الاغسال المستحبة(٢)
☀️الأغسال الزمانية:
وقد تضمنت كلمات الفقهاء مصاديق متعددة للأغسال الزمانية، نشير لبعضها:
غسل الجمعة:
أحدها: غسل الجمعة، وقد وقع الخلاف فيه بين الفقهاء، فقال جملة منهم كالكليني والصدوق والبهائي، بوجوبه، وقد استندوا في ذلك لبعض النصوص التي تضمنت لفظ الوجوب، ففي بعضها: إنه واجب على كل ذكر أو انثى من حر أو عبد. وفي خبر آخر، قال: الراوي: كيف صار غسل الجمعة واجباً؟ فقال(ع): إن الله أتم صلاة الفريضة بصلاة النافلة-إلى أن قال-وأتم وضوء النافلة بغسل الجمعة. وفي خبر ثالث: لا يتركه إلا فاسق.
والمعروف والمشهور بين الأعلام أنه مستحب مؤكد. بل قال صاحب العروة(ره): أن رجحانه من الضروريات. قد أورد مجموعة من النصوص الدالة على ذلك، مثل: غسل يوم الجمعة طهور وكفارة لما بينهما من الذنوب من الجمعة إلى الجمعة.
وقد ذكر السيد الخوئي(ره) تمامية النصوص على كونه واجباً، لكن المانع من العمل على وفقها كون المسألة ابتلائية كثيرة الدوران في حياة الناس، فلو كان واجباً لذاع واشتهر، مع أن المشهور أنه مستحب، بل قد أدعي ع
لى ذلك الإجماع.
وقت غسل الجمعة:
وقد حدد وقت الاتيان بغسل الجمعة، وهو يبدأ بطلوع الفجر الصادق، فلا يجوز الاتيان به قبل ذلك. وأما نهاية وقته أداء، فالمشهور أنه زوال الشمس، فلا يكون الاتيان به بعد ذلك بنية الأداء، وخالف في ذلك السيد السيستاني(دامت أيام بركاته)، فقال بامتداد وقت الأداء إلى غروب الشمس يوم الجمعة. نعم الأفضل الاتيان به قبل الزوال.
والمشهور بين علماءنا أن تكون نيته بعد الزوال بالقربة المطلقة من دون تحديد له بالأداء والقضاء.
ويتفق الأعلام على أن نيته يوم السبت من طلوع الفجر حتى غروب الشمس قضاء، فلا يقضى بعد ذلك. نعم احتمل بعض الأعلام مشروعية قضاءه حتى آخر الأسبوع.
جواز تقديمه:
وقد ألتـزم بعض الفقهاء بجواز تقديمه على وقته المحدد له، فيؤتى به يوم الخميس، أو في ليلة الجمعة إذا خاف إعواز الماء في يوم الجمعة. وخالف في ذلك السيدان الخوئي(ره)، والسيستاني(دامت أيام بركاته)، بأنه يؤتى به في هاذين الوقتين رجاء لا بنية الاستحباب.
وإذا تمكن من الماء يوم الجمعة يستحب له إعادته، فإنه تركه قضاه يوم السبت. أما لو لم يتمكن من الماء لم يستحب له القضاء.
ولو دار الأمر بين التقديم والقضاء، فقد قال السيد اليزدي(ره) في العروة بأن الأولى اختيار التقديم على القضاء.
وخالف في ذلك السيد السيستاني(حفظه الله ورعاه)، فقال بمنع اختيار التقديم، وظاهره اختيار القضاء عليه.
فروع:
الأول: لا فرق في استحباب غسل الجمعة بين الرجل والمرأة، والحاضر والمسافر، ومن يصلي الجمعة ومن يصلي الظهر، بل يستحب الغسل للصبي المميز أيضاً.
تنبيه:
يمكن الاستفادة من استحباب غسل الجمعة للصبي المميز، والفتاة المميزة في تعليمهما طريقة الغسل، وتعويدهما عليه، حتى إذا بلغا كانا عارفين بطريقة الغسل، فلا يحتاج الأمر من الأب إلى أكثر من الإشارة إلى تغيـير النية، ليكون غسل الجنابة للذكر، غسل الحيض للأنثى، فلا يقع الأب في حرج في كيفية تعليمهما الغسل الواجب.
الثاني: لا ينتقض غسل الجمعة بشيء من الحدث الأصغر أو الأكبر، بمعنى بقاء أثره وحصول ثوابه، وإن صدر منه الحدث بقسميه، لأن المقصود هو إيجاده يوم الجمعة، وقد حصل ذلك.
الثالث: المعروف بين الأعلام أنه يصح غسل الجمعة من الحائض، كما أنه يجزي عن غسل الحيض لمن أتت به بعد انقطاع الدم عنها، كما يجزي أيضاً عن غسل الجنابة.
وخالف في ذلك السيد السيستاني(دامت أيام بركاته)، فقال أن الأحوط وجوباً عدم صحته منها حال حيضها، نعم لو حصل لها النقاء صح منها.
الرابع: وقع الخلاف بين الأعلام في إجزاء غسل الجمعة عن الوضوء، فقال السيد الخوئي(ره)، والأستاذ الشيخ الوحيد، والسيدان السيستاني والحكيم(حفظهم الله) بإجزائه عنه.
الخامس: يعتبر السيد السيستاني(دام ظله العالي)، قصد غسل الجمعة حال اجتماع الأغسال المتعددة عليه، فلو لم يقصده معها، لم يأت بغسل الجمعة، ولا يمكنه أن يأت به بعد الفراغ من الغسل على الأحوط وجوباً.
غسل ليالي القدر:
وهي ليلة التاسع عشر، وليلة الحادي والعشرين، وليلة الثالث والعشرين.
وقت الغسل:
ووقت الغسل في هذه الليالي هو تمام الليل، نعم الأولى أن يؤتى به في أول الليل، بل الأولى أن يؤتى به قبل الغروب، أو مقارناً له حتى يكون على غسل من أول الليل إلى آخره. وقد دلت على ذلك جملة من النصوص، فعن أبي جعفر(ع): الغسل في شهر رمضان عند وجوب الشمس قبيله ثم يصلي ويفطر.
مسألتان:
الأولى: لقد ورد غسلين في ليلة الثالث والعشرين، أحدهما في أول الليل وهو ثابت الاستحباب، ويجزي عن الوضوء عند من يلتـزم بإجزاء الأغسال المستحبة عن الوضوء، والآخر في آخره، وهو لم يثبت استحبابه، ولا يجزي عن الوضوء، فإذا ترك غسل أول الليل فيها، فإنه يكتفي بغسل آخر الليل. نعم الأولى أن يأتي بغسل آخر رجاء، وإن كان يمكنه الاتيان بغسل واحد فيقصد الأمرين ويتداخلان.