س:لماذا لا نكفر الشيخ النوري الطبرسي صاحب كتاب فصل الخطاب،مع قوله بتحريف القرآن الكريم؟…
ج:إن الشيعة الإمامية يلتزمون بكفر كل من أنكر ضرورة من ضروريات الدين،على خلاف بينهم في اشتراط أن يعود ذلك الإنكار إلى إنكار رسالة النبي(ص) وعدمه.
لكن يشترطون أن لا يكون إنكار المنكر لضرورة عائداً إلى شبهة عنده،أو ما شابه ذلك.
وهذا ينطبق على الشيخ النوري إذ أن مجرد قوله بتحريف القرآن الكريم على فرض ثبوت قوله بذلك،لا يستلزم تكفيره،لأنه استند في مقالته هذه لبعض النصوص التي استظهر منها القول بتحريف القرآن،مما يعني أن لديه شبهة أوقعته في مثل هذه المقالة،ولذا لا يمكن أن يحكم بكفره،والله العالم.
س:لقد أورد الشيخ الكليني(ره)بعض الروايات الدالة على تحريف القرآن الكريم في كتابه الكافي،فكيف نثق به أو ببعض مشائخه،في نقلهم الروايات الأخرى في العقائد والفقه وغيرها،ألا يحتمل أنهم حرفوا تلك النصوص أيضاً،ونقلوها كذباً؟…
ج:هناك ضوابط يسار عليها لكي تقبل الرواية وتكون داخلة في دائرة الاعتبار،كما أن هناك جوانب تلحظ في شخص نفس الراوي،وأهم تلك الجوانب التي تلحظ فيه أن يكون ثقة لا يكذب،ومجرد نقله رواية واحدة غير معتبرة بسند ضعيف،أو أنها مخالفة لأصول المذهب أو الدين لا يستدعي سقوط جميع رواياته عن القبول.
بعد هذه المقدمة أشير إلى أمرٍ،وهو أن الروايات التي وردت في تحريف القرآن ونقلها شيخنا الكليني، متواترة مما يعني أنها لا تحتاج إلى مناقشة سندية،وهذا يعني أنها غير بعيدة الصدور من المعصومين(ع).
وعلى هذا لا توجد حينئذٍ خدشة في شيخنا الكليني ومشائخه الذين نقلوا هذه الروايات،فلا إشكال حينها في جواز الأخذ منهم بالنسبة للمسائل الأخرى عقائدية كانت أم فقهية أم أشياء أخرى.
نعم هذا لا يعني أننا نعترف بتحريف القرآن،بل نقول أن النصوص وإن كانت متواترة إلا أنها لا تدل من قريب أو بعيد على صحة تحريف القرآن الكريم.
س:لقد جاء في مقدمة الشيخ الكليني(ره)قوله بأن الروايات التي أوردها في كتابه كلها مقبولة،فهل يعني ذلك أنه يقرّ بالروايات التي دلت على التحريف،وبالتالي يقول بتحريف القرآن الكريم؟…
ج:ينبغي أولاً ملاحظة مدى تمامية الدعوى الأولى التي ذكرت في السؤال،وهي شهادة الشيخ الكليني بصحة كل ما جاء في كتابه،وما هو المراد من الصحة المدعاة.
أقول:الصحيح أن العبارة لا تدل على صحة كل ما جاء في الكافي بنظر الشيخ الكليني،بل نظره(ره)إلى بيان أن هذه النصوص المنقولة قد نقلها من خلال الكتب المعتبرة التي قرأها على المشائخ والأساتذة ورواها من طرقهم وواسطتهم،وهذا يعني أنه ربما لا نقبل نحن رواية من تلك الروايات،فلا دلالة لعبارته(ره)على إثبات الصحة لكل رواية رواية من الروايات.
وأما الدعوى الثانية،فإن مجرد نقل الشيخ الكليني(ره)لرواية لا يعني أنه قائل بظاهرها،خصوصاً إذا كانت هذه الرواية تحتمل التأويل،كما في روايات التحريف،حيث من المحتمل جداً أن الكليني ليس ناظراً لهذه النصوص بظاهرها بل نظره إلى المعنى الآخر المتصور منها،وهذا يستفاد من خلال نقله للنصوص التي تعارض هذا المعنى المستفاد من هذه النصوص،فعليه إما أن يتناقض الشيخ الكليني وهذا بعيد لأنه كما عبر عنه: أعرف أصحابنا بعلم الحديث وشؤونه.
والاحتمال الآخر وهو الصحيح أن يجمع بين هذه النصوص فيظهر أنها أجنبية عن القول بالتحريف وبعيدة عنه كل البعد،والله العالم.
س:هناك عدة من علمائنا الذين نأخذ منهم معالم ديننا رغم أنهم يقولون بالتحريف،كعلي بن إبراهيم القمي،والسيد نعمة الله الجزائري والشيخ الفيض الكاشاني،وأبو الحسن العاملي،والسيد هاشم البحراني،فكيف يمكن الاعتماد عليهم؟…
ج:إن قول شخص بأمر من الأمور إذا كان مستنداً إلى دليل ولو كان الدليل خاطئاً،لا يخرجه عن الدين ولا يجعله في عداد الفسقة،وما شابه ذلك،فهؤلاء قد استندوا إلى نصوص بعيدة كل البعد عما تصوروه،فظنوا أنها دالة على التحريف مع أنها أجنبية عن ذلك،فمثلهم مثل من أخطأ واشتبه،وهذا لا يستدعي عدم قبول أي قول من أقوالهم أو تجريدهم من صفتهم العلمية،عصمنا الله وإياكم من كل خطأ وزلل بمحمد وآله الطاهرين.
س:هناك حوالي 2000 رواية تدل على تحريف القرآن الكريم من كتب الشيعة بينما لا يوجد في كتب السنة إلا نسخ التلاوة،فما هو تعليقكم على ذلك؟…
ج:إن القول بأن السنة لا يوجد في كتبهم إلا خصوص نسخ التلاوة أكل من القفا،لكون هذا الكلام مجانباً للصواب،ومخالفاً لما عليه الجمهور منهم،فهذا الآلوسي يعترف بأن النصوص الدالة على تحريف القرآن في كتبهم كثيرة(روح المعاني ج 1 ص 25)وهذا الرافعي يصف النصوص التي تشير إلى تحريف القرآن أنها ليست بقليلة(إعجاز القرآن ص 44).
هذا مضافاً إلى ما دل على وقوع الخطأ واللحن في القرآن،والزيادة فيه،وتبديل لفظ منه بلفظ آخر.
ويمكنك متابعة ما يدل على التحريف في كتبهم،خصوصاً وأنها وردت في كتبهم الأساسية أعني الصحاح الستة،وبالأخص صحيح البخاري ومسلم.
فلاحظ الروايات حول نقصان سورة التوبة وسورة الأحزاب،وما رواه مسلم حول سورة يشبهونها في الطول والشدة بسورة براءة،والأحاديث الواردة حول سورة يشبهونها بإحدى المسبحات،وما جاء حول سورتي الخلع والحفد،وما ورد حول آية الرجم،وحول آية الرغبة،وحول زيادة المعوذتين،وحول آية الجهاد.
بل إن نفس مسألة جمع القرآن التي يعتقد بها أبناء السنة تترك مجالاً للقول بالتحريف زيادة أو نقيصة.
ثم إننا لو سلمنا بأن الوارد في نصوصهم هو خصوص نسخ التلاوة،فإن ذلك بنفسه كافٍ لثبوت القول بالتحريف في القرآن الكريم،والله العالم.
س:لقد صدر من سماحة السيد السيستاني(دام ظله)بيان حول فلسطين المحتلة،فما هو دورنا تجاه ذلك من خلال البيان المذكور؟…
ج:الذي يظهر أن سماحة السيد(دام ظله)أشار لعدة أمور ينبغي على المسلمين في ظل هذا الظرف الراهن مراعاتها:
1-الإحساس بالمسلمين الذين يعانون هناك هذه المعاناة،ومحاولة مدّ يد العون إليهم،بما يمكن لكل فرد.
2-أن لا يشعر المسلم بلذة العيش ولا راحته ولا يهنئوا في مطعم ولا مشرب ولا منام حتى يفرج عن إخواننا في أرض فلسطين.
3-أن نقطع كل وسيلة من الوسائل التي تساعد على تقوية الدول الإستكبارية التي تمد هذه الغدة السرطانية الموجودة في البدن الإسلامي،ويتم ذلك من خلال مقاطعة كل الموارد الاستهلاكية التي تعين تلك الدول،والله العالم.