س: قال تعالى:- (وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون) بحسب علمي القاصر، إن المفسرين اتفقوا على أن المقصود بالمكاء هو التصفيق، والتصدية هو التصفير، والمقصود بالآية إن في الجاهلية كانت الناس تطوف بالبيت وهي تقوم بالتصفيق والتصفير، بعد ذلك أتى الشرع الحنيف ومنعهم من فعل تلك التصرفات، رغم إن الطواف بالبيت من أعظم وأفضل العبادات، في المقابل نرى في عصرنا الحاضر إحياء المناسبات الدينية(مناسبات أهل البيت(ع)) وهي من أفضل العبادات، سواء كانت بالحسينيات أم المساجد، بالأهازيج والقصائد التي تحمل نغمة التصفير وتحمل معها تصفيق الجمهور وبعضها آلالات موسيقية، ما رأي سماحتكم في هذا التناقض؟ مع إن الحالتين هي من أفضل العبادات، وهل هناك دليل شرعي على حلية التصفيق؟ وما رأي سماحتكم بإصدارات بعض الرواديد التي تحمل صبغة موسيقية وألحان غنائية؟…
ج: أما بالنسبة للآية الشريفة، وهي قوله تعالى:- (وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية) فهي وإن ذكر المفسرون أن المقصود بالمكاء التصفيق، والتصدية التصفير، إلا أنه لا دلالة لها على حرمة الأمرين، ضرورة أنها لا تدل على أنهما محرمان، بل عمدة ما يستفاد منها أن الطواف حول البيت لا ينبغي أن يكون بهذه الطريقة، وبالتالي لا يستفاد منها حرمة التصفيق بقول مطلق، وكذلك التصفير، على أن هناك احتمالاً ذكره المفسرون فيها، وحاصله أن التصفيق والتصفير إنما كانا يصدران من المكيـين عندما يقوم النبي(ص) بأداء الصلاة في البيت الحرام.
وبالجملة، سواء بني على المحتمل الأول، أم بني على المحتمل الثاني، فدلالة الآية الشريفة على ما رام الأخ السائل تحصيله تتوقف على إحراز كونها من آيات الأحكام، والظاهر بعدُ ذلك، ضرورة أنها لا تدل على حكم شرعي، ولو بالالتـزام، ومن ثمّ يصعب التمسك بها على المدعى.
وأما بالنسبة للتصفيق، فعمدة ما يمكن الاستناد إليه في مقام إثبات الحلية هو التمسك بمقتضى الأصل، لأنه عند الشك في الحرمة فإن المرجع هو أصالة البراءة، وهي قاضية بعدم الحرمة، نعم هذا بحسب الحكم الأولي، وأما بحسب الحكم الثانوي، فالظاهر أنه يمكن البناء على الحرمة خصوصاً مع استلزام التصفيق وما يصحبه من أمور الهتك، وإخراج المناسبات الدينية عن عنوانها، والله العالم.