طهارة الكحول ونجاسته

لا تعليق
الزاوية الفقهية - أبواب متفرقة
104
0

طهارة الكحول ونجاسته

يدخل الكحول في تركيب العديد من الأمور المتداولة في حياة الناس، كالعطور، ومعطر الجسم الشبيه بالصابون، ودهان اليدين، ومستحضرات التجميل، وبعض الأدوية.

ويغفل الكثيرون عن ملاحظة حكمه حتى بعد دخوله فيها من حيث الطهارة النجاسة، ولذا نجد الكثيرين ممن يستعملون ما يدخل فيها في ملابسهم الصلاتية بل يضعونهم في المساجد ويدخلون به المشاهد المشرفة، بل يتناولونه من خلال الأدوية التي يدخل في تركيبها.

ويختلف فقهاؤنا في حكمه من حيث الطهارة والنجاسة، ويعود ذلك لما يلتزمون به من حصر النجاسة في خصوص الخمر، أو هو والنبيذ، أو البناء على نجاسة كل مسكر، سواء كان بنحو الفتوى أو الاحتياط الوجوبي، وعليه يكون الموجود عندنا في حكمه قولان:

الأول: البناء على كونه طاهراً فلا يضر وجوده في شيء مما ذكرناه، ولا يمنع من استخدامه.

الثاني: البناء على نجاسته، وعدم جواز استعمال شيء مما يدخل فيه إذا كان الكحول مسكراً. نعم نجاسته عند بعضهم بنحو الاحتياط الوجوبي، وبنحو الفتوى عند آخرين.

نعم يعتبر في كونه نجساً يلزم الاجتناب عنه أن يعلم المكلف بكونه مسكراً، وهذا يعني أنه لو كان يشك في اسكاره، أو لم يعلم بكونه مسكراً فلا يحكم بنجاسته، ويجوز استعماله.

لا يقال: إنه لا حاجة للحديث عن نجاسة هذه الأمور التي يدخل الكحول في تكوينها، وذلك لتحقق الاستحالة إليه، وعدم بقائه على حقيقته السابقة، فيحكم بطهارته؟

فإنه يقال: لما كان الكحول من المسكرات، فإنه لا يطهر بالاستحالة وإنما ينحصر طريق طهارته في الانقلاب، فلو لم ينقلب فلا يحكم بطهارته. ومن الواضح عدم حصول الانقلاب، فيبقى الكحول المسكر على نجاسته.

ولنختم المقام بنقل كلام للمرجع الديني الكبير السيد الحكيم(دام ظله) قال:

أننا ننصح إخواننا المؤمنين جميعاً بالاجتناب عنه والاحتياط فيه، فان من لم يعلم بإسكاره ونجاسته وإن كان من حقه شرعاً البناء على طهارته إلا أنه يرجح منه اجتنابه لامرين:

الأول: أنه قد يتضح له يوماً ما أنه مسكر ونجس فيقع في مشاكل كثيرة بسبب عمله السابق.
الثاني: أنه حيث كان الكحول نجساً عند كثير من المؤمنين ـ بمقتضى اجتهادهم او تقليدهم ـ فالمناسب ملاحظة حالهم والرفق بهم، خصوصاً في الاستعمالات الظاهرة، حيث قد يسبب ذلك الحرج لهم أو النفرة بين المؤمنين، فإن مقتضى تكليف من يرى نجاسته تجنب الذي يستعمله والتطهير عند مساورته، فإن عملوا على ذلك فياله من مظهر للجفاء وسوء الخلق والخروج عن آداب المعاشرة، وإن لم يعملوا عليه خرجوا عن ميزانهم الشرعي وخالفوا دينهم.

والاشد من ذلك والانكى استعماله في الاماكن العامَّة خصوصاً الدينية منه. بل قد يحرم ذلك لأنها ليست ملكاً لشخص خاص يتصرف فيها كيف يشاء، بل يشترك فيها الجميع، ففعل ما يوجب الاحراج على البعض فيها خروج بها عن مقتضى وضعه. وكم رأينا من يتقرب إلى الله تعالى بنشر العطور التي فيها الكحول في المشاهد المشرفة والاماكن المقدسة، وهو يرى أنه قد أحسن بذلك لمقام تلك المشاهد وللمؤمنين الذين يردونه، مع أنه في الحقيقة قد اعتدى على المشاهد ومن فيه. حيث صار سبباً لإيذاء جماعة من المؤمنين الذين يحضرون فيها ومنعهم عن أداء وظائفهم فيها من الزيارة عند الاضرحة المطهرة والصلاة في تلك المشاهد المعظمة، لتنجس أبدانهم أو ثيابهم أو خوف تنجيسه.

 

 

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة