من المطهرات المذكورة في كلمات الفقهاء، الانتقال، ويقصد به انتقال النجس إلى جسم طاهر، كما لو شرب البق أو البعوض دم الإنسان مثلاً، فإنه يحكم بالدم الموجود في جسمهما. فإنه لا خلاف في طهارة البق ونجاسة دم الإنسان، إلا أنه لما انتقل إليه وأصبح جزءاً منه فإنه يحكم بطهارته بسبب كونه جزءا من المنتقل إليه، والمفروض أن دم البق طاهر لأنه ليس له نفس سائلة.
وليس منشأ البناء على طهارة الدم هو حصول الاستحالة، لأنه قد ذكر في حقيقتها أنها تغير الصورة النوعية إلى صورة نوعية جديدة مغايرة للصورة النوعية السابقة. وليس المقام كذلك، لأن الدم المنتقل من الإنسان إلى البعوض لم يتغير عن كونه دماً.
والصحيح أن منشأ طهارته يعود لصيرورته جزءاً من البق، وقد عرفت أنه ليس له نفس سائلة، فيكون دمه طاهراً، وهذا ما جعله محكوماً بالطهارة.
ولا يختلف الحال في مطهرية الانتقال عنه في مطهرية بعض المطهرات المذكورة في كلمات الأعلام كالاستحالة والانقلاب من أن عدها من المطهرات لا يخلو عن مسامحة، لتغير الحقيقة بين الموضوع النجس والموضوع الطاهر.
وقد خصت مطهرية الانتقال بخصوص الدم إذا انتقل من حيوان له نفس سائلة إلى ما لا نفس سائلة له، كما لو انتقل دم الإنسان مثلاً إلى السمك، فإنه يحكم بطهارته متى صار جزءاً منه.
ويشترط في مطهرية الانتقال للدم، أن يستقر في جوف الحيوان المنتقل إليه بحيث يعد عرفاً جزءاً منه، فلو لم يكن الدم المنتقل جزءاً من المنتقل إليه، أو حصل الشك في كونه كذلك، كالدم الذي يمصه العلق مثلاً، لم يحكم بطهارته، بل يحكم عليه بالنجاسة.