وقفة مع منكري تواتر حديث الغدير

لا تعليق
دروس في العقيدة
87
0

هذا ومع ما سمعته مما تقدم من كلمات حول تواتر حديث الغدير، إلا أن هناك جماعة قد أنكرت تواتره. مع أنك قد عرفت فيما تقدم عدم انحصار تواتره عند الشيعة فقط، بل نقلنا كلمات بعض الحفاظ من أهل السنة ينصون على تواتره أيضاً.

والعجب من ابن حجر أن يدعي تواتر حديث صلاة أبي بكر لرواية ثمانية من الصحابة إياه، مع العلم ببطلانه عند الشيعة، وهو ينكر تواتر حديث الغدير المروي عن أكثر من مائة نفس من الصحابة، ولا أقل من الثلاثين، العدد الذي اعترف به ابن حجر نفسه، وهل هذا إلا تناقض قبيح وتحكم لا يعتضد بشيء من الترجيح.

نور الدين الحلبي:

وقد نسج هذا على منوال ابن حجر، فقال في جواب حديث الغدير:

وقد رد عليهم في ذلك بما بسطته في كتابي المسمى بالقول المطاع في الرد على أهل الابتداع، لخصت فيه الصواعق للعلامة ابن حجر الهيثمي، وذكرت أن الرد عليهم في ذلك من وجه:

الأول: إن هؤلاء الشيعة والرافضة اتفقوا على اعتبار التواتر فيما يستدلون به على الإمامة من الأحاديث، وهذا الحديث مع كونه آحاداً طعن في صحته جماعة من أئمة الحديث كأبي داود وأبي حاتم الرازي…فهو منهم مناقضة.

الجواب عنه:

ولا يخفى عليك ضعف هذا الكلام، وهو مردود من وجوه:

أحدها: إن نفي تواتر حديث الغدير مصادمة مع الواقع وإنكار للحقيقة الراهنة، وقد صرح بتواتره كبار أئمة أهل السنة.

الثاني: إنه يكفي ثبوت تواتره لدى الشيعة.

الثالث: إنه يكفي في الإلزام في باب الإمامة الاستدلال بالحديث الوارد من طرق أهل السنة، ولو آحاداً، ولا ضرورة لأن يكون متواتراً حتى يجوز الاحتجاج به وإلزامهم به.

الرابع: إن ذكر طعن بعض أئمة الحديث في صحة حديث الغدير، هو في الحقيقة إثبات للطعن في هؤلاء الأئمة المتعصبين.

الخامس: نسبة الطعن في صحته إلى أبي داود، كذب صريح، وبهتان مبين كما يتضح لمن راجع ذلك.

علي القاري:

ولقد ناقض الشيخ نور الدين علي بن سلطان الهروي القاري، نفسه وجاء بكلمات متهافتة حول حديث الغدير، فقال مرة:

ثم إن هذا الحديث مع كونه آحاداً مختلف في صحته، فكيف ساغ للشيعة أن يخالفوا ما اتفقوا عليه من اشتراط التواتر في أحاديث الإمامة، ما هذا إلا تناقض صريح وتعارض قبيح[1].

فهو هنا يزعم أن حديث الغدير خبر أحاد، قد اختلف في صحته لدى العلماء، بينما نراه يذكر قبل قليل من هذا الكلام: والحاصل أن هذا الحديث لا مرية فيه، بل بعض الحفاظ عدّه متواتراً، إذ في رواية لأحمد أنه سمعه من النبي(ص) ثلاثون صحابياً وشهدوا به لعلي لما نوزع أيام خلافته[2].

ثم إنه لو سلم أن حديث الغدير ليس متواتراً عند السنة، فإنه مع ذلك يمكن للشيعة أن يستدلوا به لوجهين:

الأول: أن الحديث متواتر عند الشيعة، وهو معتضد بروايات المخالفين، فيفيد القطع واليقين.

الثاني: إن أبناء السنة يجيزون الاستدلال بأخبار الآحاد، فيصح حينئذٍ الاحتجاج بحديث الغدير وإلزامهم بما يلتـزمون به.

رواة حديث الغدير:

هذا ولأجل إيضاح صحة ما ذكرناه من اهتمام الصحابة والتابعين، وتابعي التابعين، والعلماء والأدباء، والفقهاء، بنقل الحديث وضبط أسانيده، نذكر عدد رواته في كل قرن على وجه الإجمال ويمكن لمن أراد التفصيل بشكل أكثر أن يرجع لبعض الكتب المطولة في ذلك، وسوف نشير لأسماء بعض من ألف في ذلك، بحيث يمكن الرجوع لمؤلفاتهم.

1-روى الحديث من الصحابة 110 صحابياً، وطبع الحال يستدعي أن يكون رواته أضعاف المذكورين، لأن السامعين الوعاة له كانوا مائة ألف، أو يزيدون.

2-رواه من التابعين 84 تابعياً.

وأما عدد الرواة من العلماء والمحدثين فنذكرها على ترتيب القرون:

1-عدد رواته في القرن الثاني، 56 عالماً ومحدثاً.

2-عدد رواته في القرن الثالث، 92 عالماً ومحدثاً.

3-عدد رواته في القرن الرابع، 43 عالماً ومحدثاً.

4-عدد رواته في القرن الخامس، 24 عالماً ومحدثاً.

5-عدد رواته في القرن السادس،20 عالماً ومحدثاً.

6-عدد رواته في القرن السابع، 20 عالماً ومحدثاً.

7-عدد رواته في القرن الثامن، 19 عالماً ومحدثاً.

8- عدد رواته في القرن التاسع، 16 عالماً ومحدثاً.

9-عدد رواته في القرن العاشر، 14 عالماً ومحدثاً.

10-عدد رواته في القرن الحادي عشر، 12 عالماً ومحدثاً.

11- عدد رواته في القرن الثاني عشر، 13 عالماً ومحدثاً.

12-عدد رواته في القرن الثالث عشر، 12 عالماً ومحدثاً.

13-عدد رواته في القرن الرابع عشر، 19، عالماً ومحدثاً.

ولقد أغنانا المؤلفون في الغدير عن إراءة مصادره ومراجعه، كالعلامة السيد هاشم البحراني(ره) والسيد مير حامد حسين الهندي اللكنهوي، والعلامة الأميني في كتابه القيم الغدير.

——————————————————————————–

[1] المرقاة ج 5 ص 574.

[2] المصدر السابق ص 568

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة