الوسواس مرض وعلاج
من الأمراض التي يبتلى بها كثير من المؤمنين والمؤمنات مرض الوسواس، ومما يؤسف له اعتقادهم أن ما يفعلونه ينسجم مع الشرع وأنهم بهذا يطيعون الله تعالى ويخفى عليهم أنهم قد يكونوا عاصين له سبحانه، وذلك لأن الوسواس أول المراحل التي يؤثر بها الشيطان على النفس الإنسانية ويجعل الإنسان عرضة للضلال.
والوسوسة على أقسام:
١-وسوسة عقائدية وفكرية، ونقصد بها نفوذ الشيطان للإنسان في شأنه العقائدي.
٢-وسوسة عملية، وهي نفوذ الشيطان للإنسان في شأنه العبادي.
٣-وسوسة اجتماعية، وتكون بنفوذ الشيطان للإنسان في علاقاته الاجتماعية مع الآخرين.
وقد تضمنت النصوص عدّ الوسواسي عابداً للشيطان دون الله تعالى.
الوسوسة العملية:
وهي التي يكثر الابتلاء بها، فهناك أناس يعيشون الوسوسة في الطهارة، فعندما يريد تطهير أية نجاسة في بدنه أو ثيابه أو في بيته، لا يطمئن لحصول ذلك ولو أفاض عليها الماء الكثير، فيبقى في شك دائم بعدم حصول التطهير.
وتمتد الوسوسة إلى الوضوء فنجد أن بعض الناس ممن يبدأ بالوضوء من الفجر حتى طلوع الشمس، وهو بعدُ لم يطمئن إلى صحة وضوئه، فإما تشرق الشمس عليه فتفوته الصلاة أو يصلي بتيمم.
وهناك من يوسوس في الصلاة بحيث يعيدها أكثر من مرة، لأنه لا يطمئن إلى صحة صلاته وللأسف اعتقاد البعض أن ذلك من علامات التقوى ويرى في فعله أنه يحافظ على تكليفه بالطريقة التي تحقق له اليقين.
علاج الوسوسة:
ويمكن علاج المرض المذكور بطرق ثلاث:
الأولى: الناحية السلوكية التنظيمية، وذلك بتحديد دائرة للفعل الذي يأتي به الوسواسي، مثلا تحديد الكمية التي يستعملها في وضوئه، فيحدد له مقدار معين من الماء لا يجوز له استعمال غيره بحيث لو لم يتوضأ به سيصلي دون طهارة لعدم مشروعية التيمم في حقه، وكذا في الغسل أيضاً، ومثل ذلك في عملية تطهير النجاسة، وهكذا.
وكذا في الصلاة فيجعل له وقت معين عليه أداء الصلاة خلاله دون زيادة.
الثانية: الناحية الإيحائية العملية، فإن السبب الذي يجعل الوسواسي يعيد ويكرر هو اعتقاده أن هناك إثماً عليه، بسبب بطلان عمله، وأنه سوف يستحق العقوبة يوم القيامة، فإذا أوحينا إليه أن عمله صحيح لا يحتاج إعادة وأنه معذور لن يستحق عقوبة ولو تبين مخالفة عمله للواقع، أمكنه التغلب على هذا المرض.
الثالثة: الناحية الشرعية، فإن وظيفته عدم الاعتناء بالشك، وهو عزيمة فلا يجوز له الاعتناء به، ولو أعتنى كان مأثوماً لمخالفته للشرع ويستحق العقوبة.