العقل ..مرجعية وحدود

لا تعليق
كلمات و بحوث الجمعة
97
0

قال الإمام الباقر(ع): لما خلق الله العقل استنطقه، ثم قال له: أقبل فأقبل، ثم قال له أدبر فأدبر، ثم قال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقاً هو أحب إلي منك، ولا أكملتك إلا فيمن أحب، أما أني إياك آمر وإياك أنهى، وإياك أعاقب، وإياك أثيب[1].

إن كل من يطلع على أطروحة الإسلام ويقرأ مضامينه يجد حثه الشديد والكثير جداً على التعقل والتفكير، فمنذ نشؤوه ووجوده من خلال رسالة المصطفى(ص) كانت هذه الأطروحة واضحة في تعاليمه وبياناته، فتكررت دعوته إلى التفكير والتعقل في الكون وباطنه، وهو المعبر عنه بالنظر في ملكوت السماوات والأرض، قال تعالى:- (أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض ما خلق الله من شيء)[2].

ويتضح ما ذكر جلياً عند الرجوع للقرآن الكريم، وهو الذي يمثل الدستور الأول للإسلام، والمصدر التشريعي المقدم، فيجد القارئ له مقدار ما استأثر به التعقل والتفكير من مساحة شاسعة فيه، وما ناله من الاهتمام، فقد كثرت الآيات القرآنية التي اشتملت على الدعوة للتعقل والتفكير، وتعددت أساليبها في عرض ذلك وبأساليب مختلفة، وطرق متعددة.

ولما كان الإنسان هو المخلوق الذي أراد الله سبحانه وتعالى له السعادة والكمال، وقد خلق الكون وما فيه من أجله، كما أنه خلق الجنة وما تضمنته له، فمن الطبيعي أن يزوده الباري سبحانه وتعالى بالأدوات المطلوبة للتفكير والتعقل، وأفضل تلك الأدوات هي السمع والبصر، قال تعالى:- (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون)[3].

ولا يخفى أن شكر هذه الأدوات ليس على مستوى واحد، إذ يشترك شكر السمع والبصر، ويختلف شكر الفؤاد، فشكر السمع والبصر يكون من خلال إدراك المسموعات والمبصرات بهما، بينما يكون شكر الفؤاد من خلال إدراك المعقولات، وهذا يعني دعوة الآية الشريفة إلى إعمال السمع والبصر في إدراك الظواهر الكونية الحسية، وما يرتبط بالكون، بينما تدعو إلى استعمال الفؤاد والقلب والعقل في إدراك ما هو ما خارج عن إطار الحس، وغير واقع تحت متناوله[4].

ولم تنحصر دعوة الإسلام في الاعتناء بالعقل والحث على الاهتمام به على القرآن الكريم، بل ورد ذلك في النصوص الصادرة عن المعصومين(ع)، أعني السنة الشريفة، والتي تعد المصدر الثاني من مصادر التشريع، والمكمل للقرآن الكريم، ومصدرها من هم عدل القرآن، وبيانه، وبصورة متضافرة جداً، فقد ورد عن الإمام أبي عبد الله الصادق(ع) أنه قال: حجة الله على العباد النبي، والحجة فيما بينا لعباد وبين الله العقل[5].

ولا يخفى دلالة النص المذكور على ما للعقل من أهمية في الطرح الإسلامي، إذ نجد أن الإمام(ع) جعله الحجة ما بين العباد وبين خالقهم سبحانه وتعالى.
وهذا الإمام موسى الكاظم(ع) يتحدث إلى أحد علماء المذهب الجعفري وحماته، هشام بن الحكم(رض)، فيقول له: يا هشام، إن لله على الناس حجتين، حجة ظاهرة، وحجة باطنة، فأما الظاهرة فالرسل والأنبياء، وأما الباطنة فالعقول[6].

ولا يقصر هذا النص عن سابقه من حيث الدلالة على أهمية العقل، ومكانته في الفكر الإسلامي، فقد جعله المعصوم(ع) حجة يحتج بها الله تعالى على عباده. والنصوص في هذا المضمار كثيرة، يمكن للقارئ العزيز المراجعة لكتاب الكافي لشيخنا الكليني، ولكتاب الوافي للفيض الكاشاني، وكذا لبحار الأنوار لغواص بحار الأنوار العلامة المجلسي(ره)، فقد تعرضوا لنقل جملة من النصوص المرتبطة بمسألة العقل، ومكانته في الشريعة الإسلامية.

ووفقاً لما تقدم، وما يظهر من النصوص سواء منها القرآنية، أم المعصومية، قد يتصور البعض أن للعقل مرجعية مستقلة، وإمامة لا ينازعه فيها أحد، فيجعل هو المقدم، والأساس في كل شيء، ويكون المعيار والميزان وفقاً لما جاء عنه، فلا مجال لأن يعمد إلى الاستفادة من شيء آخر سواه، بل لابد وأن يكون كل شيء ناشئ عنه فما قبله العقل كان مقبولاً ومعتمداً، وما رفضه العقل كان مردوداً ومرفوضا، فالمرجعية في القبول والرفض تدور مدار ما يقرره العقل. بل ربما يتمادى البعض حتى يجعل أن كل ما لم يقبله العقل، وكل ما رفضه فهو غير مقبول ومرفوض، وإن كانت له جذور شرعية، ودينية، لما أظهرته الآيات الشريفة، والنصوص المعصومية من مكانة وتقدير كبيرين للعقل.

وبالجملة، إن البعض ربما توهم سعة دائرة مجال العقل، وكبر وظيفته ومسؤوليته، حتى أوجب ذلك جعله المقدم على كل شيء، وأنه الميزان الذي يعتمد عليه، فما قبله قبل، وما رفضه رفض، وبالتالي يدعو إلى إطلاق العنان له بصورة مطلقة للتدخل في كل شيء من دون تحديد، أو تقيـيد.

هذا ولكي نرى مدى تمامية هذه الدعوى التي تجعل المعيار والميزان لخصوص العقل في كل شيء، نحتاج أن نتحدث في محورين أساسين:

الأول: بيان حقيقة العقل.
الثاني: قابلية العقل على إصدار الأوامر والنواهي، من عدمها.

حقيقة العقل:

أما بالنسبة لبيان حقيقة العقل، فهو كغيره من المفاهيم، ذكر له معنيان، معنى في كلمات أهلا للغة، ومعنى عند أهل الاصطلاح.
أما في كلمات أهل اللغة، فإن الظاهر منها أن العقل بمعنى الفهم والعلم، وبمعنى الشد والإمساك، ومنه عقال البعير، لأنه يمسكه عن الفرار، وعقل الإنسان أيضاً، لأنه يمسكه عن المضار[7].

وكأن المستفاد من هذا التعريف، تخصيص العقل بكونه تعقل الأشياء وفهمها.
وأما في الاصطلاح، فقد ذكرت له في كلمات الأعلام عدة محتملات، وتعددت الآراء في المقصود منه، نقتصر على ذكر بعضها:

منها: إن حقيقة العقل عبارة عن قوة، تكون لها القابلية على أمور، كإدراك الخير والشر، والقدرة على التميـيز بينهما، ومعرفة أسباب الأمور وذوات الأسباب، وما يؤدي إليها، وما يمنع منها.

ولا يخفى أن العقل بهذا المعنى يكون مقابلاً للجنون، فيكون هو المقصود في ألسنة الفقهاء عند تعدادهم لشرائط التكليف، وهذا يعني أن كل من كان ممتلكاً لهذه القوة، يكون مناطاً للتكليف، فيمكن أن يُأمر، كما يمكن أن يُنهى، لما له من القابلية على إدراك المصالح ومعرفتها، ولما له من القدرة على التميـيز بين النافع والضار. وهذا يعني أنه يكون مناطاً للثواب والعقاب أيضاً ضرورة أن كونه مورداً للتكليف يستوجب أن يكون كذلك، فلاحظ.

ومنها: أن تكون حقيقة العقل ملكة وحالة في النفس، تدعو إلى اختيار الخيرات والمنافع، واجتناب الشرور والمضار. وبهذه الملكة تقوى النفس على زجر الدواعي الشهوانية والغضبية والوساوس الشيطانية.

وهذا المعنى للعقل يشير لحالة الرشد البشري، التي تكون عند بعض الأفراد، فيكون المعنى المذكور في هذا المحتمل أمراً إضافياً على حقيقة العقل المشترطة في كلمات الفقهاء، والمجعولة محوراً للتكليف. ووفقاً لذلك يتضح الفرق بين المعنى الأول والمعنى الثاني، فلاحظ.

ولا يخفى أن كمال هذه القوة عند كل فرد تتوقف على حسب استعداده بالعلم والعمل، فكلما سعى في تحصيل ما ينفعه من العلوم الحقة وعمل بها تقوى تلك القوة لديه.

ومن المعلوم أن العلوم تتفاوت في مراتب النقص والكمال، وكلما ازدادت قوة تكثر آثارها، وتحث صاحبها بحسب قوتها على العمل بها، فإذا كمل العمل وبلغ درجة اليقين تظهر آثاره على صاحبه كل حين.

ومنها: العقل هو القوة التي يتعلمها الناس في نظام أمور معاشهم، فإن وافقت قانون الشرع واستعملت فيما استحسنه الشارع سميت بعقل المعاش، أما لو استعملت في الأمور الباطلة والحيل الفاسدة، فإنها تسمى في لسان الشرع بالنكراء، والشيطنة، وهو المعبر عنه في بعض الكلمات بالدهاء، ولعله يشير إليه قول أمير المؤمنين(ع) في حديثه عن معاوية بأنه ليس أدهى منه، وأنه لولا التقى لكان(ع) أدهى العرب، فلاحظ.

وعلى أي حال، فقد مدحت النصوص الشريفة عقل المعاش، كما يظهر ذلك للمتابع، إذ ورد عنهم(ع): العقل ما عبد به الرحمن[8].
والظاهر أن الفارق بين هذا المعنى للعقل وبين المعنى السابق أعني الرشد فرق بالاعتبار في الجملة، كما قيل، فلاحظ.
ومنها: أن العقل هو مراتب استعداد النفس، لتحصيل النظريات وقربها وبعدها من ذلك، وقد جعل لهذا المعنى مراتب أربع تسمى بالعقل الهيولاني، والعقل بالملكة، والعقل بالفعل، والعقل المستفاد.

وقد تطلق هذه الأسامي على النفس أيضاً في تلك المراتب، وعلى أي حال، فالظاهر أنها قوة واحدة. نعم تختلف أسمائها بحسب متعلقاتها.
نعم خص بعضهم حقيقة العقل في خصوص العقل الهيولاني من المراتب الأربع، وهو يعني المادة بلا صورة، بحسب تفسير كلمة هيولى اليونانية، فيكون كالطينة قبل تخطيطها وتصويرها وتقديرها. نعم هذا بالنسبة للإنسان العادي دون المعصوم(ع)، لكونه بالفعل على ولادته العقلية الأولية منذ ولادته، ولذا كان يقرأ الكتب السماوية عند ولادته، فلاحظ.

ومنها: النفس الناطقة الإنسانية، وهي قوة وغريزة يتميز الإنسان بها عن سائر البهائم، ويملك الاستعداد لقبول العلوم النظرية وتدبير الصنائع الفكرية. نعم يستوي فيها الأحمق والذكي، وتوجد فيا لغافل والنائم والمغمى عليه والذاهل على حد سواء.

وهذا المعنى للعقل هو المصطلح عليه عند الحكماء في كتاب البرهان، ويعنون به قوة النفس التي يحصل بها اليقين بالمقدمات الصادقة الضرورية مت غير توقف على قياس، ولا فكر، بل بالفطرة الإلهية والطبيعة الإنسانية[9].

ومع تعدد المحتملات المذكورة في حقيقة العقل، إلا أن ما يمكن تقريره هو وجود هذه الحقيقة عند الإنسان بأي واحد من المعاني السابقة، وإن كان مع تفاوت بين الأفراد في الجملة، وفقاً لما تبين عند عرض كل محتمل، فتدبر.

دائرة عمل العقل وقابليته:

ثم إنه بعد الإحاطة إجمالاً بحقيقة العقل، ومعرفة المقصود منه، نعود لما ذكر في مطلع البحث من دعوى إمامة العقل، وإطلاق العنان له ليكون له الرأي الفصل في كل أمر أمر.

ولا يخفى أن هذا يعتمد على تحديد دائرة عمله، بمعنى هل أن للعقل قابلية على إصدار الأوامر والنواهي ليكون هو المصدر والحاكم بالنسبة للنفس البشرية، أم أن العقل لا يملك تلك القدرة، وهذا ما يعبر عنه في المصطلح العلمي بوجود الحاكمية للعقل من عدمها، ونقصد بحاكميته مستقلاً عن الشرع، بحيث يحكم العقل بحسن الأشياء وقبحها من دون ملاحظة لحكم الشرع أم لا.

قد يتصور البعض أن للعقل حاكمية وقدرة مستقلة على الإحاطة بحسن الأشياء وقبحها من دون أن يتدخل الشرع في ذلك.
ولا يذهب عليك أن هذا التصور لابد وأن يكون منسجماً مع حقيقة العقل حتى يصح أن يقال بقدرته على الحاكمية، ومن ثمّ امتلاكه القدرة على إصدار الأوامر والنواهي ليكون هو المرجع في تحديد الأمور وتقرير مصير الأشياء.

ونحن عندما نعود لملاحظة حقيقة العقل وفقاً لما ذكر في كلمات أهل الاختصاص والتي عرضت أهم أقوالهم في حقيقته، لا نرى ما يساعد على هذا المعنى مما يجعل الدعوى الموجودة في تلك الكلمات دعوى فارغة عن المحتوى، كما أنها تفتقر إلى البرهان، فخذ أي واحد من المحتملات التي تقدمت، في بيان حقيقة العقل، فلو أخذنا المعنى الأول، وهو الذي يكون مقابلاً للجنون،و يكون مصدراً لثبوت التكليف، فإنه لا يملك القدرة على أن يكون هو الآمر والناهي كما هو واضح، وكذا لو أخذنا المعنى المفسر لحقيقة العقل بأنه الرشد، فضلاً عما لو كانت حقيقته عقلا لمعاش.

والحاصل، إن تفسير العقل وبيان حقيقته مانع من جعل المرجعية المطلقة له في كافة الأمور، وإطلاق العنان إليه، كما لا يخفى.

نعم ما يمكن الالتـزام بثبوته للعقل وفقاً لما يظهر من الأدلة قدرته على إدراك حسن الأشياء وقبحها، دون امتلاكه حق الإلزام للعبد بوجوب العمل، أو بلزوم الاجتناب عنه، وهذا يعني أن دوره أقرب للمرآة التي تعكس حقائق الأشياء في الأذهان، فهو بالنسبة للإنسان أقرب ما يكون للمجهر المستخدم في المختبرات لرؤية ما لا تراه العين المجردة، أو الحواس الظاهرة، فمتى أدرك العقل حسن فعل من الأفعال، فلابد من حكم الشرع بلزومه، وإلا لم يكن ملزماً، وكذا في جانب النهي. ووجه ذلك يظهر من الداعي لجعل العقل عند الإنسان، فإنه إنما جعل من أجل أن يدرك به المصالح والمفاسد، ويميزه به بين الضار والنافع، ويعرف الأسباب والمسببات، لا أن يكون مصدر الأوامر والإلزامات التي ترتبط بالقوانين السماوية.

ووفقاً لما تقدم، سوف يكون التعبير الوارد في كلمات بعض أعلامنا من ثبوت حاكمية للعقل تعبير مسامحي، يقصد به الإدراك والرؤية، وليس المعنى به صدور الأحكام، والإلزامات، فلاحظ.

وهذا الذي ذكرناه من قدرة العقل على إدراك حسن الأشياء وقبحها إنما يتصور في خصوص القضايا العقلية المحضة، كقبح الظلم، وحسن العدل، أما الأمور الشرعية، وكذا الأمور المشتركة بين الجانب الشرعي والجانب العقلي، فإن العقل يقف عاجزاً عن إدراك كنهها ومعرفة حقائقها.

ولا يخفى أن الموجب لتحديد دائرة العقل، وتضييق قدرته على المرجعية، يعود لعجزه عن إدارك المصالح والمفاسد الناجم عنها الأحكام الشرعية، فإن العقل لا يعرفها أبداً، فهو لا يملك القدرة على إدراك وجوب الصوم، أو الصلاة مثلاً، كما لا يقدر على إثبات حرمة النميمة، والغيبة، وهكذا. نعم يملك القدرة على إدراك وجود مصلحة في جانب الفعل، ووجود مفسدة في أمر بتركه، لكونه يدرك أن الشارع المقدس حكيم، أما أنه يدرك حقيقة هذه الأمور ويحيط بها، فلا.
هذا ولو قيل، ما هو الموجب للقول بعدم قدرة العقل على إدراك الأحكام الشرعية مثلاً، مع قدرته على الإحاطة بالأمور العقلية.

كان الجواب ببيان الفرق بين النوعين، فإن الأمور العقلية قضايا محسوسة، تشاهد بالبصر أو غيره من الحواس الخمس، أو أنها أمور حدسية، قد تخضع للتجربة والحدس، وليست الأمور الشرعية كذلك، بل هي أمور اعتبارية خاضعة لاعتبار المعتبر، وهذا يمنع إدراكها بواحد من الحواس الخمس، كما أنها لا تخضع لمبدأ التجربة ولا الحدس، فكيف يتسنى للعقل البشري إدراكها، والإحاطة بها ليحكم حينئذٍ فيها بأمر ما.

ولا ينحصر الأمر في عجز الإدراك البشري عن الإحاطة بالأحكام الشرعية، بل يمكن أن يذكر أمر آخر، وهو مصالح الأحكام الشرعية على سبيل المثال، فإن العقل عاجز عن إدراكها، لنفس النكتة التي منعت العقل من إدراك الأحكام الشرعية البحتة، أو المشتركة مع الأحكام العقلية.

ويتأكد الأمر أكثر عند الالتفات إلى أن المصالح والمفاسد الثابتة للأحكام ليست على وزان واحد، فقد يجوز فعل أمر لاشتماله على مصلحة وإن كان ذلك يستوجب ارتكاب بعضا لمحرمات، متى كانت تلك المصلحة الثابتة أكثر لا يجوز تركها بحال من الأحوال، كما لو توقف إنقاذ نفس محترمة على الدخول في الأرض المغصوبة، أو على الدخول في أرضا لغير من دون إذنه، وكذا العكس كما يلزم ترك مفسدة كبيرة وعظيمة وإن استوجب ذلك ترك واجب، أو واجبات، فالعقل يعجز عن إدراك درجة المصلحة والمفسدة، فلا يمكن أن يكون مصدرا لأمر والنهي وبصورة عامة في كافة المجالات[10].

ولو أردنا تكثير ذكر النماذج التي يعجز العقل البشري أمامها ويقف حائراً عن تحصيل الحكم وتحقيق المطلوب لطال بنا المقام.
ومن خلال ما تقدم يتضح عدم إمكانية إطلاق العنان للعقل بصورة واسعة ليجعل المرجع الأول، والإمام المقدم، فإنه ما دام لا يملك القدرة على الأمر والنهي، وليست له القابلية أكثر من الإدراك في الجملة، كان ذلك موجباً لتحديد دائرة صلاحيته وعمله، فلا يكون مطلق العنان كما لا يخفى.

[1] الكافي ج 1 ح 1
[2] سورة الأعراف الآية رقم 185.
[3] سورة النحل الآية رقم 78.
[4] رسائل ومقالات ج 2 ص 23-24(بتصرف)
[5] الكافي ج 1 ص 40 ح 22.
[6] الكافي ج 1 ص 33 ح 12.
[7] لسان العرب ج 9 ص 326.
[8] الكافي ج 1 ص 11 ح 3.
[9] مرآة العقول ج 1 ص ، 25-26. الرسائل الأحمدية ج 1 ص 66-68. الكشف الوافي في شرح أصول الكافي ج 1 ص 32-38.
[10] رسائل ومقالات ج 4 ص 149.

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة