س:أود أن أعرف رأيكم في ما يتعلق بإختيار الليلة المناسبة لعقد النكاح،كالتثبت من أنها لا تصادف برج العقرب،أو أن يكون القمر في المحاق،ألا يعتبر هذا نوع من التنجيم الذي نهانا عنه الرسول(ص)والأئمة الهداة(ع)وهل هناك نصوص واردة عن أهل البيت(ع)تحثنا على الأخذ بالتنجيم،فأنا لست مفتنعاً بهذه الأشياء؟…
ج:المعروف بين أصحابنا أنه يكره إيقاع العقد والقمر في العقرب،أو في المحاق،وعن بعضهم كراهة إيقاع حتى التزويج الذي هو الدخول في تلك الموارد،بل عن ثالث كراهة الجماع في تلك الفترة.
ويدل على ترك التزويج في برج العقرب،وعدم كون القمر في المحاق وليلة الأربعاء،ما رواه الشيخ عن محمد بن حمران عن أبيه عن أبي عبد الله(ع)قال:من تزوج والقمر في العقرب لم ير الحسنى.
وعن الشيخ الصدوق أنه قال:وقد روى أنه يكره التزويج في محاق الشهر.
وعن عبد العظيم الحسني عن علي بن محمد العسكري عن آبائه(ع)في حديث قال:من تزوج والقمر في العقرب لم ير الحسنى،ومن تزوج في محاق الشهر فليسلم لسقط الولد.
أقول:المراد من التزويج الوارد في هذه النصوص وفي كلمات أكثر علمائنا هو العقد،وقد يقال أن المراد منه الدخول والبناء بالزوجة،وهذا غير بعيد،ولذا الأحوط ترك كليهما.
هذا والمراد من المحاق هو اسم لليالي الثلاث من آخر الشهر،إن كان الشهر تاماً،لأنه عبارة عن الليالي التي يمحق فيها ضوء القمر لطلوعه مع الشمس فتمحقه.
قال أهل اللغة:لليالي الشهر عشرة أسماء:عرر،ثم نقل:ثم تسع،ثم عشر،ثم بيض،ثم درع،ثم ظلم،حنادس،ثم دادى،ثم محاق.
والمراد بالعقرب برجه،لا المنازل الأربع المنسوبة إليه،والزبانا،والإكليل،والقلب،والشولة،وذلك لأن القمر يحل في بروج الإثني عشر في كل شهر.
وجملة المنازل التي هذه الأربع،بعضها ثمانية وعشرون مقسومة على البروج الإثني عشر،فيختص كل برج منـزلتان وثلث وللعقرب من هذه الأربع ما لغيره،والذي بينه أهل هذا اللسان للعقرب من المنازل ثلثا الأكليل والقلب وثلثا الشولة وذلك منـزلتان وثلث.
فأما الزبانا وثلث الإكليل فهو من برج الميزان كما أن ثلث الشولة الأخير من برج القوس،وإطلاق العقرب محمول على برجه،لا على هذه المنازل الأربع،فلا كراهة في منـزلة الزبانا مطلقاً.
وأما المنـزلتان المشطرتان فإن أمكن ضبطها،وإلا فينبعي تجتنب العقد والقمر فيهما حذراً من الوقوع فيما كره منهما.
وأما بالنسبة إلى ليلة الأربعاء،ففي موثقة عبيد بن زرارة وأبي العباس قالا:قال أبو عبد الله(ع):ليس للرجل أن يدخل بأمرأته ليلة الأربعاء.
وينبغي أن يعلم أن من المكروه أيضاً التزويج في الأيام السبعة المشهورة في الشهر،ونحوس الشهر،ففي العشر الأولى الثالث والخامس،وفي العشر الثانية الثالث عشر والسادس عشر،وفي العشر الثالث الحادي والعشرون والرابع والعشرون،والخامس والعشرون.
فقد دلت النصوص على التحذير من العمل فيها بأي عمل كان،ولزوم الإنسان بيته،وعدم الحركة لشدة نحوستها،كما روى ذلك السيد ابن طاووس في كتابه الدروع الواقية،وورد ذلك أيضاً في كتاب مكارم الأخلاق.
وأما اليوم الثالث،ففي الدروع عن الصادق(ع):يوم نحس مستمر فاتق فيه البيع والشراء وطلب الحوائج والمعاملة.
وفي مكارم الأخلاق عنه(ع)في حق هذا اليوم:رديء لا يصلح لشيء.
وأما اليوم الخامس ففي الدروع عنه(ع):أنه يوم نحس مستمر فلا تعمل فيه عملاً ولا تخرج عن منـزلك.
وفي المكارم عنه(ع):رديء نحس.
وأما الثالث عشر فعن الصادق(ع)أنه يوم نحس فاتق فيه المنازعة والخصومة وكل أمر،وفي رواية أخرى:يوم نحس،لا تطلب فيه حاجة.
وأما السادس عشر فقد فيه،أنه يوم نحس لا يصلح لشيء سوى الأبنية،ومن سافر فيه هلك.
وأما الحادي والعشرون،فقد فيه أنه يوم نحس رديء،فلا تطلب فيه حاجة.
وأما الرابع والعشرون،فقد جاء فيه أنه يوم نحس ولد فيه فرعون فلا تطلب فيه أمراً من الأمور.
وأما الخامس والعشرون،فقد ورد فيه،أنه يوم نحس رديء فاحفظ نفسك فيه،ولا تطلب فيه حاجة،فإنه شديد البلاء.
ومما ذكرنا يتضح أن هذه الأمور أجنبية عن التنجيم،على أنه قد يقال أن التنجيم ليست حرمته ذاتية،أي أنها لنفسه بما هو هو،وإنما الحرمة المتصورة فيه لما يترتب عليه،وقد وردت بعض النصوص المشيرة لهذا المعنى،وقد فصلنا ذلك بشكل موسع في كتابنا المكاسب المحرمة،فمن أراد الإستزادة فليطلبه من هناك،والله العالم.