حكم اللقيط و إبن الزنا

لا تعليق
مسائل و ردود
87
0

س: أود الحديث عن اللقيط، ببيان واجبنا كمسلمين تجاهه، وهل ما يقال من أن ابناء الزنى ميالون للفساد صحيح، خصوصاً وأن اللقيط قد يكون ابن زنى، وهل لمن يهتم به أجر وثواب؟…

ج: يجب أخذ الطفل الضائع أو المنبوذ وجوباً كفائياً إذا توقف حفظه في جسده ونفسه ودينه من الأخطار التي يخشى على مثله من الوقوع فيها.

هذا وللقيط حق على ملتقطه وهو أمران:

الأول: يجب عليه أن يعرّف عنه حتى يحصل له اليأس من معرفة أهله، إذا علم أنه غير منبوذ من قبلهم، لفقر أو خوف العار أو نحوهما، واحتمل الوصول إليهم، فلا يدع الوسيلة الناجعة في التعريف عنه مهما طال الزمن حتى يـيأس من معرفتهم، فإن احتاج التعريف إلى صرف مال من مال الطفل إن وجد عنده مال، أو من متبرع، أو حاكم ينفق عليه، أو من مال نفس الملتقط، ويجوز له بعد ذلك أن يطالب اللقيط به بعد أن يـبلغ ويكون ميسور الحال.

الثاني: يجب عليه أن يقوم بحضانته، وشؤون الحضانة تقتصر على العناية بصحته في نومه ولباسه وطعامه وشرابه وعلاجه ورد الأذى عنه، إضافة إلى العناية بشؤون نفسه في أخلاقه ودينه، وحسن تأديـبه وتوجيهه، ويخـتص الواجب من ذلك بالحد الأدنى الذي يحتاجه لرد المخاطر التي يعتد بها عن جسده ونفسه، سواء قام الملتقط بها بنفسه، أو أوكلها إلى غيره ممن يؤمن عليه، من مدرسة أو غيرها من الأفراد والمؤسـسات، وذلك حتى يـبلغ.

أما ما عدا ذلك مما يدخل في شؤون(الولاية)، كالإنفاق عليه من ماله، وكحفظ أمواله واستثمارها، وشؤون معاملاته، ونحوها فإن المرجع فيها هو الحاكم الشرعي، أو وكيله إن وجد وأمكنه التصدي، وإلا فعدول المؤمنين إذا لم يكن الملتقط منهم.

هذا ولا يجوز للملتقط أن يتبنى اللقيط، وذلك بأن ينسبه إلى نفسه كما لو كان قد ولده، وإن فعل ذلك أثم ولم تـترتب عليه آثار البنوة وأحكامها، كالولاية والنسب والميراث.

نعم التبني بمعنى كفالته ورعايته وعيشه مع عائلته كأنه ولد من أولاده في الاهتمام والمحبة، فهو أمر جائز، بل إنه من أفضل الأعمال، بل قد يكون واجباً كما ذكرنا قبل قليل، لكن لابد من رعاية وملاحظة كونه غريـباً من جهة وجوب التستر عنه على نسائه إن كان ذكراً، وتستره عن أهل بيته الذكور إن كان أنثى، وهكذا تلحظ سائر الأحكام، إلا أن يكون رضيعاً حين التقاطه، وقد قامت زوجته بإرضاعه الرضاع الذي ينشر الحرمة، فيحل حينئذٍ على الملتقط وزوجته وسائر أفراد أسرته، لأنه يصبح ولداً رضاعياً.

ثم إنه يعتبر في من يريد أن يلتقط اللقيط أن يكون بالغاً عاقلاً، فلا تـترتب أحكام الالتقاط إذا كان الملتقط صبياً أو مجنوناً، بل يـبقى من التَقَطاهُ ضائعاً لا كافل له، إلا أن يتعهد وليهما فيصير هو الملتقط دونهما.

وكذا يشترط في الملتقط أن يكون مسلماً إذا كان اللقيط محكوماً بالإسلام، فإن لم يكن الملتقط مسلماً بقي لقيطه ضائعاً، فيجوز للمسلم مع القدرة أخذه منه، بل يجب انتـزاعه منه مع الخوف على دين الصبي منه، فيما يصح التقاط الكافر اللقيط المحكوم بالكفر، وتـترتب عليه أحكام اللقيط، فضلاً عن التقاطه من قبل المسلم.

هذا والمعيار في كون اللقيط محكوماً بالإسلام أو بالكفر هو ما يكون عليه دين أهل المكان الذي التقط فيه، فإن كانت دار إسلام، أو دار كفر فيها مسلمون يحتمل تولده منهم، فاللقيط محكوم بالإسلام، وإلا فهو محكوم بالكفر.

هذا ولا يكون الطفل لقيطاً إلا بأمرين:

الأول: أن يكون غير قادر على الاستقلال بشؤونه، بحيث لا يقدر على السعي فيما يصلحه، ولا على دفع ما يضره و يهلكه، وإن كان قد تجاوز طور الطفولة الأولى وصار مميزاً.

الثاني: أن يكون هائماً على وجهه لا يعرف له كافل يرعاه ويحميه، لا متبرع ولا ولي أو وصي ولي، سواء كان منبوذاً قد تخلى عنه أهله في شارع، أو مسجد، أو دار رعاية، أم لم يعلم أنه كذلك، بل كان ضائعاً فاقداً لأهله.

أما إذا كان الضائع كبيراً لا يستقل بنفسه أيضاً، كالمجنون فلا يعد لقيطاً بالمعنى المصطلح ولا تـترتب عليه أحكامه، بل يكون المرجع في أموره الحاكم الشرعي، فإنه ولي من لا ولي له، وإن كان يجب على واجده حفظه ورعايته إذا خيف عليه من التلف، بل وكذا يستحب له ذلك مع عدم الخوف عليه، حتى يصل إلى الحاكم الشرعي ويرى رأيه فيه.

ومما ذكرنا يتضح أن اللقيط لا ينحصر حاله في خصوص أولاد الزنا.

وأما المقولة التي تقول بأن أبناء الزنى، دائماً ميالون للفساد، فلا يمكن التسليم بها بنحو الموجبة الكلية، بل إن الإنسان إذا كان مؤمناً فلابد من ترتيب آثار الإيمان عليه، وإن فسد عومل معاملة الفاسد، نعم هناك بعض النصوص المشيرة إلى أنه لا يكون صالحاً ويمكن أن يعلل ذلك بأن مقومات الفساد فيه متوفرة ذلك لأن انعقاد نطفته من حرام يكون سبباً لكونه ميالاً إليه، وراغباً فيه، وهكذا، نسأل الله أن يعينـنا على أنفسنا بمحمدٍ وآله الطاهرين.

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة