تحويل الراتب في البنك و الجمعيات

لا تعليق
فقه الخمس
76
0

لو كانت الحاجة تحصل من أرباح سنون متعددة:

إذا كانت حاجة المكلف لمؤنته لا تـتحقق من ربح سنة واحدة، كبناء منـزله أو تهيأة متطلبات تجهيز أبنائه وبناته للزواج ونحوهما، مما لا يحصل من أمثاله إلا من خلال أرباح سنين متعددة، فهنا إن كان قد ادخر مالاً نقداً من ربح كل سنة فإنه يجب عليه تخميس ذلك المال الذي يدخره مما دارت عليه السنة أو السنون، ويستـثنى من ذلك المقدار الذي يدخره في آخر سنةٍ إذا اشترى فيها تلك الحاجة واستخدمها أو اشترى بعض أجزائها مقدمة لشراء الباقي.

وأما إذا كان يشتري بذلك المال قبل حلول رأس سنـته في كل سنة جزءاً من تلك الحاجة، كأن يشتري في السنة الأولى أرض البناء، وفي السنة الثانية يقيم الأساس والأعمدة والسقف، وفي الثالثة يـبني الجدران وهكذا، إما بتعهد ذلك بنفسه أو بالدفع إلى تاجر البناء الذي يتدرج له بالبناء بتدرج دفعه له، فإنه في مثل هذه الحالة وأشباهها لا يجب عليه دفع خمس ما ينجزه من أجزاء بناء المنـزل في كل سنة ما دام غير قادر على تحقيق حاجته إلا بهذه الطريقة، فيدخل ذلك في مؤنته، ويعدّ منها ويستـثنى من الخمس رغم أنه لن يتمكن من استخدامه في حاجته إلا بعد مرور عدة سنين.

ونفس الكلام يجري لو كان بناء المنـزل مثلاً لأبنائه وليس له، ما داموا لا يقدرون على القيام بذلك لأنفسهم بحيث يعدّ ذلك من شؤون الأب ومن توابع مؤنته.

ما يتلف عند الإنسان من المؤنة:

ما يتلف من مال نقدي أو عيني في مؤنة المكلف من أرباح سنته، لا يجبر ولا يعوض من الربح الباقي عنده آخر السنة، فلو تلف شيء من أثاث بيته، أو أصلح سيارته التي يستخدمها في أموره، أو نحو ذلك من الطوارئ على المؤنة، فإنه إذا اشترى بدل الثاث من أرباحه خلال السنة عدّ من مؤنته، وكان مستثنى من أرباحه، أما إذا لم يشتر بدله فإنه لا يمكنه أن يعزل قيمة بدله من النقد من أرباحه كتعويض وجبر لهذه الخسارة التي وقعت على السيارة مثلاً أو على الأثاث، ويعفيه ذلك من الخمس.

نعم إذا كان عنده مال مدخر من أرباح السنة الماضية واحتاجه لمؤنته فإنه إذا ربح في سنته وفضل عنه شيء جاز له استثناء مقدار ما أخذه من ذلك المال المدخر وتعويضه من هذا الربح الباقي وعدم تخميسه حينئذٍ.

يخرج الخمس من العين أو ما يساوي قيمته:

إذا أراد المكلف إخراج الخمس من المال الذي تعلق به فهو بالخيار بين إخراجه من نفس العين وبين إخراج ما يساوي قيمته من غيرها نقداً كان أو غيره، مثلاً كان عنده ملابس تعلق بها الخمس، فهو بالخيار بين أن يخرج الخمس من نفس الملابس فيدفع خمسه ملابس من التي عنده، أو أن يدفع ما يعادل قيمة الملابس التي هي مقدار الخمس الواجب عليه نقداً.

الجمعيات:

من المتعارف في مجتمعاتنا القيام بإنشاء جميعة مالية بين مجموعة من الشركاء، يتفقون على أن يكون للسهم الواحد من الأسهم قيمة مالية محددة ويجوز لكل أحد أن يشترك بماء شاء من الأسهم، ويتم الدفع لكل واحد من المساهمين بحسب الطريقة التي يتفق عليها بينهم، بالقرعة مثلاً، أو من أراد أن يأخذها أمكنه أخذها وهكذا.

س: هو أنه: هل يتعلق بهذا المال المدفوع الخمس أو لا؟…

ج: هناك عدة تصويرات تنطوي الجمعية كعنوان تحتها، وتلك التصويرات هي:

1-أن تكون الجمعية بنحو الهبة المعوضة التي يهبها أصحاب السهام للفرد الذي سوف يأخذ المبلغ في هذا الشهر مثلاً، فهنا لا يجب الخمس على المشترك في الجمعية ولم يستلمها بعدُ، لأنه لم ينطبق عليه عنوان ربح فاضل عن المؤنة.

2-أن تكون بمثابة الهدية، من قبل المساهمين لمن يود أخذها، وهنا أيضاً لا يجب الخمس على المشترك في الجمعية لكنه لم يأخذها، لعدم تحقق فاضل المؤنة بالنسبة إلى المكلف.

3-أن تكون بمثابة القرض، فهنا لما كان هذا القرض مما يؤمل رجوعه وحصوله، فلا ريب في أنه يجب فيها الخمس على المكلف الدافع، نعم هو بالخيار كما عرفنا سابقاًَ بين الدفع حين حلول رأس السنة، وبين الانتظار إلى وقت حصوله عليها فيقوم بدفع الخمس منها.

س: لو أراد المكلف أن يخمس الجمعية فكيف يخمسها؟…

ج: هنا صورتان:

الأولى: أن يكون المكلف قد استلم الجمعية قبل حلول رأس سنـته، وهنا فرضان:

1-أن يكون قد صرفها، بحيث لم يبقَ عنده منها شيء، أو كان الباقي عنده منها شيء قليل لا يعدّ زائداً على المؤنة، فهنا لا يجب عليه الخمس.

2-أن تكون الأموال التي أخذها من الجمعية لا زالت موجودة عنده لحين حلول رأس السنة الخمسية، فهنا يجب عليه الخمس فيها ما دامت تعدّ زائدة على مؤنته.

الثانية: أن يحل رأس السنة الخمسية، لكن المكلف بعدُ لم يستلم الجمعية، لكنه دفع مقداراً فيها، فهنا يجب عليه أن يخمس المقدار الذي دفعه فيها، أو ينـتظر إلى حين حصوله عليها فيخرج الخمس منها، هذا بناءاً على أن الجمعية مجعولة بنحو الدين.

الراتب المحول إلى البنك:

من المسائل التي صارت متعارفة اليوم في عصرنا تحويل رواتب الموظفين إلى حسابهم في أحد البنوك المحددة، فلا يقبض الموظف راتبه في يده، وغالباً ما يقوم أصحاب تلك الرواتب بسحب خصوص ما يحتاجون إليه في أمور معاشهم، فلا يسحب الراتب بأكمله، وإنما يقصر السحب على خصوص مقدار محدد منه، فهل هل ينطبق على هذا المال المودع في البنك أنه فاضل عن أرباح السنة، فيتعلق به الخمس أو لا؟…

لابد في البداية من الإلتفات إلى أمرين مهمين:

الأول: نوعية البنك الذي حُول الراتب إليه، فهل هو بنك حكومي، أو أهلي، أو مشترك.

الثاني: مسألة ملكية الدولة، حيث يوجد خلاف بين علمائنا في مسألة ملكية الدولة وعدمها.

وبعد الفراغ عن هذين الأمرين، يمكننا توضيح حكم هذا الأمر، فنقول:

أما إذا كانت الدولة مالكة، فإنه يجب الخمس في الراتب المحول إلى البنك ولو لم يستلمه المكلف، لأنه يكون ضمن مستحقاته وأملاكه فإذا كان زائداً عن مؤنته تعلق به الخمس.

أما لو قيل بأن الدولة لا تملك، فلابد من التفريق بالنسبة لأقسام البنوك الثلاثة التي ذكرنا، فلو كان البنك أهلياً فإنه يتعلق الخمس بالمال المحول إذا توفرت شروط وجوب الخمس.

أما لو كان الراتب محولاً إلى بنك حكومي أو مشترك، فإنه لا يتعلق به الخمس حينئذٍ.

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة