مع أن الدجال لم يذكر ضمن علامات الظهور الحتمية التي تضمنتها النصوص، إلا أن النصوص قد تواترت على حتمية وقوعه قبل تحقق الظهور، وعده في بعضها من أشراط الساعة لا يضر، لأنه سوف يكون سابقاً على وقت الظهور، وإن كان كذلك.
ويظهر من النصوص التي تضمنت الحديث عنه أنه صاحب آخر الفتن التي سوف تحل بالمسلمين، وأنه يترتب على ذلك غربلتهم وتمحيصهم حتى يتبين أهل الإيمان من أهل الكفر والنفاق.
هذا ومن الأمور التي تلفت الباحث حال الحديث عن الدجال، هو ندرة النصوص الواردة عنه من طرقنا، فإنه لم ينقل عنه في مصادرنا الحديثية إلا النزر اليسير جداً، واختصت مصادر العامة بالحديث عنه تقريباً، وتضمنت عرض مرويات في شأنه يتصور قارئها للوهلة الأولى أنها من الأساطير، بل جاء في بعضها إثبات خوارق للعادة إليه أقرب ما يكون بالإعجاز، فلاحظ ما تضمنته عن صفاته أكثر من أن تحصى، وكذا ما جاء عن نسبه، وغير ذلك.
تواتر نصوصه دون الحيثيات الأخرى:
ولا يذهب عليك أن القول بتواتر الأخبار التي تضمنت حتمية وقوع الدجال لا يستوجب البناء على تواتر كل ما يذكر حوله، بل يلزم التفصيل بين أصل فكرة الدجال، وهي التي ثبت تواترها، وبين الحيثيات والتفاصيل المرتبطة به، كمسألة عمره، واسمه، والدابة التي يركبها، وكيفية خروجه ومكان خروجه، فإن جميع ذلك لا يخرج عن كونه أخبار آحاد، يلزم أن يخضع لشرائط اعتبار النصوص، فما كان منها معتبر السند، لا يتنافى والقاعدة العقلية والقاعدة الشرعية في قبول المتن، دخل دائرة الاعتبار، واستند إليه في مقام الاستدلال، وأما الذي لا يتوفر فيه ذلك، فإنه لا يستند إلى شيء منه في مقام الاستدلال، كما هو واضح.
حقيقة الدجال:
ويلزم قبل الحديث حول الحيثيات التي تضمنتها النصوص، وما ذكر حوله من تفاصيل، تحديد حقيقته، وهل أنه حقيقة خارجية تتمثل في رجل فتكون النصوص التي تحدثت عنه محمولة على ظاهرها، وتبقى على ما هي عليه من دون حاجة إلى تأويل، أم أنه عنوان رمزي يشار إليه بالتعبير المذكور؟
ومع أن الظاهر من النصوص هو الاحتمال الأول، إلا أن بعض الأعلام(قده)[1]، مال، بل أختار الاحتمال الثاني، وقد دعاه إلى ذلك، بنائه على تعذر حمل النصوص على ظاهرها، والعمل بها كما هي، لقيام القرائن على عدم صحة هذه المضامين التي تضمنتها، كما أن القواعد العامة تقتضي نفي ما جاء فيها، لعدم تصور العقل إياه، أو لأنه يتضمن إثبات الإعجاز والخرق للعادة إليه، وهذا ما لا ينبغي أن يكون لديه.
ولما كانت النصوص متضمنة ما لا يمكن الالتزام به، يدور الأمر بين رفع اليد عنها، وإسقاطها، وبين تأويلها، ولو بحملها على خلاف الظاهر، ومن المعلوم أنه إذا كانت الحال هكذا، فسوف يبنى على التأويل، دون القول برفع اليد عنها، وإسقاطها، فتدبر.
هذا ومن النصوص التي تضمنت ما لا يقبل الحمل على ظاهره، ما جاء عن النبي الأكرم محمد(ص) أنه قال: الدجال يخوض البحار إلى ركبتيه، ويتناول السحاب، ويسبق الشمس إلى مغربها. فإن ما تضمنه الحديث المذكور من قدرات خارقة للعادة، ومخالفة لما عليه الإنسان الطبيعي، تمنع من القبول به، وبالتالي يكون الخبر متضمناً ما لا يمكن الالتـزام به، فلأجل ذلك يحمل على خلاف ظاهره من التأويل الرمزي، فلاحظ.
ومنها: ما جاء عنه(ص) أيضاً في وصف دابته التي يركبها، قال: بين أذني حمار الدجال أربعون ذراعاً، وخطوة حماره مسيرة ثلاثة أيام، يخوض البحر على حماره كما يخوض أحدكم الساقية على فرسه. فإن المعروف أن بين أذني الحمار لا يزيد على إصبعين، أو ثلاثة، وخطوته اعتيادية، ولا يمكنه أن يخوض البحر، ما يجعل القدرات الخارقة للعادة في النص لا تقبل التصديق، فيلزم تأويلها بحملها على خلاف ما هو الظاهر منها، وهو التفسير الرمزي.
ومنها: ما دل من الأخبار على طول عمره، وأنه يبلغ اليوم أكثر من ألف سنة، ففي حديث الجساسة الذي أخرجه مسلم في صحيحه، أن الدجال يقول: أنا المسيح، وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة غير مكة وطيبة، فهما محرمتان علي كلتاهما.
ومنها: ما أخرجه مسلم في صحيحه أيضاً من أن الدجال يقتل مؤمناً ثم يحييه، فعن أبي سعيد الخدري، قال: حدثنا رسول الله(ص) حديثاً طويلاً عن الدجال، فكان في ما حدثنا أن قال: يأتي وهو محرّم عليه أن يدخل نقاب المدينة، فينتهي إلى بعض السباخ التي تلي المدينة، فيخرج إليه يومئذ رجل هو خير الناس أو من خير الناس، فيقول له: أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله(ص) حديثه. فيقول الدجال: أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته، أتشكون في الأمر. فيقولون: لا. قال: فيقتله، ثم يحييه. فيقول حين يحييه: والله ما كنت فيك أشد قط بصيرة مني الآن. قال: فيريد الدجال أن يقتله، فلا يسلط عليه. فإن المستفاد من هذا الحديث ثبوت الإعجاز له، ولا ريب في بطلانه وفساده، لأنه لا يتصور أن يزود الله سبحانه وتعالى أعدائه بمثل ذلك، لأنه سبيل إلى وقوع الناس في الضلال كما لا يخفى.
ولا ينحصر الأمر في ما ذكرناه من النصوص، بل يجد القارئ العديد منها التي تتضمن مثل هذه الأمور.
وبالجملة، إن وجود مثل هذه المضامين في الأخبار التي تحدثت عن الدجال، يجعل الباحث بين أمرين، إما رفع اليد عنها، لتضمنها ما لا يمكن الالتـزام به، وإما تأويلها بحملها على معنى يمكن القبول به، ويكون منسجماً وما تضمنته، فتحمل على المعنى الرمزي، فلاحظ.
والإنصاف، أن البناء على الفهم الرمزي لحقيقة الدجال وفقاً لما ذكر يكون متعيناً وإن كان مستوجباً لحمل النصوص على خلاف ظاهرها، للعلة التي أشرنا إليها، إلا أنه يمكن الالتـزام بحملها على ظاهرها بإيجاد تفسير يتوافق وظاهرها من جهة، ولا يجعلها مشتملة على ما لا يمكن الالتـزام به من جهة أخرى، فيقال: إن المقصود من الدجال هو شخص حقيقي، وليس عنواناً رمزياً، يحقق الأمور التي ذكرتها النصوص لاستفادته من الظروف المتوفرة في ذلك الوقت، فقد دلت النصوص على وجود مجموعة من السحرة معه من جهة، كما تضمنت النصوص أن المستوى الحضاري والتطور الصناعي سوف يبلغ ذروته في عصر الإمام(روحي لتراب حافر جواده الفداء)، فإذا ضممنا هذين الأمرين بعضهما مع بعض، وصلنا إلى أنه سوف يلبس الحقائق على أتباعه بالسحر والشعوذة، فقد جاء عن النبي(ص) أنه قال: الدجال أول من يتبعه سبعون ألفاً من اليهود عليهم السيجان، ومعه سحرة اليهود يعملون العجائب ويرونها للناس فيضلونهم بها[2].
هذا وقد احتمل بعضهم أن يكون الدجال هو نفسه السفياني، وإنما وقع التضخيم في الصفات المرتبطة به ليس إلا، ما يعني نفي وجود شخصيتين، بل الموجود هو شخصية واحدة.
وما ذكر لا يخرج عن كونه مجرد احتمال لا يوجد عليه ما يسانده، بل إن التأمل في النصوص-بناءً على اعتبارها-يشير إلى اختلاف في المنهج والأسلوب، مضافاً إلى الحركة، كما أن الصفات المذكورة للدجال، لم يذكر شيء منها في شأن السفياني، والبناء على الإضافة في النصوص والتضخيم في صفاته عهدته على مدعيه.
وربما بني على أن الدجال ليس شيئاً آخر غير إبليس، وإن اليوم المعلوم الذي سأل الله تعالى أن ينظره إليه، هو اليوم الذي يقتله فيه الإمام المنتظر(روحي لتراب حافر جواده الفداء)، ولا يختلف حال هذا الاحتمال عن سابقه، فتدبر.
والمتحصل، أنه يمكن البناء على كون الدجال شخصية حقيقة تتمثل في رجل معين بذاته، يمتلك القدرة على الإذهاب بأبصار الناس والتزيـيف عليها بإظهار الحقائق على خلاف ما هي عليه، نتيجة استخدامه السحر والشعوذة، والتطور التكنولوجي، فتأمل.
اسمه ولقبه وكنيته:
جاء في بعض النصوص أن الدجال هو ابن الصائد المولود في عصر النبي(ص)، واسمه عبد الله، وقد ذكر[3] أن كنيته أبو يوسف، ويلقب بـ(الرئيس)، وقد لقبه النصارى بـ(أمير السلام)، أما اليهود فإنهم يلقبونه بـ(إله فتى كرست).
فمن النصوص التي تذكر اسمه، ما أخرجه البخاري في صحيحه حديثاً عن محمد بن المنكدر، قال: رأيت جابر بن عبد الله يحلف بالله أن ابن الصائد الدجال. قلت: تحلف بالله، قال: إني سمعت عمر يحلف على ذلك عند النبي(ص)، فلم ينكره النبي(ص)[4]. ولا يخفى أن الاستدلال به مبني على أن سكوت النبي(ص) يفيد الإقرار على ما حلف عليه عمر، فيدل على الانطباق.
وأخرج مسلم في صحيحه عن عبد الله، قال: كنا مع رسول الله(ص) فمررنا بصبيان فيهم ابن صياد، ففر الصبيان وجلس ابن صياد، فكأن رسول الله(ص) كره ذلك، فقال له النبي(ص): تربت يداك، أتشهد أني رسول الله؟ فقال: لا، بل تشهد أني رسول الله. فقال عمر بن الخطاب: ذرني يا رسول الله حتى أقتله. فقال رسول الله(ص): إن يكن الذي ترى فلن تستطيع قتله.
وجاء في الفتن لابن حماد أن رسول الله(ص) قال: هو ابن صائد الذي ولد بالمدينة.
وما يمنع من القبول بالنصوص المذكورة أمور:
أحدها: النصوص التي تضمنت أن الدجال لا يدخل المدينة المنورة، ولا مكة المكرمة، فقد قال رسول الله(ص): الدجال لا يولد له، ولا يدخل المدينة ولا مكة. ومثله ما أخرجه مسلم في صحيحه من حديث الجساسة، فإن فيه أن الدجال يقول: فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة غير مكة وطيبة فإنهما محرمتان علي كلتاهما.
ثانيها: ما أخرجه مسلم من إنكار ابن صائد نفسه أن يكون هو الدجال، واحتجاجه لما يقوله بما روي عن رسول الله(ص) في وصفه، قال: يزعمون أني الدجال، ألست سمعت رسول الله(ص) يقول: أنه لا يولد له، قال الراوي: قلت: بلى. قال: فقد ولد لي، أوليس سمعت رسول الله(ص) يقول: لا يدخل المدينة لا مكة. قلت: بلى، قال: فقد ولدت بالمدينة وها أنا ذا أريد مكة.
ثالثها: ما ذكره البيهقي من مواصفات للدجال لا تنطبق على ابن صائد، اعتماداً على خبر تميم الداري من أنه(الدجال)أشبه الناس بعبد العزى بن قطن، وليس به.
ثم ذكر أنه لا يمكن الاستناد لكونه هو ابن صائد اعتماداً على خبر جابر المتقدم، لأن سكوت النبي(ص) على كلام عمر أعم من كونه موافقاً له، إذ يحتمل أنه كالمتوقف فيه، حتى جاء التثبيت من الله تعالى أنه غيره.
ولا يذهب عليك أنه لو بني على تمامية النصوص الدالة على أن الدجال هو ابن الصائد، فيلزم أن يكون الدجال مولوداً منذ عصر النبي(ص)، وأنه لا زال على قيد الحياة ويبقى إلى آخر الزمان، وقد أوجب هذا القول من العامة، استهجان الشيخ الصدوق(ره) إياهم، لأنهم ينكرون ولادة الإمام المهدي(روحي لتراب حافر جواده الفداء)، لعدم قبولهم بطول العمر، وبلوغ هذا المقدار منه، وفي نفس الوقت يلتـزمون بثبوت ذلك في شأن الدجال دون إنكار منهم لمسألة طول عمره وبقائه كل هذه المدة الزمنية، وهي أطول من عمر الإمام(عج)، قال(ره): فنقول لهم: أتصدقون على أن الدجال في الغيبة يجوز أن يعمر عمراً يتجاوز عمر أهل الزمان، وكذلك إبليس اللعين، ولا تصدقون بمثل ذلك لقائم آل محمد(ص) مع النصوص الواردة فيه بالغيبة وطول العمر والظهور بعد ذلك[5].
والمتحصل مما تقدم، أنه لا مجال للبناء على تشخص الدجال وأنه ابن صائد، وهذا يساعد على المنع من كونه مولوداً منذ عصر النبي(ص)، لعدم ما يدل على ذلك، إذ أن الدليل عليه كما عرفت هي النصوص المتضمنة لتحديده بابن الصائد، وقد عرفت عدم صلوحها للدليلية، فتدبر.
صفات الدجال:
تضمنت النصوص الواردة في كتب القوم صفاتاً للدجال، تكشف عن قبح في الصورة، وتشير إلى نفس شريرة خبيثة تحمل العداء للدين وأهله، تحب الشر، منغمسة في الآثام[6]، فوصفته بصفات عدة، أهمها:
1-أنه أعور العين، والنصوص في ذلك طائفتان:
منها: ما تضمن أنه أعور العين دون تحديد لأي العينين اليمنى أو اليسرى، فقد أخرج البخاري عن عبد الله بن عمر قال: قام رسول الله(ص) في الناس فأثنى على الله بما هو أهله، ثم ذكر الدجال، فقال: إني لأنذركموه، وما من نبي إلا وقد أنذر قومه، ولكني سأقول لكم فيه قولاً لم يقله نبي لقومه، إنه أعور، وإن الله ليس بأعور.
وفيه أيضاً في حديث آخر، قال: رجل جسيم أحمر جعد الرأس، أعور العين كأن عينه عنبة طافية.
ومنها: ما تضمن أنه أعور العين اليمنى دون اليسرى، وقد ورد ذلك في رواية من طرقنا ذكرها صاحب الخرائج والجرائح عن أمير المؤمنين(ع)
ومنها: ما تضمن أنه أعور العين اليسرى دون اليمنى، فقد جاء في مسلم في حديث: الدجال أعور العين اليسرى.
ولا يخفى أنه لا منافاة بين الطائفة الأولى وأي من الطائفتين الثانية والثالثة، وإنما التنافي بين الطائفة الثانية والثالثة، وما لم يكن في البين ما يوجب ترجح إحدى الطائفتين على الأخرى، فإن ذلك موجب لسقوط كلتاهما، ومن ثم الاقتصار على خصوص الطائفة الأولى المفيدة لكونه أعوراً دون تحديد لعواره في أي العينين، فلاحظ.
2-طول عمره، فقد سمعت أن جملة من العامة يلتـزمون بكونه عبد الله ابن الصائد المولود في زمن النبي الأكرم محمد(ص)، وهذا يستوجب استمرار حياته إلى اليوم، وقد عرفت التعقيب على ذلك في ما تقدم، فلا نعيد.
3-امتلاكه جملة من القدرات الخارقة للعادة، وقد سمعت في ما مضى، كيف أنه يقتل رجلاً مؤمناً، ثم يقوم بإحيائه، وكذا كيف أنه يخوض البحر، ويتناول السحاب، ويسبق الشمس، والمقدار الذي يكون بين أذني حماره. وما ورد أيضاً من أن معه ماء وناراً، فقد أخرج البخاري عن النبي(ص) أنه قال فيه: أن معه ماء وناراً، فناره ماء بارد، وماؤه نار. وأخرج مسلم في صحيحه: إن الدجال يخرج وإن معه ماء وناراً، فأما الذي يراه الناس ماء فنار تحرق، وأما الذي يراه الناس ناراً فماء بارد عذب، فمن أدرك ذلك منكم فليقع في الذي يراه ناراً فإنه ماء عذب طيب.
وأنه يأمر السماء أن تمطر فتمطر، ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت، وإنه يمر بالحي فيكذبونه، فلا تبقى لهم سائمة إلا هلكت، ويمر بالحي فيصدقون فيأمر السماء أن تمطر فتمطر ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت حتى تروح مواشيهم من يومهم أسمن ما كانت وأعظمه، وأمدّه خواصراً وأدرّه ضروعاً.
وللتأمل في ثبوت هذه الأمور الخارقة للعادة الشبيهة بالإعجاز لو لم تكن هي منه مجال واسع، فهو وإن عبر عنه في النصوص بالفتنة، إلا أنه لا يتصور أن يغري الله سبحانه وتعالى عباده بمثل هذه الأمور، نسأل الله تعالى أن يجيرنا من مضلات الفتن.
4-وقوع تغير الزمان في وقته عما هو عليه الآن واختلاف نظامه، فقد أخرج مسلم عن رسول الله(ص) في حديث له عن أيام الدجال، قال الراوي: قلنا: يا رسول الله، وما لبثه في الأرض. قال: أربعون يوماً، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم. قلنا: يا رسول الله، فذلك اليوم الذي كالسنة، اتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا، اقدروا له قدره.
بينما روى البخاري حديثاً عن زمن الدجال يناقض هذا الحديث تماماً، تضمن الإشارة إلى قصر المدة الزمنية. ومثله أخرج ابن ماجة، قال: رسول الله(ص) وهو يتحدث عن الدجال: وإن أيامه أربعون سنة، السنة كنصف السنة، والسنة كالشهر، والسنة كالجمعة، وآخر أيامه كالشرورة، يصبح أحدكم على باب المدينة، فلا يبلغ بابها الآخر حتى يمسي. فقيل: يا رسول الله، كيف نصلي في تلك الأيام القصار؟ قال: تقدرون فيها الصلاة، كما تقدرونها في هذه الأيام الطوال ثم صلوا.
ومقتضى المعارضة الواقعة بين النصوص في تحديد الزمن، وعدم إمكانية الجمع العرفي بينهما، وفقدان المرجح يوجب سقوط كليهما عن الحجية، ما يعني عدم ثبوت هذه الصفة.
وربما قيل، بأنه لا موجب لحمل ما تضمنته النصوص في الحديث عن الزمن على نحو الحقيقة، إذ يمكن أن تحمل على نحو من أنحاء الكناية المشيرة إلى الواقع النفسي الذي يعيشه المسلمون في تلك الفترة، لأن من المعروف أن الزمن يقصر وينقضي بسرعة في حالة الإنس والفرح، بينما يكون الزمان بطيئاً جداً في حالات الكآبة والحزن.
والتوجيه المذكور له وجه، إلا أن الظاهر أنه يتنافى والغاية التي تضمنها الحديث، ذلك أن المتصور كونه بصدد عرض شيء من الإعجاز والخرق للعادة الذي يمتلكه الدجال، والذي سوغ له التصرف في الزمان، سواء بتقصيره، أم بتطويله، والحمل على المعنى الكنائي ينافي ذلك، فتدبر.
ومن الصفات التي ذكرت إليه أيضاً، أنه هيجان أزهر، أي أبيض فيه حمرة. وأنه عريض الجبهة، مشرف الجيد، وأنه جفال الشعر، أي أن شعره كثيف ملتف، وأنه عقيم لا يولد له.
ولا يذهب عليك أن جميع النصوص المتضمنة للحديث عن صفاته من أخبار الآحاد، وقد عرفت في ما تقدم، أن ما كان هكذا لابد وأن يخضع لشرائط الحجية، فما لم يسلم فلن يصلح للدليلية، وبالتالي لن يكون ما دل عليه ملتـزماً به.
والإنصاف أن شيئاً من هذه النصوص المتضمنة للصفات لا ينهض للبناء على ثبوته، ما يعني صعوبة الجزم بثبوت شيء من الصفات المذكورة، فلاحظ.
عقيدته:
يستفاد من النصوص أنه كافر، فقد أخرج البخاري في صحيحه عن انس في حديث-: وأن بين عينيه مكتوب: كافر. وأخرج مسلم: مكتوب بين عينيه كافر يقرأه كل مؤمن كاتب وغير كاتب. كما يستفاد منها دعواه للربوبية، فقد روى ابن ماجة عن رسول الله(ص) أنه قال في وصف الدجال: إنه يقول: أنا ربكم.
وقد حكي عن الصدوق(ره) في كمال الدين أيضاً هذا المعنى، إذ روي عنه قوله فيه أنه يقول: إلي أوليائي، أنا الذي خلق فسوى، وقدر فهدى، أنا ربكم الأعلى.
هذا ويجري في البين ما سبق وذكرناه عند حديثنا عن الصفات من أنها أخبار آحاد، لا يبنى على شيء منها، فتدبر.
اللهم إلا أن يدعى أنه وإن لم يكن شيء مما ذكر تاماً، إلا أنه لا ريب في أن للدجال حركة مناهضة للإسلام ولرسوله(ص)، وآله الطاهرين(ع)، وهذا يقضي بالضرورة أن يكون متخذاً لمنهج مغاير لهم، وهو منهج الكفار والمشركين، وهذا يكفي لإحراز عقيدته، وهو غير بعيد، فتأمل.
أمور أخرى:
ولا ينحصر حديث النصوص عنه في ما ذكر، بل هناك أمور أخرها ذكرتها عنها:
منها: عدم دخوله مكة المكرمة والمدينة المنورة:
وقد سمعت الإشارة إليه في النصوص المتقدمة، إلا أن الكلام في أن هذا المنع هل يكون بنحو إعجازي، أو لا؟ لا يبعد البناء على ظهور في القول بالإعجاز، فإن قوله في حديث الجساسة: فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة غير مكة وطيبة، فهما محرمتان علي كلتاهما. ظاهر في ذلك. وأوضح منه ما تضمنته النصوص من مانعية الملائكة فيهما، كما جاء عن النبي(ص): المدينة يأتيها الدجال فيجد الملائكة يحرسونها، فلا يدخلها الدجال ولا الطاعون إن شاء الله.
وقد حاول بعض الأعلام(قده) تحليل المانعية المتصورة في النصوص، فذكر محتملين:
أولهما: أن يكون المنع منعاً تكوينياً قهرياً، مجعولاً من قبل الله سبحانه، لحفظ حرمة الحرمين المقدسين من عبث الدجال فيهما وفساده.
ويمنعه ما ثبت تاريخياً من إباحة المدينة المنورة على يد مسرف بن عقبة، وضرب الكعبة المشرفة بالمنجنيق واحتراقها، وكذا هجوم القرامطة عليها وسفكهم الدماء في المسجد الحرام، وخلعهم الحجر الأسود.
ثانيهما: أن يكون المنع شرعياً، وتكون الحرمة تكليفية، كحرمة السرقة والقتل، وإن كان الفعل بحسب أصله ممكناً، وموجب القول بهذه الحرمة أن الدجال كافر نجس، فيحرم عليه دخول الحرمين المقدسين. والرغبة في تحصين أهل الحرمين من فتنة الدجال وإتباعهما له بالانحراف عن الدين القويم.
ولا يخفاك أن كفر الدجال مما لم ينهض عليه دليل معتبر، ما يعني أنه لا موجب لجعل القول بالحرمة الشرعية هو كفره، فضلاً عن أن هذا تكليف موجه للمسلمين، وليس للدجال نفسه، كما هو واضح. وتخصيص أهل الحرمين، أو أهل مكة بالحماية من فتنة الدجال، وإن كان متصوراً، إلا أنه لا يوجد ما يخصهم دون غيرهم من المسلمين بهذه الخصوصية، فتأمل.
نعم لا مانع من البناء على أن عدم دخوله لا يكون بنحو إعجازي، وإنما بصورة طبيعية، وذلك لأمرين:
الأول: أن يوجد من المسلمين الصالحين من يتولى حربه فيمنعه من دخولهما.
الثاني: أن يصرف الله سبحانه وتعالى ذهنه وهمته منذ البداية عن قصد غزوهما، أو دخولهما من دون جبر ولا إعجاز، كاعتقاده عدم ترتب مصلحة على دخوله لهما[7].
ولا يذهب عليك أن هذا البحث كله رهين كون النصوص المتضمنة للحديث عن عدم دخوله الحرمين الشريفين داخلة دائرة الحجية، وإلا مع عدم كونها كذلك، لفقدها البعد السندي، وعدم توفر قاعدتي اعتبار المتن، فلا حاجة لجميع ما قدم، فلاحظ.
ومنها: ما ورد عن النبي(ص) من التحذير من فتنته:
فقد أخرج البخاري عن أنس عن النبي(ص) قال: ما بعث نبي إلا أنذر أمته الأعور والكذاب. وجاء فيه أيضاً عن عائشة، قالت: سمعت رسول الله(ص) يستعيذ في صلاته من فتنة الدجال. بل يستفاد من بعض النصوص أنه لم تكن في الأرض فتنة أعظم من فتنة الدجال، فقد روى أبو أمامة الباهلي قال: خطبنا رسول الله(ص) فكان أكثر خطبته ما يحدثنا عن الدجال يحذرناه، وكان من قوله: يا أيها الناس، إنها لم تكن فتنة في الأرض أعظم من فتنة الدجال. وجاء في كتاب الفتن لابن حماد عن هشام بن عامر قال: سمعت رسول الله(ص) يقول: ما بين خلق آدم والقيامة فتنة أعظم من الدجال.
إلا أن هذه النصوص وما تضمنته من عظم الفتنة الدجالية، ينافيها نصوص أخرى تضمنت قوله(ص): أن فتنة بعضكم أخوف عندي من فتنة الدجال، فقد روى حذيفة قال: ذكر الدجال عند رسول الله(ص)، فقال: لفتنة بعضكم أخوف عندي من فتنة الدجال، ولن ينجو أحد مما قبلها إلا نجا منها، وما صنعت فتنة منذ كانت الدنيا صغيراً ولا كبيراً إلا لفتنة الدجال. أو النصوص التي اشتملت على أن فتنة الدرهم والدينار أصعب من فتنة الدجال. بل إن النصوص التي جاءت تتحدث عن الدجال، ذكرت تحجيماً لحركته، فأشارت إلى أنها تبدأ عظيمة، ثم تتصاغر حتى تضعف وتضمحل وأنه يذوب كما يذوب الملح.
ومقتضى ما تقدم، أن هناك تهويلاً لشخصية لدجال وفتنته، وقد كثر هذا في كتب العامة، وحاولوا إبرازه بصورة عجيبة جداً، مع أن النصوص الأخرى تهون من قدره، وتشير إلى أنه أهون على الله سبحانه وتعالى، وتؤكد على أنه يمكن النجاة من فتنته كما قد نجي من الفتن السابقة عليه.
وما ذكرناه يؤكد عدم صلوح الأخبار التي تضمنتها كتبهم في هذا المجال، لعدم توفر ما يلزم توفره في الخبر، فلاحظ.
كيفية ظهوره:
عدّ في كلام بعض الباحثين أن هناك أموراً تحدث قبل خروج الدجال وفقاً لما تضمنته النصوص، تعد بمثابة التمهيد لخروجه، وبروز فتنته، وتلك الأمور هي:
1-خروج العديد من الكذابين الذين يدّعون النبوة، فقد روى سمرة بن جندب عن رسول الله(ص) أنه قال: والله لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذاباً آخرهم الأعور الدجال ممسوح العين اليسرى.
وروي عنه(ص) أيضاً قوله: لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذاباً كلهم يزعم أنه نبي قبل يوم القيامة.
وليس في النصوص ما يشير إلى أن هذا يكون قبل خروج الدجال مباشرة، فكما يحتمل أن يكون ذلك قبل وقته المباشر، يحتمل أيضاً أن يكون طيلة المدة الزمنية من عصر النبي(ص) إلى يومنا هذا، إلى وقت خروجه، فتدبر.
ويساعد على ما ذكرنا ما رواه الطيالسي عن جابر عن رسول الله(ص) أنه قال قبل موته بشهر: إن بين يدي الساعة كذابين، منهم صاحب اليمامة، ومنهم صاحب صنعاء العبسي، ومنهم صاحب حمير، ومنهم الدجال، والدجال أعظمهم فتنة.
2-تعدد حصول الفتن، فقد روي عن رسول الله(ص) أنه قال: تكون أربع فتن، الأولى يستحل فيها الدم، والثانية يستحل الدم والمال، والثالثة يستحل فيها الدم والمال والفرج، والرابعة الدجال. نعم يبقى أن ذكر هذه الفتن هل هو بنحو المثال والطريقية، أم أنه مأخوذ على نحو الموضوعية؟ لو كنا وظاهر النص لبني على الثاني، فإنه لا يتصور أن يكون المتحدث غير مريد لما ذكره، إلا مع وجود قرينة صارفة للظهور عما هو فيه، فإنه يحمل عليه، والظاهر أنه ليس في البين ما يساعد على ذلك، فتأمل. وكما ذكرنا في الحديث عن الأمر الأول يأتي الكلام بعينه في هذا الأمر، فلا يحرز أن الحديث حول إرهاصات ومقدمات حول الدجال، بل أقصى ما يستفاد من الخبر أن آخر الفتن هي فتنة الدجال، لكنه لا يوجد من قريب ولا بعيد ما يشير إلى أنها مقدمات لفتنته، فتدبر.
ومن المحتمل جداً أن تكون هذه الفتن المذكورة في النصوص إشارة لبعض الكوارث التي يمنى بها المجتمع الإنساني، فتكون هناك كوارث اقتصادية مثلاً، أو كوارث اجتماعية، أو يكون شياع للظلم والجور، أو أنه ينتشر الفساد، وغير ذلك.
3-حصول فتح ضخم يحققه المسلمون ضد عاصمة رومية ضخمة لها شأنها وأثرها في العالم، وقد ركز في النصوص على القسطنطينية، إلا أنه لم يتضح أنه يقصد به نفسها، أم أنه عنوان مشير إلى عاصمة الروم في ذلك العصر؟ ليس في ما بأيدينا من النصوص شيء واضح، فتأمل. وربما ساعد على حمل للفتح المقصود عليها ما تضمنته النصوص من أكثر أتباعه من اليهود، فلاحظ.
بعد هذا، نقول: إن المستفاد من النصوص أن خروجه يكون بعد ظهور الإمام المهدي(روحي لتراب حافر جواده الفداء)، كما أنها تنص على أن حربه تكون في بلاد الروم، فقد جاء عن النبي(ص) أنه قال: يحكم رجل من بني هاشم في بيت المقدس، وتكون هزيمة الروم، وفتح القسطنطينية على يديه، ثم يسير إلى رومية فيفتحها، ويستخرج كنوزها، ومائدة سليمان بن داود(ع)، ثم يرجع إلى بيت المقدس فينـزلها، ويخرج الدجال في زمانه.
مكان خروجه:
ومن الأمور التي اختلفت النصوص في حديثها عنها في موضوع الدجال، الحديث عن المنطقة التي يخرج فيها، فقد تضاربت النصوص في ذلك أيضاً، فاشتملت على تعداد مناطق متعددة، يصعب التوفيق بينها، ويمكن تصنيف النصوص إلى طائفتين:
الأولى: ما تضمنت خروجه من المشرق دون تحديد للمنطقة التي يخرج منها، فلاحظ ما روي عن النبي(ص) أنه قال: يخرج الدجال من ههنا أو ههنا أو من ههنا، بل يخرج ههنا يعني المشرق. فمع أن التفسير كما هو واضح من الراوي، لكن ليسلم انه قد فهم ذلك من خلال إشارة صادرة منه(ص) إلى جهة المشرق، إلا أنه لم يحدد أي منطقة من المشرق هي.
الثانية: ما تضمن تحديد منطقة خروجه، والمكان الذي سوف يخرج منه، وهو أنواع:
منها: ما حدد ذلك بمنطقة أصبهان، فعن النبي(ص) أنه قال: يخرج الدجال من قبل أصبهان.
ومنها: ما حدد ذلك بأنه العراق، فقد قال رسول الله(ص): يخرج الدجال من العراق.
ومنها: ما جعل منطقة خروجه ما بين الشام والعراق، فقد قال الرسول(ص): يخرج الدجال من خِلة بين الشام والعراق.
ومنها: ما حدد ذلك بمنطقة سجستان، فقد روى ابن عباس عن رسول الله(ص) أنه قال في حديث: وظهور الدجال يخرج من المشرق من سجستان.
ومنها: ما جعله منطقة خراسان، وهو ما حكاه السيد ابن طاووس عن الرسول(ص) في كتابه الملاحم والفتن.
ولا يخفى أنه يمكن التوفيق بين الطائفتين، إلا أن المشكلة في تعارض نصوص الطائفة الثانية، والمعروف عند أهل الفن والاختصاص أن المعارضة فرع الحجية، ما يعني أنه لابد وأن يكون المعارض معتبراً ليكون صالحاً لذلك، والحق أنه ليس شيئاً من نصوص الطائفة الثانية كذلك، ما يعني عدم صلوح شيء منها للاستناد، وبالتالي لو تم شيء من نصوص الطائفة الأولى، وهو لا يتم بني على أن المقدار المحرز أنه يخرج من المشرق دون تحديد لمكان خروجه، فلاحظ.
هذا وقد عدت النصوص أن أكثر أتباعه من اليهود، فقد روي عن النبي(ص) أنه قال: الدجال أول من يتبعه سبعون ألفاً من اليهود عليهم السيجان[8]، ومعه سحرة اليهود يعملون العجائب ويرونها للناس فيضلونهم بها. كما تضمنت النصوص أيضاً كثرة إتباع النساء إليه، فقد قال رسول الله(ص): يتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفاً عليهم الطيالسة، وثلاثة عشر ألف امرأة. ويتبعه من أمة النبي(ص) سبعون ألفاً عليهم السيجان.
ووفقاً لبعض النصوص، فسوف يتحرك الدجال في ثمانين ألفاً، كأن وجوههم المطرّقة[9]، ويلبسون الطيالسة وينتعلون الشعر[10]، ثم يهبط في خوز كرمان، ثم يتجه صوب البصرة فينـزل جبلاً مشرفاً عليها، ثم يتوجه نحو الشام فيصل إلى عقبة أفيق ويتابع سيره إلى بيت المقدس ويحاصرها، ويتوجه بعدها إلى الحجاز، فيستعصي عليه الحرمان، ولا يتمكن من دخولهما، فيعود إلى باب لد، فيلتقي بعبيسى بن مريم وقد اجتمع إليه جند من المسلمين، ويقاتل الدجال في منطقة باب لد[11].
مقتله وقاتله:
وقد اختلفت النصوص في قاتله، فقد جاء في بعضها أن الذي يتولى قتله هو المسيح عيسى بن مريم(ع)، عندما يحاربه في منطقة باب لد، فيقتله هناك ويذوب الدجال أمامه(ع)، كما يذوب الملح في الماء، فقد جاء عن رسول الله(ص) أنه قال: فبينما هو كذلك، إذ بعث الله المسيح ابن مريم، فينـزل عند المنارة البيضاء، وشرقي دمشق بين مهرودتين، واضعاً كفيه على أجنحة ملكين-إلى أن قال-فيطلبه(الدجال)حتى يدركه بباب لد، فيقتله.
وجاء عن صادق آل محمد(ص) أن الذي يتولى قتله هو الإمام صاحب الناحية المقدسة(عج) فقد جاء عنه في حديث أنه قال: آخرهم القائم الذي يقوم بعد غيبة فيقتل الدجال، ويطهر الأرض من كل جور وظلم.
والجمع بينهما ممكن، بحمل قتل المسيح(ع) على المباشرة، وقتل صاحب الناحية(بأبي وأمي) إياه بلحاظ كونه قائد العسكر، كما يذكر ذلك في قبض الأرواح حال الموت، فلاحظ.
خاتمة:
ومن خلال ما قدم من حديث موجز وقراءة سريعة في النصوص، يظهر أن أي عملية اسقاطية يسعى فيها إلى تطبيق شخصية الدجال اليوم على شخصية موجودة في الخارج فعلاً، لا تخرج عن كونها تخرص ورجم بالغيب، ويكون القائم بذلك كذاباً لا يسمع له، ولا يصغى لقوله، نسأل الله تعالى أن يكفينا شرور الأنفس ومضلات الفتن.
[1] موسوعة الإمام المهدي(عج) ج 2 ص 484، ج 3 ص 173.
[2] المسيح الدجال ص 248-249، نقلاً عن كتاب الإمام المهدي(ع) واليوم الموعود.
[3] الإمام المهدي(ع) واليوم الموعود ص 368.
[4] صحيح البخاري ج 9 ص 123.
[5] كمال الدين ج 2 ص 530.
[6] الإمام المهدي(ع) واليوم الموعود ص 361.
[7] تاريخ الغيبة الكبرى ص 484-486(بتصرف).
[8] فسرت بأنها ملابس مصنوعة من الصوف.
[9] يعني التروس المضروبة عند الحداد، أو المخططة.
[10] أشير إلى أن هذا من صفات المغول.
[11] الإمام المهدي(ع) واليوم الموعود ص 372.