نفقة الأولاد بعد الطلاق
أوجب الشارع المقدس على الأب النفقة على أولاده ذكوراً وإناثاً من دون فرق بين كونهم صغاراً أو كباراً، وقد جعل المعيار في ذلك عدم قدرتهم على الاكتساب بما يناسب حالهم وشأنهم حسب الزمان والمكان، فلا يجب على الأب الإنفاق على من كان قادراً على ذلك منهم، فضلاً عمن كان واجداً لنفقته التامة.
ويعد الأب عاصياً ومرتكباً حراماً حال عدم قيامه بذلك، ويستحق العقاب على ذلك يوم القيامة.
نعم يعذر الأب فلا يجب عليه الإنفاق عليهم إذا كان فقيراً لا يملك القدرة على النفقة على نفسه وزوجته بما يكون مناسباً ولائقاً بشأنهما زماناً ومكاناً.
مقدار النفقة:
ولم يحدد الشارع المقدس مقداراً كمياً للنفقة الواجبة للأولاد على أبيهم، بل أحال ذلك للعرف حسب الزمان والمكان الذي يعيشون فيه، فيكون الأب مطالباً بتوفير ما يحفظ للولد حياته واستقراره من طعام وكسوة ومسكن ونفقات علاج وما شابه ذلك، كالمصرف الجيبي الذي يعد اليوم حسب المتفاهم العرفي من النفقة اللازمة. بل يلزمه توفير بعض الأمور الأخرى كالخادم والسيارة ونفقة السفر لو كان ذلك يناسب شأن الولد حسب الزمان والمكان الذي يعيش فيه ويناسب وضع الأب أيضاً.
صداق الزواج ونفقته:
وليس من النفقة الواجبة على الأب لأبنه مهره ونفقات زواجه، عندما يرغب الولد في الزواج، نعم الأحوط استحباباً أن يتكفل الأب بذلك.
امتناع الأب عن النفقة:
ولو امتنع الأب عن الإنفاق على ولده، أمكنه الحصول عليها من خلال أحد الطرق التالية حسب الترتيب:
الأول: إجباره من قبل الجهة التي تملك القدرة على ذلك:
مثل الحاكم الشرعي فيرفع الأولاد أمرهم إليه فيجبره على ذلك. أو من خلال المحاكم الرسمية بأن يلجأ إليها للمطالبة بنفقتهم.
الثاني: المقاصة من أموال الأب:
بأن يعمد الولد إلى أخذ ما يحتاج إليه من النفقة من أموال أبيه وبدون علمه، نعم لابد أن يكون ذلك بعد الإستئذان من الحاكم الشرعي.
نعم يشترط في قيام الولد بهذا الأمر أن لا يترتب عليه ضرر مثل إتهام والده له بالسرقة مثلاً وتقديمه للمحاكمة، أو تعرضه للضرب، أو الإهانة التي لا تليق بشأنه مما يوقعه في حرج لا يتحمل عادة لمثله، وإلا لم يجز على الظاهر.
الثالث: أن يستدين الولد نفقته من الآخرين على ذمة أبيه، ويكون الأب ملزماً بسدادها، ويشترط أن يكون ذلك بإذن من الحاكم الشرعي، فلو تعذرت مراجعته، استئذن الولد من بعض عدول المؤمنين.
والظاهر أنه يجري في هذا الطريق ما تقدم ذكره في الطريق السابق من اعتبار عدم ترتب الضرر على الولد بقيامه به.
نفقة الأولاد بعد الطلاق:
من الأخطاء الشائعة عند بعض الناس امتناع الأب عن الإنفاق على أولاده بعد طلاق أمهم، وبقاء الأبناء معها، فيمتنع الأب من الإنفاق عليهم، سواء كانت الحضانة للأم، أم تنازل الأب عنها لها، أم أخذتها الأم بنحو من الأنحاء، فإن نفقة الولد لا تسقط عن الأب، ويكون الأب مطالباً بأدائها إليهم بالكيفية التي ينفقها عليهم لو كانوا معه، فيشمل ذلك المسكن واللباس والطعام والمصرف الجيبي والعلاج، وغير ذلك مما يليق بشأنه وشأنهم.
وتجري الطرق الثلاثة التي تقدمت الإشارة إليها حال امتناع الأب من الإنفاق عليهم.