س:لقد خلق الله سبحانه وتعالى في البداية بني الله آدم،وبعد ذلك خلق حواء،والسؤال كيف خلق الله تعالى حواء؟…
ج:ذكرت في مقام الإجابة على هذا التساؤل ثلاث فرضيات:
الأولى:أن حواء خلقت من ضلع من أضلاع آدم(ع)وذلك بعد تمامية خلق آدم،وتعلق الروح به.
الثانية:أن حواء خلقت من فاضل الطينة الزائدة التي خلق منها آدم(ع)قبل تعلق الروح بهما،فيكون آدم وحواء موجودين مختلفين،نعم يتحدان في أصل الطينة.
الثالثة:أن تكون حواء مخلوقاً مستقلاً عن آدم،في أصل الخلق،عمدة ما كان قد خلقت حواء على طبعه،فليست مخلوقة من فاضل طينـته،ولا مخلوقة من أحد أضلاعه.
هذا والصحيح بحسب الظاهر هو الفرضية الثانية،ويشهد لذلك:
الأحاديث الكثيرة المعتبرة التي تنص على أن حواء(ع)خلقت من فاضل طينة آدم(ع).
نعم يمكن أن ترجع الفرضية الأولى إلى الثانية،بأن يقال:
أن المراد من ضلع آدم الأيسر،هو الطينة،التي لو جعلت في خلقته لكانت ضلعه الأيسر،بمعنى أن هذه الطينة كانت ستستخدم في هذا الأمر.
وهذا المعنى الذي ذكرناه يمكن به تأويل النصوص التي وردت في أن حواء خلقت من ضلع آدم الأيسر،مثل مارواه العياشي عن أمير المؤمنين(ع)قال:خلقت حواء من قصير جنب آدم،والقصير هو الضلع الأصغر،وأبدل الله مكانه لحماً.
هذا ويشهد لما ذكرناه من صحة النظرية الثانية من النصوص ما جاء عن الإمام الباقر(ع):أنها خلقت من فضل طينة آدم عند دخول الجنة.
وكذا ما رواه عمرو بن أبي المقدام عن أبيه قال:سألت أبا جعفر(ع)من أي شيء خلق الله حواء؟فقال:أي شيء يقولون هذا الخلق؟قلت:يقولون:إن الله خلقها من ضلع من أضلاع آدم،فقال:كذبوا،أكان الله يعجزه أن يخلقه من غير ضلعه؟قلت:جعلت فداك يا ابن رسول الله،من أي شيء خلقها؟فقال:أخبرني أبي عن آبائه(ع)قال:قال رسول الله(ص):إن الله تبارك وتعالى قبض قبضة من طين فخلطها بيمينه،وكلتا يديه يمين،فخلق منها آدم،وفضلت من الطين فخلق منها حواء،والله العالم.
س:كيف تحقق التناسل البشري بعد خلق الله تعالى لآدم وحواء،فبمن تزوج هابيل وقابيل ولداهما؟…
ج:يثبت القرآن الكريم أن النسل الأول من الإنسان قد انحدر من آدم وحواء(ع)،لكن في تكثر الذرية من بعدهما وفي أولادهما عدة إحتمالات:
الأول:أن يكون التناسل والتكاثر قد حصل من نكاح كل ولد ذكر مع أمه.
الثاني:أن يكون ذلك بتـزويج كل ذكر مع أخته.
الثالث:أن يكون ذلك بتـزيج كل ذكر بروحاني متجسد.
هذا ولما كان الأول باطلاً بالضرورة،فنبقى نحن والإحتمالين الآخرين،فنقول:
إن ملاحظة قوله تعالى:- (وبث منهما رجالاً ونساءا)[1]هو كون انتشار النسل البشري من طريق آدم وحواء(ع)،دون أن يكون لموجود ثالث أي دخالة.
وإن شئت فقل:إن الظاهر من هذه الآية أن النسل البشري ينـتهي إلى آدم وحواء،من غير أي مشاركة في ذلك من أي أحد،،ذكراً كان أم أنثى.
بناءاً على هذا سيكون أولاد آدم قد تزاوجوا أخوة وأخوات فيما بينهم،لأن مقتضى كون تكثير التناسل البشري عن طريق تزاوجهم بغيرهم،ينفي كون التناسل منهما،وهو ما دلت عليه الآية الشريفة.
وقد ورد هذا الموضوع في أحاديث متعددة،وقد تضمنت بعض تلك النصوص أن هذا الزواج كان مباحاً،حيث لم يرد بعد تحريم نكاح الأخت.
نعم هناك روايات أخرى تشير إلى أن أبناء آدم،لم يتزوجوا من أخواتهم،بل حمل بشدة على القائلين بمثل هذه المقالة.
وعندها نكون في مقام علاج التعارض الواقع بين الطائفتين من النصوص،المثبتة للزواج،والنافية له،ومقتضى تحكيم مرجحات التعارض هو تقديم نصوص الطائفة المثبتة للزواج،على نصوص الطائفة المانعة منه،وذلك لكون هذه النصوص موافقة للكتاب،فيؤخذ بها.
هذا وقد يقال بعلاج لرفع الإستيحاش في مسألة الزواج،فيقال:أن أولاد آدم،قد تزوجوا بمخلوق روحاني،لكنه متجسد على صورة الأخت،وليس هو الأخت نفسها،والسبب في ذلك يعود لكي يحصل التناسب حسب هذه الطبيعة.
وهذا المعنى يشهد له أكثر من مورد أن الروحاني يتجسد بصورة البشر،قال تعالى في قصة مريم العذراء:- (فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً)[2].
نعم هناك إحتمال يقول:أن أبناء آدم تزوجوا بمن بقي من البشر الذين سبقوا آدم ونسله،لأنه بمقتضى ما جاء في بعض النصوص أن قبل آدمكم هذا ألف آدم.
والإنصاف أن هذا الإحتمال وإن كان حسناً وجيداً في نفسه،لكنه يمنع من قبوله ظاهر الآية بالنحو الذي شرحناه،فلاحظ والله العالم.