من فقه الإقامة(1)
هناك عنوانان متقابلان تترتب عليهما مجموعة من الأحكام الشرعية، وهما عنوانا الحاضر والمسافر، أو عنوانا الحضر والسفر، إذ يؤخذ في الصلاة ملاحظة هذين العنوانين، فتكون الصلاة تامة عند وجود أحدهما دن الآخر، كما تكون الصلاة مقصورة إذا وجد الثاني دون الأول، فلو كان المكلف متصفاً بصفة السفر مثلاً كانت صلاته مقصورة، ولو كان حاضراً كانت صلاته تامة، وهكذا.
وكذلك الصوم، فإن وجوبه وصحته مترتبان على هذين العنوانين، فيجب الصوم على من كان حاضراً، ولا يجب على من كان مسافراً، ويصح الصوم ممن كان حاضراً ولا يصح ممن كان مسافراً، وهكذا. نعم يستثنى مما ذكرنا الصوم والصلاة في بعض الموارد التي ينطبق فيها عنوان المسافر على المكلف إلا أن وظيفته تكون تماماً، ويلزمه الصوم ويصح منه، مثل:
1-إذا كان سفره سفر معصية، فإنه لا يسوغ له التقصير والإفطار.
2-إذا كان في مقر عمله، فإنه يصلي تماماً ويصوم، كما لو كان عمله في السفر، وبني على أن المقر لا ينفي عنوان السفر عنه موضوعاً، لكنه ينفيه عنه حكماً.
3-من كان عمله السفر، فإنه يصلي تماماً، ويصوم.
4-من كان كثير السفر لغير عمل.
وفي هذه الموارد، يحكم فيها عليه بالتمام والصيام على خلاف القاعدة تعبداً لوجود الدليل الخاص على ذلك.
عنوان الحضر:
ويتحقق عنوان الحضر بأحد موجبين:
الأول: التواجد في الوطن: سواء كان:
1-وطنه الأصلي وهو مسقط رأسه عادة، ومسكن أبويه، والمكان الذي ينسب إليه، ويكفي أن يتوفر فيه أمران، وهو أن يكون مسكناً لأبويه، والمكان الذي ينسب إليه عادة وإن لم يكن مسقطاً لرأسه.
2-وطنه الاتخاذي، وهو المكان الذي اتخذه ليبقى فيه بقية عمره.
3- المكان الذي اتخذه له مقراً ليبقى مدة طويلة بحيث ينتفي عنه عنوان المسافر إذا تواجد فيه، ويعتبره العرف مقراً إليه.
الثاني: محل الإقامة:
ويقصد به المكان الذي يقصد المسافر البقاء فيه مدة زمنية لا تقل عن عشرة أيام بينها تسع ليال، فإذا قصد المسافر الإقامة في مكان معين عشرة أيام، فإنه ينقطع عنه حكم السفر، وتكون وظيفته التمام في الصلاة والصيام.