم الله عبداً اجتر مودة الناس إلى نفسه، فحدثهم بما يعرفون وترك ما ينكرون[20].
والظاهر أن مورد جريان هذه القسم من التقية عندما تكون السلطة بيد الطواغيت والمخالفين، ولا يكون صوت لأهل الحق، ويكون محكومين لهؤلاء، فيكون موضوع هذا القسم من التقية.
وللأعلام بحثان مرتبطان بموضوع التقية المدارتية:
الأول: وقع الكلام بينهم في أنها مختصة بعصر المعصومين(ع)، وزمان وجودهم، فلا تجري إلا في تلك الفترة الزمنية، أو أنها ليست مختصة بذلك الزمان، بل إنها كما كانت تجري في عصر وجودهم(ع)، فإنها تجري اليوم أيضاً، وحتى يرث الله الأرض ومن عليها، أو لا أقل حتى وقت إقامة دولة الحق والعدل على يد مولاي ولي النعمة(روحي لتراب حافر جواده الفداء).
ومنشأ الالتزام بالمحتمل الأول، هو دعوى انصراف عمومات أدلة التقية إلى ذلك الزمان الذي كانت شوكة العامة قوية، وكانوا أصحاب نفوذ واقتدار، ولا تشمل زماننا لأن شوكتهم قد زالت وقوتهم قد انتهت، فما عادوا يخاف منهم.
ومن بنى على الشمولية، فهو ينفي وجود انصراف في أدلتها، وبالتالي لا تختص بزمان الأئمة الأطهار(ع).
الثاني: بعد التسليم بعمومية التقية المداراتية لجميع الأزمنة، وعدم اختصاصها بعصر وجود المعصومين(ع)، فهل يختص جريانها في خصوص الصلاة من الواجبات، دون بقية الواجبات الأخرى، فضلاً عن فعل المحرمات، أم أن جريانها مطلق شامل للجميع. ومنشأ القول بالتخصيص، تصور أن البناء على هذه السعة والشمولية من صغريات المداهنة التي حكم بحرمتها شرعاً، فيقتصر على خصوص ما دل عليه النص، وهو الصلاة.
وتفصيل الأمر في هذين البحثين، وتحديد أيهما يقبل، وأيهما لا يقبل يطلب من البحث الفقهي، أو البحث المرتبط بدراسة التقية كقاعدة فقهية.
التقية الإكراهية:
ويكون موردها عندما يتقي الشخص من شخص بسبب الإكراه، خوفاً من تهديده بضرب أو قتل أو هتك عرض أو اضرار.
وقد وقع هذا القسم محل خلاف بين الأعلام، فمنهم من جعل الإكراه أحد ملاكات تشريعها، وبالتالي ألتـزم بأن من أقسامها التقية الإكراهية، وألتـزم آخرون بوجود فرق بين الإكراه والتقية، للمغايرة بين العنوانين، وبالتالي لم يقبل بكون هذا قسماً من أقسامها، وأن الإكراه منشأ لتشريعها.
والظاهر أنه لابد من ملاحظة النسبة بين المفهومين، وأن التقية أعم من الإكراه أو لا، فلو بني على كونها أعم كما هو الصحيح، لم يكن هناك ما يمنع من تشريع هذا القسم وعده من أقسام التقية، وتفصيل ذلك يطلب من البحوث التخصصية[21].
[1] وسائل الشيعة ج 16 ب 24 من أبواب الأمر والنهي ح 24 ص 210.
[2] الاعتقادات ص 107.
[3] تصحيح الاعتقاد ص 127.
[4] سرة المؤمن الآية رقم 28.
[5] وسائل الشيعة ج 16 ب 31 من أبواب الأمر والنهي ح 1 ص 234.
[6] أمالي المفيد ص 59.
[7] أصول الكافي ج 2 ص 218.
[8] بحار الأنوار ج 78 ص 288.
[9] وسائل الشيعة ج 16 ب 26 من أبواب الأمر والنهي ح 2 ص 219.
[10] القواعد والفوائد ج 2 ص 155.
[11] سورة آل عمران الآية رقم 28.
[12] مجمع البيان في تفسير القرآن ج 1-2 ص 430.
[13] سورة هود الآية رقم 113.
[14] نوادر الراوندي ص 17.
[15] وسائل الشيعة ج 16 ب 6 من أبواب الأمر والنهي ح 1 ص
[16] رسالة التقية للشيخ الأعظم الأنصاري(ره) ص 13-14.
[17] وسائل الشيعة ج 16 ب 25 من أبواب الأمر والنهي ح 1 ص 214.
[18] المصدر السابق ح 2.
[19] وسائل الشيعة ج 16 ب 26 من أبواب الأمر والنهي ح 2 ص 219.
[20] المصدر السابق ح 4 ص 220.
[21] مباني الفقه الفعال ج 2.