الرفق خلق قرآني

لا تعليق
من القلب إلى القلب
67
0

 

الرفق خلق قرآني

 

مع خلو الآيات القرآنية من التعرض للرفق الأخلاقي الذي هو بمعنى المعاملة بلطف ولين مقابل العنف، إلا أن مضمونه جاء في العديد من الآيات المباركة عند الحديث عن العفو والصفح واللين وماشابه، فإن المفردات المذكورة عناوين مشيرة لهذا المفهوم وكاشفة عنه، فلاحظ قوله تعالى:- (واخفض جناحك للمؤمنين)، فإنه يشير للمنهج المتبع والمتخذ في التعامل معهم والذي يقوم على التواضع والرفق.

 

وقد عدت النصوص الرفق صفة من صفات الله تعالى، فقد جاء عن رسول الله(ص) أنه قال: إن الله رفيق يحب الرفق.

كما أن المستفاد منها كونه صفة من صفات الأنبياء والأوصياء، ويظهر هذا واضحاً من خلال التأمل في سيرة أي منهم كنبينا الأكرم محمد(ص) وأهل بيته الطاهرين(ع).

 

وقد حثت النصوص على لزوم توفر هذه الصفة في المؤمن، فقد جاء في وصية الإمام الكاظم(ع) لهشام: يا هشام، عليك بالرفق فإن الرفق يمن والخرق شؤم. إن الرفق والبر وحسن الخلق يعمر الديار ويزيد في الرزق.

 

وهذا يستدعي أن يتخذ المؤمن الرفق منهجاً في جميع المظاهر والعلاقات الاجتماعية مع الآخرين، سواء في القول أم في العمل، بأن يتعامل معهم برفق ومداراة وسلوك حسن، ويجتنب القسوة والخشونة معهم. ولا يكون من أهل الخرق وأصحاب السلوك المنحرف الذي لا يملك نفسه عند الغضب.

 

الأثر المترتب:

ولم تحصر الوصية المذكورة نتائج هذا المنهج الأخلاقي في خصوص عالم الآخرة بحصول الإنسان على الثواب هناك، بل تضمنت بياناً للأثر في عالم الدنيا وقبل الآخرة.

والملفت للنظر أن هذا الأثر الدنيوي الوضعي ليس أثراً فردياً بحيث تكون منفعته مختصة بمن قام به، بل هو أثر كلي يظهر على المجتمع بأكمله، وهذا يسبب انتشار المحبة والألفة والتواد بين أفراد المجتمع الإيماني.

 

مظاهر الرفق:

وللرفق مظاهر متعددة تستفاد من النصوص نشير لبعضها:

 

أحدها: في العلاقة الأسرية الضيقة، ونعني بها رفق الزوج بزوجته، والزوجة بزوجها، ورفقهما بأولادهما، ومن الواضح أن وجود هذا المنهج الأخلاقي الإنساني في الوسط العائلي يترك أثراً عملياً على أجواء الأسرة ونجاحها.

 

ثانيها: الرفق في العبادة، لأن هناك بعض الأخطاء في ممارستها وأدائها، إذ يعتقد بعضهم أن المدار على كثرتها، بل أعتقد آخر أن المدار على المنهج والأسلوب فما لم يكن بطريقة فلان وبأسلوب فلان لن تكون عبادة.

 

وكلاهما خاطئ، إن العبادة لله، يلزم فيها حضور القلب، يراعى فيها موجبات الصحة والقبول، يركز فيها على الأثر العملي، فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر والصوم يكون طريقاً لنيل التقوى، والخمس يورث نماء المال، وهكذا.

 

وكما أن هناك خطأ في المنهج المتبع يوجد خطأ في تطبيق بعض الممارسات العبادية وذلك عندما يحمل الناس عليها بصورة توجب النفرة والابتعاد عنها، بل ربما كانت سبيلاً لخوفهم منها وقلقهم بسببها، وهذا خلاف روحها وحقيقتها.

 

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة