الجمع بين الصلاتين

لا تعليق
فقه الصلاة
140
0

من المسائل الخلافية بين المذاهب الإسلامية مسألة الجمع بين الصلاتين، والتفريق بينهما، فالمعروف في الوسط الشيعي الالتـزام بالجمع بين الصلاتين المشتركتين في وقت واحد، كالظهرين والعشائين.

ولا يذهب عليك أن تحرير المسألة يعتمد أولاً على تحديد المقصود من الجمع عندنا وعند غيرنا، فنقول:

الظاهر أن هناك فرقاً بين المقصود من الجمع عندنا، والمقصود من الجمع عندهم، ومن ثمّ سوف يختلف الحال في المقصود من التفريق عند الفريقين.

فالجمع عندهم، يقصد منه إيقاع الصلاة في وقت صلاة أخرى، فلصلاة الظهر وقت خاص بها، فإذا أوقع المكلف صلاة العصر في وقت صلاة الظهر، يكون قد جمع بينهما. ولهذا لو أوقع صلاة الظهر في آخر آنات وقتها، وبمجرد فراغه من أدائها دخل وقت صلاة العصر، وصلاها مباشرة لا يحكم بكونه جامعاً بين الصلاتين.

وبعبارة أخرى، لا يقصد من الجمع عندهم الإتيان بالصلاتين مباشرة، وإنما المقصود به في كلماتهم إيقاع الصلاتين في وقت صلاة واحدة.

وهذا المعنى للجمع عندهم يختلف الحال فيه بالنسبة إلينا، ذلك أن المقصود من الجمع عندنا هو اجتماع الصلاتين في مقام العمل بإتيان الثانية مباشرة بعد الأولى.

ثم إنه بعد الفراغ عن تحديد المقصود من الجمع، وبيان مراد أعلامنا من ذلك، يقع الحديث في أنه هل يستحب التفريق بين الفريضتين المشتركتين في وقت واحد، أم أنه لا يثبت الاستحباب المذكور في حد نفسه، وعليه فلو كان هناك استحباب، فلابد وأن يكون لسبب من الأسباب؟ وقع الخلاف في ذلك بين أعلامنا. وهذا الخلاف يوجب التساؤل عن أن التفريق بين الصلاتين، أفضل أم أن الجمع بينهما هو الأفضل. ووفقاً لأفضلية أي منهما، سواء كان هو التفريق، أم كان هو الجمع، فهل أن ذلك يعود إلى مزية موجودة فيه، أم لا؟

أختار جمع من أعلامنا البناء على أفضلية التفريق بين الصلاتين المشتركتين في الوقت، وأن ذلك من المستحبات الثابتة في نفسها، بمعنى أنه يستحب التفريق في نفسه من دون أن تكون هناك غاية أو قصد شيء آخر، ومن القائلين بذلك السيد اليزدي(ره)، صاحب العروة، والإمام الخميني(قده).

وأختار آخرون، كالإمام الخوئي(قده)، والإمام السيستاني(أطال الله في بقائه)، البناء على عدم استحباب التفريق بين الفريضتين المشتركتين في نفسه، وبالتالي لو أريد الحكم بكون التفريق مستحباً لابد وأن يكون لداعٍ آخر من الدواعي، فلاحظ.

وقد تمسك القائلون باستحباب التفريق في حد نفسه بما جرت عليه سيرة النبي محمد(ص)، والأئمة الأطهار(ع) من بعده، مضافاً إلى بعض النصوص والتي تضمنت النص على أن التفريق أفضل، فقد جاء عن أبي عبد الله الصادق(ع) أنه قال: وتفريقهما أفضل[1].

إلا أن الظاهر أنه لا يستفاد مما ذكر اعتبار ملاحظة التفريق في حد نفسه، وأنه كان غاية مقصودة، بل الظاهر أن السبب الموجب للإقدام على ذلك كان هو إدراك وقت فضيلة الصلاة الثانية، فلاحظ.

نعم لو ألتـزم بأن الموجب للتفريق بين الفريضتين المشتركتين يعود لإحراز وقت الفضيلة، بلحاظ أن وقت فضيلة العصر يختلف عن وقت فضيلة الظهر، وكذا وقت فضيلة العشاء يختلف عن وقت فضيلة المغرب، توضيح ذلك:

يوجد لأعلامنا قولان في مبتدأ وقت فضيلة صلاة العصر، ومبتدأ وقت فضيلة صلاة العشاء:

القول الأول: أن وقت فضيلة صلاة العصر يبدأ بمجرد زوال الشمس، وأنه متى ما زالت فقد دخل وقت فضيلة صلاة الظهر، كما دخل وقت فضيلة صلاة العصر.

وكذا الأمر بالنسبة إلى صلاة العشاء، فإن وقت فضيلتها يدخل بمجرد حصول الغروب، ليدخل وقت فضيلة الصلاتين، المغرب والعشاء.

القول الثاني: أن وقت فضيلة صلاة العصر يختلف عن وقت فضيلة صلاة الظهر، إذ أن وقت فضيلة صلاة العصر يبدأ إذا أصبح ظل كل شيء مثله. ويبدأ وقت فضيلة صلاة العشاء عند زوال الشفق.

فإنه حسن، إلا أنه لا يثبت استحباب التفريق في نفسه، وإنما سوف يكون التفريق لغاية من الغايات، فلاحظ.

معنى التفريق:

ثم إنه بناءً على اعتبار التفريق، فالظاهر أنه ليس له حقيقة خارجية، بل هو كسائر الموضوعات العرفية، والتي يرجع في تشخيصها، وتحديدها إلأى العرف، شأنه شأن بقية الموضوعات، فلاحظ.

وهذا يعني أنه لو حكم العرف بتحقق التفريق بالفصل بالنافلة كان ذلك موجباً لتحققه، وإلا فلا.

……………………………………………….

[1]وسائل الشيعة ب 31 من أبواب المواقيت ح 7.

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة