س: لماذا يعتبر إبليس عاصياً لمجرد أنه أبى السجود لآدم(ع)، ولا تعتبر السماوات والأرض والجبال عصاة، مع أنهم رفضوا أمر الله سبحانه وتعالى لما عرض عليهم الأمانة؟…
ج: إن السؤال المذكور يستدعي بيان الفرق بين إباء إبليس وبين إباء السماوات، حيث أن السائل ظن أن الإبائين من سنخ واحد، وبالتالي بما أن إبليس أبى فصار عاصياً بسبب إباءه، كان اللازم أيضاً أن تكون السماوات والأرض والجبال عصاة أيضاً، لأنهم قد أبوا لما عرضت عليهم الأمانة.
لكن الصحيح أن الإبائين ليسا من سنخ واحد، بل بينهما فرق من ناحيتين:
الأولى: أن السجود كان على إبليس فرضاً، بينما كان حمل الأمانة من قبل السماوات والأرض والجبال عرضاً، ومن الواضح جداً الفارق بين الفرض والعرض.
الثانية: إن إباء إبليس كان استكباراً، كما يظهر ذلك في تعليله من أنه خلق من نار، والإنسان خلق من طين، بينما إباء السماوات والأرض والجبال كان استصغاراً لأنفسهن أمام عظم الأمانة وثقلها، ويظهر هذا جلياً واضحاً من خلال قوله تعالى:- (وأشفقن منها)، فإن معنى إشفاقهن منها هو استصغار أنفسهن أمام عظم الأمانة، ورؤيتهم عدم الأهلية للقيام بهذه المسؤولية، والله العالم.