تداول الأسهم

لا تعليق
كلمات و بحوث الجمعة
76
0

قال تعالى:- ( أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة الأنعام)[1].

مدخل:

لا ريب في أن هناك مجموعة من المسائل المستجدة والمستحدثة التي طرأت على الواقع الحياتي للإنسان نتيجة اتساع حاجات المجتمع البشري، وفي مجالات مختلفة، ومتعددة، مثل المجال الاجتماعي والاقتصادي، وغيرهما.

هذا ومن المسائل المستجدة في المجال الاقتصادي المسائل البنكية وما يتعلق بها من فروع مختلفة. كمسألة العمل في البنك، ومسألة الاقتراض من البنك، ومسألة إقراض البنك من خلال إيداع الأموال فيه، وما شابه من المسائل المربوطة بالبنوك، والتي لا مجال اليوم في ظل الحياة العصرية أن يستغني الإنسان فيها عن البنك، إذ لا يتصور للإنسان أن يعيش دونما تعامل منه مع البنوك، ولو في الجملة.

أقسام البنوك:

ولا يخفى أن البنوك في الأساس تقسم إلى ثلاثة أقسام:

الأول: البنك الأهلي، والذي يكون رأس المال فيه من فرد واحد، أو مجموعة من الأفراد، وليس للحكومة فيه شيء، قليلاً كان أم كثيراً.

الثاني: البنك الحكومي، وهو الذي يكون المصدر لرأس ماله هو الحكومة.

الثالث: البنك المشترك ما بين الأهالي والحكومة، فيكون رأسه عبارة عن ما يدفعه الأهالي، وتدفعه الحكومة.

هذا والظاهر أن جميع البنوك الموجودة اليوم في بلدنا من البنوك المشتركة، ولا يوجد بينها بنك أهلي.

ولا يخفى أن الأحكام المرتبطة بكل واحد من هذه البنوك تخـتلف عنها بالنسبة للبنك الآخر.

شرعنة المسائل المستجدة:

والسؤال الذي يطرح في البين، هو: ما هي النظرة الإسلامية لهذه المسائل المستجدة، وكيف يمكن الحكم بشرعيتها، خصوصاً وأنها مسائل مستجدة، لم تكن في عصر التشريع؟…

ويمكننا أن نصيغ السؤال بطريقة أخرى، فنقول: هل أن التشريع الإسلامي انقطع برحيل النبي(ص) عن عالم الدنيا، وغيـبة المولى(روحي لتراب مقدمه الفداء)، بحيث ليس بإمكاننا أن نعالج القضايا المستجدة في الأمور الحياتية في المجالات المختلفة، أم أنه يمكننا معالجة ذلك، وأن جميع الأمور الموجودة والمستجدة في حياة الفرد يوجد لها ما يعالجها؟…

لك واقعة حكم:

الذي نعتقده نحن المسلمين، أنه لا توجد واقعة من الوقائع إلا ولها حكم شرعي، ضرورة أن الدين الإسلامي قد عالج كافة القضايا الحياتية، وفي كافة المجالات، فلا يوجد مجال من مجالات الحياة لا يعالج من خلال الشرع.

هذا ومعنى أن لكل واقعة من الوقائع حكماً، يعني أن أي قضية كانت ولو مستجدة يمكننا أن نعرف فيها الحكم الشرعي.

لكن كيف يمكننا معرفة الحكم الشرعي فيها، مع أنها من القضايا المستجدة التي لم تكن في عصر الشرع؟….

الأصول العملية:

إن الإجابة على هذا السؤال ببيان شيء من المصادر التي يرجع لها عادة في مقام الاستنباط للأحكام الشرعية، فنقول:

يوجد عند الفقهاء أمور يطلق عليها عنوان الأصول العملية، يرجع لها الفقيه أثناء ممارسته لاستنباط الحكم الشرعي، وهذه الأصول العملية، على نحوين:

الأول: الأصول العملية العقلية.

الثاني: الأصول العملية الشرعية.

وما يهمنا الآن بيان هذه الأصول، وأما كيفية استفادتها فتتطلب من مجالها.

هذا والأصول العملية ثلاثة:

أولها: البراءة.

ثانيها: الاشتغال.

ثالثها: الاستصحاب.

وبيان المراد من كل واحد من هذه الأمور يتضح من خلال ذكر مثال لكل واحد منها، فنقول:

من الأمور التي لم تكن موجودة في عصر التشريع، مسألة التدخين، وقد وجدت اليوم هذه القضية، ونحن الآن نود معرفة حكم الشارع فيها، ولا يوجد في القرآن الكريم ولا في السنة الشريفة ما يشير إلى حكم هذا الشيء، فعندها سوف نرجع لمعرفة الحكم فيه إلى الأصول العملية، فنلاحظ أننا نشك في الحكم الذي ينطبق على هذا الشيء، فهل هو الحرمة، أم هو الإباحة، فهذا يعني أن الشك في البين يرجع إلى الشك في التكليف، أي أننا نشك فيما هو تكليفنا تجاه هذا الشيء، هل يحرم علينا تناوله، أم أنه يحل لنا تناوله، فهو في الحقيقة شك في التكليف، وعليه لما كان المورد من صغريات الشك في التكليف، فعندها تجري أصالة التأمين والبراءة، أي أنه مؤمن على المكلف من العقاب لو فعل هذا الفعل، وذمته بريئة من التكليف فلا يلزمه تركه.

ومنشأ رجوعنا للبراءة، أحد أمرين، إما حكم العقل القاضي بأنه يقبح العقاب من دون بيان، فلما لم يوجد بيان يشير إلى حرمة التدخين، فإن العقل يحكم بإباحته، وجواز الإقدام عليه، وبالتالي لو ترض المكلف للعقاب، لكان ذلك عملاً قبيحاً.

وإما حكم الشرعي، فقد قال تعالى:- ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً)، والمراد من الرسول هنا الكناية عن البيان، فيكون المعنى، وما كنا معذبين حتى نبين للمكلفين ما لهم وما عليهم، فإن عصوا استحقوا العقاب، وفي المقام، لما لم يوجد بيان، إذ قررنا أنه لا يوجد ما يشير إلى حكم التدخين، فعندها يكون مقتضى ذلك براءة ذمة المكلف من التكليف، فيسوغ له الإقدام على فعل التدخين، لعدم ما يوجب المنع عنه، هذا هو الأصل الأول، وهو المعبر عنه بالبراءة.

وأما أصالة الاشتغال، فلو أن إنساناً، دفع الحق الشرعي الذي في ذمته إلى شخص على أساس أنه فقير يستحق إعطائه الخمس، وبعد الدفع إليه تبين أنه لا يستحق ذلك، لعدم كونه فقيراً، ففي هذه الحالة هل تبرأ ذمته مما وجب عليه دفعه من الحق الشرعي بدفعه لغير المستحق، أم أن ذمته تبقى مشغولة بالحق الشرعي، فيجب عليه أن يدفعه مرة ثانية؟…

لا ريب أنه لما كان مطالباً بالدفع للفقير، ودفعه إلى غير الفقير، لا ينطبق عليه في هذه الحالة أنه أدى الواجب الذي عليه، ولو شككنا في تحقق أداء الواجب، فإننا سوف نلتـزم بأنه كان مشغول الذمة بالدفع للفقير، وبعدما دفع لغير الفقير نشك في فراغ ذمته من التكليف، فنقول: إن الاشتغال اليقيني بلزوم الدفع للفقير، يستدعي الفراغ اليقيني بالدفع للفقير، ولما لم يدفع إليه، فهذا يعني أن ذكته لم تفرغ، أي لازالت مشغولة بالحكم السابق، وهو لزوم الدفع للفقير، فيجب عليه الدفع مرة ثانية، وهذا هو الذي نعبر عنه بأصل الاشتغال، ويدل على هذا الأصل، حكم العقل، إذ أن العقل يقرر أن من كان مطالباً بشيء فعليه أن يؤديه، فما لم يقم بفعله وأدائه، فإنه ملزم بالإتيان به مرة ثانية.

وأما الاستصحاب، فإذا توضأ الإنسان للصلاة، وبعد أدائها وقبل الدخول في أداء صلاة ثانية شك في أنه هل صدر منه ما يوجب نقض الوضوء، أو لا؟…

فهنا لما كان على يقين سابق من أنه على طهارة، والآن شك في حصول ما يوجب نقض الوضوء، فإن بإمكانه أن يستصحب بقاء الحالة السابقة، وهي الطهارة على حالها، لم تـتغير، ومن ثم يصلي دونما حاجة منه إلى الإتيان بوضوء مرة أخرى، وهذا هو أصل الاستصحاب. ويستفاد هذا الأصل من مجموعة من الروايات، مضافاً إلى استفادته من السيرة العقلائية، بل من حكم العقل.

وبالجملة، يمكننا في كل مورد من الموارد المستجدة أن نحدد الحكم الشرعي فيه، من خلال أحد هذه الأصول الثلاثة.

العمومات والإطلاقات:

هذا ولو لم يمكن تطبيق أحد هذه الأصول الثلاثة على موضوع من الموضوعات المستحدثة، كما لو وجدنا عقد التأمين، وشككنا في أنه عقد لازم، أم أنه عقد جائز، ونريد من العقد اللازم الذي لا مجال فيه للرجوع إلا إذا دل دليل على إمكان الرجوع فيه كالخيار، ونريد بالعقد الجائز إمكانية الفسخ ما دام الفسخ ممكناً.

فهنا لا يمكننا أن نطبق أي واحد من الأصول الثلاثة[2]، فلابد هنا من اللجوء لطريق آخر لمعرفة حكم الشرع في هذه القضية المستجدة، وهنا أيضاً للشرع الشريف حكم في هذه الواقعة وأمثالها، إذ توجد مجموعة من العمومات، يمكن الرجوع إليها والتعرف من خلالها على حكم الشرعي في هذه القضية المستجدة، فمن العمومات التي يمكن الرجوع إليها على سبيل المثال، الآية التي افتـتحنا بها البحث، وهي قوله تعالى:- ( أوفوا بالعقود)، حيث أن المراد من العقد هنا كل عهد تعاهد عليه طرفان، من دون فرق بين كون هذا العهد من العهود والعقود التي كانت في عصر النص والتشريع، أم أنها من العقود والعهود المستجدة.

ولا ريب أن المراد من وجوب الوفاء بالعقد يعني كونه لازماً لا يسمح فيه للطرفين بالفسخ إلا مع وجود ما يدل على ذلك، فهي إذن تقرر أن الأصل في كل عقد من العقود هو اللزوم، وعدم إمكانية فسخه، وعليه يكون عقد التأمين من العقود اللازمة التي لا يسوغ فسخه، لكونه مشمولاً للآية الشريفة، فيثبت له حكم شرعي، وهكذا أي عقد من العقود المستجدة، كعقد الاستصناع، مثلاً، أو غيره من العقود، كما هو واضح.

القواعد العامة الكلية:

هذا وقد لا يتمكن الفقيه من معالجة الموضوع المستجد من خلال الرجوع للعمومات والإطلاقات، فعندها كيف يصنع، مثلاً: هل يسوغ للمرأة تناول حبوباً أو دواء يوجب احتباس الدم، وعدم خروجه، أم لا يجوز ذلك؟…

لا يوجد في العمومات والإطلاقات ما يشير إلى حكم هذا الأمر من قريب أو بعيد، فماذا يصنع الفقيه في مثل هذه الحالة.

في مثل هذا المثال، وأضرابه من الأمثلة، هناك مجموعة من القواعد الفقهية الكلية العامة، التي وردت من المشرع المقدس، غايتها إعطاء قواعد عامة تطبق على مجالات حياتية مختلفة، وغير منحصرة في عصر التشريع، فمن القواعد الموجودة مثلاً قاعدة لا ضرر، فإنه تقرر أنه كل ما يكون يوجب ضرراً على المكلف، فإنه لا يسوغ له الإقدام عليه، وعليه لو كان تناول الدواء أو الحبوب في المثال السابق يوجب ضرراً على المرأة، فلا ريب في عدم جوازه، أما لو لم يترتب عليه أي ضرر، فلا إشكال في جوازه، وهكذا.

ومثل ذلك تناول، حبوب منع الحمل، أو استخدام أي وسيلة من وسائل منع الحمل.

وكذا ما يتعلق بمسائل أطفال الأنابيب، أو التلقيح الصناعي، فإنه يمكن القول بجواز الإقدام عليه من خلال قاعدة لا حرج، فمتى كان عدم الإنجاب يوجب حرجاً شديداً على الأبوين مثلاً، فإنه يسوغ لهما الإقدام على التلقيح الصناعي، وإن كان يتوجب النظر للعورة.

وهناك الأحكام الثانوية التي يمكن من خلالها معالجة كثيرة من الأمور المستجدة في حياة الإنسان وتمثل بياناً للحكم الشرعي الثابت على المكلف في القضية المستجدة.

وبالجملة، نحن هنا لسنا في مقام بيان الطرق والوسائل التي يمكن من خلالها علاج القضايا المستجدة، وإنما أحببنا الإشارة إلى أن هناك ما يوجب شرعنة كل قضية قضية من القضايا حتى المستجدة التي لم تكن موجودة في عصر التشريع.

وفي الختام أود التنويه إلى أن طريقتـنا-نحن الشيعة-تخـتلف عن طريقة غيرنا في كيفية علاج المسائل المستحدثة والمستجدة، إذ أنهم يعمدون إلى علاج ذلك من خلال اللجوء للقياس، أو الاستحسان، أو سد الذرائع، وهو مما لم يقم عليه دليل معتبر من عقل ولا شرع، بينما قد عرفت أننا نعمد في علاج المستجدات من الموضوعات إلى مجموعة من الطرق ثابتة بحكم العقل والشرع.

مسألة الأسهم:

هذا وبعدما عرفنا أن هناك شرعنة لكل موضوع مستجد، وكل قضية مستحدثة، يتضح أن مسألة الأسهم من تلك المسائل التي لا ريب في كونها مشرعنة من قبل الشارع الشريف، وبالتالي لابد من وجود حكم فيها، من هنا لا بأس بتسليط الضوء على هذه المسألة، خصوصاً وأنها محل سؤال كثير من المؤمنين، خصوصاً وأن هناك قرب فتح باب الاكتتاب في بنك البلاد الجديد، وهناك ما يشير إلى طرح اكتـتاب في بنك الأهلي.

حقيقة الأسهم:

السهم عبارة عن أوراق مالية ذات قيمة محددة، قد تكب عليها، وهي تعادل حصة من رأس الشركة أو البنك الذي طرحها للاكتـتاب.

وعادة ما يكون إذا أريد تكوين شركة أو بنك، أو رفع رأس مالها أو ماله، فيطرح مجموعة من الأسهم لكي يساهم من خلالها من يود ذلك. وتوضيح ذلك بصورة أكثر:

أنه قد يراد أحياناً تأسيس شركة في مجال معين، ولنعبر عنها بالشركة الجديدة وهي شركة اتحاد الاتصالات مثلاً، أو بنك البلاد المصرفي، ولما كان رأس المال الذي تحتاجه هذه الشركة واسعاً، أو لأي غرض آخر من الأغراض، لن يتمكن شخص واحد من القيام بأعباء ذلك لوحده، فعندها يقسم رأس المال إلى مجموعة من الحصص، مثلاً ألف حصة متساوية بأسعار متساوية، ويكون سعر كل حصة من تلك الحصص مثلاً خمسين ريالاً، ويعلن بعد ذلك عن الاستعداد لبيع تلك الحصص، فمن أراد الشراء يمكنه ذلك، إما بمقدار محدد يتفق عليه منذ البداية، أو يكون المقدار الذي يشترى مفتوحاً.

وكل حصة من هذه الحصص، هي التي تعرف بالسهم، وعلى هذا نقول: إن السهم عبارة عن حصة من رأس مال شركة.

وتعرف الشركة المذكورة بالشركة المساهمة، لأنها تركبت من أسهم، ومتى حصل للشركة ربحاً، فسوف يربح صاحب السهم حينئذٍ، كما أنها ول خسرت فسوف يكون صاحب السهم خاسراً أيضاً.

ولا يخفى أن السهم ربما ارتفعت قيمته عن القيمة الشرائية له، فربما اشتراه الإنسان بخمسين ريالاً، لكن تقلبات السوق التجارية، تؤدي إلى ارتفاع قيمته، أو ربما أدت إلى نقصانها.

ومن خلال ما ذكرناه يتضح أمر أيضاً، وهو أن الفرد المشتري للسهم، يكون شريكاً من أعضاء الشركة المساهمة.

أقسام الشركات المساهمة:

هذا ويمكننا أن نقسم الشركات المساهمة، إلى عدة أقسام بحسب رأس مالها، وما تقول به من أعمال وما تقدم عليه من مزاولة لها، وتلك الأقسام هي:

الأول: أن يكون رأس مال الشركة كله من الحلال، وتكون المعاملات التي تقوم بها أيضاً من الحلال، بمعنى أن جميع نشاطاتها الاستثمارية تكون في الحلال، على أساس أن نظامها التأسيسي ينص على كون دائرة تعاملاتها في حدود الحلال، ويمكننا التمثل لذلك بشركة اتحاد الاتصالات الجديدة، وكذا شركة الكهرباء، أو شركة صحارى، أو غيرهما من الشركات الأخرى.

ولابد في انطباق ما ذكرناه على شركة من الشركات أن تقتصر الشركة في أعمالها الاستـثمارية في خصوص دائرة الحلال، ولا تـتعامل بالربا لا إقراضاً، ولا اقتراضاً، ولا غير ذلك من الأعمال المحرمة، كالمتاجرة في الخمور، أو بيع لحم الخنـزير وما شابه ذلك.

الثاني: أن يكون رأس مال الشركة من الحرام، أو يكون مختلطاً بالحرام، وفي نفس الوقت معاملاتها الاستثمارية مشتركة بين الحلال والحرام، فهي تـتعامل بالتجارة في الأدوات الإلكترونية، كما تـتعامل في توليد الخمور وبيعها، والربا، ولا تـتقيد بخصوص الحلال.

الثالث: أن يكون رأس مال الشركة من الحلال، إلا أنها لا تـتقيد في مقام التعامل بخصوص المعاملات المحللة، بل هي تتعامل بالحلال والحرام.

المشاركة في الشركات المساهمة:

ثم إنه بعدما عرفنا أقسام الشركات المساهمة، يقع الحديث في حكم المشاركة فيها عن طريق شراء أسهمها، والاكتـتاب، فنقول:

أما بالنسبة للقسم الأول، فلا إشكال في جواز المشاركة فيها، وشراء أسهمها، سواء كان ذلك في أصل التأسيس، أم كان ذلك بعد التأسيس والتداول، وذلك واضح، لأنه لا يوجد ما يوجب المنع عن ذلك، ضرورة أن الشركة رأس مالها من الحلال، وتعاملاتها في الحلال، فلا يوجد ما يوجب المنع عن الاشتراك فيها إذن. كما أن الأرباح التي تقدمها هذه الشركة، من الحال الذي يملكه صاحب السهم، ويتصرف فيه.

وأما بالنسبة للقسم الثاني، فلا ريب في أنه لا يجوز المساهمة في هذا القسم، لأن رأس ماله من الحرام، وجميع الاستـثمارات الصادرة منه في الحرام، والمشارك في ذلك يكون عضواً في المعاملة المحرمة، فيترتب عليه مضافاً إلى فساد المعاملة حرمة تكليفية في بعض المواضع، كما أن الأرباح التي تدفعها هذه الشركات للمساهمين فيها، لا يملكها آخذها.

وأما بالنسبة للقسم الثالث، فلابد من التفصيل بين صورتين:

الأولى: أن تكون المساهمة في هذه الشركة تعطي صفة العضوية والاشتراك في المعاملات الصادرة من المعاملة.

الثانية: أن لا ينطبق عنوان المشاركة والعضوية في العملية الشرائية لأسهم الشركة المساهمة.

أما بالنسبة للصورة الأولى، فلا إشكال في حرمة المساهمة في مثل هذه الشركات، لأن المساهم يكون مشاركاً في المعاملة المحرمة.

نعم لو أمكنه أن يشترك، إلا أنه قبل مباشرة العمل بأي عملية محرمة، يعمد إلى البيع، فلا إشكال في ذلك.

وبعبارة أوضح، أن يعمد إلى الاشتراك، إلا أنه بعد حصول التخصيص وقبل قيام الشركة أو البنك بمزاولة الأعمال المحرمة، يقوم بالبيع، فلا مانع في ذلك.

وأما بالنسبة للصورة الثانية، فالظاهر أنه لا إشكال في ذلك.

نعم يـبقى في المقام أنه كيف يمكننا تحديد أنه عضو ومشارك أم لا، في هذه المسألة يرجع للعرف، فهو الذي يحدد المقام، أم يرجع لأهل الاختصاص، في تحديد ذلك، بالرجوع للبنك مثلاً.

أسهم البلاد الأجنبية:

كان ما ذكرناه بالنسبة للأسهم التي تكون للشركات الإسلامية، أما بالنسبة للأسهم التي تكون تابعة للبلاد غير الإسلامية، فإنه يمكن أن يشتري فيها وإن كانت مثل القسم الأول والقسم الثاني مما تقدم من أقسام الشركات المساهمة، لكن عليه أن لا يشتري بقصد الشراء، وإنما بقصد الاستيلاء على الأسهم منهم، وأخذها استنقاذاً، لا أخذها شراءاً، ومتى أخذها بهذا النحو جاز له أن يقوم ببيعها والاتجار بها، والاستفادة من الربح الذي يحصل من بيعها.

———————————————-

[1]

[2] بناءاً على أن أصالة اللزوم دليل لفظي، وليست أصلاً عملياً.

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة