تساؤلات حول الإمام المنتظر عجل الله فرجه الشريف

لا تعليق
كلمات و بحوث الجمعة
197
0

تساؤلات حول الإمام المنتظر

يرتبط المؤمنون بالإمام المنـتظر(روحي لتراب حافر جواده الفداء) ارتباطاً وثيقاً، وكنتيجة طبيعية لهذه العلاقة والارتباط الوطيد، نراهم يشتاقون للتعرف على كافة الجوانب المرتبطة بحياته المباركة، ومعرفة سبب غيبته، ومتى يكون خروجه، وما هي العلامات التي يتوقف ظهوره على تحققها خارجاً، وكيف يحصل ذلك.

هذه التساؤلات التي تدور في أذهان العاشقين للإمام المهدي(عج) يزداد ظهورها مع ظهور المناسبة المباركة لولادته الشريفة، أو متى كان محور الحديث حوله صلوات الله وسلامه عليه.

وسوف نعمد في هذه المقالة إلى التعرض لبعض تلك التساؤلات محاولين الإجابة عنها، علنا نساهم في زيادة معرفة المؤمنين بإمام عصرهم، وزيادة ارتباطهم به.

دواعي وجود المصلح الغيـبي:

قد يسأل البعض عن الأسباب والدواعي التي توجب وجود مصلح غيبي يظهر بعد طول غياب، ذلك لأن النبي(ص)، لم يخرج من الدنيا إلا بعدما أقام دولة إسلامية، وقد استمر الأئمة من بعده، بدءاً بأمير المؤمنين(ع)، حتى الإمام العسكري(ع) بالحفاظ على الشريعة الإسلامية، ورعايتها، فالمجتمع مجتمع إسلامي، سائر على نهج النبي(ص)، ومحقق لتعاليم السماء، فهل أن المجتمع الإسلامي سوف يتغير ويتحول إلى مجتمع آخر، حتى يحتاج إلى ظهور المصلح؟…

إن الإجابة على هذا التساؤل تحتاج أن نتعرف الحالة التي يكون عليها المجتمع الإسلامي قبل ظهور الإمام المهدي(ع)، وذلك لأن هناك جملة من الميز التي يمتاز بها المجتمع المسلم، فإن كانت تلك الميز موجودة، فلا ريب أنه لن يكون هناك موجب لظهور المصلح الغيبي، أما لو كانت تلك الموجبات التي تعدّ مقومات المجتمع الإسلامي غير متحققة فلا ريب أن ذلك يستوجب وجود هذا المصلح الغيبي.

وتلك المقومات الأساسية، للمجتمع الإسلامي، هي:

1-الحكومة الإسلامية العادلة.

2-الاستقرار الأمني.

3-العدالة الاقتصادية في التوزيع.

وهذا يعني أنه متى لم تكن تلك المقومات موجودة خارجاً في المجتمع، فإنه يكشف عن عدم وجود مجتمع إسلامي أصلاً، لأن الوجود متقوم بما يوجب تحققه خارجاً، وقد انتفت الموجبات لتحققه، فلا يكون موجوداً.

وحتى يتضح ما ذكرناه أكثر، نشير إلى ما تحدثت به النصوص في هذه المقومات الأساسية:

وضع الحكومة قبل الظهور:

السلطة الحاكمة:

لقد تحدثت النصوص الشريفة واصفة وضع العالم في ظل الحكومات التي تكون قبل ظهور الإمام المنـتظر، وأشارت إلى جملة من صفاتها.

ولا يخفى أن الحديث عنها سوف يكون بلحاظات ثلاثة:

الأولى: لحاظ السلطة الحاكمة.

الثاني: الناحية الدينية.

الثالث: البعد القيمي والأخلاقي.

أما بالنسبة للحاظ الأول، وهو لحاظ السلطة الحاكمة، والمنهج المتبع في عملية الحكم والقيادة، وكيفية إدارة شؤون الرعية والشعوب، فالمستفاد من النصوص أنها كالتالي:

الاستبداد:

وفقدان العدل، وانتشار الظلم، والخوف بين طبقات المجتمع، يقول رسول الله(ص): تمتلئ الأرض ظلماً وجوراً حتى يدخل كل بيت خوف وحرب، فيسألون درهمين فلا يعطونه[1].

ويقول أمير المؤمنين(ع): تملأ الأرض ظلماً وجوراً، حتى يدخل كل بيت خوف وحزن[2].

وعن أبي جعفر الباقر(ع) قال: لا يخرج المهدي حتى يرقى الظلمة[3].

وقد تضمنت النصوص الحديث أيضاً عن الاستبداد الممارس من قبل السلطات الحاكمة، والإيذاء للشعوب، فقد جاء عن رسول الله(ص) أنه قال: ينـزل بأمتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم لم يسمع ببلاء أشد منه، حتى يضيق عليهم الأرض الرحبة حتى تملأ الأرض جوراً وظلماً، لا يجد المؤمن ملجأ يلتجئ إليه من الظلم[4].

ومما تحدثت عنه النصوص، وصف الحكام في ذلك العصر، فقد جاء عن رسول الله(ص) أنه قال: سيكون بعدي خلفاء، ومن بعد الخلفاء أمراء، ومن بعد الأمراء ملوك، ومن بعد الملوك جبابرة، ثم يخرج رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً[5].

وعن النبي(ص) أنه قال: يكون ولاة جورة، وأمراء خونة، وقضاة فسقة، ووزراء ظلمة[6].

نفوذ النساء في الحكومات:

فيكون لهن دور إما بصورة مباشرة في الحكم، بحيث يكن هن الحاكمات، أو يكون لهن مشاركة ولو بصورة غير مباشرة في القيادة، وقد أشار أمير المؤمنين(ع) إلى هذه الصفة، بقوله: ليأتين على الناس زمان يُطرّف(يُظرّف)فيه الفاجر، ويقرب فيه الماجن، ويضعّف فيه المنصف. قال: فقيل له: متى ذاك يا أمير المؤمنين؟ فقال: إذا اتخذت الأمانة مغنماً، والزكاة مغرماً، والعبادة استطالة، والصلة منا، قال: فقيل: متى ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال: إذا تسلطن النساء، وسلطن الإماء، وأمر الصبيان[7].

الصورة الدينية:

والمستفاد من النصوص، أنه لا يـبقى من الإسلام إلا الاسم، وكنتيجة حتمية أنه إذا لم يـبق من الإسلام إلا اسمه، أن لا يكون للمسلمين وجود أصلاً، مما يعني انهيار الناحية الدينية في الوسط البشري، وتتجلى هذه الصورة من خلال عدة أمور:

المساجد:

فمع أن النصوص قد أشارت إلى وجودها، بل وتحدثت عن كونها عامرة، إلا أنها وصفت عمارها بأنه عمار بعيد عن الهدى، قال النبي(ص): سيأتي زمان على أمتي….مساجدهم عامرة، وهي خراب من الهدى[8].

الفقهاء:

والمقصود من الفقهاء في النصوص التي سنـتلوا عليك بعضاً منها هم فقهاء السلطة، والبلاط، الذين يبررون ما يصدر من جرائم واستكبار، ويحسنون ما تفعله الحكومات في ذلك العصر، فقد قال رسول الله(ص): سيأتي زمان….فقهاء ذلك الزمان شر الفقهاء تحت السماء، منهم خرجت الفتنة، وإليهم تعود[9].

الخروج عن الدين:

وقد وردت الإشارة لهذا الأثر في كلام أمير المؤمنين(ع)، فقد جاء أنه دخل عليه أبو عبد الله الحسين(ع)، وعنده جلساؤه، فقال: هذا سيدكم، سماه رسول الله(ص) سيداً، وليخرجن رجل من صلبه، شبهي شبهه في الخُلق والخَلق، يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً. قيل له: ومتى ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال: هيهات! إذا خرجتم من دينكم كما تخرج المرأة عن وركيها لبعلها[10].

إلا أنه لم يتضح لي معنى الخروج من الدين، إذ من الواضح أنه لا يعني الارتداد بمعناه الحقيقي، نعم يحتمل أن مقصوده من الخروج من الدين، تغير معالمه في مقام التطبيق، وعدم الالتـزام بها، فلاحظ.

التجارة بالدين:

فيتحول الناس إلى المتاجرة بدينهم وانتمائهم ومعتقدهم، فيتزلفون رغبة في الدنيا حتى لو كان ذلك على حساب دينهم، ويـبلغون من الحالة إلى مستوى فقدان البصيرة، بحيث يتقلب الرجل من حال إلى آخر وبسهولة، قال رسول الله(ص) أنه قال: ويل للعرب من شر قد اقترب، فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً عند الصباح ويمسي كافراً، يـبيع قوم دينهم بعرض من الدنيا قليل، المتمسك يومئذٍ بدينه كالقابض على الجمرة، أو قال: على الشوك[11].

البعد القيمي والأخلاقي:

وقد جسدت النصوص الشريفة في هذا اللحاظ صوراً بعيدة كل البعد عن القيم الإنسانية، فضلاً عن النواحي الدينية، من خلال استعراضها عدة نماذج غريـبة جداً، نشير لبعض منها:

خمود العاطفة الإنسانية:

فيتحدث النبي(ص) عن الحالة التي يصل إليها في ذلك العصر، فيقول: فلا الكبير يرحم الصغير، ولا القوي يرحم الضعيف، فحينئذٍ يأذن الله له بالخروج[12].

وقال(ص): إن الساعة لا تقوم حتى يدخل الرجل على ذي رحمه، يسأله برحمه فلا يعطيه، والجار على جاره يسأله بجواره فلا يعطيه[13]. بناءً على ما جاء في بعض النصوص من تأويل الساعة في هذا الخبر وأضرابه بقيام القائم(روحي لتراب حافر جواده الفداء).

الفساد الأخلاقي:

وقد تعرضت النصوص في هذا المضمار إلى حالة التحلل التي يعيشها ذلك المجتمع، فقد ورد عن رسول الله(ص) أنه قال: لا تقوم الساعة حتى تؤخذ المرأة نهاراً جهاراً في وسط الطريق-تنكح-لا ينكر ذلك أحد ولا يغيره، فيكون أمثلهم يومئذٍ الذي يقول: لو نحيتها عن الطريق قليلاً[14].

وجاء عنه(ص) أنه قال: يتهارجون في الطريق تهارج البهائم، ثم يقوم أحدهم يأمه وأخته وابنـته فينكحها في وسط الطريق، يقوم واحد عنها وينـزو عليها آخر، ولا ينكر، ولا يغير، فأفضلهم يومئذٍ من يقول: لو تنحيتم عن الطريق كان أحسن[15].

وعن أبي عبد الله الصادق(ع) في بيان بعض ما يكون في ذلك العصر: إذا رأيت الرجل يعير على إتيان النساء[16]. وعنه(ع) أنه قال أيضاً: يزف الرجال للرجال، كما تزف المرأة لزوجها[17].

الوضع الأمني:

وقد تحدثت النصوص الشريفة عن فتنة عظمى ينعدم فيها الأمن نتيجة حروب طاحنة واعتداءات تمارس من الدول الكبرى على الدول الصغيرة، وقد عللت جملة من النصوص هذا الانهيار الأمني الموجودة في أوساط هذه المجتمعات إلى اشتمال شعوبها على صفتين، هما السبب في حصول ذلك:

الأولى: حب الدنيا.

الثانية: كراهة الموت.

فقد قال رسول الله(ص): يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى القوم إلى قصعتهم. قال: قيل من قلّة؟ قال: لا، ولكنه غثاء كغثاء السيل، يجعل الوهن في قلوبكم، وينـزع الرعب من قلوب عدوكم، بحبكم الدنيا وكراهتكم الموت[18].

ومن الطبيعي أن وجود هاتين الصفتين عند هؤلاء يعود لابتعادهم عن التعاليم الدينية، وهو ما يستكمل ما سبق وتقدم عرضه، فلاحظ.

وقال النبي(ص) أيضاً في هذا المجال: وذلك عندما تصير الدنيا هرجاً ومرجاً، ويغار بعضكم على بعض، فلا الكبير يرحم الصغير، ولا القوي يرحم الضعيف، فحينئذٍ يأذن الله بالخروج[19].

الفضائع الإجرامية:

يقول أمير المؤمنين(ع) في وصف جرائم السفياني: ثم يـبعث فيجمع الأطفال، ويغلي الزيت لهم فيقولون: إن كان آباؤنا عصوك فما ذنبنا، فيأخذ منهم اثنين اسمهما حسناً وحسيناً، فيصلبهما، ثم يسير إلى الكوفة فيفعل بهم كما فعل بالأطفال، ويصلب على باب مسجدها طفلين اسماهما حسن وحسين…ويخرج السفياني وبيده حربة فيأخذ امرأة حاملاً، فيدفعها إلى بعض أصحابه، ويقول: أفجر بها في وسط الطريق، فيفعل ذلك ويـبقر بطنها فيسقط الجنين من بطن أمه، فلا يقدر أحد أن يغير ذلك[20].

زيادة موت الفجأة:

وقد ورد عن النبي(ص) أنه قال: من أشراط الساعة: الفالج، وموت الفجأة[21].

وعن أمير المؤمنين(ع) أنه قال: بين يدي القائم موت أحمر، وموت أبيض، أما الموت الأبيض فالطاعون[22].

والتعبير بالطاعون الوارد في كلامه(ع) لا يستوجب حصر معناه في ما كان متعارفاً في عصره(ع)، بل يحتمل أنه إشارة إلى كل مرض خطير لا يمكن علاجه، فيشمل جملة من الأمراض العصرية المنـتشرة اليوم، مثل مرض السرطان، ومرض الإيدز، أجارنا الله والمؤمنين والمؤمنات منها بحق محمد وآله(ع).

البعد الاقتصادي:

وكحالة طبيعية لانتشار الحروب وانتشار الدمار، وانتشار الفساد القيمي والأخلاقي تنهار البنى الاقتصادية لأي مجتمع في العالم، بل إن النصوص لم تقرر فقط الإشارة إلى هذه الحالة الطبيعية، بل تضمنت أن هناك غضباً إلهياً سوف يحل بالمجتمعات البشرية نتيجة ما كان يصنع فيها، فتصاب بمنع السماء، وحبس قطرها، وعدم إخراج الأرض خيراتها وبركاتها، فعن رسول الله(ص) أنه قال: فعند ذلك يحرمهم الله قطر السماء في أوانه، وينـزل في غير أوانه[23].

ومعنى نزوله في غير أوانه، يعني عدم الاستفادة منه، لأنه لو نزل في أوانه لكان يستفاد منه.

وعن أمير المؤمنين(ع) أنه قال: ويقل المطر، فلا أرض تنبت، ولا سماء تنـزل، ثم يخرج المهدي[24].

ومن الطبيعي أنه سوف يترتب على حالة الجفاف هذه التي تصيب المجتمع البشري حالة من الغلاء والجوع والفقر، وإلى هذا أشار الإمام أبو عبد الله الصادق(ع) بقوله: وعند ذلك خروج السفياني، ويقل الطعام، ويقحط الناس، ويقل المطر[25].

وقد تحصل من خلال هذا الاستعراض الحالة التي سوف تكون عليها المجتمعات البشرية، وهذا يستدعي وجود من يتولى عملية الإنقاذ والانتشال، وتغيـير الواقع الذي يعيشه الناس، فيكون ظهور المنـتظر المهدي(روحي لتراب حافر جواده الفداء)، وهو المصلح الغيـبي الحل الأمثل لعلاج هذا الأمر.

ثم إن الوصف الذي ظهر لنا مما تقدم، ربما يعيننا على فهم النص الوارد عن إمامنا الباقر(ع) في أن الإمام المهدي(عج) يأتي بأمر جديد، قال(ع): يقوم القائم بأمر جديد، وكتاب جديد، وقضاء جديد على العرب شديد، ليس شأنه إلا بالسيف لا يستـتيب أحداً ولا يأخذه في الله لومة لائم[26].

وذلك لأنه(بأبي وأمي ونفسي)سوف يأتي بعملية تغيـيرية جذرية للواقع الإنساني، مع أن الناس في ذلك الوقت ليسوا كفاراً، لكنهم قد انحرفوا عن الأطروحة السماوية بصورة واضحة وفقاً لما عرفت من خلال الاستعراض السابقة، فعندما يأتيهم(عج) بأطروحة السماء الحقيقة التي تمثل رسالة جده المصطفى(ص)، سوف تكون أمراً مختلفاً لما هم عليه، فيظنون أنه أمر آخر غير ما كانوا يدينون به، فلاحظ.

الظهور علاماته ووقته:

ومن المفردات المهمة التي يرغب الكثير من العاشقين للمولى الصاحب(روحي لتراب حافر جواده الفداء)، مسألة وقت ظهوره، فيكثر السؤال والاستفسار عن هذا الأمر، متى يكون الظهور، وما هي علامات الظهور، وما شابه ذلك، ونحن نود أن نعرض الآن إلى علامات الظهور، ثم نشير إلى شيء مما جاء في وقت الظهور، وأخير نعرج على التعليق على ذلك؟

علامات الظهور:

قسم العلماء علامات الظهور إلى قسمين:

الأول: العلامات الحتمية، وقصدوا منها العلامات التي لابد وأن تقع حتماً.

الثاني: العلامات غير الحتمية: وهي التي يمكن حصولها، لكنه لا يجزم بتحققها.

وقد عدوا من العلامات الحتمية:

1-خروج السفياني، وقد عرفه غواص بحار الأنوار العلامة المجلسي(ره) بأن اسمه عثمان بن عنبسة، وأنه من نسل خالد بن يزيد بن أبي سفيان، يخرج من دمشق من مكان يسمى بالوادي اليابس، ويسبب الخوف والرعب في قلوب الناس، حتى أن كل من يرى رايته يهرب عنه بعيداً.

ومن أعماله أنه سوف يهاجم الكثير من البلدان الإسلامية، كالكوفة والبصرة، والمدينة، ويكثر القتل فيها، وسيهتك حرمات الإسلام، واحدة تلو الأخرى، ويقتل العلماء، ويحرق المصاحف، ويهدم المساجد، ويحلل الحرام، ويزداد فسقه وفجوره وطغيانه وعتوه يوماً بعد يوم.

ومن حقده على أهل البيت(ع)، يقوم بقتل كل من كان اسمه محمد، أو أحمد، أو علي، أو جعفر، أو حمزة، أو حسن، أو حسين، أو فاطمة، أو زينب، أو رقية، أو خديجة.

2-قتل النفس الزكية بين الركن والمقام في المسجد الحرام، وهو غلام من آل محمد، يسمى محمد بن الحسن.

3-النداء في السماء باسم الإمام المهدي(عج)، واسم أبيه حتى يسمعه أهل الشرق والغرب.

4-خسف البيداء، وهو موضع بين مكة والمدينة، وذلك لأن السفياني عندما يعلم بخروج الإمام المهدي(عج) يرسل جيشاً إلى المدينة، ولما يصلون إلى البيداء تخسف بهم الأرض.

5-ظهور يد في السماء.

هذا وقد وقع الخلاف بين النصوص من حيث العدد المقرر في العلامات الحتمية، إذ يجد القارئ أن بعضها نصت على أنهم أربع، وجاء في روايات أخرى، أن عددهن خمس، وفي طائفة ثالثة أن عددهن ست.

وقد عولج الخلاف المتصور من خلال أن النصوص التي تضمنت الأربع ليست بصدد الحصر في خصوص هذا العدد دون البقية، وإنما كان الإمام(ع) بصدد الإشارة إلى بعض العلامات فذكر الأربع، وسكوته عن الباقي، لا يعني أنه ينفي العلامات الحتمية الأخرى.

وهذا العلاج وإن ذكر بالنسبة للأربع والخمس، إلا أنه يمكن ذكره بالنسبة للست أيضاً، وعليه سوف تكون العلامات الحتمية ستاً، وليست خمساً، فلاحظ.

هذا ويمكن أن يجاب بجواب آخر، بأن الحاجة إلى العلاج المذكور من قبل بعض الكتاب بين روايات الأربع والخمس، وتعدية ذلك من قبلنا لروايات الست أيضاً، مبني على أن بين طوائف النصوص الثلاث معارضة، وهذا إنما يتصور حال كون النصوص المتضمنة لاستعراض العلامات على نحو الحصر الحقيقي، وعليه فيكون مقتضى الدلالة الالتـزامية البناء على النفي عن البقية.

وهذا غير واضح، إذ قد عرفت العلاج السابق، ومؤداه الحمل على الحصر الإضافي.

على أنه يمكننا الجواب بأنه لا معارضة بين الطوائف الثلاث أصلاً، وذلك لأن جميع النصوص مثبتة، وقد تقرر في محله أن المعارضة إنما تكون بين الخبرين المتنافيـين، أما الخبران المثبتان، فلا معارضة بينهما، فلاحظ.

بقي أن نشير إلى أن هناك نصوصاً أخرى تضمنت استعراض جملة أخرى من العلامات عبر عنها بالحتمية أيضاً، مثل خروج اليماني، وكاختلاف أولاد بني العباس.

ومع ثبوت هكذا موارد، فإن الجوابين السابقين يجريان في البين أيضاً، فإما البناء على أن النصوص كلها مثبتة، أو البناء على أن المقام من صغريات الحصر الإضافي، وليس الحصر الحقيقي، فلاحظ.

وقت الظهور:

وأما بالنسبة لوقت الظهور، فقد تضمنت جملة من النصوص الإشارة إلى أوان الظهور، ويمكن تصنيفها حسب الصفة الزمنية التي تناسب يوم الظهور إلى صنفين:

الأول: الروايات التي تضمنت أن ظهوره بأبي وأمي ونفسي سوف يكون في يوم النيروز.

الثاني: أن ظهوره(روحي لتراب حافر جواده الفداء) سوف يكون في يوم عاشوراء.

كما يمكن تصنيف النصوص التي تضمنت تسمية يوم الظهور بأيام الأسبوع إلى قسمين:

الأول: الروايات التي تضمنت أن ظهوره سوف يكون في يوم الجمعة.

الثاني: الروايات التي تضمنت أن ظهوره سوف يكون في يوم السبت.

ولما كانت النصوص المذكورة مختلفة، فإن ذلك يوجب إسقاطها عن الحجية والاعتبار، وعدم إمكانية الاستناد إليها.

وقد يعالج الاختلاف المذكور بما جاء في كلمات بعض الكتاب، بأنه من الممكن أن يحصل اجتماع المناسبتين الأوليتين، النيروز وعاشوراء في يوم واحد، لأن النيروز هو ابتداء السنة الشمسية، فلا مانع من اجتماعه مع يوم عاشوراء، وهو الواقع في السنة القمرية. كما من الممكن أن يجتمعا معاً مع يومي الجمعة أو السبت، وبالتالي تعالج مشكلة الاختلاف والمعارضة المتصورة بين النصوص.

وما أفيد وجيه، إذا بنينا على أن المقصود من النيروز هو ابتداء السنة الشمسية، وهو محتمل جدا، أما لو قيل بأن المقصود به في النصوص غير ابتداء السنة الشمسية، فلا يتم ما ذكر، فلاحظ.

وحتى مع القبول بالتوجيه المذكور يـبقى محذور الاختلاف بين يومي الجمعة والسبت على حاله.

وقد عولج من بعضهم أيضاً بأنه يمكن أن يكون أحدهما للظهور والقيام، والثاني لاستقرار النظام وتـثبيته، والقضاء على المعارضين، هذا كله على فرض صحة روايات أن ظهوره يوم الجمعة.

والإنصاف، أن هذا التوجيه إنما يقبل به حال توفر قرينة موجبة للحمل عليه، وإلا ما لم يكن في البين قرينة موجبة لصرف اللفظ عن ظاهره، فإنه يصعب البناء على مثل هذا التوجيه، فلاحظ.

وقفـة:

هذا ولنا وقفة مع الروايات التي تضمنت علامات الظهور، وكذا الروايات التي تضمنت تحديد وقت الظهور، وقبل الحديث عن ذلك، أشير إلى مقدمة:

لقد وردت عندنا جملة من النصوص الشريفة تضمنت التعبير بـ(كذب الوقاتون)، فقد روى الفضيل قال: سألت أبا جعفر(ع): هل لهذا الأمر وقت؟ فقال: كذب الوقاتون، كذب الوقاتون، كذب الوقاتون[27].

وعن أبي عبد الله الصادق(ع) قال: كذب الوقاتون، وهلك المستعجلون، ونجا المسلمون، وإلينا يصيرون[28].

وعنه(ع) أيضاً: من وقت لك من الناس شيئاً، فلا تهابن أن تكذبه، فلسنا نوقت لأحد وقتاً[29].

وعن أبي بكر الحضرمي، قال: سمعت أبا عبد الله(ع) يقول: إنا لا نوقت هذا الأمر[30].

وعن أبي بصير عن أبي عبد الله(ع) قال: قلت له: جعلت فداك متى خروج القائم(ع)، فقال: يا أبا محمد، إنا أهل بيت لا نوقت، وقد قال محمد(ص): كذب الوقاتون[31].

وقد ذكر الأصحاب أن المستفاد من هذه النصوص أن كل من حدد وقتاً لظهور الحجة المنـتظر(روحي لتراب حافر جواده الفداء)، فإنه كاذب، لأنه يكون من الوقاتين.

ولا ريب أن الروايات التي حددت ظهور القائم(عج) بيوم السبت، أو الجمعة، أو عاشوراء، أو النيرورز من مصاديق التوقيت، وهذا يستدعي تكذيـبها، بمقتضى هذه النصوص السابقة كما عرفت، وعليه إما أن يمكن الجمع والتوفيق بينهما، أو يعمد إلى ترجيح واحدة من الطائفتين على الأخرى، مع ملاحظة أن نصوص تكذيب الوقاتين لا يـبعد البناء على اعتمادها، لما تبلغه من عدد يوجب ذلك.

كما أن الروايات التي تضمنت ذكر علامات للظهور، التي عرفت بأنها حتمية، من هذه المصاديق أيضاً، فتكون مندرجة تحت هذا العنوان، توضيح ذلك:

لقد تضمنت جملة من نصوص العلامات الحتمية تحديد ظهور المولى(روحي لتراب حافر جواده الفداء) بأنه بعد حصول العلامة بكذا يوم، فلاحظ مثلاً ما جاء في شأن النفس الزكية، وهذا يفيد توقيتاً واضحاً لوقت الظهور، نعم هو لم يحدده بيوم معين السبت أو الجمعة، أو النيرورز أو عاشوراء، كما في الطائفة الأخرى من الروايات، لكنه يؤول بالنتيجة للتوقيت، وهذا يتنافى ونصوص المنع من التوقيت، فيكون موجباً لرفع اليد عنها، ما لم يمكن التوفيق بين الطائفتين، فلاحظ.

وقد سعي غير واحد لنفي وجود معارضة في البين بين النصوص، ذلك لأن نصوص التوقيت موضوعها يختلف عن النصوص الأخر، ببيان:

إن الموضوع في نصوص التوقيت ليس تحديد وقت للظهور، بل المقصود منها هو تحديد الظهور بوقت وتاريخ معين، وقد جعلوا القرينة على ذلك الأخبار التي تنفي توقيتاً معيناً، كحديث عمار الصيرفي قال: سمعت أبا عبد الله(ع) يقول: قد كان لهذا الأمر وقت، وكان في سنة أربعين ومائة، فحدثتم به وأذعتموه، فأخره الله عز وجل[32].

وعن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر(ع) يقول: يا ثابت إن الله كان قد وقت هذا الأمر في سنة السبعين، فلما قتل الحسين(ع) اشتد غضب الله فأخره إلى أربعين ومائة، فلما حدثناكم بذلك فأذعتم وكشفتم قناع الستر، فلم يجعل الله لهذا الأمر بعد ذلك عندنا وقتاً، يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب[33].

على أساس أن المقصود من الأمر الذي ورد في هذين النصين، هو ظهور المولى(بأبي وأمي ونفسي).

ولا يخفى بعدُ النصوص المذكورة عن المدعى، ضرورة أن عمدة ما يستفاد منها بيان أن هناك توقيتاً محدداً كان من الباري سبحانه وتعالى لهذا الأمر، ونتيجة لأمر ما قد تغير ذلك التحديد، لا أن المستفاد منها أن المنفي هو تحديد وقت بذاته.

وبعبارة أخرى، إن النصوص المذكورة على أنها بيان لمدلول نصوص التوقيت أجنبية تماماً عن دلالة نصوص التوقيت، فلاحظ.

فالإنصاف، أن المعارضة لا زالت قائمة، وبالتالي لابد من ملاحظة إمكانية العلاج، لو أمكن، أو البناء على اللجوء لتقدم إحدى طائفتي النصوص على الأخرى.

والظاهر-والله سبحانه وتعالى أعلم بحقائق الأمور-أن التقديم والترجيح لروايات تكذيب الوقاتين، وبالتالي يستدعي الأمر رفع اليد عن النصوص سواء التي تضمنت علامات الظهور بقسميها حتمية، وغير حتمية، أم الروايات التي تضمنت تحديد يوم الظهور بكونه سبتاً، أو جمعة، عاشوراء، أو نيروزاً.

البداء في المحتوم:

على أنه لو لم يقبل ما ذكرناه، من توقف في القبول بعلامات الظهور، فإن هنا مطلباً جديراً بالبحث والدراسة، وهو: أن علامات الظهور الحتمية، هل يمكن أن يقع البداء فيها أم لا؟…

مقتضى الحتمية فيها، هو البناء على عدم حصول البداء فيها، لأن البداء يعني التغير والتبدل، وهذا المعنى لا يتناسب مع الحتمية، فوقوع البداء فيها ينفي حتميتها. مع أن في البين نصاً نقله غواص بحار الأنوار العلامة المجلسي(قده) في بحاره ينص على حصول البداء في علامات الظهور الحتمية، فعن داود بن القاسم، قال: كنا جلوساً عند أبي جعفر محمد بن علي الرضا(ع)، فجرى ذكر السفياني، وما جاء في الرواية من أن أمره من المحتوم، فقلت لأبي جعفر(ع): هل يـبدو لله في المحتوم؟

قال: نعم.

قلنا له: فنخاف أن يـبدو لله في القائم(ع).

قال(ع): إن القائم(ع) من الميعاد، والله لا يخلف الميعاد[34].

والمستفاد من هذا الحديث أنه(ع) فرّق بين أمرين، بين ما هو محتوم، فذكر أن البداء فيه واقع، مثله مثل بقية الأمور، وبين ما هو من الميعاد، وأنه سبحانه وتعالى لا يـبدو له فيه شيء، لأنه تعالى لا يخلف الميعاد. وقد جعل أمر المولى(روحي لحافر جواده الفداء) من الثاني، والعلامات كالسفياني من الأول.

هذا ونتيجة لعدم تصور البداء في المحتوم، لمنافاته لمعناه كما أشرنا لذلك سابقاً، عمد غواص بحار الأنوار(ره)، للتعليق على النص المذكور وبيان المقصود منه، فقال: لعل للمحتوم معان، يمكن البداء في بعضها، وقوله(من الميعاد)إشارة إلى أنه لا يمكن البداء فيه لقوله تعالى:- (إن الله لا يخلف الميعاد).

والحاصل، إن هذا شيء وعد الله ورسوله وأهل بيته، لصبرهم على المكاره التي وصلت إليهم من المخالفين، والله لا يخلف وعده.

ثم إنه يحتمل أن يكون المراد من البداء في المحتوم، البداء في خصوصياته، لا في أصل وقوعه، كخروج السفياني قبل ذهاب بني العباس ونحو ذلك[35].

أقول: ذكر(ره) في بيان المقصود من البداء في المحتوم، احتمالين:

الأول: أن يكون للمحتوم معاني متعددة، فيقع البداء في بعض المعاني، لا في جميعها، وبالتالي يكون من باب تعدد الاستعمال للفظ الواحد في المعاني المتكثرة، وهذا يستوجب أن يكون حمل اللفظ على المعنى المقصود بحاجة إلى قرينة.

الثاني: أن للمحتوم معنى واحد، لا أن له معاني متعددة، وبالتالي يكون المقصود من جريان البداء ووقوعه فيه، جريانه ووقوعه في بعض الخصوصيات، مثل تقدم مفردة على أخرى، أو تغير وضع أمر عن أمر آخر، كالمثال الذي ذكره، فبدل أن يكون خروج السفياني بعد ذهاب بني العباس، يتقدم خروجه فيكون قبل ذهابهم، فنلاحظ أنه لم يكن البداء في أصل العلامة التي هي خروج السفياني، وإنما كان البداء في بعض خصوصياتها ومتعلقاتها، فلاحظ.

ولا يخفى أن حمل الحديث محل البحث على الاحتمال الثاني المذكور في كلامه(ره) خلاف الظاهر جداً، ضرورة أن النص قد اشتمل على حصول البداء في المحتوم، وواضح أن المقصود من المحتوم هو وقوعه في نفس العلامة المحتومة، لا أن المقصود منه خصوصياته، أوبعض الأمور المتعلقة به.

وأما بالنسبة للاحتمال الأول، فالبناء عليه يعتمد على وجود كثرة استعمال للفظ المذكور في معاني متعددة، والذي يـبدو أنه خلاف ذلك، والمسألة بحاجة إلى مزيد متابعة في البحث اللغوي، ومتعلقاته، ليس هذا مجال البحث فيها.

هذا وقد عالج بعض المعاصرين، حصول البداء في المحتوم، بمعنى تدخل المشيئة الإلهية، بمعنى أن هذا أمر حتمي الوقوع لابد وأن يقع خارجاً، لكن ذلك لا يعني أن المشيئة الإلهية لا تتدخل فيه، فتلغي هذه الحالة، أو تلك العلامة، وإلا لا يوجد في البين لا فقد لشرط، ولا وجود لمانع، إلا تدخل المشيئة[36].

ولا يخفى أن العلاج المذكور يتنافى وما ذكره الكلاميون في تعريف البداء، حيث ذكروا في تعريفه أنه يكون في ما لا يكون حتمياً، من دون أن يكون الأمر معلقاً على مسألة الإرادة الإلهية.

وبعبارة أخرى، لقد قرر علماء الكلام أن لله سبحانه وتعالى قضائين، قطعي محتوم، ومعلق، والأول لا يتصور جريان البداء فيه، حتى لو دعي بألف دعاء، فلا تغيره الأعمال، لأنه كقضاء الله سبحانه للشمس والقمر مسيراً إلى أجل معين. فلا يتغير أو يتبدل، بخلاف الثاني، فإنه يتغير وفقاً لجملة من الأعمال

وخلاصة القول، أن الجواب المذكور لا ينسجم مع تعريف البداء، ولا مع تعريف الحتمي، وللحديث فيه بصورة أوسع البحوث الكلامية المتعرضة للحديث عن البداء، فلتلاحظ.

والحاصل، إن الحديث البداء في المحتوم، أيضاً من الموانع الموجب لرفع اليد عن نصوص العلامات الحتمية، ومن باب أولى العلامات غير الحتمية.

فتحصل أن البناء على موضوع علامات الظهور، من الأمور التي تستدعي توقفاً شديداً جداً فيه.

نعم ينبغي أن يعول المؤمنون على بحث أحق بالدراسة والاهتمام، وهو البحث عن شرائط الظهور، وأنه الذي يمثل العلة التامة لظهور المولى(روحي لتراب حافر جواده الفداء)، وأن ظهوره بأبي وأمي يدور مدار تحقق تلك الشروط، فمتى تحققت كانت الأرضية مهيأة لظهوره.

ولا يرد علينا في البين إشكال التوقيت، وما يحوطه من أمور، لأن البناء على تحقق الشروط، لا يستدعي تحديد الظهور، بمعنى أنه لا يعلم المقدار ما بين تحقق شروط الظهور، والظهور ،فربما تحققت الشروط، وبقيت مدة طويلة أو قصيرة، ثم بعد ذلك يظهر، فلا تحديد في البين أصلاً، فلاحظ.

وأهم شروط من شروط الظهور، هو وجود الأنصار الأكفاء القادرين على القيام بالمسؤولية التي سوف توعز إليهم في قيادة العالم إلى حياة جديدة ومرحلة مغايرة لما كان عليها، وهي أشبه ما تكون بمرحلة البعثة النبوية الجديدة، لأنه سوف يخرج الناس فيها من الضلال للهدى، ومن الغي للرشاد، ولذا ينبغي أن يتحلى هؤلاء الأنصار بجملة من الأمور يحققونها استعداداً للظهور، وتحقيقاً للشرط المذكور، أشير لأهم ما ينبغي أن يكون فيهم:

1-الإعداد الروحي، بمعنى الصعود بالمستوى الروحي للإنسان إلى أعلى درجة ممكنة، في جانب العمق الإيماني والعلاقة بالله سبحانه، والإخلاص ونقاء القلب.

2-الإعداد الفكري، بحيث يكون الشخص ممتلكاً لوعي وفهم وثقافة بمفاهيم الإسلام وأحكامه، تؤهله ليكون من الكوادر الصالحة في أنصار المولى(عج).

3-الإعداد السلوكي والعملي، من خلال معايشة التقوى والورع، والالتـزام بالأحكام الإلهية, فقد جاء عن أبي عبد الله الصادق(ع) أنه قال: من سره أن يكون من أصحاب القائم، فلينـتظر، وليعمل بالورع، ومحاسن الأخلاق وهو منـتظر.

4-الإعداد الرسالي.

المرأة في الحركة المهدوية:

من الأمور التي يتسائل حولها ما يلاحظ من أن الحديث عن ظهور الإمام المنـتظر(عج) ومن ثمّ الحديث عن جنده، وعسكره وأنصاره، يوجب صرف الحديث دائماً للعنصر الذكوري، بحيث يلاحظ القارئ نوعاً من التناسي، أو التهميش لدور المرأة في هذا العمل البطولي والرسالي، وربما أوجب ذلك ولو بصورة غير مقصودة تبلور صورة مؤداها أن ليس للمرأة في الحركة المهدوية المباركة دور أبداً، فهل ذلك يعني أن المرأة ليس لها من دور في تلك الحركة المباركة، أم أن لها دوراً ريادياً في ذلك، خصوصاً مع ملاحظة النصوص التي تضمنت أن أكثر أتباع الدجال هم النساء؟…

إن الرجوع للنصوص الشريفة عن المعصومين(ع) يشير إلى أن للمرأة في الحركة المهدوية دوراً بارزاً ومهماً جداً،، حيث أنها تضمنت أن للمرأة دوراً ريادياً في تلك الحركة الإصلاحية الرسالية، وهو لا يقصر عن دورها في أيام الرسالة المحمدية البارز والمؤثر والفعال، كما لا يقصر عن دورها القيادي والواضح في الحركة الحسينية، بل على مر التاريخ، فقد جاء عن رسول الله(ص) أنه قال: ينـزل عيسى بن مريم على ثمانمائة رجل وأربعمائة امرأة، أخيار من على الأرض وأصلحاء من مضى[37].

وعن الإمام أبي جعفر الباقر(ع) أنه قال: ويجيء والله ثلاثمائة وبضعة رجلاً، فيهم خمسون نسوة[38].

وعن المفضل بن عمر، قال: سمعت أبا عبد الله(ع) يقول: يكن مع القائم ثلاث عشرة امرأة، قلت: وما يصنع بهن؟ قال: يداوين الجرحى، ويقمن المرضى كما كان مع رسول الله(ص)، قلت: فسمهن لي: قال: القنواء بنت رشيد[39]، وأم أيمن، وحبابة الوالبية، وسمية أم عمار بن ياسر، وزبيدة[40]، وأم خالد الأحمسية[41]، وأم سعيد الحنفية، وصبانة الماشطة[42]، وأم خالد الجهنية[43].

هذا وقد يتوهم البعض أن بين النصوص اختلافاً من حيث العدد، وهذا يوجب رفع اليد عن النصوص الذاكرة للنساء في الحركة المهدوية.

إلا أنه توهم فاسد، لأن النصوص وإن اختلفت من حيث العدد، لكنها كلها مثبتة، والتنافي إنما يكون بين المتعارضين سلباً وإيجاباً، لا بين المثبتين.

على أنه يمكن أن يكون منشأ الاختلاف في العدد، هو الإشارة للاختلاف بلحاظ الخصوصيات كما هو واضح، فلاحظ.

هذا وقد تضمنت النصوص المذكورة بيان الوظيفة التي تناط بالنساء في زمن الظهور، وهي القيام بعملية التمريض للمجاهدين في جيشه(ع)[44].

القيام لذكر اسمه الشريف:

هذا ومن الأمور التي يتم التساؤل عنها، هو لماذا يقوم الناس عندما يذكر بمحضره الإمام المنـتظر(عج)، أو يعمد البعض إلى وضع يده على رأسه متى قام بذكره صلوات الله وسلامه عليه، دون بقية المعصومين(ع)، فإننا لا نرى ذلك عند ذكرنا للنبي(ص)، ولا لأمير المؤمنين(ع)، أوي أي واحد من بقية المعصومين(ع)؟…

والجواب عن هذا الأمر معتمد على أن يكون منشأ العمل الصادر من شيعة أهل البيت(ع) مستمداً من خلال أئمتهم(ع)، لأن المراجع لسيرة الشيعة على مر التاريخ يجد أن أفعالهم تتناسب دائماً مع التعاليم الصادرة عن المعصومين، حيث أنهم يستمدون أمور دينهم ودنياهم منهم، ومقامنا من هذا القبيل، حيث روي عن أبي عبد الله الصادق(ع) أنه ذكر اسم الإمام المهدي(عج) في مجلس كان فيه، فقام الإمام(ع) احتراماً وتعظيماً له.

وروي أيضاً أن دعبل الخزاعي لما دخل على الإمام الرضا(ع)، وقرأ عليه التائية المعروفة، ووصل إلى أبياته التي قالها في الإمام الحجة(ع)، وسمع الإمام ذلك منه، قام(ع) قائماً على قدميه، وطأطأ منحنياً به إلى الأرض بعد أن وضع كفه اليمنى على هامته.

وقد روى المحدث النوري(ره) أنه لما ذكر اسم الحجة بن الحسن عند الرضا(ع)، قام ووضع كلتا يديه على رأسه، وقال: اللهم عجل فرجه، وسهل مخرجه.

وقد علل الإمام الصادق(ع) سبب القيام عند ذكر اسمه الشريف(عج)، وقد سأل عن سبب ذلك، فأجاب: لأن له غيـبة طويلة، ومن شدة الرأفة بأحبته ينظر إلى كل من يذكره بهذا اللقب، فعلى العبد الخاضع لصاحبه أن يقوم عندما ينظر المولى الجليل إليه، فليقم وليطلب من الله جل ذكره تعجيل فرجه.

لقب قائم آل محمد:

ومما يسأل عنه أيضاً، منشأ إطلاق لقب قائم آل محمد(ع) على الإمام الحجة بن الحسن(روحي لتراب حافر جواده الفداء) دون بقية المعصومين(ع)، مع أن الجميع يسلم بأن كل المعصومين(ع) قائمون بالحق وبأمر الله سبحانه، وفقاً للمستفاد من جملة من النصوص، فعن الإمام موسى(ع) وقد سأله يونس بن عبد الرحمن عندما دخل عليه: فقال له: يا ابن رسول الله، أنت القائم بالحق؟

قال: أنا القائم بالحق، ولكن القائم الذي يطهر الأرض من أعداء الله، ويملأها عدلاً كما ملئت جوراً، هو الخامس من ولدي له غيـبة يطول أمدها خوفاً على نفسه، يرتد فيها أقوام، ويثبت فيها آخرون.

ويتمنى عبد العظيم الحسني في حديث له مع الإمام الجواد(ع)أن يكون الإمام هو القائم من أهل بيت محمد الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما ملئت جوراً وظلماً، فقال(ع): يا أبا القاسم، ما منا إلا قائم بأمر الله، وهادي إلى دين الله، ولكن القائم الذي يطهر الله عز وجل به الأرض من أهل الكفر والجحود، ويملأها عدلاً وقسطاً، هو الذي يخفى على الناس ولادته، ويغيب عنهم شخصه، ويحرم عليهم تسميته، وهو سمي رسول الله(ص) وكنيه.

إذاً أننا نجد اختصاصاً لهذا اللقب بالحجة المنـتظر المهدي(عج)، فلماذا خص به دون البقية؟…

هناك عدة أمور أوجبت اختصاص هذا اللقب بالمولى الصاحب(عجل الله تعالى فرجه)، وتلك الأمور هي:

خص الله سبحانه إياه بهذا اللقب:

إن هذا اللقب مما اختصه الله سبحانه وتعالى به دون بقية الأئمة(ع)، كما أنه سبحانه قد خص جده أمير المؤمنين(ع) بألقاب لم يشركه فيها أحد، فكذلك كان له هذا اللقب، فقد روى أبو حمزة الثمالي، قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي الباقر(ع): يا ابن رسول الله، لم سمي علي(ع) أمير المؤمنين، وهو اسم ما سمي به أحد قبله، ولا يحل لأحد من بعده؟

فقال: لأنه ميرة العلم، يمتار منه ولا يمتار من أحد غيره.

قال: فقلت: يا بابن رسول الله، فلم سمي سيفه ذا الفقار؟

فقال(ع): لأنه ما ضرب به أحد من خلق الله إلا أفقره من هذه الدنيا من أهله وولده، وأفقره في الآخرة من الجنة.

قال: فقلت: يا ابن رسول الله، فلستم كلكم قائمين بالحق.

قال: بلى.

قلت: فلم سمي القائم قائماً؟

قال: لما قتل جدي الحسين(ع) ضجت الملائكة إلى الله تعالى بالبكاء والنحيب، وقالوا: إلهانا وسيدنا، أتغفل عمن قتل صفوتك وابن صفوتك وخيرتك من خلقك؟

فأوحى الله عز وجل إليهم: قروا ملائكتي، فوعزتي وجلالي لانتقمن منهم ولو بعد حين، ثم كشف الله عز وجل عن الأئمة من ولد الحسين(ع) للملائكة، فسرت الملائكة بذلك، فإذا أحدهم قائم يصلي، فقال الله عز وجل: بذلك القائم أنتقم منهم.

أنه يقوم لحماية الدين:

ويختلف هذا السبب عن سابقه بأن الأول، من الألقاب التعبدية الصادرة من الذات المقدسة، بينما هذا اللقب استل نتيجة لعمل سوف يقوم بممارسته(ع)، وهو القيام بحماية الدين، فقد ورد عن الإمام أبي عبد الله الحسين بن علي(ع)قال: دخل أعرابي على رسول الله(ص) يريد الإسلام، ومعه ضب قد اصطاده في البرية وجعله في كمه، فجعل النبي يعرض عليه الإسلام، فقال: لا أومن بك يا محمد، أو يؤمن بك هذا الضب، ورمى الضب من كمه، فخرج الضب من المسجد يهرب، فقال النبي: يا ضب من أنا؟

قال: أنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف.

قال: يا ضب من تعبد؟

قال: أعبد الذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، واتخذ إبراهيم خليلاً، وناجى موسى كليماً، واصطفاك يا محمد.

فقال الأعرابي: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله حقاً، فأخبرني يا رسول الله هل يكون بعدك نبي؟

قال: لا، أنا خاتم النبيـين، ولكن يكون بعدي أئمة من ذريتي، قوامون بالقسط، كعدد نقباء بني سرائيل، أولهم علي بن أبي طالب، فهو الإمام والخليفة بعدي، وتسعة من الأئمة من صلب هذا –ووضع يده على صدري-والقائم تاسعهم، يقوم بالدين في آخر الزمان، كما قمت في أوله.

يقوم بالسيف:

وهذا السبب أيضاً كالسبب السابق، بمعنى أنه مشتق من خلال عمل يمارسه، فقد روى علقمة الحضرمي عن أبي عبد الله الصادق(ع) عن أبيه، عن جده عن علي(ع) قال: قال رسول الله(ص): يا علي، إن قائمنا إذا خرج يجتمع إليه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً عدد رجال بدر، فإذا كان وقت خروجه يكون له سيف مغمود، ناداه السيف: قم يا ولي الله، فاقتل أعداء الله.

إحياء ذكره بعد موته:

وهذا السبب أيضاً ورد فيه نص، فعن الصقر بن أبي دلف، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي بن موسى الرضا(ع) يقول: الإمام بعدي ابني علي، أمره أمري، وقوله قولي، وطاعته طاعتي، والإمام بعده ابنه الحسن، أمره أمر أبيه، وقوله قول أبيه، وطاعته طاعة أبيه، ثم سكت.

فقلت: يا ابن رسول الله، فمن الإمام بعد الحسن؟

فبكى بكاء شديداً، ثم قال: إن بعد الحسن ابنه القائم بالحق المنـتظر.

فقلت له: يا ابن رسول الله، ولم سمي القائم؟

قال: لأنه يقوم بعد موت ذكره، وارتداد أكثر القائلين بإمامته.

فقلت له: ولم سمي المنـتظر.

قال: لأن له غيـبة يكثر أيامها، ويطول أمدها، فينـتظر خروجه المخلصون، وينكره المرتابون، ويستهزئ به الجاحدون، ويكذب فيها الوقاتون، ويهلك فيها المستعجلون، وينجو فيها المسلمون.

حكم ذكره باسمه:

هذا ولنختم هذه التساؤلات بهذا التساؤل: وهو ما حكم تسميته بأبي وأمي ونفسي باسمه في عصر الحضور وعصر الغيـبة، فهل يحرم ذلك، أم أنه جائز، أم أنه يعمد إلى القول بالتفصيل بين ما إذا كان في زمن الحضور، فيجوز، وفي زمن الغيـبة، فلا يجوز، أو بين ما إذا كان المقام مقام تقية، فلا يجوز، ولو لم يكن كذلك فيجوز؟…

اختلف الأصحاب في حكم تسمية المولى الصاحب(روحي لتراب حافر جواده الفداء) على أقوال، ذكر بعض مشايخنا منها التالي:

الأول: الجواز مطلقاً، سواء في زمان الغيـبة، أم في زمان الحضور، إلا في زمن التقية، فإنه يحرم تسميته باسمه الشريفة، وقد اختار هذا القول الشيخ صاحب الوسائل(قده).

الثاني: المنع مطلقاً، وهو المنسوب للمشهور، ويظهر من الصدوق، والمفيد، والطبرسي، والمحدث النوري، وغيرهم.

الثالث: التفصيل، فيحرم ذكره باسمه الشريف في المحافل والمجالس ومجمع الناس، ولا يحرم في الأماكن الخاصة، وينسب هذا القول إلى المحقق الداماد.

الرابع: كراهة تسميته باسمه الشريف، وهو منسوب للشيخ الأعظم الأنصاري(ره).

الخامس: التفصيل بين زماني الغيـبة الصغرى والكبرى، فيحرم في الأول، دون الثاني.

وقد ذكره العلامة المجلسي غواص بحار الأنوار(ره)، لكن لم ينسبه لقائل.

هذا ومرجع الاختلاف بين أصحابنا يعود لاختلاف الروايات في المقام، إذ أن الموجود عندنا طوائف:

منها: ما يستفاد منه حرمة التسمية، وعدم جواز ذكره(عج)بالاسم مطلقاً، مثل قول أمير المؤمنين(ع) لعمر بن الخطاب: لا أحدث باسمه، وقول الصادق(ع): لا يحل لكم تسميته، وعنه أيضاً: لا يسميه باسمه إلا كافر، وعن الكاظم(ع): ويحرم عليهم تسميته، وعن الرضا(ع): لا يسمى باسمه، وعن الجواد(ع): ويحرم عليهم تسميته، وعن الهادي(ع): لا يحل ذكره باسمه، وقال العسكري: ولا يحل لكم ذكره.

ومنها: النصوص التي عللت المنع من ذكر اسمه الشريف بعدم الأمن عليه، وللخوف من وقوع الطلب من الأعداء.

ومنها: النصوص التي اشتملت على المنع عن ذكر اسمه في المحفل العامة، ومجامع الناس، فقد جاء عن الناحية المقدسة: من سماني في مجمع من الناس باسمي فعليه لعنة الله.

وقد يضاف لذلك طائفة أخرى من النصوص، وهي الروايات التي وردت عنهم(ع)، وقد اشتملت على التصريح باسمه، من دون فرق بين زمان خوف أو محفل للناس، أو غير ذلك. فقد ورد عن الإمام العسكري(ع) أنه قال لجاريته: ستحملين ذكراً، واسمه محمد، وهو القائم من بعدي، ولما سئل(ع) عن الإمام والحجة من بعده، فقال: ابني محمد، وهو الإمام والحجة بعدي.

ولا يخفى أن المعارضة إنما تتصور بين النصوص التي تضمنت التصريح باسمه الشريف على لسان الأئمة المعصومين(ع)، وبين النصوص التي اشتملت على المنع من ذلك. والوجه في ذلك:

هو أن نصوص المنع عن التسمية في المحافل ومجمع الناس، لا تعارض نصوص المنع عن تسميته(عج) بصورة مطلقاً، والسر في عدم المعارضة بين الطائفتين يعود لكون كلتا الطائفتين من النصوص مثبت، وقد قرر في محله أن المعارضة تكون بين السلب والإيجاب، لا بين النصين المثبتين، إذ أن نصوص المنع تمنع من التسمية مطلقاً، ونصوص المنع من التسمية في المحافل تمنع من تسميته في المحافل، فلا يوجد بينهما معارضة أصلاً.

ومنه يتضح أنه لا يصح في البين محاولة العلاج بحمل المطلق على المقيد، من خلال تقيـيد نصوص المنع المطلق وحملها على خصوص ما كان في المحافل العامة ومجمع الناس، لما عرفنا قبل قليل من أن النصين مثبتان، فلا معارضة بينهما، فلا معنى لمحاولة الجمع، فلاحظ.

ومثل ذلك يجري بالنسبة لنصوص المنع من التسمية خوفاً عليه ولعدم الأمن، ووجود الطلب، فإنها لا تعارض نصوص المنع مطلقاً.

اللهم إلا أن يدعى أن هذه النصوص ناظرة إلى بيان نصوص المنع مطلقاً، فتكون حاكمة عليها حكومة تفسير ونظر، وبالتالي لا مجال للبناء على نصوص المنع مطلقاً، وفقاً لمبنى بعض أساطين التحقيق من أعلامنا المعاصرين(دامت أيام بركاته)، وذلك استناداً لروايات العرض، إذ أنه(أطال الله في بقائه الشريف)يقرر أن النصوص التي تضمنت عرض مرويات الأئمة المتقدمين على الأئمة المتأخرين، يكون جواب الإمام المتأخر ناظراً لجواب المتقدم، فيجري مسلك الحكومة حينئذٍ توسعة أو تضيـيق، وعليه لا مجال للبناء على النص السابق.

وهذا المبنى الذي أفاده(مد الله في عمره الشريف)قوي جداً، نعم قد حدد(أطال الله في أيام وجوده المبارك)النظر بخصوص ما إذا كانت الألفاظ في النصين متشابهة.

لكنه يمكن التوسع أكثر من خلال اتحاد الموضوع، ولو في الجملة. فتأمل.

ومقامنا من هذا القبيل، حيث أن الحديث في النصوص التي وردت في المنع من التسمية خوفاً من الطلب بمثابة المعروض عليه(عج)، وقد حدد المنع من ذلك خوف الطلب وعدم الأمن، فتكون حاكمة على نصوص حرمة التسمية بقول مطلق حكومة تضيـيق، والمسألة بحاجة إلى مزيد من التأمل أكثر ليس هذا مجاله، نسأل الله سبحانه وتعالى الهداية، وهو الهادي العاصم.

ويمكن أن نذكر جواباً آخر يمنع من البناء على حرمة التسمية بقول مطلق، وذلك من خلال التمسك بمسلك دخالة الزمان والمكان في فهم النص، فيقال: إن في البين قرينة حالية تمنع من انعقاد الإطلاق في نصوص المنع بقول مطلق، حيث أن الحالة الأمنية التي كان يعيشها أئمة الهدى(ع)، وما كانوا عليه من تضيـيق يعدّ مانعاً من التصريح بالاسم، حتى لا يعرف.

هذا وقد التـزم بعض الأساتذة(حفظه الله) بالقول الأول، وهو البناء على المنع من تسميته(روحي فداه) مطلقاً، والحكم بالحرمة، وحاصل بيانه:

أنه لا موجب لرفع اليد عن الطائفة الأولى من النصوص، والتي دلت على الحرمة والمنع من التسمية مطلقاً، خصوصاً وأن أكثر روايتها صحيح السند، واضح الدلالة، وظاهر النهي هو التحريم.

وأما بقية الروايات، فقد أجاب عنها:

أما النصوص التي اشتملت على التصريح باسمه الشريف(ع)، فهي صنفان:

الأول: ما ورد التصريح فيها على ألسنة الأئمة(ع).

الثاني: ما ورد على لسان الرواة.

أما الصنف الثاني، فهو مضافاً لضعفه السندي، فإنه لا يصلح لمعارضة نصوص المنع، وذلك لأن الألفاظ المنقولة من قبل الراوي لا يحرز أنها ألفاظ الإمام(ع)، بل هي من قبيل الحكاية للدعاء، أو القراءة للمكتوب، وبالتالي لا يكون مشمولاً للأدلة التي دلت على حجية الخبر.

وأما الصنف الأول، فهو خارج تخصصاً، لأنه لا يشمله ما دل على المنع، لأنه من الأمور الخاصة بالمعصوم(ع).

وأما الروايات التي تضمنت أن منشأ النهي عن التسمية وذكر اسمه الشريف، هو الخوف وعدم الأمن عليه من الطلب، فهي ضعيفة الأسناد والدلالة، وذلك لأن مضمونها غامض، حيث لا يعرف الوجه في المنع عن تسميته ما دام غائباً بجسمه الشريف وشخصه.

وأما النصوص المشتملة على النهي في خصوص المحافل والمجامع، فهي لا تعارض نصوص الحرمة، لأن المستفاد منها شدة الحرمة وتأكدها في المحافل، لا أن النهي مختص بها، وبالتالي لا تكون معارضة لنصوص الحرمة، لأن ما فهم من مدلولها يغاير ما هو ظاهر منها.

وفي كلامه(حفظه الله) مواقع للنظر، قد يطول المجال بذكرها، وإنما أشير لشيء منها:

أولاً: ما هو الموجب لتخصيص التصريح الوارد على لسان المعصوم(ع) بكونه من مختصات المعصوم(ع) خصوصاً وأنه ليس في البين ما يوجب ذلك.

ثانياً: لم يتضح الوجه في حمله الصنف الثاني من هذه النصوص على ما ذكره، على أن لازمه حمل جميع ما جاء في ألسنة الرواة على ذلك، إذ لا يحرز أنهم في مقام نقل نفس الألفاظ الصادرة من المعصوم، فضلاً عن أنه ورد النص بأن ذلك لا مانع منه، متى كان لا يخالف ما قصد المعصوم(ع) قوله وأراد بيانه.

ثالثاً: إن الغموض الذي ادعاه في نصوص المنع لعلة الخوف وعدم الأمن، وجهه غير واضح.

وأخيراً، إن المناقشة السندية، تعدّ من الأمور الصغروية، إذ ما يكون ضعيف السند لديك، قد يكون صحيحاً أعلائياً عند غيرك[45].

——————————————————————————–

[1] المصنف لابن أبي شيبة ج 15 ص 89، كنـز العمال ج 14 ص 584.

[2] إحقاق الحق ج 13 ص 317.

[3] الملاحم لابن طاووس ص 77.

[4] إحقاق الحق ج 19 ص 644.

[5] إثبات الهداة ج 3 ص 596.

[6] الأمالي ج 2 ص 228.

[7] بحار الأنوار ج 52 ص 265.

[8] بحار الأنوار ج 52 ص 190.

[9] المصدر السابق ص 301.

[10] الملاحم لابن طاووس ص 144.

[11] مسند أحمد ج 2 ص 39.

[12] بحار الأنوار ج 52 ص 380.

[13] الأمالي ج 2 ص 271.

[14] عقد الدرر ص 333.

[15] الملاحم لابن طاووس ص 101.

[16] الكافي ج 8 ص 39.

[17] بشارة الإسلام ص 72.

[18] سنن أبي داوود ج 4 ص 11.

[19] بحار الأنوار ج 52 ص 154.

[20] عقد الدرر ص 94.

[21] الأمالي ج 2 ص 277

[22] بحار الأنوار ج 52 ص 211.

[23] مستدرك الوسائل ج 11 ص 375.

[24] الملاحم لابن طاووس ص 134.

[25] المصدر السابق ص 133.

[26] المصدر السابق ح 114.

[27] الغيبة للشيخ الطوسي ص 262.

[28] المصدر السابق.

[29] المصدر السابق.

[30] الغيبة للنعماني ص 155.

[31] المصدر السابق.

[32] الغيبة للنعماني.

[33] المصدر السابق.

[34] بحار الأنوار ج 52 ص 251.

[35] بحار الأنوار ج 52 ص 251.

[36] دراسة في علامات الظهور والجزيرة الخضراء ص 53.

[37] فردوس الأخبار ج 5 ص 515، كنـز العمال ج 14 ص 338.

[38] الغيبة للنعماني ص 279، تفسير العياشي ج 1 ص 65.

[39] هي بنت رشيد الهجري(رض).

[40] هي زوجة هارون الرشيد، وكانت من الشيعة، وقد أقسم هارون أن يطلقها لما علم بتشيعها، وعرفت بالأعمال الصالحة، خصوصاً في مجال سقاية الحجيج.

[41] كانت من المناصرين والمؤيدين لزيد بن الإمام زين العابدين، وقد قطع الحجاج يدها لتشيعها وتأيـيدها لزيد.

[42] زوجة حزقيل ابن عم فروعون وخازنه، وهو الذي تحدث القرآن عنه واصفاً إياه بمؤمن آل فرعون الذي يكتم إيمانه، وقد كانت زوجته ، ماشطة بنت فرعون، وقد قتلها فرعون وطفلها الرضيع حرقاً في النار.

[43] إثبات الهداة ج 3 ص 75.

[44] هذا وإني لأعجب اليوم، مع وجود النصوص التي تتحدث عن دور المرأة سواء في زمان رسول الله(ص)، أم في زمان المولى المنتظر(عج)، أن نسمع أصواتاً تتشدق بكراهة صلاة المرأة في المسجد جماعة، مع عدم ثبوت نصوص الكراهة، وبناء الفقهاء القائلين بذلك عليها من باب رجاء المطلوبية، وغفلة القائلين من الناس ما في حضورها للمسجد من فائدة وتعليم أمور دينها فقهاً وعقائداً وأخلاقاً وتربية، نسأل الله سبحانه أن يعيننا على أنفسنا.

[45] من مصادر البحث: بحار الأنوار، التقية في فقه أهل البيت، دراسة في علامات الظهور والجزيرة الخضراء، الإمام المهدي المصلح العالمي المنتظر، في رحاب حكومة الإمام المهدي، تاريخ ما بعد الظهور، تاريخ الغيبة الكبرى، النجم الثاقب.

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة