مسألتان في إحرام العمرة المفردة
من المعروف قيام العديد من المؤمنين بأداء مناسك العمرة المفردة خلال شهر رجب الأصب عملاً بالاستحباب المؤكد المنصوص عليه في كلمات فقهاء الطائفة وفقاً للنصوص الواردة عن أهل بيت العصمة والطهارة(ع) في هذا المجال، ومن الطبيعي أن تكون هناك مجموعة من المسائل التي يبتلى بها خلال أداء مناسك العمرة، وسوف نشير إلى مسألتين من ذلك.
الأولى: الإهلال والإحلال:
يحصل أن يكون إحرام المكلف أحياناً في نهاية شهر من شهور السنة، ويكون أداؤه لمناسك العمرة خلال الشهر الجديد، أو يكون انتهاؤه منها في الشهر الجديد، فهل تكون عمرته تابعة لحين إحرامه، وهو المعبر عنه في كلمات الفقهاء بالإهلال، أم تكون عمرته تابعة لحين فراغه من المناسك، وهو المعبر عنه في كلماتهم بالإحلال؟ قولان في المسألة:
الأول: ما أختاره السيد الخوئي(ره)، والأستاذ الشيخ الوحيد[1]، والسيد الخامنئي(حفظهما الله تعالى)، من البناء على أن المدار على الإحلال وهو وقت التحلل من الاحرام، وليس على الإهلال. فلو أحرم شخص في آخر يوم من أيام شهر جمادى الثانية، وأدى مناسك عمرته في أول أيام شهر رجب الأصب، فإن عمرته تحسب عندها عمرة رجبية، ويكون قد اعتمر خلال شهر رجب.
الثاني: ما أختاره السيد السيستاني(دامت أيام بركاته)، من أن المدار على الإهلال، وليس الإحلال، فتحسب العمرة بلحاظ وقت الإحرام، وليس بلحاظ التحلل منه، فمن أوقع الإحرام في نهاية شهر جمادى الثانية، تكون عمرته لشهر جمادى الثانية، وإن أتم المناسك وتحلل من الإحرام خلال شهر رجب.
الثمرة بين القولين:
وتظهر الثمرة بين القولين في الاتيان بعمرة جديدة عن نفسه بعنوان الاستحباب، فإنه لا يمكنه فعل ذلك في شهر رجب في المثال السابق وفقاً للقول الأول، لأن المفروض أنه قد أدى عمرة في شهر رجب، بخلاف ذلك على القول الثاني، فإنه لم يؤد عمرة فيه.
خصوصية شهر رجب:
وما ذكرناه من الخلاف بين الفقهاء في نسبة العمرة لأي الشهرين، لا يجري بالنسبة لشهر رجب الأصب لخصوصية فيه، فلو أن شخصاً أحرم في نهاية شهر رجب، وأتى بأعمال العمرة في شهر شعبان، كانت عمرته رجبية حتى على القول الأول، وذلك لخصوصية في هذا الشهر.
الثانية: الحاجة إلى تجديد الاحرام في النيابة:
اختلف الفقهاء في حاجة من دخل مكة المكرمة بعمرة مفردة نيابة عن غيره إلى احرام جديد بعد الخروج منها والعودة إليها خلال نفس الشهر، كما لو ذهب إلى عرفات، أو خرج إلى جبل النور، أو مضى إلى جدة مثلاً، على قولين:
الأول: ما عليه السيد الخامنئي، والأستاذ الشيخ الوحيد(دامت بركاتهما)، من عدم الحاجة إلى احرام جديد، فلو أحرم شخص نيابة عن أحد والديه، أو أحد أرحامه، أو غيرهم، ثم خرج إلى خارج مكة، فذهب إلى عرفات أو جبل النور مثلاً، وأراد العودة إلى مكة في نفس الشهر، لم يحتج إلى احرام جديد، بل يمكنه دخولها بإحرامه السابق ولو كان قد أحرم نيابة عن آخر.
الثاني: ما عليه السيد السيستاني(دامت أيام وجوده)، من البناء على حاجته إلى احرام جديد على الأحوط وجوباً، وعدم تمكنه الدخول إلى مكة بإحرام النيابة الذي دخل به قبل خروجه.
[1] مقتضى الدقة البناء على أن للأستاذ(دامت أيام بركاته) قولاً ثالثاً قسيماً للقولين المذكورين، لأنه(حفظه الله) يجعل المدار على وقت الشروع في العمل، وليس الإحرام ولا الانتهاء من العمل، وهذا وإن كان غالباً لا يكاد ينفك عن الفراغ من العمل، لما هو المعروف خارجاً من إقدام الناس عادة على الشروع في أداء النسك ثم إتمامها دفعة واحدة، إلا أنه يحتمل تحقق ذلك في صورتين:
الأولى: ما إذا شرع في الطواف نهاراً، وأخرّ السعي لليل بناءً على مشروعية التأخير، فإنه قد يدخل شهر جديد قبل إقدامه على الاتيان بالسعي.
الثانية: ما إذا بني على أن تمام العمرة يكون بأداء طواف النساء وصلاته، كما لعله الظاهر من السيد الخوئي(ره)، لبنائه على إمكانية إبقاء طواف النساء وصلاته فيمكن للمكلف دخول مكة والخروج منها وإن دخل شهر جديد، فإنه يمكن في هذه الحالة أيضاً أن يبدأ العمل في وقت ويكون الانتهاء منه في وقت آخر.