المختار الثقفي في الميزان(1)

لا تعليق
كلمات و بحوث الجمعة
685
0

تعددت الثورات بعد شهادة الإمام الحسين(ع)، وقد كانت واحدة منها حركة المختار بن أبي عبيدة الثقفي وثورته، والمعروف تاريخيا أنها بدأت في الرابع عشر من شهر ربيع الثاني، في السنة الخامسة والستين من الهجرة.

وكما وقع الخلاف بين المؤرخين، وأهل الحديث في الأهداف التي دعته إلى القيام بثورته، وهل أنها كانت ثورة دنيا، طلب بها الجاه والسلطان والملك، أم أنها كانت ثورة حق، لأنها كانت بصدد طلب الثأر من قتلة الإمام الحسين(ع)، فقد وقع الخلاف أيضاً بينهم في شخصيته، إذ أختلف فيه أيما اختلاف، فبين من يبني على أنه عبد صالح، وبين من يبني على أنه من أهل الدنيا، وربما وجد من توقف فيه.

ولم يقتصر الحال على التشكيك في شخصيته من حيث الوثاقة وعدمها، بل تعدى ذلك إلى مذهبه ومعتقده، فاختلف المؤرخون فيما بينهم في نسبته لأي معتقد، وجعله ضمن أي انتماء.

ووفقاً لما وجد من اختلاف بين المؤرخين، والنصوص، يجد الباحث والمتابع نفسه في حيرة حول هذا الموضوع، ويكثر طرح السؤال التالي: كيف يمكن تقيـيم شخصية المختار، ومن ثم كيف يكون التعامل معها، وما هي النظرة التي ينبغي أن تتخذ حيال حركته؟ ويضاف لهذين التساؤلين، محاولة معرفة البعد العقدي الذي كان ينتمي إليه، ومحاولة الإحاطة بأهدافه حركته ودواعيها، وهل أنها كانت بإذن من الإمام المعصوم(ع)، أم لا.

انتماء المختار العقدي:

وأول ما ينبغي أن يحيط به القارئ لسيرة المختار، وقبل الدخول في أي جوانب أخرى، هو انتمائه العقدي، فإن الرجوع للمصادر التاريخية، يفيد اختلاف المؤرخين، والمحدثين في عقيدته، فقد نسبه بعضهم إلى النصب، وآخرون التزموا بأنه أموي العقيدة، والهوى في البداية، لكنه لم يستمر، وأصبح علوياً بعد ذلك، وفي قول ثالث أنه كان خارجي المعتقد، وجعله رابع من الزيدية، وأخرون كيسانياً، ومنهم من جعله إمامياً.

والصحيح، أن أغلب النسب المذكور، لا تخرج عن كونها مجرد دعاوى، لا يوجد عليها ما يسندها، ولو من بعيد جداً، فلو لاحظنا نسبته للنصب، أي بمعنى البغض الشديد لأمير المؤمنين(ع)، كما يظهر من كتاب البداية والنهاية، لا نجد لها في المصادر التاريخية ما يسندها، ويعضدها، بل على العكس تماماً فإن المؤشرات كلها تساعد على خلاف ذلك، فإنه معروف من أسرة كانت توالي أمير المؤمنين(ع)، وقد كان عمه سعداً والياً له على المدائن، ومن بعد أمير المؤمنين(ع)، كان والياً للإمام الحسن(ع)، عليها.

كما أن بعض النصوص تضمنت أن أمير المؤمنين(ع) كان يجلسه على فخده، وكان يلقبه بـ(الكيس)، كما روى ذلك الأصبغ بن نباتة.

وبالجملة، إننا لا نجد لهذه النسبة ما يساعد عليها من الشواهد الخارجية، ما يجعلها مجرد دعوى أطلقها قائلها من دون تحري الدقة، وصحة الانتماء.

وأوهن من ذلك نسبته إلى فرقة الزيدية، فإنه لو كان المقصود منها أتباع زيد بن الإمام زين العابدين(ع)، فإن ذلك ما يضحك الثكلى، إذ من المعلوم أن حركة زيد بن الإمام زين العابدين(ع)، كانت في سنة التسعين من الهجرة النبوية، في أيام حكم عبد الملك بن مروان، وقد كانت وفاة المختار بن أبي عبيدة، في سنة السابع والستين من الهجرة النبوية، ولم تتضمن كتب التاريخ، ولا كتب الفرق والملل والنحل ما يفيد أن زيداً(رض) كان صاحب مذهب ومعتقد مقابل الإمام زين العابدين(ع) في أيام حياته، فكيف يكون المختار منتمياً لحركة بعدُ لم توجد، وكيف يكون متعبداً بمنهج بعدُ لم يولد؟!

ولا يختلف الحال بالنسبة إلى القول بكونه خارجي العقيدة، إذ لم يذكر المؤرخون ما يساعد على مثل هذا الأمر، خصوصاً إذا لاحظنا أن أصحاب الانتماء الخارجي كانوا ضد أمير المؤمنين(ع)، بينما المنقول تاريخياً-ولو وفقاً للظاهر- أنه كان في جيش الإمام الحسن بن علي(ع)، فكيف يكون خارجياً، وكلنا يعلم أن الخوارج هم الذين اعتزلوا علياً(ع) بعد معركة صفين، واعتزلوا أبنائه من بعده.

نعم ربما بررت نسبته للخارجية بالاشتباه بينه وبين المختار بن عوف الأزدي السلمي، على أساس أن الحديث عن المختار الذي كان ينتمي للخوارج في حديث عن الأحداث التي كانت في عصر مروان بن الحكم.

وأما منشأ نسبته للانتماء الأموي، فقد يعود إلى ما ذكره المؤرخون من أنه لما تعرض الإمام الحسن(ع) في منطقة ساباط إلى عملية الاغتيال، وقد كان عمه والياً على المدائن، جاء إليه، وعرض عليه تسليم الإمام الحسن(ع) إلى معاوية، ونيل الجائزة منه، وقد كان المختار يومها شاباً، وقال لعمه: هل لك في الغنى والشرف؟ قال له عمه سعد بن مسعود الثقفي: وما ذاك؟ قال: تستوثق من الحسن، وتستأمن به معاوية، فقال له عمه: عليك لعنة الله! أثب على ابن بنت رسول الله(ص) وأوثقه؟ بئس الرجل أنت[1].

ويمكن أن تكون هذه القضية التاريخية هي منشأ من بنى على أنه ناصبي، ذلك أنها تكشف عن عداوة منه لآل علي(ع)، إذ أن رغبته في تسليم الإمام الحسن(ع) تمنع من أن يكون علوي الانتماء، بل تدل على أمويته، بل على نصبه، وبغضه لآل علي(ع).

نعم قد يحاول الدفاع عن المختار، بأن أقصى ما يظهر من القصة المذكورة، وقوع شيء من الحيرة والتردد في قلبه كما حصل ذلك لأغلب أصحاب الإمام الحسن(ع) في فترة الصلح وما قبلها، بل قد حصل ذلك لثلة من أصحاب أمير المؤمنين(ع) بعد رفع المصاحف في صفين، كسليمان بن صرد الخزاعي، وغيره.

ولا يذهب عليك أن هذا لا يصلح دفاعاً، بل هو تأكيد لضعف الوازع الديني عند الرجل، وأنه لم يكن من أصحاب الإيمان الصلب، بل كان شخصية عادية، مترددة، ضعيفة المعتقد، تميل بها الأمور وتؤثر فيها التيارات، والاعتذار له بمثل وجود سليمان، فإن ذلك لا يشفع، لأن سليمان ما كان في عرض الأشتر، وعمار وأضرابهما.

وبالجملة، إن الواقعة المذكورة، وإن لم تكن صريحة الدلالة في كونه ناصبياً، بل والجزم من خلالها بكونه أموياً ليس من الوضوح بمكان، إلا أنها تكشف عن هوية متذبذبة، وعقيدة متزلزلة، وضعف في الانتماء، لا يكون عند الخلص، والثلة من أصحابهم(ع).

ووفقاً لما تقدم، سوف يدور أمر عقيدته بين محتملين لا ثالث لهما:

الأول: أن يكون زبيري الهوى والانتماء.

الثاني: أن يكون شيعياً، بالمعنى الأعم، فلا يكون منحصراً في خصوص الشيعة الإمامية الإثني عشرية، بناءً على التسليم بصحة نسبة غيرهم إلى التشيع.

وينقسم الاحتمال الثاني، إلى محتملين أيضاً، فإن القائلين بعلويته، لا يتفقون على رأي واحد، إذ ينسبه بعضهم إلى القول بالكيسانية، فيجعلونه قائلاً بإمامة محمد بن الحنفية(رض)، وينسبه الآخرون للإمامية، وأنه كان يقول بإمامة الإمام زين العابدين(ع).

الانتماء للزبيرية:

ويقصد من كونه زبيرياً، نسبته إلى ابن الزبير، وهو الذي خرج على آل أمية، واستولى على الحجاز، وبسط نفوذه على مناطق أخرى غيرها، كالكوفة والتي سوف تكون منطلق حركة المختار وثورته، ما يثير سؤالاً وهو هل هناك علاقة بين المختار وبين ابن الزبير، أم لا؟

مما لا شك فيه أنه كان بين الاثنين جملة من المصالح المشتركة، إلا أن هذه المصالح هل تصل إلى أن يكون المختار تابعاً في المعتقد لابن الزبير، أم أنها تنحصر في خصوص البعد السياسي ليس إلا.

ربما تفسر العلاقة بينهما في خصوص الإطار السياسي، ونفي الانتماء العقدي بينهما، ذلك أن كل واحد منهما أراد أن يستفيد من الآخر في تحقيق أغراضه والوصول إلى أهدافه، خصوصاً وأنهما كانا يشتركان في مطلب يتمثل في عداء بني أمية والخروج عليهم، ويساعد على ذلك انقطاع هذه العلاقة بمجرد أن بدأ التضارب المصالحي بينهما في البروز على السطح.

والإنصاف، أن عدّ المختار زبيري المنهج، يتوقف على أن يكون لابن الزبير منهجاً مستقلاً يغاير ما كان عليه منهج أهل السقيفة، وهذا غير ثابت، على أن ذلك يستوجب الإلتـزام بكون المختار سقيفي المنهج، وهو الذي لا تساعد عليه الشواهد التاريخية، بل ربما بني على أنه علوي المشرب. نعم لو قبل بكونه أموي الانتماء، وفقاً للقضية التي قدم نقلها، فعندها أمكن البناء على كونه زبيري المنهج، لتوافق الاثنين على مدرسة السقيفة، لا أن ذلك يعني استقلالية في المنهج لابن الزبير كما عرفت.

وبالجملة، إن البناء على أن الموجود بين الاثنين أكثر من المصالح السياسية المشتركة، ليس واضحاً في المصادر التاريخية، كيف وقد عرفت عدم وجود مسلك زبيري مستقل، فلاحظ.

تشيع المختار:

ثم إنه بعد عدم إمكانية الالتـزام بواحدة من النسب المتقدمة في شخصية المختار، يتعين بمقتضى القسمة الحاصرة كونه علوي الهوى، شيعي المعتقد، من الموالين لأمير المؤمنين(ع)، نعم القول بأنه يعتقد أهليته للخلافة، وتقدمه على الشيخين، ربما يمنع منه الخبر الذي سوف نعرضه في ما يأتي، من أنه كان في قلبه شيء من حبهما، وربما ظهر من هذا أنه ما كان يرى علياً(ع)، أول الخلفاء، وإنما كان يراه رابع أربعة، وهذا ربما كان موجباً أيضاً لقول من قال أنه أموي الهوية، أو غيرها من النسب.

وعلى أي حال، إن الجزم بكونه يعتقد أولية أمير المؤمنين(ع)، وحقانيته بالخلافة بعد النبي(ص) مما لا يساعد عليه النص الذي سوف نعرضه، وفقاً لأحد تفسيريه، لاحظ.

وكيف ما كان، فبعد الفراغ عن كونه علوي الانتماء، يلزم أن يحدد أنه كيساني العقيدة، أم أنه إمامي اثنا عشري؟ احتمالان، موجودان في المصادر.

معنى الكيسانية:

هذا وينبغي قبل التعرض لكونه منتمياً للكيسانية، أو لا، من تحديد المقصود من هذا المصطلح، فنقول:

عرفها الشيخ ابن إدريس(ره) فقال: هم القائلون بإمامة محمد بن الحنفية، وأنه اليوم حي، وهو المهدي الذي يظهر في آخر الزمان[2]. وذكر أن غيبته في جبل رضوى، ولذا قد يجتمعون في كل ليلة جمعة ويشتغلون بالعبادة عند الجبل، وهم أصحاب المختار بن أبي عبيدة الثقفي[3].

وقد اختلف في منشأ النسبة والتسمية بالكيسانية، فذكرت عدة أقوال: فقيل أنها نسبة للمختار نفسه، لأن لقبه كان كيسان، لأنه قد وردت تسميته بذلك على لسان أمير المؤمنين(ع)، حيث قال له: يا كيس يا كيس[4]. وقيل أنها سميت بذلك نسبة إلى رئيسهم، وهو كيسان مولى لأمير المؤمنين(ع)[5]. وقد ذكر أن كيسان هذا كان تلميذاً لمحمد بن الحنفية وهو مولى لأمير المؤمنين(ع)[6]. وقيل أنها نسبة لرئيس شرطة المختار، وكان يسمى بكيسان، ويكنى بأبي عمرة[7].

انتمائه للكيسانية:

وقد نص على كونه كيسانياً في كلمات الكشي(ره)، حيث قال: والمختار هو الذي دعا الناس إلى محمد بن علي ابن أبي طالب، ابن الحنفية، وسمّوا الكيسانية وهم المختارية، وكان لقبه كيسان، ولُقبَ بكيسان لصاحب شرطه المكنى أبا عمرة، وكان اسمه كيسان، وقيل أنه سمي كيسان بكيسان مولى علي بن أبي طالب(ع)، وهو الذي حمله على الطلب بدم الحسين(ع)، ودله على قتلته وكان صاحب سره والغالب على أمره[8].

وممن ذكر انتمائه لهذه الفرقة القاضي أبو حنيفة النعمان المصري، حيث ذكر اعتقال ابن الزبير لمحمد بن الحنفية، وجماعة من الهاشميين، واستنقاذ المختار إياهم من حبسه، وكتب إلى ابن الزبير: من المختار بن عبيد الله خليفة الوصي محمد بن علي إلى عبد الله اسماً-ثم أخذ في سبه وشتمه، وذكر مساويه، وبعث به إليه-وأظهر القول بإمامة محمد بن الحنفية[9].

وقد عدّ سيدنا الإمام الخوئي(ره) نسبة المختار إلى الكيسانية، من أقوال العامة، وأن القائل بذلك استشهد بما قدمنا ذكره عن الكشي(ره)[10].

وقد أبطل(ره) هذه الدعوى بأمور:

الأول: أن محمد بن الحنفية لم يدع لنفسه الإمامة حتى يقوم المختار بدعوة الناس إليه.

الثاني: من المعلوم أن الكيسانية، قد حدثت بعد وفاة محمد بن الحنفية، ولم تحدث في حياته، ومن الثابت تاريخياً أن المختار قد توفي في حياة ابن الحنفية، فكيف يكون منتمياً لمذهب بعدُ لم يوجد؟!

الثالث: إنه لا يصح أن ينسب المختار لهذه الفرقة، لمجرد أنه يسمى بكيسان، لما عرفت من أن منشأ هذه التسمية هو تسمية أمير المؤمنين(ع) له بكيس، كيس، فلما ثنى، قيل كيسان، وهذا لا ربط له بالكيسانية، كما لا يخفى[11].

وللمناقشة، في ما أفاد(قده) مجال، إذ أن دعوى كون نسبته للكيسانية، عامية، قد عرفت فسادها، فقد نسبه لذلك غير واحد من أعيان الطائفة، كالسيد صاحب الرياض، وكذا القاضي النعمان المصري، وهو لو لم يكن إمامياً فلا ريب في كونه فاطمياً، على أنه يكفينا أن الكشي(ره)، وهو أحد أعيان الطائفة، قد نص على نسبته للكيسانية، على أنه يمكن القول بقبول شيخ الطائفة(ره) بهذه النسبة أيضاً، لأن المتداول بأيدينا هو كتاب اختيار معرفة الرجال للشيخ(ره)، فتأمل جيداً.

وأما ما ذكره من أدلة، لبطلان القول بذلك، فيدفع الأول ما نص عليه هو(ره) في معجمه عند ترجمته لمحمد بن الحنفية، حيث نقل رواية بسند صحيح عن الكليني، تتضمن إدعاء محمد للإمامة بعد الإمام الحسين(ع)، فعن أبي جعفر(ع) قال: لما قتل الحسين(ع) أرسل محمد بن الحنفية إلى علي بن الحسين(ع)، فخلى به، فقال له: يا ابن أخي قد علمت أن رسول الله(ص) دفع الوصية والإمامة من بعده إلى أمير المؤمنين(ع)، ثم من إلى الحسن(ع)، ثم إلى الحسين(ع)، وقد قتل أبوك(رض) وصلي على روحه ولم يوص، وأنا عمك وصنو أبيك، وولادتي من علي(ع) في سني وقدمي أحق بها منك في حداثتك، فلا تنازعني في الوصية والإمامة ولا تحاجني…[12].

ولا معنى لأن يقال بأن محمداً وإن أدعى ذلك، إلا أنه رجع عنه، فإن ذلك لا يمنع أن يكون هناك من بقي على معتقده فيه، فضلاً عن أنه ربما لم يبلغه رجوعه. كما أن القول بأن الغاية التي دعت محمد إلى القول بذلك هي إبراز إمامة الإمام زين العابدين(ع)، فإنها وإن كانت توجيهاً يعالج به الأمر، إلا أن ذلك لا ينفي أن يوجد إشكال وشبهة عند ضعاف النفوس، وقد عرفت حال المختار في ما تقدم من هذه الناحية، فلاحظ.

على أنه لا ينحصر الأمر في خصوص هذه الرواية، بل هناك نصوص أخرى، تضمنت نفس المعنى، كما أن من المعروف أيضاً منازعة محمد للإمام زين العابدين(ع) في صدقات أمير المؤمنين(ع)، وقصة ذلك معروفة، فلاحظ.

وبالجملة، إن مما ريب فيه ثبوت إدعاء محمد بن الحنفية للإمامة بعد الإمام الحسين(ع) ومنازعته للإمام زين العابدين(ع)، في ذلك، نعم يبقى ما هي الدواعي، والدوافع لذلك، فهو أمر يوكل بحثه إلى محل آخر.

وأما ثاني الدليلين، فجوابه، إن المستفاد من النصوص التاريخية كون المحتار معتقداً بإمامة محمد، وقد سبق ونقلنا مورداً من ذلك، على أنه سيأتي عند الحديث عن النصوص، اشتمالها على أنه كان يبعث إليه بالهبات والهدايا، لكونه معتقداً بأنه حجة الله عليه، وأنه إمامه الذي يتبعه، ومجرد انتشار الفرقة وتعنونها بعنوان مقابل العناوين الأخرى، لا يعني أنه ليس لها مريدين، كما هو واضح. ومما ذكرنا، يتضح عدم تمامية ما جاء في كلمات المحقق التستري(ره)، إنه قد أجاب عن نسبته للكيسانية بمثل هذا الدليل، فلاحظ[13].

مع أن المذكور في فرق النوبختي، أنه كان له أتباع من بعد شهادة أمير المؤمنين(ع)، قال: قالت فرقة بعد الحسين(ع) بإمامة محمد. وقالت فرقة هو كان الإمام المهدي، ووصي علي(ع)، وإنما خرج الحسن على معاوية بإذنه وصالحه بإذنه، وخرج الحسين على يزيد بإذنه، ولو خرجا بغير إذنه هلكا وضلا، وأن من خالفه كافر مشرك، وإنه استعمل المختار على العراقين، وأمره بطلب ثأر الحسين(ع)، وسماه كيسان، لكيسه ولما عرف من قيامه ومذهبه، فهم يسمون المختارية والكيسانية[14].

وأما ضعف الدليل الثالث، فإنه يغني أن يعرض إلى الإجابة عنه، لما عرفت من أن منشأ النسبة والتسمية مورد خلاف، فلا تغفل.

وقد تحصل مما تقدم، أنه من الصعب جداً رفع اليد عما جاء في كلام الكشي(ره)، وأنه كيسانياً.

[1]تاريخ الطبري ج 5 ص 159، تاريخ ابن الأثير ج 3 ص 5.

[2] السرائر ج 3 ص 162.

[3] رياض المسائل ج 2 ص 26.

[4] المصدر السابق.

[5] شرح الأخبار للقاضي النعمان ج 3 ص 315.

[6] السرائر ج 3 ص 162.

[7] اختيار معرفة الرجال برقم 204 ص 210، تاريخ الطبري ج 6 ص 33.

[8] اختيار معرفة الرجال رقم 204 ص 210.

[9] شرح الأخبار ج 3 ص 315.

[10] معجم رجال الحديث ج 19 ص 109-110.

[11] المصدر السابق ص 110.

[12] معجم رجال الحديث ج 17 ص 54.

[13] قاموس الرجال ج 10 ص 14.

[14] فرق الشيعة ص 26.

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة