إماتة الشيطان
إن أحد المكتسبات التي يحصل عليها الصائم بعد انتهاء شهر رمضان المبارك هو إماتة الشيطان في نفسه. وليس المقصود من إماتته قتله فسيولوجياً، لأن هذا غير ممكن أبداً، وإنما المقصود من إماتته غلق باب الاستجابة له، فيكون للإنسان بمثابة الميت.
ومن المعلوم أن هذه النتيجة المهمة لا تكون بمجرد الأمنيات والرغبات، بل هي ناجمة عن عنصرين رئيسين، وهما البعد النظري والبعد العملي، وما يشتملان عليهما من الإيمان واليقين والتوبة والعمل الصالح وينتج عن ذلك أن يموت الشيطان في الإنسان عندها.
ومن الواضح أن هذه الإماتة للشيطان ليست موتاً حقيقياً، بل هي أشبه بإماتة الفيروس الذي لا يموت حقيقة، وإنما يتوقف نشاطه وتكاثره فإنه من الناحية العملية ميت، ولكن متى تهيأت له الظروف والبيئة الحاضنة فإنه سرعان ما يستيقظ ويمارس نشاطه بقوة، وهكذا هو الشيطان، فإنه يتبع الفيروس اتباع القذة بالقذة، وبالتالي فأي غفلة من الإنسان سوف يجد الشيطان منها منفذاً للوصول لمآربه وأغراضه، وهذا يفسر التأكيد على ضرورة حسن العاقبة، وأن الأمور بخواتيمها. نعم سوف يموت الشيطان حقيقة في يوم الوقت المعلوم فهو حي إلى ذلك اليوم.
وقد اختلف في المقصود من يوم الوقت المعلوم، فذكر احتمالان:
أحدهما: أنه يوم قيام القائم من آل محمد(عج)، فيلقى حتفه، أو يجمد كيده، فيفقد سلطانه.
ثانيهما: يوم القيامة.
ولما لم يحصل الأمران حتى هذا الوقت، فإن الصراع بين الإنسان والشيطان لا زال قائماً، فلا ينبغي للإنسان أن يخسر ما اكتسبه من فوائد بعد شهر رمضان المبارك، وما حصل عليه من نتاج.
ويكون تأكيد هذه النتيجة بزكاة الفطر التي يؤديها المكلف يوم العيد، وهي المعروفة بزكاة الأبدان، وأثرها كبير في حفاظ الإنسان على ما يتركه الصوم من أثر على نفسه وبدنه، فيحفظ الإنسان صومه بها مما يعلق به من شوائب النظرات والخطرات، والزفرات، فهو يرغب من خلال زكاته أن يحفظ صومه في ظرف طاهر ليحصل على المجازاة عليه، ولذا على الانسان حين دفعه لزكاة ماله أن لا يكون في قلبه علقة بذلك المال اليسير.