لتحديد الغروب الشرعي، وأنه مجرد سقوط القرص، أو ذهاب الحمرة المشرقية، أو البناء على كليهما فيكتفى بسقوط القرص ما لم يكن في البين مانع يمنع من إحرازه خارجاً، ويستند للثاني حال وجود ما يمنع من إحراز تحقق السقوط، آثار عديدة، كدخول وقت صلاة المغرب، وحلول وقت الإفطار، وجواز الإفاضة من عرفات، ولزوم الغسل على المستحاضة الكبرى، فضلاً عن جملة من الأحكام المستحبة، ولسنا بصدد الحديث عن ذلك، فإن القارئ يتعرف عليها برجوعه للموارد في فتاوى الأصحاب.
وما يهمنا فعلاً هو تحديد حقيقة الغروب، وأنه هل يتحقق بمجرد سقوط القرص، أم أنه لا يكون إلا بعد ذهاب الحمرة المشرقية.
هذا وقد يشار إلى إمكانية الاستفادة من كلمات أهل اللغة في تحديد المقصود من الغروب، وبالتالي يرفع ما يتصور من إجمال في النصوص، فإنها تكاد أن تطبق على كون المقصود من الغروب هو غيبوبة الشمس، وبعدها عن وجه الأرض[1].
إلا أن ما ذكر يتوقف على البناء على عدم ثبوت حقيقة شرعية أو متشرعية للشارع المقدس في بيان حقيقة الغروب، فيكون المرجع في تحديد المفاهيم الواردة في لسان الشارع أحد قسمي العرف العام أو الخاص. أما لو بني على ثبوت ذلك، فلا ريب في عدم صلاحية الرجوع للعرف العام في تحديد المقصود، كما لا يخفى.
وبالجملة، إن صلوحية المرجعية للعرف العام تتوقف على البناء على عدم ثبوت حقيقة شرعية أو متشرعية للغروب، كما لا يخفى.
هذا ولم يقع الخلاف بين أصحابنا في تحديد ما يعرف به الغروب، كونه أحد المفاهيم العرفية التي لا إجمال فيها، وهو عبارة عن استتار القرص في الأفق الحسي وغيبوبته عن النظر من دون حاجب وحائل، مقابل طلوع الشمس، يعني خروجها عن الأفق الشرقي. نعم سبب الخلاف الحاصل في تحديد مفهوم الغروب بين الأعلام منشأه الروايات الخاصة التي وردت في المقام. وكيف كان، فالأقوال في المسألة ثلاثة:
الأول: أن الغروب يتحقق باستتار القرص وغيبوبته عن النظر، وهو مختار جملة من الأصحاب، وقد أفتى به صريحاً صاحب المدارك(ره)، بل لا يبعد أنه المشهور. ويبدو أن أول من قال بها هو ابن أبي عقيل العماني، ومن بعده قال بذلك ابن الجنيد، ثم شيخنا الصدوق، وكذا السيد المرتضى، وشيخ الطائفة، ومن جاء بعده.
الثاني: أن العبرة بذهاب الحمرة المشرقية عن قمة الرأس، فلا يكتفى بمجرد الاستتار عن الأفق الحسي، بل اللازم بلوغ الشمس تحت الأفق إلى درجة معينة يكشف عنها ذهاب الحمرة المشرقية عن سمت الرأس، وقد عبر المحقق(ره) في الشرائع عن هذا القول بأنه أشهر، وواضح أن هذا التعبير منه يشير إلى أن القول الأول هو المشهور، ولو لم يقبل ما ذكرنا، فلا أقل من أن القول الأول ليس شاذاً، كما لا يخفى.
الثالث: تحديد الوقت بذهاب الحمرة المشرقية عن تمام ربع الفلك، أي عن نقطة الشرق إلى دائرة نصف النهار بتمام نواحيها وجوانبها، من الجنوب إلى الشمال الذي يتأخر ذلك عن الذهاب عن خصوص القمة ببضع دقائق، والقائل بهذا القول قلة من الأصحاب، بل قيل أنه لم يعرف له قائل.
هذا وقد يقرر أنه لا مجال للاستناد للإجماع في مثل هذه المسألة متعددة الأقوال، إذ قد عرفت أن الأقوال فيها ثلاثة أو قولان.
إلا أن الصحيح عدم صلوح ما ذكر للمانعية من دعوى الإجماع في المقام، ضرورة أنه لابد من تحديد وقت ظهور الخلاف وكونه بين قدماء الأصحاب، أم أن ذلك لم يظهر إلا بين المتأخرين منهم.
هذا والرجوع لكلمات الأصحاب يفيد أن أول من قال بلزوم ذهاب الحمرة المشرقية في تحقق عنوان الغروب هو الفاضل الآبي في كتابه كشف الرموز، وخلافه(ره) لا يوجب منعاً من انعقاد الإجماع، لكونه من طبقة المتأخرين، ومن يكون خلافه مانعاً ينحصر في خصوص قدماء الأصحاب(ره) كما لا يخفى.
ووفقاً لما تقدم يحكم بتمامية المقتضي لحجية الإجماع على كون الغروب يتحقق بمجرد سقوط القرص، خصوصاً وأنه لا يعرف بين قدماء الأصحاب قائل بتوقف الغروب على ذهاب الحمرة. نعم المانع من الاستناد للإجماع يرجع لوجود المانع، وهو يتمثل في ما استند إليه القائلون بذلك، سواء كانت الآية القرآنية، أم النصوص الشريفة، وسيأتي التعرض لهما كما لا يخفى.
هذا وقد أشير في بعض الكلمات إلى أن عدد نصوص القول الأول تبلغ عشرين نصاً، كما أن ما يدل على القول الثاني يزيد على عشر نصوص.
هذا وينبغي قبل استعراض النصوص، التعرض لدلالة الآية الشريفة، وهي قوله تعالى:- (وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل)[2]، ولا يخفى أن دلالة الآية الشريفة على المدعى من عدمه تعتمد على تحديد المقصود من كلمتي( الطرف) و(النهار).
والظاهر أن المقصود من طرف الشيء هو منتهاه، سواء كان في مبتدأه، أم كان في نهايته، فيقال لمبتدأ الشيء طرفه، كما يقال ذلك أيضاً لمنتهاه، كما هو واضح. نعم لو قيل بأن الطرف هو ما يقرب من نهاية الشيء، وليس هو ذلك، لم يصح الاستدلال بالآية كما لا يخفى.
والنهار كما لا يخفى يقصد منه الوقت الزمني المحدد بالابتداء والانتهاء. إلا أن الكلام في أن النهار المذكور في الآية الشريفة هل يقصد منه النهار بالمعنى العرفي، فيكون مبتدأه بطلوع الفجر، ومنتهاه، بغروب الشمس، أم أن المقصود منه نهار شرعي لوجود حقيقة شرعية أو متشرعية له في لسان الشارع المقدس، فعندها يمكن دعوى ابتداءه بطلوع الفجر لكن الحديث في منتهاه، هل يكون منتهاه هو غروب الشمس بمجرد سقوط القرص، أم أنه ذهاب الحمرة المشرقية.
وعلى كلا المحتملين يمكن الاستناد لدلالة الآية الشريفة على تحديد وقت صلاة المغرب، فيمكن تقريب دلالتها على مقالة المشهور وهو الاكتفاء بمجرد سقوط القرص لدلالة الآية الشريفة على أن هناك صلوات تقع في طرفي النهار من الصلوات الخمس المفروضة، ولو تأملنا لوجدنا أن المقصود من تلك الصلوات هي صلاة الفجر، لوقوعها في الطرف الأول من النهار، وصلاة المغرب لوقوعها في الطرف الآخر من النهار، وهو منتهاه، فتكون دلالة الآية الشريفة على المدعى واضحة جداً بحلول وقت صلاة المغرب بسقوط القرص، فتدبر.
ولا يختلف تقريب القول الآخر بالآية الشريفة عما تقدم إلا بناءً على كون المقصود من النهار في الآية الشريفة هو النهار الشرعي، ويكون محدداً في لسان الشارع بذهاب الحمرة المشرقية، فلا يكتفى فيه بمجرد سقوط القرص كما لا يخفى.
وقد قربت دلالة الآية الشريفة لخصوص مقالة المشهور، والاكتفاء بمجرد سقوط القرص في تحقق الغروب، فأشير إلى لزوم توفر مقدمات أربع لدلالة الآية على المدعى:
الأولى: أن تكون الآية ناظرة إلى الصلوات المفروضة.
الثانية: أن يكون المراد بالصلاة طرفي النهار، هو صلاة المغرب.
الثالثة: أن يراد من الطرف نهاية الشيء، وما يقع على حافته.
فإذا كان الطرف ينطبق على ما يقرب من نهاية الشيء لم يصح الاستدلال بها على المدعى، لأن زوال الحمرة المشرقية قريب من نهاية النهار.
الرابعة: أن يكون المراد من طرف النهار حافته ومنتهاه الحاصل بسقوط القرص عن الأفق الظاهري، أما لو كان المراد منه أمر آخر، كما ورد في كلمات البعض بالتعبير عنه بالنهار الشرعي، الذي ينتهي بزوال الحمرة المشرقية، وهو أمارة غروب الشمس في أفق المغرب، فلن يتم الاستدلال بالآية الشريفة.
والظاهر بالرجوع لكلمات المفسرين المفروغية عن تحقق المقدمة الأولى، في أن الآية ناظرة إلى الصلوات اليومية، وخلاف من خالف لا يعبأ به لشذوذه.
كما أن المقدمة الثانية، وإرادة صلاة المغرب هو ما يقتضيه ظاهر الآية الشريفة، إذ أن حملها على صلاة العصر يستدعي تجوزاً لا يصار إليه، إلا إذا كانت هناك قرينة، خصوصاً وأن صلاة العصر غير مؤقتة بنهاية النهار، فحمل الصلاة عليها سوف يستوجب تجوزاً ويكون المقصود ليس نهاية النهار، وإنما ما يقرب من طرفه، وهو بحاجة إلى قرينة مفقودة.
إلا أن القول بكون المقصود بالطرف الثاني، هو صلاة المغرب واجه اعتراضات عدة:
منها: إن جعل الطرف الثاني من النهار هو صلاة المغرب يتنافى وقوله تعالى:- (وزلفاً من الليل)، لأن صلاة المغرب داخلة فيه، فكيف تكون هي طرف النهار.
وفيه: إن جعل صلاة المغرب داخلة في قوله تعالى:- (وزلفاً من الليل)، خلاف ظاهر الآية الشريفة كما عرفت، نعم مقتضى ظاهرا أن تكون الصلاة الداخلة في هذا العنوان هي صلاة العشاء، كما لا يخفى.
ومنها: إن صلاتي الصبح وصلاتي المغرب تقعان في طرفي الليل، فإن المغرب مبتدأه، والصبح منتهاه، فكيف تجعلان طرفي النهار.
وفيه: نحن نسلم كون صلاتي المغرب والصبح تقعان مبتدأ ومنتهى الليل، لكن ذلك لا يمنع من أن تكونا أيضاً مبتدأ ومنتهى النهار، فكما أن صلاة الصبح تكون منتهى الليل، فهي مبتدأ النهار، وكما أن المغرب تكون مبتدأ الليل، تكون أيضاً منتهى النهار.
ومنها: ما ذكره المقداد السيوري(ره) في كنـز العرفان، من وجود محتمل آخر في المقصود من النهار المذكور في الآية الشريفة، وهو أن يقصد منه الوقت الزماني الواقع ما بين الصبح الصادق، وذهاب الشفق المغربي، فيكون المقصود من طرفي النهار نصف النهار، والواقع في النصف الأول هي صلاة الفجر، والواقع في النصف الثاني بقية الصلوات اليومية المفروضة[3].
ويلاحظ عليه أولاً: إن حمل لفظ النهار على المعنى المذكور في كلامه يخالف ما ذكره علماء اللغة تعريفاً له، فإن الموجود في كلماتهم أحد تعريفين، إما تحديده بكونه من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، أو من طلوع الشمس إلى غروبها.
وعليه، يكون حمل الآية على خلاف ما ذكر من تعريف يستوجب المجازية، فيحتاج إلى قرينة موجبة لذلك، وهي مفقودة في المقام.
ثانياً: إن التفسير المذكور في كلامه(ره) يستوجب أن تحمل الآية الشريفة على خلاف ظاهرها، لأن الظاهر منها أن قوله تعالى:- (وزلفاً من الليل) معطوف على قوله تعالى:- (طرفي النهار)، وليس معطوفاً على الصلاة، ولازم كلامه(ره) أن يكون قوله تعالى:- (وزلفاً من الليل) معطوفاً على الصلاة، فلاحظ.
ومنها: إن حمل الصلاة في الطرف الثاني من النهار على صلاة المغرب بعيد، ضرورة أن طرف الشيء يكون منه، وهذا يعني أن طرف النهار لابد وأن يكون من النهار، مع أنه لا يختلف اثنان في كون صلاة المغرب ليست منه، لكونها صلاة ليلية.
وفيه: إن المقصود من طرف النهار هو منتهاه، وحده، ففي معجم مقايـيس اللغة: الطاء والراء والفاء أصلان، فالأول يدل على حد الشيء وحرفه، والثاني يدل على حركة في بعض الأعضاء[4].
وقد حكى ابن منظور عن ابن سيدة قوله: طرف كل شيء منتهاه[5].
وفي المنجد: الطرف، منتهى كل شيء[6].
وقد عرفت دلالة الآية الشريفة على لزوم إيقاع الصلاة في منتهى النهار، وحده وهو سقوط القرص، وهذا لا يتنافى وكون صلاة المغرب ليلية، فلاحظ.
وأما المقدمة الثالثة، فقد تضمنت كلمات أهل اللغة أن الطرف هو نهاية الشيء وحافته، كما عرفت في ما حكيناه من بعضها، فتتم المقدمة الثالثة أيضاً.
وقد يقال: إن الطرف كما يطلق على منتهى الشيء، يمكن إطلاقه أيضاً على ما يكون قريباً من المنتهى، وعليه فلا ينافي ذلك كون وقت صلاة المغرب هو زوال الحمرة المشرقية، لأنه قريب من طرف النهار، فلا تكون للآية الشريفة دلالة على دخول وقت المغرب بسقوط القرص.
ويجاب عنه، إن القول بإمكانية التعبير عن طرف النهار بما يكون قريباً منه تعبير مسامحي، لا يمكن حمل الآية الشريفة عليه، لكونها واردة في مقام التعيـين والتحديد الملحوظ فيه الدقة، كما هو الحال في النصوص الواردة في مقام التحديد.
وأخيراً المقدمة الرابعة، فإن النهار مستعمل في الآية بمعناه العرفي وهو الزمان الواقع بين طلوع الفجر، وغروب الشمس، والمراد من الغروب المأخوذ في المعنى العرفي للنهار، عبارة عن سقوط القرص عن الأفق الظاهري، وليس للنهار حقيقة شرعية، فيتحصل أن الآية الشريفة تامة الدلالة على أن أول وقت صلاة المغرب هو غروب الشمس الذي يتحقق بسقوط القرص، لأنه بسقوطه يكون النهار قد انتهى[7].
ويمكن تأيـيد دلالة الشريفة على المدعى من خلال بعض النصوص التي وردت في تفسيرها، وإنما جعلناها مؤيداً لضعفها السندي، فقد ورد في تفسير العياشي مرسلاً عن حريز عن أبي عبد الله(ع) قال: (أقم الصلاة طرفي النهار)وطرفاه المغرب والغداة، (وزلفاً من الليل)وهي صلاة العشاء الآخرة[8].
وفي التفسير المنسوب لعلي بن إبراهيم القمي بسنده عن أبي بصير عن أبي عبد الله(ع): وقوله(أقم الصلاة طرفي النهار)الغداة والمغرب، (وزلفاً من الليل)العشاء الآخرة[9].
هذا وقد يقال بأن التقريب المذكور لا يصلح لتعيـين دلالة الآية الشريفة في خصوص مقالة المشهور، وأن الغروب يتحقق بمجرد سقوط القرص، ضرورة أن المقدمة الرابعة لم تعالج ما يتصور من احتمال في وجود حقيقة شرعية أو لا أقل متشرعية في لسان الشارع المقدس للنهار، فيكون مستخدماً في غير المقصود من المعنى العرفي.
ودفع هذا الإشكال واضح، ضرورة أن جميع الخطابات الشرعية ملقاة للعرف، وهذا يعني أن الشارع المقدس يسير فيها على وفق المنهج العقلائي المتبع، وهو قائم على أن المتكلم لو كان يودّ ذكر شيء يغاير ما هو المألوف والمعروف بين المتلقين، لزمه أن يعرفهم ذلك من خلال ذكر قرينة مفهمة لمراده، ومتى ألقى كلامه دونما إشارة منه إلى وجود ما يخالف المعروف عند المتلقي فلا ريب أن السيرة العقلائية قاضية بحمل اللفظ على المعنى الظاهر منه عرفاً عند المتلقي، فيثبت أن المقصود من النهار في الآية الشريفة هو خصوص النهار العرفي كما عرفت.
على أنه يمكن إقامة البرهان على عدم وجود حقيقة شرعية أو متشرعية للنهار غير حقيقته العرفية بالرجوع للنصوص التي تضمنت تحقق الغروب بسقوط القرص وغيبوبته واختفائه، فإنها صريحة في تحقق الانتهاء للنهار بذلك. نعم يتوقف الاستدلال بهذه النصوص على عدم صلوح المعارض لها مما يوجب التصرف في دلالتها أو يدعو لسقوطها عن الحجية، وسيأتي تنقيح ذلك عند الحديث عن النصوص، إن شاء الله.
وبالجملة، إن البناء على تمامية دلالة الآية الشريفة على مقالة المشهور من تحقق الغروب بمجرد سقوط قرص الشمس واختفائه، بغروبه عن أفق بلد المكلف الظاهري، إن لم يكن متعيناً، فغير بعيد.
[1] لاحظ كتاب ترتيب العين للفراهيدي ج 2 ص 1333، معجم مقايـيس اللغة باب غرب، مفردات ألفاظ القرآن ص 604، القاموس المحيط 123، لسان العرب ج 10 ص 31، تاج العروس 3-4 ص 285-289.
[2] سورة هود الآية رقم 114.
[3] كنـز العرفان ص 73.
[4] معجم مقايـيس اللغة ج 3 ص 447.
[5] لسان العرب ج 9 ص 217.
[6] المنجد ص 46.
[7] مسائل من الفقه الاستدلالي الحلقة الثالثة ص 19.
[8] جامع أحاديث الشيعة ب1 من أبواب المواقيت ح 18.
[9] تفسير القمي ج 1ص 338.