السحر وتوابعه

لا تعليق
الزاوية الفقهية - أبواب متفرقة
92
0

وهو أحد الأعمال التي ورد المنع عنها من الشريعة السمحاء.
س:ما هو تعريف السحر؟…
ج:المراد من السحر عبارة عن الأعمال المرتكزة على ما يدعى أنه استخدام لقوى غير منظورة،أو على مزج مواد وعناصر كيميائية خاصة،أو على إحداث ديكور وأصوات وإضاءة غريـبة،أو على إيجاد تأثيرات نفسية وداخلية،أو على غير ذلك مما يَحدُثُ بسببها مشاهد وتصورات غريـبة،حقيقية أو وهمية،تؤثر على التوازن الذهني والنفسي والجسدي للإنسان،فيخضع بسببه لضغوط معينة يصدر عنه فيها أقوال وأعمال غير إرادية،أو ينبهر بشيء خادع موهوم غير طبيعي ولا معقول،أو يحدث عليه غير ذلك مما هو من مظاهر التأثير على النشاط الطبيعي للقوى الإنسانية وجعلها أسيرة الوهم.
هذا وقد يدخل في السحر بهذا المعنى،ما يعرف عند الناس بالكتابة،ويراد منها:فعل شيء أو كتابة كلام يدعى أنه يؤدي إلى بغض الآخر أو محبته،أو سعادته أو شقائه،أو صحته أو سقمه،أو نحو ذلك من الآثار المدعاة له.
فإن هذه الأمور إذا أثرت على نشاط القوى الإنسانية الطبيعي،بالنحو الذي قدمناه في بيان السحر،صارت منه ولحقها حكمه.
س:هل يجوز تعلم السحر،وتعليمه وأخذ الأجرة على ذلك؟…
ج:لا يجوز تعلم السحر ولا تعليمه،ولا أخذ الأجرة على ذلك،نعم لو توقف دفع ضرر السحر على تعلمه من قبل بعض من يوثق به ممن تـتحقق به الكفاية،جاز له حينئذٍ تعلمه بمقدار ما يرتفع به الضرر.

تحضير الأرواح:
س:اشتهرت هذه الأيام دعوى تحضير أرواح الموتى وأخذ المعلومات منهم،فما هو مدى صدق مثل هذا الكلام؟…
ج:يقال والله سبحانه أعلم،بصحة مثل هذه الدعاوى،وإن كانت قناعتنا الشخصية أنه لا أصل لذلك،وقد يجعل من يدعي هذه الأمور من الدجالين الكذابين،والمتخيلين الواهمين،الذين لبست عليهم أنفسهم وشبهت عليهم.
نعم إذا كان هناك بعض الحقائق فهي من الجن والشياطين لا من الأرواح المزعومة،كما قد يناسبه أن كل فئة وأهل دين توحي إليهم الأرواح التي يزعمون تحضيرها ما يناسب عقائدهم،حقة كانت أم باطلة،مع أن الحقيقة التي تنكشف بعد الموت واحدة لا لبس فيها.
وعلى هذا ينبغي الإحتياط والحذر من التصديق نتيجة تجربة صدق الخبر في بعض المرات،فإن ذلك قد يكون من الجن والشياطين استدراجاً حتى يستحكم حسن الظن بهذه الأمور ويستسلم السامع لها،ويؤخذ بها ولا يستطيع الإفلات منها،فإذا تم لهم ذلك سيطروا عليه وقادوه إلى ما يريدون من ضلالات ومحرمات،فيخسر الدنيا والآخرة،ذلك هو الخسران المبين.
س:ما هو حكم الإعتماد على مثل هذه المقولات؟…
ج:إذا كان إخبار المخبر بطريق الجزم،كان من الأمور المحرمة،لدخوله حينئذٍ تحت دائرة الكذب.
س:هل يجوز التكسب بمثل هكذا مورد؟…
ج:لا يجوز التكسب به،ويكون المأخوذ بواسطتها من المال الحرام الذي لا ينـتقل لآخذه،بل يـبقى على ملكية مالكه.

تسخير الجن والملائكة:
س:هل أن تسخير الجن والملائكة أو تسخير الإنسان من السحر،فيشمله حكمه،أولا؟…
ج:الظاهر عدم كون التسخير المذكور من السحر،فعده منه لا يخلو عن إشكال.
س:بعد الفراغ عن عدم كون التسخير من السحر،نسأل عن حكمه فهل يجوز التسخير أو يقال بعدم جوازه؟…
ج:بناء على القول بإمكانية التسخير،فإنه لا إشكال فيه، إلا إذا كان مضراً بالإنسان نفسياً أو جسدياً.
أما ما لا يكون مضراً منه فإن الأجدر والأحسن بالإنسان المؤمن التنـزه عن الإشتغال به.

الشعوذة:
وهي التي تعرف بأنها:إراءة الغير، غير الواقع واقعاً بسبب الحركة السريعة الخارجة عن العادة.
س:هل أن الشعوذة أو الشعبذة من السحر فتحرم لحرمة السحر؟…
ج:الصحيح أن الشعبذة أمر آخر غير السحر،لأن براعة المشعوذ وسرعة حركاته الخارقة أمور حقيقية،والمشاهد الوهمية الناتجة عند الناظر عن هذه الحركات لا أثر لها فيه أكثر من الدهشة والإعجاب بفنه وبراعته دون أن يفقد شيئاً من توازنه ونشاطه الطبيعي.
س:بناء على هذا الذي ذكر،ما هو حكم الشعبذة من جهة الحلية والحرمة؟…
ج:بناء على هذا التعريف الذي ذكرناه للشعبذة أو الشعوذة،فإنه لا يحكم بحرمتها،بل يجوز العمل فيها كما يجوز تعلمها،ما دامت لا تؤدي إلى الإضرار بالغير.
ولهذا متى ترتب عليها عنوان محرم كالإضرار بمؤمن أو هتك حرمته أو غير ذلك،فإنه يـبنى حينئذٍ على حرمتها.

الإخبار بالمغيبات:
وهذا العنوان يشمل مجموعة من الفروع:

التنجيم:
ويعرف بأنه الإخبار عن أحوال الإنسان وصفاته وعما يقع عليه من أحداث إعتماداً على حركة الكواكب والنجوم،وذلك إعتقاداً من المخبر بأن لهذه الحركة تأثيراً على حياة الإنسان.
س:ما هو حكم التنجيم بهذه الكيفية المذكورة؟…
ج:إن هذا اعتقاد باطل لا صحة له،فيحرم هذا العمل،ولا يجوز للإنسان فعله،كما لا يجوز له أخذ الأجرة عليه.
س:هل يدخل في التنجيم المحرم التنبؤات التي تذكر للآثار الطبيعية كالمد والجزر الحاصلة من تداخل حركة الأرض مع سائر الكواكب؟…
ج:الظاهر عدم كون مثل هكذا موارد من التنجيم المحرم،فلا إشكال في جوازه.

المندل:
ويعرف هذا النوع من العمل عند أهل التخصص في هذا المجال،فيخبر ضارب المندل عن أمور غيـبية.
س:ما هو حكم الضرب على المندل؟…
ج:لما كان المخبر في ضربه على المندل لا يعتمد على ما هو حق من وحي ونحوه،فالظاهر أنه يعد عملاً حراماً،وعليه يحرم أخذ الأجرة عليه.

القيافة:
وهو مصطلح يراد منه:إلحاق شخص بآخر في النسب فيعتبره ولداً له مثلاً اعتماداً على ظنون وعلامات غير معتبرة في الشرع الشريف ولا في الواقع.
س:ما هو حكم العمل بالقيافة؟…
ج:العمل بالقيافة حرام،ويحرم أخذ الأجرة عليه،ولا تكون الأجرة المأخوذة لآخذها،بل تبقى على ملك صاحبها.
س:اشتهر اليوم التوصل لمعرفة النسب من خلال علم الجينات،أو من خلال فصيلة الدم،فيتم إلحاق الولد بأبيه من خلال التطابق بين الجينات مع بعضها البعض،أو توافق فصيلة الدم،فهل يعد هذا العمل من القيافة،ليكون محرماً؟…
ج:قد يقال بأن هذه الموارد وأمثالها من القيافة،ولذا يشكل الإعتماد عليها في عملية إلحاق الولد بأبيه.

التبصير:
وهو ما يكون من خلال قراءة الكف أو الودع أو قراءة الفنجان من خلال قراءة بقايا خطوط القهوة المتيـبسة في جوانب الفنجان وقعره،فيخبر القارئ لهذه الأمور عن أحوال صاحبها وأوصافه وعما يحدث عليه.
س:ما هو حكم هذا العمل؟…
ج:إذا كان القارئ معتقداً صحة ما يقوله لكونه يعتقد بصحة الوسائل التي اعتمد عليها،فإن عمله يكون حراماً،ويحرم عليه أخذ الأجرة على ذلك.
أما لو كان القارئ لا يعتقد صحتها كما هو لعله شأن كثيرين من الناس الذين يعملونها للتسلية،فإنها ليست بحرام حينئذٍ لعدم كونها إخباراً عن المغيبات.
نعم قد تحرم لأسباب أخرى،مثل ما لو انخدع بها البسطاء وظنوها حقاً وعولوا عليها،ومثل ما لو كان فيها تشجيع على التجرؤ على الأخبار بالمغيـبات،ونحو ذلك.

التنبؤ بالأحوال الجوية:
وهو الإخبار عما سيكون عليه حال الطقس إعتماداً على رصد حركة الغيوم وإتجاه الريح ودرجات الحرارة ونحو ذلك مما له علاقة بهذه الأمور.
س:ما هو حكم التنبؤ بأحوال الطقس وما شابه ذلك؟…
ج:الظاهر هو جواز مثل هذه الأمور خصوصاً وهي مستندة إلى ظواهر طبيعية وقواعد علمية،قد تفيد الجزم في بعض الأمور والظن في بعضها الآخر،خاصة وأن المخبر والسامع يعلمان بمقدار صدق مثل هذه الأخبار وإلى أي مدى ينبغي التعويل عليها،بل ربما كانا يعلمان مقدار مصدرها المقبول والواقعي.
س:هل يشمل هذا الكلام الإخبارات الصادرة أحياناً عن بعض المراكز العلمية المتنبئة بحركة باطن الأرض والإخبار عن إمكانية حدوث زلزال أو بركان أو خسوف أو كسوف ونحو ذلك؟…
ج:الظاهر أن هذه الأمور مثلها مثل التنبأ بأحوال الطقس فيجري فيها جميع ما قدمنا ذكره،بل يدخل فيها أيضاً التنبؤات الزراعية التي تصدر أحياناً من بعض المزارعين وهكذا.
س:نشاهد أحياناً بعض المحللين السياسيـين يقومون بالتنبؤ بمجموعة من الأحداث التي ستقع فهل يدخل هذا في العنوان المحرم؟…
ج:الظاهر أن هذه التنبؤات السياسية التي تعتمد على مؤشرات ميدانية معينة معروفة لدى أهل الخبرة،لا تدخل في دائرة الحرمة،بل يـبنى فيها على الجواز لنفس النكتة التي سبق وذكرناها.

الرقي والتعاويذ:
س:ما هو المراد من الرقي والتعاويذ؟…
ج:المراد من الرقي والتعاويذ:ما يعتمد فيها على نصوص وكلمات ملفوظة أو مكتوبة يستفاد منها بقراءتها على المحتاج،أو تحميله إياها،أو شرب الماء المقروء عليه،أو المنقوعة فيه،أو ما هو خلاف ذلك من وسائل الإستفادة منها.
س:ما هو حكم هذه الأمور؟…
ج:الظاهر أنه لما كانت هذه الأمور نصوص في معظمها من نوع التوسل والدعاء لله سبحانه وتعالى بأن يدفع شر المرض والعين ونحوهما من المخاطر المحتملة،فإنه لا مانع من الإعتقاد بصحتها والعمل بها والإرتزاق منها.
نعم قد حث الإسلام الإنسان على التداوي من أمراضه بأسباب الشفاء الواردة في علم الطب مقروناً بالدعاء والتوكل على الله سبحانه خالق الداء والدواء.
هذا وننصح الأخوة المسلمين بالحذر من الإنسياق وراء كل ما ورد في هذا المجال من الأدعية والأحراز،فربما لم تكن واردة من أهلها وإنما هي مكذوبة أو مخترعة،بل لم تنظرها يد عالم من أهل الفن في هذا المجال،فعليهم التحري للنصوص المعتبرة والموافقة لروح الإسلام حذراً من الوقوع في الخطأ والإشتباه.

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة