موانع القبول:
ثم إنه بعد الفراغ من عرض النصوص المتضمنة للعب الإمامين الحسنين(ع)، نصاً أو مؤدى، وقد عرفت إمكانية اعتبار بعضها سنداً لو أبقيناها خبر واحد، بل قد يترقى متى بني على استفاضتها، كما هو ليس ببعيد، بل يمكن القول بقطعية صدورها، وفقاً لبعض المباني في التواتر كما عرفت، يقع البحث فيما يمنع من الاستناد إليها، وقد حصر المانع في أمرين:
مانعية مفهوم اللعب:
الأول: إن اللعب وفقاً لما ذكر في معناه، لا ينسجم والحالة الطبيعية للمعصوم(ع)، ذلك أن مقام الإمامة والعصمة يكتسي بالكثير من الهيبة والوقار، ولا ينفك عن التفكر والتدبر في خلق الله سبحانه، ولا ينقطع أو يفتر عن ذكر الباري سبحانه وتعالى، مضافاً إلى أنه لا يتصور أن يصدر منه تصرف عبثي من دون أن تكون له فائدة أو هدف، وهذا يعني عدم مناسبة اللعب لشخصه(ع).
ولا يذهب عليك أنه وفقاً لهذا المانع، يلزم أن ترفع اليد عن النصوص المتضمنة للعب، لأنها تكون مشتملة على ما لا يمكن الالتـزام به، وقد ذكر في علم الدراية والحديث، أن الخبر متى كان منافياً للقاعدة العقلية، أو العقلائية، أو كان منافياً للقاعدة الشرعية، بأن يكون مشتملاً على ما لا يقبله العقل، أو ما لا يقبله الشرع، يلزم رفع اليد عنه، وإن كان معتبر الأسناد، والمانع المذكور، يصلح أن يكون صغرى لما ذكر، فلاحظ.
والإنصاف، تمامية المانع المذكور، إلا أن ذلك يتوقف على حصر المعنى المقصود للعب في خصوص المعنى اللغوي المتقدم، وعدم إمكانية حمله على معنى آخر ينسجم ومقام الإمامة، فلاحظ.
نصوص معارضة:
الثاني: وجود مجموعة من النصوص المعارضة لها، وهي ثلاث طوائف:
الأولى: ما تضمن أن الإمام لا يلهو ولا يلعب: وهما خبران ذكرهما شيخنا الكليني(ره) في كافيه:
الأول: خبر معاوية بن وهب قال: قلت لأبي جعفر(ع): ما علامة الإمام الذي بعد الإمام؟ فقال: طهارة الولادة، وحسن المنشأ، ولا يلهو ولا يلعب.
وقد تضمن سنده محمد بن إسماعيل، وهو الذي يروي عنه شيخنا الكليني بلا واسطة، وهو يروي عن الفضل بن شاذان، وقد وقع مورد خلاف بين الرجاليـين، فبينما يحكم بوثاقته، واعتبارهالإمامالخميني(ره)[1] وجماعة، يحكم الإمام الخوئي(ره)، وجماعة بعدم وثاقته[2].
الثاني: خبر صفوان الجمال قال: سألت أبا عبد الله(ع) عن صاحب هذا الأمر. فقال: إن صاحب هذا الأمر لا يلهو ولا يلعب. وأقبل أبو الحسن موسى، وهو صغير ومعه عناق مكية، وهو يقول: اسجدي لربك، فأخذه أبو عبد الله(ع) وضمه إليه، وقال: بأبي وأمي، من لا يلهو ولا يلعب[3].
وقد تضمن سنده معلى بن محمد البصري، ولا يوجد له توثيق صريح في كلمات أهل الرجال، وقد بنى بعض أعلامنا المعاصرين(حفظه الله) على وثاقته لوقوعه في أسناد كامل الزيارات. إلا أن شيخنا الأستاذ(دامت أيام بركاته) وثقه اعتماداً على تعبير النجاشي في حقه بأن حديثه يعرف وينكر، لظهر التعبير المذكور في عدم المناقشة في شخصه، وإنما الكلام في كتبه من جهة اشتمالها على أحاديث منكرة، ومجرد احتواء كتب الراوي على المناكير لا يضر بتوثيقه، ولا يؤثر في تضعيفه، مضافاً إلى أنه قد عبر عن كتبه بأنها قريبة، فإنه لا يبعد ظهوره في الممدوحية.
ولا تنحصر مشكلته السندية فقط في وجود البصري، إذ يوجد فيه أيضاً علي بن الحسن، أو الحسين، وهو مشترك بين الثقة والضعيف، ولا مجال لتميـيزه في المقام، ما يوجب رفع اليد عن الخبر، فلاحظ.
ومحاولة تصحيح سنده من خلال رواية ابن شهراشوب إياه من كتاب صفوان مباشرة، وطريقه إلى كتاب صفوان هو طريق شيخ الطائفة، وهو معتبر فيكون معتبراً. ممنوع، لتضمن طريق الشيخ(ره) إليه شيخه ابن أبي جيد، وتوثيقه ينحصر في تمامية كبرى وثاقة جميع مشائخ النجاشي(ره)، كما عليه الإمام الخوئي، وشيخنا التبريزي(ره) وبعض مشايخنا حفظه الله[4]، وخلافاً للكثير من أعلامنا الذين منعوا تمامية هذه الكبرى، فلاحظ.
وبالجملة، معارضة هذه الطائفة لنصوص لعب الإمامين الحسنين(ع) متوقفة على حجية نصوصها، وقد عرفت حالها من حيث أصالة الصدور، على أنه يعتبر أن لا يمكن التوفيق بين الطائفتين، بحيث يلتـزم بأن اللعب الوارد في كلتيهما بمعنى واحد، وهذا ما سوف نشير إليه إن شاء الله فأنتظر.
الثانية: ما تضمن أن المعصوم(ع) لم يخلق للعب:
منها: ما نقله صاحب كتاب دلائل الإمامة، من خروج إسحاق بن إسماعيل وجماعة حاجين ولقائهم بالإمام أبي جعفر(ع)، وعرضهم جملة من مسائل عليه، وقد كان ممن خرج مع الجماعة علي بن حسان الواسطي المعروف بالعمش، قال: حملت معي إليه(ع) من الآلة التي للصبيان، بعضها من فضة، وقلت: أتحف مولاي أبا جعفر بها، فلما تفرق الناس عنه عن جواب لجميعهم، قام فمضى إلى صرياً واتبعته، فلقيت موفقاً فقلت: أستأذن لي على أبي جعفر، فدخلت فسلمت فرد علي السلام وفي وجهه الكراهة، ولم يأمرني بالجلوس، فدنوت منه وفرغت ما كان في كمي بين يديه فنظر إلي فغضب ثم رمى يمينا وشمالاً، ثم قال: ما لهذا خلقني الله، ما أنا واللعب فاستعفيته فعفا عني فأخذتها فخرجت[5]. ودلالتها على أن المعصوم(ع) لا يلعب واضحة. نعم هي ضعيفة السند لاشتمال سندها على الطبرستاني، وهو ممن لم يذكر في المصادر الرجالية.
ثم إن صلوحها للمعارضة يتوقف على عدم كونها قضية في واقعة، وإلا فلن تصلح لذلك، مضافاً إلى لزوم تحديد المقصود من اللعب الذي تضمنته، وأنه المعنى اللغوي المتقدم، وهو عين المعنى الذي ذكر في نصوص لعب الإمامين الحسنين(ع)، أم يمكن أن يكون كل منهما يشير إلى معنى آخر يغاير ما يشير إليه الثاني، ويساعد على كون المقصود من اللعب في هذا النص معناه اللغوي، كون الموجب للإتيان به الراوي، فإنه كان يتصور أن الإمام(ع) لما كان في سن الطفولة، فإنه لا يخرج عن ما يكون عليه الأطفال من اللعب العبثي الذي لا يكون متضمناً فائدة، أو مشتملاً على أثر، فلاحظ.
ومنها: ما دار من حوار بين الإمام العسكري(ع) والبهلول، حيث جاء فيه أنه وجد الإمام العسكري(ع) وكان صبياً يبكي والصبية يلعبون، فظن أنه يتحسر على ما في أيديهم، فقال له: أشتري لك ما تلعب به؟ فقال: يا قليل العقل، ما للعب خلقنا. فقال له: فلماذا خلقنا؟ قال: للعلم والعبادة[6].ودلالتها على المدعى قريبة جداً من دلالة سابقتها، فلا نعيد. نعم هي منقولة من مصادر القوم، ما يمنع من تمامية سندها، فلاحظ. كما أنه يجري فيها ما قدمنا ذكره في سابقتها من تعين اللعب المقصود فيها باللعب اللغوي، فلا تفغل.
الثالثة: ما تضمن أن المعصوم(ع) مؤيد بروح القدس، وروح القدس لا يلعب ولا يلهو:
منها: خبر جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر(ع) قال: إن الله عز وجل خلق الأنبياء والأئمة(ع) على خمسة أرواح: روح الإيمان، وروح القوة، وروح الشهوة، وروح الحياة، وروح القدس. فروح القدس من الله تعالى، وسائر هذه الأرواح يصيبها الحدثان، وروح القدس لا يلهو ولا يتغير، ولا يلعب، فبروح القدس-يا جابر-علمنا ما دون العرش إلى ما تحت الثرى[7].
وقد اشتمل سندها على محمد بن سنان، وهو محط خلاف بين الرجاليـين، فالإمام الخوئي(ره) يبنى على عدم وثاقته، بينما يختار بعض أعلامنا المعاصرين(دام ظله) وثاقته[8]، واعتبار مروياته. كما أنه اشتمل على جابر بن يزيد الجعفي، والكلام فيه غير قليل أيضاً من حيث الوثاقة وعدمها، فلاحظ.
وأما تقريب دلالتها على المدعى، فيقال بأنه لما كان روح القدس لا يلهو ولا يلعب، وقد تلبس بالإمام المعصوم، فإنه يلزم أن يكون المعصوم(ع) أيضاً كذلك، لا يلهو ولا يلعب.
ومن الواضح أن دلالتها تعتمد على معنى التأيـيد الذي أعطيه المعصوم(ع) بروح القدس، فهل هو يعني الحفظ والرعاية، أم أنه يفيد معنى سلب الإرادة والتصرف؟ لا ريب في عدم القبول بالثاني، ذلك أنه ينافي الاختيار، ما يجعل المعصوم مجبوراً في كافة تصرفاته. وأما الأول، فالظاهر أنه لا ينافي صدور اللعب من المعصوم، ضرورة أن دوره ينحصر في الحفظ والرعاية، والظاهر أن ذلك يكون بمنعه من الوقوع في ما لا يحسن وقوقه فيه، بما في ذلك ارتكاب المعصية. ويساعد على ذلك تفسير روح القدس بأنه العلم والقوة القدسية. نعم هذا يساعد على أن اللعب لو كان بمعنى العبث لما كان متصوراً في حق المعصوم(ع)، وبالتالي سوف تكون الطائفة المذكورة تامة دلالة لكن المشكلة فيها سنداً على وفق بعض المباني، فتدبر.
ولا تنحصر نصوص هذه الطائفة في الخبر الذي ذكرناه، بل هناك نصوص أخرى ذكرها شيخنا الكليني(ره) في كافيه، إلا أنها ضعيفة الأسناد، فراجع.
وقد تحصل مما تقدم، عدم صلوح هذه النصوص للمعارضة، إلا بناء على كون روايات لعب الإمامين الحسنين(ع) غير قطعية الصدور، لتكون النصوص المذكورة معارضة لها بعد البناء على صدورها، وإلا لو بني على قطعية تلك الصدور، أو على الخدشة في أسناد هذه النصوص، وعدم إحراز صدورها، فلن تصلح حينئذٍ للمانعية، هذا كله من حيث أصالة الصدور. ويبقى عندنا بعد ذلك ملاحظة أصالة الظهور، فإن لم يمكن التوفيق بين النصوص المانعة وبين نصوص اللعب، لابد من العمد إلى رفع اليد عن إحداهما، فتدبر.
استقرار المعارضة:
ثم إنه لو بني على توفر أصالة الصدور في الطائفتين من النصوص، ما تضمن لعب الإمامين الحسنين(ع)، والنصوص المانعة، ولم يلتـزم بقطيعة صدور نصوص اللعب، ولم يمكن التوفيق بينهما، كما لم يمكن توجيه نصوص اللعب بما يكون مناسباً لمقام الإمامة والعصمة، فالظاهر اسقاط هذه النصوص عن الاعتبار، للإشكال المتقدم، من كونها تنافي مقام الإمامة، فتدبر.
الجمع العرفي:
إلا أن النوبة لا تصل إلى ذلك، ذلك أنه لو سلم تمامية النصوص المعارضة لنصوص اللعب، وكان المانع الأول متصوراً، فقد ذكر العلامة المجلسي، غواص بحار الأنوار(ره) توجيهاً لنصوص اللعب، لا يجعلها تنافي مقام الإمامة، بحمل اللعب في هذه النصوص على اللعب الظاهري، فقد ذكر تعقيباً على رواية صفوان الجمال المتقدمة، عند قوله(ع): لا يلعب: أي لا يفعل ما لا فائدة فيه، لا في صغره ولا في كبره، وإن صدر منه شيء يشبه ظاهراً فعل الصبيان، ففي الواقع مبني على أغراض صحيحة، ولا يغفل عند ذلك عن ذكره سبحانه.
واستشهد لما ذكره(ره) من أن اللعب الصادر من المعصوم(ع) ليس اللعب اللغوي، بما صدر من الإمام الكاظم(ع)، فإنه(ع) وهو في حالة اللعب الظاهري كان يأمر العناق بالسجود لربه تعالى[9].
ويمكن إضافة مجموعة من الشواهد على كلامه(ره):
منها: ما حكاه محمد بن إسحاق، في قضية لعب الإمامين الحسنين(ع)، وقد ذكرناه سابقاً، وقد تضمن أن الإمام الحسن(ع) صاح بنخلة فأجابته بالتلبية، إذ لو كان لعبهما(ع) عبثياً متناسباً والمعنى اللغوي للعب، لم يكن هناك معنى لأن يدعو نخلة، وتجيبه، فإن إجابتها دليل على أنه كان مرتبطاً حينها بعالم الملكوت، بحيث ظهرت على يديه الكرامات.
ومنها: رواية يعلى العامري، فإنها تضمنت بيان منـزلة الإمام الحسين(ع) من رسول الله(ص) بقوله(ص): حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسيناً، حسين سبط من الأسباط، فإن هذا التنصيص إنما كان جراء ما كان يقوم به الإمام الحسين(ع)، من فعل أوجب لفت نظر القوم إليه، فلاحظ.
ومنها: رواية والي المدينة، في سؤاله الإمام الصادق(ع)، وما تضمنته تعليلاً في ذيلها من قوله(ع): وإنما أراد بذلك(ص) رفعهم وتشريفهم. فإنه بمثابة التبرير لما صدر من فعل منه(ص) تجاه الفعل الصادر من الإمام(ع)، فلاحظ.
ووفقاً للتوجيه المذكور من غواص بحار الأنوار(ره) لن يكون الفعل الصادر من الإمام(ع) منافياً لمنصب الإمامة من حيث الهيبة والوقار، ذلك أنه ليس لعباً في الحقيقة، كما أنه لا ينفك عن الذكر والارتباط بالسماء، بملاحظة الشواهد التي ذكرنا، ما يعني إيجاد التوفيق بين النصوص المتصور معارضتها من جهة، ودفع للمانع الأول، من جهة أخرى، فلاحظ.
وقد يمنع القبول بما ذكر من أن بعض الأفعال التي تضمنتها النصوص من توثب الإمام(ع) وطفره هنا وهناك، ينافي مقام الإمامة، ومالها من هيبة ووقار، فلا ينسجم التوجيه المذكور معها.
ويندفع، بملاحظة أن الموجب لما صدر من حركات لما كان يتضمن هدفاً سامياً، وغاية نبيلة، تتمثل في إشارة النبي(ص) إلى عظمة الأشخاص، وبيان ما لهم من منـزلة، كما تضمن ذلك خبر الإمام الصادق(ع)، فإنه ينتفي الأمر المذكور حينئذٍ، على أنه لا مانع من أن تكون الحركة الصادرة منه(ع)، وإن كانت بنظر القوم كما وصفت، لكنه كان منشغلاً بما يجعله مرتبطاً بعالم الملكوت، وسيأتي مزيد توضيح له، إن شاء الله فأنتظر.
ولا يخفى أن ما ألتـزم به غواص بحار الأنوار(ره) ضرب من التأويل للفظ اللعب، بحمله على خلاف ظاهره، كيف وقد عرفت في ما تقدم، عدم وجود مصاديق متعددة، وإنما هو منحصر في مصداق واحد خارجاً، وهذا يجعل لفظ اللعب قريب مما ورد في الآيات القرآنية، والنصوص من ألفاظ متشابهة، ضاقت ألفاظ اللغة العربية وقصرت عن تأدية المعنى المقصود منها، ما أوجب استعمال مثل هذه الألفاظ المتشابهة لتأدية الغرض المطلوب، نظير ما ورد في الآيات القرآنية حديثاً عن اليد والساق، والوجه للذات المقدسة، وهكذا. ومثل ذلك ما تضمنته النصوص من لفظ الطفرة، والتوثب، وهكذا.
وربما كان الداعي إلى استعمال مثل هذا اللفظ، قصور العقل البشري عن التوجه إلى أن من يكون في سن الطفولة يكون مشتغلاً بالذكر، ولا يفتر لسانه عن الارتباط بالله سبحانه، وأن يكون قلبه متعلقاً بربه سبحانه وتعالى.
وقد توافق بعض الأعلام المعاصرين(أطال الله في بقائه) مع العلامة المجلسي(ره) في عدم وجود ما يمنع من القبول بنصوص لعب الإمامين الحسنين(ع)، ما دام يمكن توجيه اللعب فيها بما لا يكون منافياً لمقام الإمامة، وإلصاق ما لا يصح إلصاقه بها، إلا أنه أختلف وإياه في كيفية التوجيه، وإنا أتفقا في أن صدور اللعب لغاية وفائدة، فبينما حمل العلامة المجلسي(ره) ذلك على كون لفظ اللعب من المتشابه، وأن المقصود منه غير ما يظهر منه، أبقاه بعض الأعلام(حفظه الله)، على حاله، مشيراً إلى ترتب جملة من الفوائد على حالة اللعب الصادرة من الطفل لنفس المعصوم(ع)، قال(دام ظله): وأمثال هذه الأفعال الصادرة من الأطفال-اللعب-يترتب عليها منافع مهمة، مثل رشد جسمه، ونموه، واعتدال أعضائه، حتى أن علماء التربية والرياضة يلزمون مربي الأطفال تشجيعهم على هذه الأفعال، ولو لم يكن في طفل رغبة إلى هذه الأفعال الرياضية يستدلون به على عدم صحة جسمه، بل وسلامة روحه[10].
ومقتضى ما ذكره(حفظه الله) أن الوضع البدني للمعصوم(ع) لا يختلف عن الوضع لبقية العنصر البشري، فكما أن سائر أفراد البشر يحتاجون إلى أمور عديدة تساعد على تقويم البدن واستقراره، فكذلك جسم المعصوم(ع) يحتاج إلى ذلك.
والإنصاف، أن القبول بهذا التوجيه صعب جداً، فإن هناك نصوصاً تشير إلى وجود خصوصية للمعصوم(ع) في ذلك، فلاحظ.
نعم قد يكون نظره(حفظه الله) إلى ما يقرب من كلام العلامة المجلسي(ره) مع تأكيده على ذكر بعض الثمرات المادية المترتبة على ذلك، فتأمل.
هذا ويمكن أن نذكر في البين أثراً مترتباً على ما صدر منهما(ع) بعنوان اللعب، ينسجم وما يراد في منصب الإمامة، ولا ينافي هيبتها ووقارها، بأن يلتـزم أن اللعب الصادر منهما(ع) كان يسعى من خلاله إلى تقديم دروس تعليمية من النبي(ص) وأهل بيته(ع) في كيفية التعاطي والتعامل بين الوالد وأبنائه، والمنهج الذي يلزم أتخاذه في عملية التربية، بأن يترك الطفل يلعب لسبع سنين، وليس وقت تأديبه قبل ذلك، كما أنه خلال تلك الفترة يلزم أن يكون التعامل معه على أنه أمير، بإبراز الكلمة الطيبة، والمعاملة الحسنة، والرفق واللين معه، فلاحظ.
نعم ما ذكرناه من التوجيه، إنما ينسجم مع بعض النصوص، التيك انت تتضمن بيان ذلك في محضر جمع من الصحابة، ولا يجري في جميعها. مع أنه قد لا يكون ذلك مانعاً، لأنه قد نقلت هذه النصوص ورويت بعد ذلك عن طريق الرواة، لتمثل درساً عملياً تعليمياً للأمة، فتدبر.
[1]كتاب الطهارة ج 1 ص 77-78.
[2]معجم رجال الحديث ج 16 ص 96-98.
[3]أصول الكافي
[4]أصول علم الرجال ج 1 ص 241.
[5]دلائل الإمامة ص 401.
[6]مناقب أهل البيت(ع) ص 293.
[7]مختصر بصائر الدرجات ص 2.
[8]مصباح المنهاج كتاب الطهارة ج 1 ص 294.
[9]مرآة العقول ج 3 ص 339.
[10]مجموع الرسائل للمرجع الديني الشيخ لطف الله الصافي الكلبيكاني ج 2 ص 165.