تدبير المعيشة
أكدت النصوص الشريفة على أهمية التدبير في كافة الشؤون الحياتية، سواء ما يرتبط منها بشؤون العلاقات الإجتماعية، أم ما يرتبط بالإستفادة من الوقت، أم شؤون المعيشة، وهكذا. فقد ورد عن أمير المؤمنين(ع)، أنه قال: التدبير قبل العمل يؤمنك الندم. وهو صريح في أن الإنسان يلزمه التخطيط قبل أن يقدم على أي عمل من الأعمال يود عمله، ولا ينبغي أن يقدم على العمل من دون ذلك، لما يترتب على ذلك من عواقب وآثار وخيمة.
وجاء عنه(ع) أيضاً أنه قال: حسن التدبير ينمي قليل المال، وسوء التدبير يفني كثيره. لأن حسن الإدارة والترتيب والتخطيط الحسن يساعد على استغلال كل شيء واستثماره، بينما العشوائية توجب الضياع وفناء الموجود، وهكذا.
وقد يستفاد هذا أيضاً من قوله تعالى:- (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد).
موارد التدبير:
قد عرفت شمول التدبير لكافة الشؤون الحياتية، لكننا نذكر مصداقين لذلك:
الأول: تدبير الوقت.
الثاني: تدبير المعيشة.
تدبير الوقت:
فإن من أبرز الموارد التي تحتاج تدبيراً وتخطيطاً في حياة الإنسان أوقاته، فإن الكثير من الناس يصرف أوقاته دون تدبير فيضيع وقته، بل يضيع عمره دون استثمار، فلا هو يقصد مجالس الذكر، ولا يعمد لتنمية معرفته وثقافته من خلال القراءة أو غير ذلك.
تدبير المعيشة:
ومن أبرز الموارد التي تحتاج تدبيراً وتخطيطاً في حياة الإنسان شؤون المعيشة خصوصاً وأن الظروف الحياتية التي يحياها الناس اليوم قد اختلفت كثيراً وأصبحت أكثر تعقيداً وصعوبة عما كانت عليه سابقاً.
معنى تدبير المعيشة:
وليس معنى تدبير المعيشة التقتير على العيال والتضييق عليهم، وإنما يقصد منه حسن التخطيط والإدارة، وذلك بتنظيم الأمور وجعلها بطريقة الأولويات، فيقدم الأولى منها على غيره ما دام لا يمكن الإنسان أن يحقق الكل.
وهذا يعني أن يملك الإنسان القدرة على تقدير الأمور وحسن الإدارة فقد ورد عن أمير المؤمنين(ع) أنه قال: قوام العيش حسن التقدير وملاكه حسن التدبير.
أولويات الإنفاق:
ومع الظروف الحياتية التي يمر بها الناس اليوم لابد من وضع أولويات لهم في عملية الإنفاق، فضلاً عن العمد لعملية الترشيد في ذلك، وهذا يعني الحاجة إلى مراجعة كل واحد نفسه والنظر في مصروفاته وملاحظة أولوياته، فيرفع اليد عن الكثير من الكماليات، ويستغني عن العديد من حالات البذخ والرفاهية الزائدة التي كان الناس عليها في سابق شأنهم، بل قد يحتاج الإنسان إلى إعادة الحساب حتى في نفقاته الخاصة، ومحاولة الترشيد فيها، كاستعمال السيارة مثلاً في كافة تحركاته وتنقلاته، ومحاولة التعاون مع الزملاء ورفقاء الطريق، وما شابه ذلك.
وأما الكماليات، فلابد من إلغائها تماماً أو تضييقها إلى درجة الإلغاء، وهكذا حفلات الزواج والأعراس، والعقود، وغير ذلك.
والحاصل، نحن بحاجة إلى وقفة جادة في عملية تدبير العيش والتخطيط لذلك بصورة حسنة تتناسب وما نعيشه اليوم من ظروف حياتية صعبة، نسأل سبحانه وتعالى أن يعيننا على أنفسنا ويأخذ بأيدينا إنه سميع مجيب.