صلاة الرجل والمرأة
نص الفقهاء على بطلان صلاة الرجل والمرأة إذا كانا متحاذيـين أو كانت المرأة متقدمة على الرجل، من دون أن يفصل بينهما مسافة مقدرة، وهذا يعني أن من الشروط المعتبرة في صلاة كل منهما في الفرضين المذكورين تباعدهما بمسافة معينة.
وقد وقع الخلاف بين الفقهاء في تحديد المسافة المانعة من الصحة، فأكتفى الإمام الخوئي(ره)، والأستاذ الشيخ الوحيد(دامت أيام بركاته)، بشبر بينهما، ولم يعتبرا أكثر من ذلك، نعم الأحوط استحباباً أن يتقدم الرجل على المرأة أو يفصل بينهما حائل، أو تكون المسافة عشرة أذرع حال كونهما متحاذيـين.
واعتبر السيد السيستاني(دامت أيام بركاته وجوده) أن تكون المسافة بينهما سواء في حال المحاذاة أم في حال تقدم المرأة على الرجل، بمقدار عشرة أذرع بذارع اليد، وهي تساوي أربعة أمتار ونصف تقريباً، فلا تصح صلاتهما على الأحوط وجوباً لو لم تكن المسافة بهذا المقدار، أو لم يكن بينهما حائل، أو لم يكن الرجل متقدماً على المرأة.
عدم الفرق بين المحارم وغيره:
ولم يفرق الفقهاء جميعاً في ما ذكروه حال تقدم المرأة على الرجل، أو حال محاذاتهما، بين كون الرجل والمرأة من المحارم كالأب وابنته والأم وابنها، والأخ وأخته، أم من الأجانب كالزوج وزوجته.
وحدة المكان:
ثم إن الحكم ببطلان صلاة الرجل والمرأة غير المتباعدين، سواء في حال المحاذاة، أم في حال تقدم المرأة على الرجل، مشروط بأن يكون المكان الذي يصليان فيه مكاناً واحداً بنظر العرف، أما لو لم يكن كذلك، بأن كان أحدهما في مكان مرتفع عن الآخر، بحيث لا يصدق عليه وحدة المكان مع الآخر بنظر العرف، لم يضر محاذاة المرأة للرجل، أو تقدمها عليه في صحة صلاتهما، وذلك بسبب الاختلاف في المكان بنظر العرف.
التفصيل بين حال الاختيار والاضطرار:
وما ذكرناه من الحكم ببطلان صلاتهما حال المحاذاة، أو تقدمها عليه، مع عدم مراعاة المسافة المعتبرة، يختص بحال الاختيار، والقدرة على التباعد بينهما بالمسافة المطلوبة، أو قدرة الرجل على التقدم على المرأة.
أما في حال الاضطرار، لأي سبب من الأسباب الموجبة لعدم قدرتهما على التباعد مثلاً، فإنه يبنى على صحة صلاتهما ولو تقدمت المرأة على الرجل، أو كانت محاذية له دون مراعة للمسافة المطلوبة.
الصلاة في مكة:
والمعروف بين الفقهاء، أن ما ذكرناه من اشتراط التباعد بين الرجل والمرأة حال أدائهم الصلاة، لا يجري في مكة المكرمة، فلا يضر بصحة صلاتهما تقدم المرأة على الرجل، أو محاذاتها له، وذلك لخصوصية لمكة المكرمة.
وخالف في ذلك السيد السيستاني(دامت بركاته) فخص صحة الصلاة في مكة المكرمة مع عدم توفر المسافة المقررة بينهما، بحالة الإزدحام.
التفصيل بين البالغ وعدمه:
وقد تضمنت كلمات الإمام السيستاني(دامت أيام بركاته) تفصيلاً بين البالغ وغيره، فذكر(حفظه الله)، أن الذي يمنع وجوده من صحة الصلاة في المقام هو خصوص البالغ دون غيره، فلو صلى الطفل الذي لم يبلغ محاذياً لأمه، أو صلت الفتاة غير المكلفة محاذية لأبيها، لم يمنع ذلك من صحة صلاتهما. نعم الأحوط استحباباً مراعاة ذلك أيضاً في حق غير البالغ كما يراعى ذلك في حق البالغ.