أم البنين(ع) مدرسة الإعداد
يحيي المؤمنون كل عام ذكرى السيدة الجليلة أم البنين(ع)، تقديراً لما قدمته من خدمات جليلة للإسلام، ووفاءً لما قامت به من تضحية عظيمة في حفظ الدين الحنيف وتعاليمه، بتقديمها أولادها الأربعة(ع) من أجل ذلك.
ومع قلة المصادر التاريخية التي تحدثت عنها، إلا أن ما حفظ لنا من تراث حولها يمكن استنطاقه في محاولة للإحاطة بشيء من سيرتها العطرة من خلاله.
وقد جرت العادة حال الحديث عنها(ع) على التركيز وبصورة أساسية جلية واضحة على عنصر الولاء والانتماء، فيؤكد كثيراً على عمق حبها وولائها للبيت العلوي، وتعرض عادة مجموعة من القصص في هذا الجانب ابتداءً من خطبة أمير المؤمنين(ع) إليها حتى دخولها لبيته المبارك(ع)، ويركز كثيراً على أسلوب التعامل الذي اتخذته(ع) مع الإمامين الهمامين الحسنين(ع)، والسيدة العقيلة زينب(ع).
ولا يختلف اثنان في أهمية هذا الجانب والحاجة إلى التركيز عليه، خصوصاً وأن الهجمات لا زالت تتوالى من كل حدب وصوب، ومن كل جهة. إلا أن هناك جوانب وأبعاد أخرى يحسن العناية بها والتركيز عليها حال إحياء المؤمنين لذكراها(ع)، لأنها لا تقل أهمية في بعدها العملي والتربوي للمتلقي عن هذا الجانب.
ومن تلك الجوانب الجديرة بالعناية والاهتمام من سيرتها(ع)، هو دور الأم في عملية الإعداد والتنشئة للجيل الصالح، فإن الحديث عن مولانا أبي الفضل العباس، وأخوته(ع)، يوجب حتماً الحديث عن ذلك الحضن الدافئ الذي نشأوا وتربوا فيه، وهذا يكشف عن الدور المهم الذي تلعبه الأم في عملية الإعداد والتنشئة، وهذا يجر للحديث عن مدى أهلية الأم واستعدادها لتقوم بعملية الإنشاء والإعداد، فما لم تكن الأم مؤهلة للقيام بهذه المسؤولية فمن الطبيعي لن يخرج لنا أشخاص نظير سيدنا ومولانا أبي الفضل العباس(ع)، وأخوته.
من هنا يتضح مقدار المسؤولية الملقاة على عاتق الأسرة في إعداد أم صالحة ومؤهلة لأن تقوم بمسؤوليتها في عملية الإعداد والتربية لشباب مؤمن وصالح، وأنه من دون ذلك فلن تكون النتائج إيجابية أبداً.