قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع): مكة حرم الله، والمدينة حرم رسول الله(ص) .
مدخل:
أفتى علمائنا جميعاً باستحباب زيارة قبر النبي محمد(ص) طبقاً لما ورد عندنا من نصوص مباركة، فقد ورد عن أبي عبد الله الصادق(ع) أنه قال: بينما الحسين بن علي(ع) في حجر رسول الله(ص)، إذ رفع رأسه فقال له: يا أبة ما لمن زارك بعد موتك، فقال: يا بني من اتاني زائراً بعد موتي فله الجنة، ومن أتى أباك زائراً بعد موته فله الجنة، ومن أتى أخاك زائراً بعد موته فله الجنة، ومن أتاك زائراً بعد موتك فله الجنة .
وفي رواية اخرى عنه(ع) قال: قال الحسين(ع) لرسول الله(ص): ما جزاء من زارك، فقال: يا بني من زارني حياً أو ميتاً أو زار أباك أو أخاك أو زارك، كان حقاً عليّ أن أزوره يوم القيامة حتى أخلصه من ذنوبه .
وجاء عنه(ص) أنه قال: من زارني أو زار أحداً من ذريتي زرته يوم القيامة، فأنقذته من أهوالها .
ولم تقتصر النصوص على بيان فضل زيارة النبي(ص)، وما لزائريه من أجر ومثوبة، بل تضمنت الإشارة إلى تفضيل زيارته على بعض الأعمال التي تأكد استحبابها وكثر الندب إليها، فقد ورد، وأفتى على طبقه علمائنا، أنه لو دار الأمر بين الذهاب لأداء مناسك الحج المستحب من دون أن يكون مشتملاً على زيارة قبر رسول الله(ص)، وبين أن يزور قبر رسول الله(ص) دون الذهاب للحج، باستحباب الذهاب لزيارة قبر رسول الله(ص)، وعدم الذهاب للحج، فقد روى علي بن الجهم قال: قلت لأبي الحسن الرضا(ع): أيهما أفضل رجل يأتي مكة ولا يأتي المدينة، أو رجل يأتي النبي(ص)، ولا يبلغ مكة، فقال لي: أي شيء تقولون أنتم؟ فقلت: نحن نقول في الحسين فكيف في النبي(ص)؟ فقال: أما لئن قلت ذلك لقد شهد أبو عبد الله(ع) عيداً بالمدينة فدخل على النبي(ص) فسلم عليه، ثم قال لمن حضره: لقد فضلنا أهل البلدان كلهم-مكة فما دونها-لسلامنا على رسول الله(ص) .
مكانة المدينة المنورة:
ووفقاً لما تقدم من نصوص تضمنت بيان استحباب زيارة قبر النبي الأكرم محمد(ص)، يتضح ما لأرض طيبة الطيبة المدينة المنورة من قداسة ومكانة مميزة بين البلدان، إذ أنها أصبحت قبلة للزائرين بعدما أصبح فيها قبر النبي محمد(ص)، وقد اكتسبت هذه البقعة قدسيتها ومكانتها المرموقة من خلال اتخاذ النبي(ص) إياها دار سكنى له في حياته، وبعد رحلته عن عالم الدنيا، وعروجه لعالم الخلود.
المدينة حرم النبي:
وقد أضفى النبي(ص) على المدينة مكانة شرعية غير ما ثبت لها من منزلة اجتماعية، فإن ما تقدم ذكره منا لها كان يمثل مكانتها الاجتماعية، ومنـزلتها عند المجتمع الاسلامي، بل عند مطلق الناس، فجعلها حرماً كما أن مكة حرماً، وكما أن خليل الرحمن(ع) حرّم مكة، فقد حرّم هو(ص) المدينة المنورة، قال(ص): لكل نبي حرم، وحرمي المدينة .
وجاء عن سهل بن حنيف أنه قال: أهوى رسول الله(ص) بيده إلى المدينة، فقال: إنها حرم آمن .
وقال(ص): اللهم إن إبراهيم حرّم مكة فجعلها حرماً، وإني حرمت المدينة حراماً، ما بين مأزميها، أن لا يهراق فيها دم، ولا يحمل فيها سلاح لقتال، ولا تخبط فيها شجرة إلا لعلف .
وقد سمعت في مطلع البحث رواية أمير المؤمنين(ع) وإشارته إلى أن المدينة حرم رسول الله(ص)، كما أن مكة حرم الله تعالى.
وقد تضمنت الأحاديث النبوية الشريفة الدعوة إلى احترام هذا الحرم وتقديسه، وعدم القيام بإهانته أو الإساءة إليه، ففي صحيح جميل بن دراج قال: سمعت أبا عبد الله(ع) يقول: قال رسول الله(ص): من أحدث بالمدينة حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله، قلت: وماالحدث؟ قال: القتل .
وبالجملة، النصوص كثيرة في الحديث عن كون المدينة المنورة حرم النبي(ص)، وهي واردة من الفريقين، وفي صحاح المسلمين، مما يعني الاتفاق بينهم على ذلك.
هذا وبعدما عرفنا أن المدينة المنورة هي حرم النبي الأكرم محمد(ص) كما أن مكة المكرمة حرم الله سبحانه، وأنه قد حرمها كما حرم خليل الرحمن(ع) مكة المكرمة، نحتاج أن نتعرف على المقصود من كونها حرماً له(ص)، كما نحتاج أن نعرف أن الأحكام الشرعية الثابتة لمكة كحرم لله سبحانه وتعالى، ثابتة أيضاً للمدينة المنورة أم لا.
معنى الحرم:
أما الحرم فله معنيان، لغوي، واصطلاحي، أما معناه في عند أهل اللغة، فالمستفاد من كلماتهم أن المقصود منه ما يحميه، ويقاتل عنه، فقولنا حرم فلان، أو حرم الرجل، يعني المكان الذي يتولى حمايته، ويعمد إلى الدفاع عنه، حتى لو استدعى ذلك أن يخوض حرباً وقتالاً.
وقد كان هذا المعنى للحرم معروفاً بين العرب، فعرف غير واحد من رجالات العرب وفقاً لما يحكيه التاريخ عنهم بمراعاتهم للحرم، والحفاظ عنه، حتى قيل أن حرب المهلهل من بني تغلب مع بني عمومته بني شيبان، والتي استمرت سنيناً طويلاً وسميت بالبسوس، كان سببها أن الناقة المعروف بالبسوس وطأت عش يمامة كانت في حرم كليب ملك تغلب، فكسرت بيضها، فعمد كليب إلى قتل الناقة، لأنها تعدت على من استجار به في حرمه، وقد حماه.
وعرف في التاريخ أيضاً ربيعة بن مكدم، وما ذكروه عنه من حماية للحمى، وحفظ للجوار ومراعاته والاعتناء به، والاهتمام الشديد بمن دخل في حماه، والحفاظ عليه.
ويمكن أن يكون من مصاديق هذا المعنى اللغوي، ما صدر من الرسول الكريم(ص) يوم فتح مكة المكرمة، عندما نادى في الناس أن من دخل دار أبي سفيان كان آمناً، ومن دخل البيت الحرام كان آمناً، وهذا يعني أن الداخل أحد هذين المكانين مثلاً، فهو في أمان وحماية، لا يتعرض له بسوء.
وأما في الاصطلاح، ونعني به الاصطلاح الفقهي، فيطلق لفظ الحرم على المسجد الحرام، والمسجد النبوي، ويطلقان أيضاً على مكة المكرمة، والمدينة والمنورة، وكأن منشأ الإطلاق على المدينتين المقدستين يعود لوجود الحرمين الشريفين فيهما، حرم الله سبحانه، وحرم رسوله(ص).
نعم يطلق لفظ الحرم عند الشيعة على كل بقعة تضمنت جسداً لأئمتنا الأطهار، أو لأحد المعصومين(ع)، فيقال: حرم السيدة الزهراء(ع)، كما يقال حرم الإمام الحسن(ع)، وكذا حرم أمير المؤمنين(ع)، وحرم الإمام الحسين(ع)، وهكذا.
ولذا تجد كثيراً ما يتداول الشيعة حرم البقيع، أو حرم بقيع الغرقد، وهكذا.
من أحكام الحرم:
هذا وطبقاً لما أشرنا له في بيان المعنى اللغوي، وما كانت عليه عادة العرب في عصر الجاهلية من أن للحرم حقوقاً وأحكاماً، حتى عرف أن من دخل حريم رجل كانت له حماية مطلقة، وقد كانت قريش تعرف بهذا قبل الإسلام، وهو ما يعرف بينهم بالإجارة، والدخول في الحمى، وأسماه الإسلام بعدُ بالولاء، وعلى أي حال، فإن هناك أحكاماً أيضاً في الإسلام للحرم، فتوجد أحكام خاصة بالحرمين المكي والمدينة، وهو ما يشير له قوله(ص) في ما عرضناه سابقاً: اللهم إن إبراهيم حرّم مكة فجعلها حرماً، وإني حرّمت المدينة حراماً. فإنه يشير إلى أن ما جعله إبراهيم الخليل من أحكام لمكة المكرمة، قد جعله(ص) أيضاً للمدينة المنورة، وتحريم خليل الرحمن لمكة المكرمة ما أشير له في القرآن الكريم يوم دعى في قوله تعالى:- (رب اجعل هذا بلداً آمناً) ، طالباً أن يكون فيها الطمأنينة والاستقرار، وزوال الخوف، وسكون النفس.
هذا والظاهر أن الأمن المشار إليه في الآية الشريفة الذي جعله إبراهيم(ع) تحريماً لمكة، إرشاد إلى أن المحل لا ينبغي أن يقع فيه الظلم مطلقاً، وهو بهذا ينبه العقلاء إلى عظمة المحل. وعلى هذا فالبلد آمن في نفسه، وهو آمان لأهله ولكل من ورد إليه .
وطبقاً لما جعله(ص) من حرمة للمدينة المنورة، جرياً على ما جعله خليل الرحمن لمكة المكرمة، يكون ما هو ثابت لمكة، ثابت للمدينة، وهذا يعني أن المطلوب في المدينة الاطمئنان، والاستقرار، وزوال الخوف، وسكون النفس، كما أن كلامه(ص) إرشاد إلى أن المدينة لا ينبغي أن يقع فيها ظلم مطلقاً على أي أحد، وذلك لعظمة المحل، فالمدينة بلد آمن في نفسه، وهو أمان لكل من قصده وجاء إليه، ودخله.
وعلى أي حال، فهناك أحكام فقهية ثابتة للحرم المكي، ومقتضى التـنزيل ثبوتها للحرم المدني أيضاً، بمعنى أن جميع الأحكام الثابتة لمكة المكرمة، سوف تكون ثابتة للمدينة المنورة، إلا ما دل الدليل على ثبوته لها، واختصاص مكة المكرمة به، وهذا ما تضمنته النصوص، فلنشر لشيء من ذلك بمقدار ما يسع المجال:
منها: أنه منطقة آمنة، يأمن كل من دخل إليها، وقد عرفت ذلك من خلال دعوة خليل الرحمن(ع)، كما تقدم، ولا يخاف فيها أحد، لأنه أمن كل خائف، قال تعالى:- (والتين والزيتون*وطور سنين* وهذا البلد الأمين) ، قال أمين الإسلام الشيخ الطبرسي(ره): يعني مكة، البلد الحرام، يأمن فيه الخائف في الجاهلية والإسلام، فالأمين، يعني المؤمن من يدخله . وطبقاً لهذا فإنه يحرم نقض الأمن في مكة المكرمة. ولذا أفتى الفقهاء(رض) أن الجاني عمداً إذا التجأ إلى حرم الله لا يقتص منه، وإنما يضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يخرج فيقتص منه، فقد ورد عن رسول الله(ص) أنه قال: من قتل قتيلاً، وأذنب ذنباً ثم لجأ إلى الحرم، فقد أمن، لا يقاد فيه ما دام في الحرم، ولا يؤخذ ولا يؤذى ولا يؤوى ولا يطعم ولا يسقى، ولا يبايع ولا يضيف ولا يضاف .
هذا ولما كانت المدينة المنورة منـزلة منزلة مكة من حيث الحرمة وفقاً لما تقدم من نصوص، فذلك يستدعي ثبوت هذا الحكم لها أيضاً، خصوصاً وأنه لم يرد في الأدلة ما يمنع من ثبوته لها فلاحظ. نعم وقع الخلاف بين أعلامنا في أن ما ثبت من عدم أخذ للجاني عمداً بلجوئه للحرم المكي، هل يثبت لمن التجأ للحرم المدني، فدخل المدينة المنورة، أم لا، أفتى شيخنا المفيد، وكذا شيخ الطائفة، وابن إدريس وغيرهم، بأن حكم المدينة هو حكم مكة، وذلك يعني أن له حرمة، فلا يؤخذ، وإنما يضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يخرج.
أما بقية الأحكام الأخرى الثابتة للحرم المكي، من حرمة صيده على سبيل المثال، فقد وردت النصوص الشريفة المتضنة اختلاف المدينة المنورة عن مكة في هذه الناحية.
أحداث البقيع:
هذا وقد اتضح من خلال ما تقدم ما للمدينة المنورة من حرمة وقداسة، شرعية واجتماعية، وما لرسول الله(ص) من حريم بحيث أن من لجأ إليه، فإنه يكون في حماه ورعايته، فلا يزعج، ولا يؤذى فضلاً عن أن يضرب، أو يشتم، أو يهان، أو يدمى، ويجرح، وغير ذلك من الأمور.
ولكن للأسف طالعتنا أحداث قبل أيام، ولازلنا نعيش صداها ووقعها كيف تعرض زوار رسول الله(ص)، وهم في حماه إلى الضرب والإهانة والشتم، والإيذاء، كما أن بعضهم تعرض للسجن، وغير ذلك.
ومما يقرح القلب، ويدمي الجفن أن أكثر هؤلاء كانوا من الأطفال والنساء، الذين جاءوا لائذين برسول الله(ص) محتمين بحريمه، وملتجئين إلى حرمه، إلى مدينته طيبة الطيبة، وياللأسف، يتعرضون لما تعرضوا له، فتنتهك حرمة رسول الله(ص) في زواره، والملتجئين إلى حرمه، ويهان رسول الله(ص) بإهانة من كان في بيته، وفي داره.
ونحن لا نعجب من مثل هكذا أحداث، ذلك لأن التاريخ يعيد نفسه، فبالأمس تعدى على بنت رسول الله(ص) فهُجم على دارها، وانتهكت حرمة رسول الله(ص) بضربها، وإسقاط جنينها، وكسر ضلعها.
كما أنه اعتدي على أمير المؤمنين(ع) من خلال ما أوقع عليه وعلى زوجته(ع)، وهكذا استمرت الانتهاكات لحرم النبي(ص) من خلال اغتيال الإمام الحسن(ع)، وكذا استباحة المدينة المنورة من خلال مسرف بن عقبة.
الدفاع عن رسول الله بين الصدق والإدعاء:
ولعمري أن هذه الأعمال التي صدرت من هؤلاء تجاه حرم رسول الله(ص)، من عدم احترام لحريمه، وإهانة لقدسيته، وتعدي عليه، ومخالفة لما قاله تكشف وبصورة جلية واضحة كذب وإدعاء هؤلاء في أقوالهم الدفاع عن رسول الله(ص) فبالأمس عندما مس بعض الغرب النبي الأكرم(ص) من خلال بعض الرسومات المهينة لشخصه الكريم، كان هؤلاء لا يعرفون من هو المصطفى محمد(ص)، فقاموا بما قاموا، لكن هؤلاء يدعون الإسلام، والانتماء للنبي الكريم(ص)، فكيف يعمدون إلى إهانته وإيذائه، من خلال هتك حرمته، وحرمة حرمه، والتعدي فيه على كل أحد، من نساء وأطفال، ألا يثبت هذا الأمر زيف ما يدعيه هؤلاء في الدفاع عن رسول الله(ص)، ألا يرفع هذا الأقنعة التي يتخفى بها هؤلاء مدعين حماية الدين، والدفاع عن الشريعة.
إن كان هؤلاء صادقين في ما يقولون، فلمَ عمدوا إلى هتك حرمة رسول الله(ص)، من خلال هتك حرمه، والتعدي عليه، وقد عرفت ما له من حق.
نداء للقواعد الشعبية:
ومع هذا كله، ماذا ينبغي علينا أن نفعل، وكيف ينبغي لنا أن نتصرف، هل نواجه هذا الحدث بغوغائية وانفعال وفوضى، أم ينبغي لنا أن نكون مجتمعاً راشداً يملك وعياً فيتصرف مع الموقف بحكمة وروية.
الصحيح أنه ينبغي أن يكون موقفنا موقف حكمة وروية، فلا نتعاطى مع القضية بغوغائية، ولا نعمد إلى التصرف بعشوائية، لكن كيف يكون هذا التصرف؟…
علينا أن نعمد كقواعد شعبية أن ندعوا القيادة الدينية في بلادنا إلى تحمل المسؤولية، وقيامها بدورها المطلوب، من خلال نبذ الخلافات والتجرد عن الانتماءات المرجعية، وننطوي كلنا تحت ولاية أمير المؤمنين، وأولاده المعصومين(ع) للخروج من هذا المأزق.
إن الحدث جدُ كبير، لم ينته بمجرد عودة الزائرين من أرض طيبة الطيبة، بل بعدُ لا زال له جملة من التداعيات، يمكن لكل أحد أن يقرأها وفقاً لسير الأحداث، وهذا يعني أنه قد نحرم مستقبلاً حتى من الوصول إلى زيارة رسول الله(ص)، بل ربما لو سمح لنا بزيارته، فسوف يكون ذلك وفق ضوابط يقررها هؤلاء كما يريدون، كما هم اليوم يملون علينا كيف نزور أئمة البقيع(ع).
ولا أظن أن الأمر سيقف عند هذا، فإن ما أخشاه أن لا نأمن على حياتنا في بلادنا، فنتحول إلى لقمة سائغة يتناولها كل من لا يملك ديناً، ولا إلاً ولا ذمة.
لذا ينبغي علينا كقواعد شعبية أن تكون لنا حركة إيجابية مع شخصياتنا الدينية القيادية، للتعاطي مع الحدث بصورة جدية، والتعامل معه بما هو حقه، والسعي إلى إيجاد علاج جذري لهذه القضية.
اللهم إنا نشكو إليك فقد نبينا صلواتك عليه وعلى آله، وغيبة إمامنا، وكثرة عدونا، وقلة عددنا، وكثرة الفتن بنا، وتظاهر الزمان علينا.