المستثنيات من الكذب
لا خلاف بين علمائنا في حرمة الكذب، بل لا خلاف بين علماء المسلمين في ذلك. نعم في عدّ مطلق الكذب من الكبائر كلام، فقد خص علماؤنا بعض أنواع الكذب بها، وهي:
1-الكذب على الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم محمد(ص)، والأئمة المعصومين(ع).
2-الكذب على المؤمنين.
3-الكذب الذي يترتب عليه المفسدة.
وأما غير ذلك من أنواع الكذب، فلم يحكموا بكونه من الكبائر، وإن احتاط بعضهم وجوباً في اعتبار جميع أنواع الكذب من الكبائر.
ولسنا بصدد الحديث عن ذلك، فإن له مجاله، وإنما نود تسليط الضوء على ما استثناه الفقهاء من حرمة الكذب:
المستثنيات من الحرمة:
استثنى الفقهاء من حرمة الكذب موردين حكموا فيهما بجوازه، ومعنى الاستثناء المذكور هو عدم ترتب الإثم على حصول الكذب من المكلف في هذين الموردين، والموردان هما:
الكذب في الاصطلاح:
والمقصود من الإصلاح هو اصلاح ذات البين، وليس مطلق الاصلاح، فيجوز الكذب من أجل الإصلاح بين المتخاصمين بأن يخبر أحدهما على لسان الآخر بما لم يقله الآخر، ويعمل مع الآخر مثل ذلك أيضاً، فيخبر بشيء عن الأول مع أنه لم يقله، مثلاً لو كانت هناك خصومة بين أحمد وحسن، فيأتي المصلح إلى أحمد وينقل له كلاماً حسناً عن حسن في حقه، ويذهب إلى حسن ويخبره بكلام حسن في حقه عن أحمد، مع أن الكلامين لم يصدرا عن أحمد ولا حسن، وإنما قالهما المصلحة رغبة في الإصلاح بينهما.
والظاهر أنه لا يشترط في جواز هذا النوع من الكذب عجز الإنسان عن التورية، بل يجوز ذلك حتى مع القدرة عليها. نعم مقتضى الاحتياط الاستحبابي يستدعي الاقتصار على صورة العجز عنها لا مطلقاً.
الاضطرار إليه:
والمقصود من الاضطرار هنا هو عين الاضطرار الذي إذا حصل ساغ للإنسان ارتكاب المحرمات، كما لو خاف الإنسان على نفسه، أو على عرضه، أو على ماله المعتد به، أو خاف على أخيه المؤمن، أو على عرضه، أو على ماله المعتد به، وهكذا.
ومقتضى الاحتياط الوجوبي يستدعي البناء على حصر جواز هذا النوع من الكذب في خصوص فقدان القدرة على استعمال التورية، أما مع القدرة عليها، فلا يسوغ ذلك، لعدم صدق عنوان الاضطرار.