س: كثيراً ما نسمع على ألسنة الخطباء وبعض طلبة العلوم الدينية روايات في شأن النساء، مثل: شاورهن وخالفوهن، ومثل: في خلاف النساء البركة، وتعوذوا بالله من طاعة نسائكم وكونوا من خيارهن على حذر ولا تطيعوهن في المعروف فيأمرنكم بالمنكر.
كيف يمكن التعامل مع هذه الروايات، وهل يمكن القبول بها، والالتـزام بمضامينها؟…
ج: إذا أمكن أن توجه هذه النصوص بأن يقال أنها واردة في خصوص صنف خاص من النساء فهو، أما إذا لم يكن القبول بكونها مختصة بفئة وصنف خاص منهم، فالظاهر أنه لا مجال للالتـزام بها، ذلك لأنها مخالفة لظاهر القرآن الكريم وآياته المباركة، التي تأمر بالتشاور مع النساء والأخذ برأيهن، وقد أمرن برد كل ما خالف كتاب الله سبحانه، ولنشر لبعض الآيات المفيدة للمشاروة مع النساء:
منها: قوله تعالى:- (فإن أراد فصالاً عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما)، حيث أن المستفاد من هذه الآية حصول المشاورة بين الزوجين، في خصوص القضايا المرتبطة بالولد.
ومنها: قوله تعالى:- (قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين)، فإن هذه الآية الشريفة تحكي إشارة بنت شعيب على أبيها أن يستأجر نبي الله موسى(ع).
ومنها: قوله تعالى:- (وقالت امرأت فرعون قرت عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً وهم لا يشعرون)، فإن آسيا(ع) أشارة على فرعون بإبقاء موسى(ع)، وعدم قتله، وقد قبل مشورتها.
ومنها: قوله تعالى:- (فقالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون)، فإن المستفاد منها أن أخت موسى(ع) أشارة على آل فرعون بإرشادهم لمن يتولى كفالة موسى وإرضاعه، وهي أمه(ع).
ومنها: قوله تعالى: -(قالت يا أيها الملؤا أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون)، وفي هذه الآية حديث عن العقلية التي تمتلكها الملكة بلقيس والحكمة التي تتمتع بها، وأنها لا تقدم على التصرف في الأمور المصيرية إلا بعد أن ترجع إلى مشورة ذوي الخبرة.
ولما لم يشيروا عليها بما يتوافق والصواب عندها، قالت:- (إني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون)، وقد أمنت بهذا الأسلوب قومها وحافظت عليهم، ثم إنها وقومها دخلوا في الحق لما رأت البراهين والدلالات الصادقة، وتبعها قومها.
وبالجملة، إن هذه الآيات الشريفة تمنع أن تقبل النصوص السابقة، وبالتالي تكون ساقطة عن الاعتبار والحجية، أو تكون خاصة بفئة معينة من النساء، ولا يستفاد منها المنع من مشورة النساء بقول مطلق، والله سبحانه وتعالى العالم.