س: لماذا لم يحرم الفقهاء التدخين، لا بالحكم الأولي، ولا بالحكم الثانوي، مع أنه يشتمل على الإضرار بالصحة، كما أنه يحوي إهداراً للمال؟…
ج: لا يخفى أن هناك أمرين لا ينبغي الخلط بيهما:
الأول: وهو الحكم.
الثاني: وهو الموضوع.
ومن الواضح أن المربوط بالفقيه، هو خصوص الأمر الأول أعني الحكم، وشيء من الأمر الثاني وهو ما إذا كان الموضوع مستنبطاً.
وأما بالنسبة لغير هذين الأمرين فلا مدخلية للفقيه فيهما، بل إن أمرهما يناط بالمكلف، وهو الذي يكون مسؤلاً عن تحقيقه، ولهذا اشتهر على الألسن غالباً أن الموضوع وظيفة المكلف وليس وظيفة الفقيه كما لا يخفى.
وبعد اتضاح هذه المقدمة، نقول:
إن الذي يقرره الفقهاء هو أن كل ما يكون موجباً للإضرار بالنفس فهو محرم، أما تطبيق هذه القاعدة الكلية فأمره بيد المكلف هو الذي يقرر ما هو الموجب للضر وما هو الموجب لعدمه، وبحسب معرفتي أن هناك كلاماً بين أهل الاختصاص في كون التدخين موجباً للضرر من عدمه، ولا أقل من أنه يشكك في كونه موجباً للضرر مباشرة، بل يكون ضرره مستقبلي وبعد مضي فترة من الزمن.
وعلى أي حال متى شخص المكلف كون التدخين من الأمور الموجبة للضرر عليه لم يسغ له الإقدام على شربه.
هذا ولا يخفى أن هناك جملة من فقهائنا قد أفتوا بحرمة التدخين الابتدائي كأستاذنا الشيخ التبريزي(دام ظله) والسيد الخوئي(قده) وغيرهما، كما أن هناك جملة من الأعلام يلتـزمون بحرمة التدخين مطلقاً كالشيخ ناصر مكارم الشيرازي(دام ظله) والشيخ الفاضل اللنكراني(دام ظله)، والله العالم.