حجية الرؤى والأحلام

لا تعليق
كلمات و بحوث الجمعة
573
0

يتفق علماؤنا على كون القرآن الكريم والسنة المباركة، مصدرين يعتمد عليهما في الاستدلال والاحتجاج، وإن كانوا يختلفون في حجية الإجماع والعقل، ومرجعيتهما في مثل هذه الأمور.

ولا يخفى وضوح المقصود من دليلية القرآن الكريم، إذ يقصد منه استفادة الأمر الذي يراد البرهنة عليه من خلال ما تضمنته آياته الشريفة، فيستدل على التوحيد، أو يستدل على العدل الإلهي، أو الحكمية الربانية، والقدرة، وغير ذلك من الصفات الجمالية، ذاتية وفعلية، وهكذا.

كما أن دائرة السنة وإن اختلف المسلمون في تحديدها، فقرر علماء الشيعة الأمامية(أعلى الله كلمتهم، وأنار برهانهم)، أنها كل ما صدر عن المعصوم(ع)، من قول أو فعل أو إقرار، وهذا يعني عدم انحصارها في خصوص النبي(ص)، بل تشمل كافة المعصومين الأربعة(ع). إلا أنها أيضاً معلومة المعالم، واضحة المضمون، لا يتصور خلاف إلا في خصوص دائرتها سعة وضيقاً.

ومقتضى ما ذكر، أنه ما يصدر من المعصوم، من قول أو فعل أو اقرار يحكم بحجيته، ولزوم ترتيب الأثر عليه، والاحتجاج به، ومن الواضح أن هذا يكون في حال رؤيته في اليقظة، ولا يفرق في ذلك بين الرائي له، وبين المنقول إليه.

وبالجملة، يتفق المسلمون على حجية السنة بأي تفسير فسرت به حال اليقظة.

وهذا يجرنا للحديث حول رؤية المعصوم في عالم المنام، هل يمكن إعطائها صفة الحجية أيضاً، فيلتـزم كما أن رؤية المعصوم(ع) في حال اليقظة حجة، يستند إليها، ويرتب عليها الأثر فكذلك الحال، لو رأى المكلف المعصوم في عالم المنام، فمثلاً لو رأى المكلف النبي(ص) في المنام، وأخبره بأن الخليفة من بعده، والمنصوص عليه من قبل الله سبحانه وتعالى، هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع)، فهل يمكن أن يعول على مثل هذه الرؤية، لتكون دليلاً وحجة يستند إليها في مقام الاحتجاج، فيثبت من خلالها أن أمير المؤمنين(ع)، هو خليفة الرسول الكريم محمد(ص)، مثلاً.

وكذا لو رأى المكلف النبي(ص) في عالم المنام، وأخبره أنه لابد وأن يكون الوقوف في يوم التاسع من شهر ذي الحجة موافقاً للواقع، فلو وقف المكلف في الثامن واقعاً، لم يكن حجه مجزياً، ويجب عليه الحج من قابل، فهل يمكن الالتـزام بهذه الرؤية، والبناء على حجيتها، ومن ثم استنباط حكم شرعي من خلالها، والتعويل، عليه، أم لا؟.

إن الحديث عن مدى حجية رؤية المعصوم(ع) في عالم المنام، هو ما نود أن نتناوله، في هذا المختصر، لما لذلك من كثير أثر يمكن ظهوره على كلا المحتملين، أعني سواء قيل بأن رؤيته (ع) في عالم المنام حجة، يمكن التعويل عليها، أم البناء على عدم حجية رؤيته في عالم المنام، وأنه لا يعول عليها.

الرؤيا في النصوص الشريفة:

وينبغي قبل تسليط الضوء على هذه الناحية، الإشارة بصورة موجزة للرؤيا في النصوص المباركة، إذ أن المراجع للروايات الشريفة يرى أنها قد تعرضت للحديث عنها من جوانب مختلفة، فقد تضمنت بعضها الإشارة إلى تقسيمها إلى أقسام عدة، فعن الإمام موسى بن جعفر(ع) عن أبيه عن آبائه(ع) قال: قال رسول الله(ص): الرؤيا ثلاثة: بشرى من الله، وتحزين من الشيطان، والذي يحدث به الإنسان نفسه فيراه في منامه[1]. كما أن بعضها تضمن الحديث عن صدقها وكذبها، والوقت الذي يحكم فيه بكونها صادقة، أو كونها كاذبة، فعن أمير المؤمنين(ع) قال: سألت رسول الله(ص) عن الرجل ينام فيرى في الرؤيا، فربما كانت حقاً، وربما كانت باطلاً. فقال: رسول الله(ص): يا علي، ما من عبد ينام إلا عرج بروجه إلى رب العالمين، فما رأى عند رب العالمين فهو حق، ثم إذا أمر الله العزيز الجبار برد روحه إلى جسده، فصارت الروح بين السماء والأرض فما رأته فهو أضغاث أحلام[2]. وتضمنت نصوص أخرى الإشارة إلى أن الرؤيا الصادقة من المبشرات، وأنها جزء من أجزاء النبوة، فلاحظ.

هذا وسوف نقصر الحديث فقط على خصوص النحو الأول من النصوص، والذي تعرض لتقسيم الرؤى إلى عدة أقسام، لكونه أمراً يرتبط بمحل كلامنا، كما سيتضح ذلك للقارئ العزيز إن شاء الله.

أقسام الرؤى:

وقد تضمنت النصوص تقسيم الرؤى إلى ثلاثة أقسام، فقد ورد عن الإمام أبي عبد الله الصادق(ع) أنه قال: إن الرؤيا على ثلاثة وجوه: بشارة من الله للمؤمن، وتحذير من الشيطان، وأضغاث أحلام[3].

ولا يذهب عليك أن مقتضى المقابلة يستدعي أن يكون المحذر هو الشيطان، لا أنه محذر منه، بمعنى أنه يقوم بعملية تحذير الرائي من أمور لو أقدم الرائي على فعلها لكان في ذلك خير وصلاح له، ويشهد لما ذكرنا أنه لو بني على خلاف ذلك، لكان مندرجاً تحت القسم الأول، حيث أن التحذير عن الشيطان، بالابتعاد عنه، وعدم متابعته يجعل الرؤيا مندرجة إما تحت المبشرات، أو تحت المنذرات، فتعود إلى القسم الأول كما لا يخفى.

ثم إن منشأ نسبة كل واحد من القسمين الأول والثاني لمن نسبا إليه، هو ملاحظة موضوعيهما، فلما كان موضوع الأولى الطاعة، والارتباط بالله سبحانه وتعالى، دعى ذلك إلى نسبتها إلى الله عز وجل، بينما لما كان منشأ الثاني هو الشيطان، وضلالته للعبد، كانت النسبة إليه.

وقد أشير لما ذكرنا في منشأ النسبة في كلام الملا صالح المازندراني(قده) في شرحه على أصول الكافي[4]، قال(ره): إنما نسب الأولى إلى الله تعالى لطهارتها من حضور الشيطان، وإفساده لها وسلامتها من الغلط والخطأ والتخليط من الأشياء المتضادة.

ثم ذكر أن الرؤيا التي من الله تعالى تنقسم إلى قسمين:

الأول: رؤيا البشارة: ويقصد منها كل ما يكون موجباً لدخول السرور والفرح على الرائي، لما هو المستفاد من معنى كلمة البشارة بحسب المعاجم اللغوية.

الثاني: رؤيا الإنذار: وهي التي يريها سبحانه وتعالى عباده رحمة بهم ورأفة، لهدف زجرهم وردعهم عن المعاصي والذنوب، ويكون من ذلك على حذر كما يقع ذلك في كثير من الصالحين.

وقد أشير لهذا في قول أبي عبد الله الصادق(ع): إذا كان العبد على معصية الله عز وجل وأراد الله به خيراً أراه في منامه رؤيا تروعه فينزجر بها عن تلك المعصية[5].

ونسب الثانية إلى الشيطان لأنها نشأت من تشويشاته وتدليساته تحذيراً من شيء أو ترغيباً فيه ليشغل بال الرائي ويدخل الضرر والهم فيه.

وقد فسر هذا التحذير الشيطاني للإنسان بأنه يذكر له أموراً توجب الحزن إليه، أو أن يذكره أسباباً تدخل الغم عليه، أو يعمد دعوته إلى ارتكاب محظور، أو يقوم بإيجاد شبهة له في دينه يكون منها هلاكه[6].

وربما يعتقد البعض أن هذا غير متصور، لعدم احتمال تسلط الشيطان على الإنسان، في اليقظة، فكيف في المنام.

وهو توهم فاسد، ذلك أن النصوص الشريفة قد تحدثت عن وجود شيطان لإبليس يقوم بهذه المهمة، فقد جاء عن الإمام أبي جعفر الباقر(ع) أنه قال: إن لإبليس شيطاناً يقال له هزع، يملأ ما بين المشرق والمغرب، في كل ليلة يأتي الناس في المنام[7].

على أن القرآن الكريم قد أشار إلى هذا المعنى، إذ أن الظاهر من قوله تعالى:- (قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم)[8]، ومن قوله سبحانه:- (قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم)[9]هو وجود سلطان وتسلط للشيطان على الإنسان إلا على الأولياء المخلصين.

وقد ذكر السيد العلامة الطباطبائي(قده) ميدان عمل الشيطان، ووسيلته، فقال بأن ميدان عمله هو الإدراك الإنساني، وأما وسيلة عمله فهي العواطف والإحساسات الداخلة[10].

اتصال الشيطان بأئمة الضلال:

ويتأكد ما ذكر من وجود تسلط للشيطان على الإنسان، بما حكته النصوص الشريفة من اتصال الشيطان ببعض أوليائه من الإنس والجن، يلقي إليهم أباطيله وتضليلاته ليبثوها في الوسط البشري ويضلون بها الخلق عن طريق الهداية والصلاح، فقد جاء عن الإمام أبي جعفر الباقر(ع) أنه قال: إنه ليس من يوم ولا ليلة إلا وجميع الجن والشياطين تزور أئمة الضلالة، ويزور إمام الهدى عددهم من الملائكة حتى إذا أتت ليلة القدر فيهبط فيها من الملائكة إلى ولي الأمر، خلق الله-أو قال قيض الله-عز وجل من الشياطين بعددهم، ثم زاروا ولي الضلالة فأتوه بالإفك والكذب حتى لعله يصبح فيقول: رأيت كذا وكذا، فلو سأل ولي الأمر لقال رأيت شيطاناً أخبرك بكذا وكذا، حتى يفسر له تفسيراً ويعلمه الضلالة التي هو عليها[11].

وأما أضغاث الأحلام، فهي الرؤيا التي لا يمكن تأويلها لاختلاطها وجمعها للأشياء المتضادة والمختلفة، كما أن الضغث يجمعها، لأنه قبضة من حشيش مختلطة الرطب اليابس.

أسباب الأضغاث:

ويمكن أن تذكر أسباب لحصول الأضغاث:

1-انشغال النفس البشرية بشيء وزيادة اهتمامها به، حتى يأخذ فكر الإنسان، مما يوجب ارتكاز صورته في خزانة خياله، فيظهر ما قد كمن في النفس، وبقي في خزانة الخيال حال النوم.

2-أن يغلب طبع من الطباع النفسية على الإنسان حال اليقظة، كغلبة الغضب مثلاً، فيكون ذلك سبباً لرؤيته الحالات المزعجة في عالم النوم، ومثل ذلك لو كان الغالب عليه هو الخوف، فإنه يرى في المنام ما يتناسب وذلك، بأن يرى أنه يلقى من شاهق أو مثل ذلك، فلاحظ.

3-أن يكون منشأه نوع الطعام الذي يتناوله النائم، فيكون له تأثير على ذلك، وقد حكى العلامة المجلسي(ره) قصة في هذا المجال، أن رجلاً جاء إلى والده(ره) فزعاً مهموماً وقال رأيت الليلة أسداً أبيض في عنقه حية سوداء يحملان عليّ ويريدان قتلي، فقال له والدي(ره): لعلك أكلت البارحة طعام الأقط مع رب الرمان؟ قال: نعم، قال: لا بأس عليك، الطعامان المؤذيان صورا لك في المنام[12].

مدى حجية الأحلام:

ثم إنه بعد الفراغ عن تقسيم الرؤى والأحلام، وفقاً لما تضمنته النصوص، يلزم الحديث عن مدى حجيتها، وإمكانية الاستناد إليها في مقام الاستدلال والاحتجاج، وهو الذي عقدنا بحثنا هذا من أجله، إذ لا يخفى على القارئ العزيز اتفاق علمائنا جميعاً على مرجعية الكتاب والسنة المباركة كمصدرين يعول عليهما في الاستدلال، وأن المقصود من السنة المباركة كل ما صدر عن المعصوم(ع) من قول أو فعل أو إقرار.

ومن المعلوم أن المقصود بما صدر منه في حال اليقظة، وليس في حال المنام، وهذا يعني أن جميع ما دل على حجية السنة ناظر إلى حجية ذلك إذا كان في حال اليقظة، لا ما إذا كان ذلك في حال المنام، وعليه إذا أريد إثبات حجية الرؤى والأحلام، فلابد وأن يكون دليل حجية السنة شامل لها كشموله لما صدر حال اليقظة، كأن يكون الدليل الدال على حجيتها له إطلاق فيمكن التعويل عليه، أو يكون هناك دليل خاص دال على حجيتها بنفسها.

ولا يذهب عليك أن الأصل المتفق عليه عند أهل الفن والاختصاص أنه حال الشك في حجية شيء من الأمور، هو عدم الحجية، وهذا يعني أنه مع الشك في حجية الرؤى والأحلام، فلا ريب في الالتـزام بعدم حجيتها إلى أن يقوم الدليل على ذلك.

ثم إن كل ما ذكرناه مبني على إمكانية إدخال الرؤى والأحلام تحت دائرة السنة الشريفة، أما لو قيل-كما هو الصحيح-بأنه لا يتصور شمول مفهومها لذلك منذ البداية، فلا معنى للحديث عن شمول دليل حجيتها لمثلها، فلا معنى للبحث حينئذٍ.

وعلى أي حال، فليبنى على إمكانية الشمول والسعة في المفهوم تنـزلاً، وجدلاً مجاراة للحكم بثبوت الحجية، لنرى إمكانية إثبات ذلك من عدمه.

دليل حجية السنة:

تنقسم السنة من حيث الأثر المترتب عليها إلى قسمين:

الأول: ما يكون منها مفيداً للعلم واليقين.

الثاني: ما يكون مفيداً للظن ليس إلا.

فلو كانت السنة مفيدة للعلم، فإن دليل حجيتها كل ما دل على حجية العلم، وقد تقرر في محله أن حجيتها ذاتية، فلا يحتاج إلى إقامة الدليل والبرهان عليه، كما في القطع واليقين، فلاحظ، ومن أجلى أمثلة ذلك الأخبار المتواترة، كحديث الغدير، وحديث الثقلين، وغيرهما.

أما لو كانت السنة مفيدة للظن، كخبر الواحد، فلا إشكال في أن مقتضى القاعدة البناء على عدم حجية الظنون، لما ورد من النهي عن العمل بالظن، وأنه لا يغني من الحق شيئاً. إلا أن الشارع المقدس قد جعل الحجية لبعضها، كخبر الثقة على سبيل المثال، فإن حجيته مجعولة من قبل الشارع، مع أنه ظن، فلولا جعل الحجية إليه لم يحكم بحجيته.

وقد ذكر في محله أن دليل حجية خبر الواحد هو السيرة العقلائية الممضاة من الشارع المقدس.

ومع التسليم بسعة مفهوم السنة ليكون شاملاً للرؤى والأحلام، فسوف تندرج تحت عنوان خبر الواحد، وهذا يستدعي البحث عن إمكانية شمول دليل حجيته لها، من عدمه.

والصحيح البناء على عدم الشمول، ذلك لأن السيرة من الأدلة اللبية التي يقتصر فيها على خصوص القدر المتيقن، وهذا يعني انحصار دائرة ما انعقدت السيرة عليه، ومع كون معقدها ضيقاً، فلن يكون في البين إطلاق وسعة حتى يمكن البناء على شموله للرؤى والأحلام، والالتـزام بحجيتها.

وقد تحصل مما تقدم، أنه لا مجال للحكم بحجية الرؤى والأحلام، بعد التسليم بكونها من صغريات السنة الشريفة، فلاحظ.

الاستدلال بالآيات الشريفة:

هذا وقد يدعى أن الدليل الذي يمكن إثبات الحجية فيه لخبر الواحد لا ينحصر في خصوص السيرة العقلائية الممضاة من قبل الشارع المقدس، بل يمكن الاستناد للآيات الشريفة، مثل آية النبأ، وغيرها من الآيات، وكذا يستند للنصوص المباركة، كرواية عبد العزيز المهتدي، والأخبار الإرجاعية.

وما ذكر بعد التسليم بدلالته على حجية خبر الواحد، لا يصلح لإثبات حجية الرؤى والأحلام، ذلك أنه لا يتصور بشخص قويم اللسان أن يستظهر منها الشمول للرؤى والأحلام، فإنها لو لم تكن نصاً في الأخبار الصادرة حال اليقظة، لا أقل من ظهورها في ذلك، وذلك لكونها محمولة على ما هو المتعارف، وهو خصوص ما كان صادراً في حال اليقظة، فتدبر.

ولو قيل، إنه يمكن الاستناد إلى حجية الرؤى والأحلام من خلال الآيات الشريفة التي وردت في القرآن الكريم، وتضمنت الحديث عن ذلك، فلاحظ قوله تعالى:- (ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إني أراني أعصر خمراً وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزاً تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين)[13]، وقوله تعالى:- (وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأُخر يابسات يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون)[14]، وقوله تعالى:- (يوسف أيها الصديق أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون)[15].

وقوله تعالى (فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين)[16]. وقال عز من قائل:- (وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغياناً كبيراً)[17]، وغيرها من الآيات الشريفة التي تضمنت الحديث حول الرؤى.

فإن المستفاد من الآيات القرآنية حجية الرؤية، وإمكانية ترتيب الأثر عليها، كما هو واضح.

ولا يذهب عليك ضعف هذا الاستدلال، ضرورة أن المتأمل في الآيات السابقة يجد أنها تنقسم إلى قسمين بحسب موضوعاتها:

الأول: الأنبياء.
الثاني: غير الأنبياء.

ولا يخفى أنه لا يصح الاستدلال بالآيات ذات الارتباط بالموضوع الأول، لمانعين:

أولهما: ما ثبت من أن رؤيا الأنبياء(ع) نوع من أنواع الوحي الإلهي، الذي يلقيه عز وجل لأنبيائه(ع)، وهذا يعني خروجه عن موضوع الرؤى والأحلام تخصصاً، فقد سأل زارة الإمام الباقر(ع) عن الفرق بين الرسول والنبي والمحدث، فقال(ع): الرسول الذي يأتيه جبرئيل فيكلمه قبلاً فيراه كما يرى أحدكم الذي يكلمه، فهذا الرسول، والنبي الذي يؤتى في النوم نحو رؤيا إبراهيم ونحو ما كان يأخذ رسول الله(ص) من السبات إذا أتاه جبرئيل في النوم فهكذا النبي، ومنهم من يجتمع له الرسالة والنبوة، فكان رسول الله(ص) رسولاً يأتيه جبرئيل قبلاً فيكلمه ويراه ويأتيه في النوم. وأما المحدث فهو الذي يسمع كلام الملك فيحدثه من غير أن يأتيه في النوم.

ثانيهما: إنه بعد التسليم بكونها رؤيا عادية، وليست وحياً، فلا إشكال في البناء على وجود خصوصية في المخاطبين، كونهم أنبياء تكون لهم أحكاماً خاصة بهم، ولا تثبت تلك الأحكام لغيرهم إلا مع قيام الدليل على العمومية، وهو غير محرز في مثل هذه الرؤى، إذ لا يمكن القول بأنه يجوز للأب بمجرد رؤيا يراها في منامه أن يقدم على ذبح ولده بدعوى أن ذلك قرباناً يقدم بين يدي الله سبحانه وتعالى، فتدبر.

وأما رؤيا غير الأنبياء، فإن المتأمل في الآيات الشريفة يرى أن بعضها يتحدث عن بعض الأولياء، أو قل بعض الصالحين المؤمنين، والآخر يتحدث عن الكفار، وهذا ينطبق عليه الوجه الأول من الوجوه التي ذكرتها صحيحة سعد بن أبي خلف المروية عن أبي عبد الله الصادق(ع)، وقدمنا حكاية شرحها عن الملا صالح المازندراني(ره)، ذلك أن ما كان من الآيات يتحدث عن الأولياء أو الصالحين، فإنه يندرج تحت عنوان الرؤيا المبشرات، كرؤيا صاحب السجن الذي كان مع النبي يوسف الصديق(ع). وما كان منها يتضمن الحديث عن الكفار، فهو من رؤى المنذرات، كرؤيا ملك مصر، مثلاً أو غيره.

ولا يذهب عليك عدم صلوح هذه الطائفة من الآيات للدلالة على المدعى، ضرورة أن أقصى ما يستفاد منها-كما عرفت سابقاً-هو البشارة بقبول العمل، أو بالتوفيق لخير، أو غير ذلك، لو كانت الرؤيا من المبشرات. وتحذير عن الذنب والخطيئة، وتنبيه لما يترتب على ذلك في الدنيا والآخرة، لو كانت الرؤيا من المنذرات، وأين هذا مما يراد اثباته، أعني حجية الرؤى والأحلام، وجعلها دليلاً يركن إليه في مقام الإثبات والاستدلال، فتدبر.

النصوص الشريفة:

كما أنه يمكن دعوى تقريب حجية الرؤى والأحلام من خلال النصوص المباركة والتي تضمنت أن الرؤيا من سنخ النبوة، ففي الدر المنثور عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله(ص) أنه قال: لا نبوة بعدي إلا المبشرات، قيل: يا رسول الله، وما المبشرات؟ قال: الرؤيا الصالحة[18].

وعن أبي عبد الله الصادق(ع) أنه قال: رأي المؤمن في آخر الزمان على سبعين جزء من أجزاء النبوة[19].

ولا يذهب عليك أن الاستدلال بهذا النص موقوف على كون المقصود بآخر الزمان هو زمان الغيبة الكبرى، أما لو قيل-كما عن المحدث الأسترآبادي(قده) من أن المقصود به زمان ظهور الصاحب(روحي لتراب حافر جواده الفداء)، لأنه قد وقع التصريح في بعض النصوص بأنه في زمن ظهوره(بأبي هو وأمي) يجمع الله قلوب المؤمنين على الصواب في كل باب ولفظة.

وقد أشار لهذا المعنى أيضاً القرطبي، لأنه فسر آخر الزمان بالزمان الذي فيه الطائفة التي تبقى مع عيسى(ع) بعد قتل الدجال، يبقى سبع سنين، ليس بين اثنين عداوة، فهم أحسن الأمة حالاً وأصدقهم قولاً، وكانت رؤياهم لا تكذب، وقد قال(ص): أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثاً. فلن تصلح للمدعى.

ولا يخفى أن الصحيح لم يقيد الرؤيا التي تكون جزءاً من أجزاء النبوة بالرؤيا الصادقة، بل قد أطلق من هذه الناحية، وهو يتنافى ونصوص أخرى قد قيدت ذلك بما إذا كانت الرؤيا صادقة، لا مطلقاً، فعن أبي عبد الله الصادق(ع) أنه قال: إذا كان العبد على معصية الله عز وجل وأراد الله به خيراً، أراه الله في منامه رؤيا تروعه فينزجر بها عن تلك المعصية، وإن الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزء من النبوة[20]، وغيره.

وفي كتاب الغايات لجعفر بن أحمد القمي قال رسول الله(ص): خياركم أولوا النهى. قيل: يا رسول الله، ومن هم أولوا النهى؟ فقال(ع): أولوا النهى أولوا الأحلام الصادقة. وعن رسول الله(ص) أنه قال: رؤيا المؤمن تجري مجرى كلام تكلم به الرب عنده.

وعن أبي عبد الله الإمام الصادق(ع) أنه قال: إذا كان العبد على معصية الله عز وجل وأراد الله به خيراً، أراه الله في منامه رؤيا تروعه فينزجر بها عن تلك المعصية، وإن الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزء من النبوة[21].

ولا يخفى عدم تمامية دلالة النصوص المذكورة على المدعى، لأن أقصى ما يستفاد منها كونها رؤى صادقة، ولهذا شبهت بالنبوة، أو أشير إلى أنها من سنخها، بمعنى صدقها، إلا أن الكلام في حجيتها، بحيث تكون مورداً للدليل. مع أنك قد عرفت أنه لا مجال لإنكار صدق الرؤى، بل قدمنا أن ذلك مقتضى الصحيح المروي عن أبي عبد الله الإمام الصادق(ع)، وغيره، إنما الكلام في حجيتها، فلاحظ.

ويتأكد ما ذكرنا بل يشهد له، ما جاء في تفسير كون الرؤيا الصادقة جزءاً من أجزاء النبوة، عن العلمين الجليلين، غواص بحار الأنوار العلامة المجلسي(ره) والملا صالح المازندراني(قده)، حيث أشار الأول منهما إلى أنه قد قيل في تفسيرها: أنها جزء من أجزاء علم النبوة، وعلم النبوة باقٍ، والنبوة غير باقية[22].

وقال الملا صالح المازندراني(قده): أن كون الرؤيا الصادقة من المؤمن الصالح جزء من أجزاء النبوة، لما فيها من الإعلام الذي هو على معنى النبوة على أحد الوجهين. وقد قال كثير من الأفاضل أن للرؤيا الصادقة ملكاً وكّل بها يُري الرائي من ذلك ما فيه من تنبيه على ما يكون له، أو يقدر عليه من خير أو شر. وهذا معنى النبوة، لأن لفظ النبي قد يكون فعيلاً بمعنى مفعول أي يعلمه الله تعالى ويطلعه في منامه من غيبه ما لا يظهر عليه أحد إلا من ارتضى من رسول، وقد يكون بمعنى فاعل كعليم أي يُعلم غيره بما ألقى إليه، وهذا أيضاً صورة صاحب الرؤيا[23].

هذا وقد خص جعلها جزءاً من أجزاء النبوة بخصوص الأنبياء في بعض الكلمات، ولعل ذلك إشارة إلى أن أحد أجزاء الوحي الذي يلقى إليهم يكون من خلال الرؤى، كما عرفت.

ومن الواضح جداً أن ما أفاده العلمان المجلسي والمازندراني(ره)، لا يعطي أكثر مما ذكرنا، فقد تركز التفسير الأول، في جعلها جزءاً من العلم، وليست النبوة، مما يعني أن هناك شيئاً مقدراً، كما هو بيّن.

وأما التفسير الثاني، فقد جعل المشابهة من حيث الصدق بينهما، فكما أن رؤيا النبي(ص)، والتي هي من أفراد الوحي صادقة، فكذلك الرؤيا الصادقة للمؤمن، ولكن أين هذا من الحجية، ضرورة أنك قد عرفت منا عدم الإنكار لذلك، كيف وقد تضمن صحيح سعد ابن أبي خلف، أنها وجه من الوجوه الثلاثة، فتدبر.

هذا ويحتمل قوياً أن لا يكون المقصود من النصوص المتقدمة الرؤيا التي يراه الرائي في عالم الرؤيا والأحلام، بل المقصود به حالة الكشف والانكشاف الذي يحصل للمستيقظ والنائم على حدٍ سواء، وعندها سوف يكون ارتباطها بأولي النهي جلياً، كما يكون معنى جزئيتها من أجزاء النبوة واضحاً، فتأمل جيداً.

ومن أعجب ما يمكن التعويل عليه في مقام الاستدلال لحجية الرؤى والأحلام، الاعتماد على ما نسب للنبي(ص) من أنه(ص)كان يسأل أصحابه عن رؤاهم، ويهتم بسماعها، وكأن سماعها ذكر وعبادة لله سبحانه، حتى أن المنافقين شنعوا عليه(ص) بأنه يسمع ويصدق كل متكلم(ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم)[24]، وقد جاء عن الإمام الرضا(ع) أنه قال: إن رسول الله(ص) كان إذا أصبح قال لأصحابه: هل من مبشرات، يعني به الرؤيا[25].

وجه العجب، أنه لم يتضح كونه استدلالاً بالقرآن الكريم، أو استدلالاً بالسنة الشريفة، فلو قيل أنه استدلال بالآية المباركة، فيكون من الاستدلال بالقرآن الكريم، أجيب بأنه لا ظهور للآية المباركة في المدعى، ذلك أن المستفاد منها: اتهام المنافقين للنبي(ص) بأنه كان يستمع إلى كل ما يقال إليه، ويصغي إليه ويقبله، وأين هذا مما نحن فيه من حجية الرؤيا والأحلام.

ويشهد لذلك ما ذكر في سبب نزولها حيث قيل أنها نزلت في جماعة من المنافقين منهم الجلاس بن سويد وشاس بن قيس ومخشى بن حمير، ورفاعة بن عبد المنذر وغيرهم، قالوا: ما لا ينبغي، فقال رجل منهم لا تفعلوا فإنا نخاف أن يبلغ محمداً ما تقولون فيوقع بنا، فقال الجلاس بل نقول ما شئنا، ثم نأتيه فيصدقنا بما نقول، فإن محمداً أذن سامعة فأنزل الله الآية[26]. وقد ذكر الشيخ الطبرسي(ره) أسباباً أخرى، كلها توافق ما تقدم ذكره، وإن اختلفت معه في الجملة، فراجع[27].

وأما لو قيل بأنه استدلال بالسنة المباركة، وليس استدلالاً بالقرآن الكريم، وهذا يعني أنه استناد لما روي عن الإمام الرضا(ع)، ففيه، أن أقصى ما يستفاد من الخبر المذكور الحديث حول المبشرات، وقد عرفت في ما تقدم معناه، وأنه ليس مفيداً للحجية. هذا مع البناء على كون الذيل صادراً منه(ع)، وليس تفسيراً من الراوي، وهو غير بعيد، فيكون من الإدراج في المتن.

وأضعف من ذلك لو قيل أن المقصود هو الاستدلال بالنص المذكور، حيث يدل على أنه(ص) كان يسمع لرؤيا أصحابه، ويعول عليها ويصدقها، حتى أن المنافقين قد عابوه بكونه إذناً يسمع كل ما يلقى إليه ويصدقه.

وجه الضعف، أنه قد عرفت سبب نزول الآية الشريفة، وأنه لا ربط له بكونه كان يستمع للرؤى والأحلام أصلاً، مضافاً إلى أن النص المذكور عن الإمام الرضا(ع)، ليس له دلالة على حجية الرؤيا كما لا يخفى، لكونه من الرؤيا المبشرة، وهي أحد قسمي الوجه الأول من وجوه الرؤيا التي تقدمت في صحيحة سعد، فلاحظ.

ومما يدل على عدم حجية الرؤيا والأحلام في الجوانب المرتبطة بالشريعة، سواء ما كان منها ذو علاقة بالبعد العقدي، أم ما كان لها ارتباط بالبعد الفقهي، ما روي عن أبي عبد الله الصادق(ع) أنه قال: ما تروي هذه الناصبة؟ فقلت: جعلت فداك في ماذا؟ فقال(ع): في أذانهم وركوعهم وسجودهم، فقلت: إنهم يقولون إن أُبي بن كعب رآه في النوم، فقال(ع): كذبوا فإن دين الله أعز من أن يرى في النوم، فقال له سدير الصيرفي: جعلت فداك فأحدث لنا من ذلك ذكراً، فقال أبو عبد الله(ع) إن الله عز وجل لما عرج بنبيه(ص) إلى سماواته السبع، أما أُوليهن فبارك عليه والثانية علمه فرضه فأنزل الله محملاً من نور فيه أربعون نوعاً من أنواع النور كانت محدقة بعرش الله تغشي أبصار الناظرين-إلى أن قال-فقال جبرئيل(ع): الله أكبر الله أكبر، ثم فتحت أبواب السماء واجتمعت الملائكة….فقال جبرئيل(ع): أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، فاجتمعت الملائكة…فقال جبرئيل(ع): أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله….فقال جبرئيل: حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح….فقال جبرئيل(ع): قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة….ألخ.[28].

رأي علماء الطائفة المحقة:

ولا يذهب عليك أن ما وصلنا إليه من نتيجة في عدم حجية الرؤى والأحلام، هو المعروف بين أعلام الطائفة الحقة والمحقة(أعلى الله كلمتهم، وأنار برهانهم)، فقد سأل السيد مهنا بن سنان المدني(ره) العلامة الحلي(ره) فقال: ما يقول سيدنا فيمن رأى في منامه رسول الله(ص)، أو بعض الأئمة(ع)، وهو يأمره بشيء أو ينهاه عن شيء؟ هل يجب عليه امتثال ما أمر به، أو اجتناب ما نهاه عنه، أم لا يجب ذلك مع ما صح عن سيدنا رسول الله(ص) أنه قال: من رآني في منامه فقد رآني، فإن الشيطان لم يتمثل بي. وغير ذلك من الأحاديث، وما قولكم لو كان ما أمر به أو نهى عنه على خلاف ما في أيدي الناس من ظاهر الشريعة، هل بين الحالين فرق أم لا؟ أفتنا في ذلك مبيناً جعل الله كل صعب عليك هيناً.

فأجابه(قده): أما ما يخالف الظاهر فلا ينبغي المصير إليه، وأما ما يوافق الظاهر، فالأولى المتابعة من غير وجوب، لأن رؤيته(ع) لا تعطي وجوب الاتباع في المنام[29].

ومقتضى ما ذكره العلامة(قده) أنه لا يوجد دليل يدل على لزوم الاتباع في الرؤى والأحلام، وهو كاشف عن عدم الحجية، ضرورة أنه لو قام دليل على حجيتها، لكان اللازم حينئذٍ هو الالتـزام بما تضمنته، وجاء فيها سواءً كان أمراً إلزامياً، أم كان نهياً، فلاحظ.

واستدل صاحب الحدائق(قده) لما أختاره العلامة الحلي(قده) من عدم حجية الرؤيا والأحلام، وعدم الأخذ بها، بأمور:

الأول: إنه لابد وأن تحمل الأدلة الدالة على وجوب متابعة المعصومين(ع) وأخذ الأحكام عنهم(ع)، على ما هو المعروف المتكرر دائماً، لأن الأحكام المودعة في الأخبار محمولة على الأفراد المتكررة كثيرة الدوران، فإنها التي ينصرف إليها الإطلاق، دون الفرض النادر الوقوع، ولا ريب أن الشائع الذائع المتكرر إنما هو أخذ الأحكام منهم حال اليقظة.

الثاني: إنه وإن كانت الرؤيا التي رآها الرائي صادقة إلا أنها قد تحتاج تأويلاً وتعبيراً، وليس لازماً أن يكون الرائي عارفاً بذلك، فيشكل الحكم بوجوب العمل بها في مثل هذه الحالة.

الثالث: إن المانع من حجية الرؤى والأحلام كون الأحكام الشرعية مبنية على العلوم الظاهرة، وليست مبنية على ما يعلمونه(ع) من أمور خفية، وحقائق واقعية، إذ أنهم مأمورون بالعمل على ظاهر علوم الشريعة، فتدبر.

رابعاً: الاستناد لما ورد بأسانيد متعددة، عن الإمام أبي عبد الله الصادق(ع)، في أحاديث الأذان من أن الله تبارك وتعالى، أعز من أن يرى في النوم[30].

ومن الذين نصوا على عدم حجيتها أيضاً المحقق القمي(ره)، فإنه قد استشكل في الاستناد إليها سيما في ما خالف الأحكام الشرعية الواصلة إلينا وذكر أن التعويل عليها مشكل. كما استشكل في رفع اليد عنها مطلقاً في ما إذا توفرت شروط ثلاثة:

1-عدم وجود ما يخالف الرؤية خارجاً.

2-حصول الظن بصحته.

3-أن يكون الغالب على رؤياه أن تكون صادقة[31].

وممن بنى على عدم الحجية للرؤيا والأحلام، شيخنا غواص بحار الأنوار العلامة المجلسي(قده)، فقد ذكر: بقي الكلام في أنه هل يكون حجة في الأحكام الشرعية؟ فيه إشكال، فإنه قد ورد بأسانيد صحيحة عن الصادق(ع) في حديث الأذان أن دين الله تبارك وتعالى أعز من أن يرى في النوم، ويمكن أن يقال: المراد أنه لا يثبت أصل شرعية الأحكام بالنوم، بل إنما هي بالوحي الجلي، ومع ذلك ينبغي أن يخص بنوم غير الأنبياء والأئمة(ع)، لما مرّ أن نومهم بمنـزلة الوحي، لكن هذه الأخبار ليست صريحة في وجوب العمل به، إذ لعله مع العلم بكونه منهم(ع) لم يجب العمل به، إذ مناط الأحكام الشرعية العلوم الظاهرة، كما أن النبي والأئمة(ع) كانوا يعرفون كفر المنافقين ونجاسة أكثر الأشياء لكن الظاهر أنهم لم يكونوا مأمورين بالعمل بهذا العلم، بل كانوا يستندون في تلك الأحكام إلى الأمور الظاهرة من المشاهدة وسماع البينة، مع أن الظاهر أن هذا من مسائل الأصول، ولابد فيه من العلم، ولا يثبت بأخبار الآحاد المفيدة للظن، وأيضاً ما يرى في المنام قد يحتاج إلى تعبير وتأويل، فلعل ما رآه له تعبير وهو لا يعرفه، وإن لم يكن من قبيل الأضغاث[32].

بل إن الذي يظهر من الشيخ الطبرسي(ره) إنكار حقانية حتى رؤيا الأنبياء(ع) وأحلامهم، لبنائه على أنه يوحى إلى النبي في عالم اليقظة، ثم يتعبده الله سبحانه وتعالى يأن يُمضي ما أمره به في حال نومه، من حيث أن منامات الأنبياء لا تكون إلا صحيحة، ولو لم يأمره بذلك في حال اليقظة، لما كان يجوز أن يعمل على ما يراه في المنام[33].

وحاصل كلامه، أنه لا حجية للمنامات وإنما دورها هو التعبد بالمضي على ما سبق أمره به، فيكون مفادها هو التأكيد أو التذكير ليس إلا، وليس لها فائدة التأسيس، فلاحظ.

وقد وجه سؤال إلى زعيم الحوزات العلمية الإمام السيد الخوئي(قده) حول حجيتها: إذا رأى مؤمن في منامه النبي(ص) أو أحد الأئمة(ع)، وهم يأمرونه بشيء، فهل يكون قولهم في المنام حجة يجب امتثاله، فهم القائلون بأن من رآهم فقد رآهم حقاً، فإن الشيطان لا يتمثل بهم؟

وقد كان جوابه(قده): لم يثبت الحجية بنفس الرؤيا، والأمر فيها[34].

حديث من رآني:

هذا ومما يمكن التمسك به لإثبات حجية الرؤى والأحلام موثقة ابن فضال عن الإمام الرضا(ع) أنه قال له رجل من أهل خراسان، يا بن رسول الله، رأيت رسول الله(ص) في المنام كأنه يقول لي: كيف أنتم إذا دفن في أرضكم بضعتي، واستحفظتم وديعتي، وغيب في ثراكم نجمي؟ فقال الرضا(ع): أنا المدفون في أرضكم، وأنا بضعة نبيكم، وأنا الوديعة والنجم-إلى أن قال(ع)-ولقد حدثني أبي عن جدي عن أبيه(ع) أن رسول الله(ص) قال: من رآني في منامه فقد رآني، لأن الشيطان لا يتمثل في صورتي، ولا في صورة أحد من أوصيائي، ولا في صورة أحد من شيعتهم، وإن الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزءاً من النبوة[35].

فإن مقتضى عدم قدرة الشيطان على التمثل بصورهم(ع) يفيد حقانية كل رؤيا رءوا فيها، وإمكانية التعويل عليها، لكونها من الله تعالى، فيثبت المطلوب.

وبكلمة أخرى، إن عدم قدرة الشيطان على التلبس بصورهم، يفيد أن المرئي حق، فيكون خطاباً من المعصوم(ع)، لمن رآه، ليرتب عليه أثراً.

ولا يذهب عليك أن الحديث حول الموثق يقع ضمن محورين:

الأول: في البحث حول المقتضي.

الثاني: في الحديث حول المانع.

المحور الأول: البحث حول المقتضي:

إن أول ما ينبغي الإشارة إليه أنه لا وجه للمناقشة السندية في النص المذكور اعتماداً على ما جاء عن السيد المرتضى(ره)[36]، لما هو المنسوب إليه من البناء على عدم حجية خبر الواحد، فتدبر. على أنه لا ينحصر النص المذكور في الموثق، بل هو من النصوص المروية عن الفريقين، فلاحظ.

وأما من حيث الدلالة، فقد عرفت تقريب دلالته على المدعى، وقد ألتـزم بهذا المعنى أو قريب منه شيخنا المفيد(قده)، ، فقد ذكر أن رؤية الإنسان للنبي(ص) أو لأحد الأئمة(ع) في المنام على ثلاثة أقسام، قطع بصحة قسم منها، وقطع ببطلان قسم آخر، وجوز في الثالث الصحة والبطلان لمن هو عليه.

فأما الذي قطع بصحته، فهو كل منام رؤي فيه النبي(ص)، أو أحد الأئمة(ع)، وهو فاعل لطاعة أو آمر بها، وناهٍ عن معصية أو مبين لقبحها، وقائل بالحق، أو داع إليه، وزاجر عن باطل، أو ذام لمن هو عليه.

وقد حمل(قده) حديث من رآني فقد رآني على هذا القسم، فيكون مخصصاً، وذلك لأن الشيطان لا يشتبه بالنبي(ص) في شيء من الحق والطاعات.

وقد ذكر تفسيراً آخر للحديث المذكور، يوجب بعده تماماً عن المقام، فقال بأن المقصود من الرؤية رؤيته حال اليقظة، وليس في حال النوم، ويكون قوله: نائماً، حالاً للنبي(ص)، وليس حالاً لمن رآه، فكأنه قال: من رآني وأنا نائم، فكأنما رآني وأنا منتبه.

لا يقال: بأنه أية فائدة متوخاة من رؤيته(ص) في حال النوم، ليشير إلى أنه لا فرق بين رؤيته حال النوم، ورؤيته حال اليقظة؟

قلت: إنه(ص) يريد أن يعلم المسلمين أنه(ص) يدرك في الحالين إدراكاً واحداً، فيكون ذلك موجباً لتحرزهم حال حضورهم عنده وهو نائم، بأن يتعرضوا لما لا يلزم التعرض له[37].

وقد ألتـزم بالمعنى الثاني الذي ذكره شيخنا المفيد(قده) السيد الشريف المرتضى(ره)، فقد فسر الرؤية بكونها في اليقظة، وأنه قد رأى النبي(ص) على الحقيقة، لأن الشيطان لا يتمثل به لليقظان. فقد قيل: إن الشياطين ربما تمثلت بصور البشر، وهذا التشبيه أشبه بظاهر ألفاظ الخبر، لأنه قال: من رآني فقد رآني، فأثبت غيره رائياً له، ونفسه مرئية، وفي النوم لا رائي له في الحقيقة، ولا مرئي، وإنما ذلك في اليقظة.

ولو حملناه على النوم لكان تقدير الكلام: من اعتقد أنه يراني في منامه-وإن كان غير راءٍ له على الحقيقة-فهو في الحكم كأنه قد رآني، وهذا عدول عن ظاهر لفظ الخبر، وتبديل لصيغته[38].

وقد تحصل مما تقدم، وجود احتمالين بل قولين في دلالة الموثق:

الأول: كون الرؤية في عالم النوم، وليست في عالم اليقظة، وهي التي يراد الاستناد إليها في إثبات حجية الرؤى والأحلام.

الثاني: أن الرؤية في حال اليقظة، وليست في حال النوم.

ولم يختلف المحقق القمي(ره) عن العلمين المفيد والمرتضى(ره) في تحديد المقصود من الموثق، فقد بنى على أنه ليس المقصود منه الرؤية الحقيقية للمعصوم(ع)، وإنما يقصد منه رؤية عبدٍ صالح، أو عالمٍ قد رُئي بصورته إظهاراً لجلالته، كما في حكاية رؤيا المفيد(ره) حيث رأى في المنام فاطمة الزهراء(ع) والحسنين(ع) معها، قالت له في المنام: يا شيخ علمهما الفقه. فجاءت في يومه والدة السيدين المرتضى والرضي(ره) بهما، وقالت: يا شيخ علمهما الفقه[39].

واستظهر الشيخ الطريحي(قده) وجهاً ثالثاً في النص، وهو أن المقصود من رؤيته(ص)، نفي عنوان أضغاث الأحلام عنها، وتخيلات الشيطان[40].

ثم إنه ونتيجة للخلاف الواقع بين الأعلام في تحديد المقصود من الموثق، اختلفوا أيضاً في أن الرؤية في عالم النوم، هل هي على سبيل الحقيقة، بمعنى أن الرائي إليه(ص) في المنام، كالرائي له في عالم اليقظة، أم لا؟ احتمالان بين الأعلام:

فقد بنى صاحب الحدائق(ره) أن المقصود رؤيته(ص) في عالم المنام على سبيل الحقيقة، كما لو كان يراه في علام اليقظة، بدعوى ظهور الأخبار في هذا المعنى، حيث أن هذا هو المستفاد من قوله(ص): من رآني فقد رآني[41]. وبنى شيخنا المفيد(قده) على عدم كون الرؤية حقيقية، وإنما هي من تخيل الصورة في نفس الرائي. ومثله ألتـزم بذلك شيخ البحار العلامة المجلسي(قده)[42]. ولا يبعد لو لم يكن هو الظاهر من الشيخ الطريحي(ره)، لأن ما استظهره من النص، يفيد أن الرؤية رؤية صورية، وليست رؤية حقيقة، فلاحظ.

والمتحصل من جميع ما تقدم، أن الأعلام ليسوا متفقين في البناء على مدلول الموثق محل البحث، بل بنى بعضهم على تأويله، وحمله على خلاف ما هو الظاهر منه، ولا إشكال أن موجب هذا التأويل يعود إلى وجود مانع يمنع من إبقائه على ظاهره، وبنى آخرون على إبقاء النص على ظاهره، دونما البناء على وجود مانع يمنع من ذلك.

ثم إنه لو ألتـزم بمختار صاحب الحدائق(ره)، وحكم بكون المقصود من الموثق هو رؤيا النبي(ص) في علام المنام، وأنها رؤيا حقيقية، سوف يطرح سؤال مهم جداً حاصله: كيف يمكن للرائي أن يحرز أن الذي رآه هو النبي محمد(ص)، وهو لم يره من قبل؟ هل يكتفى بحصول الخطور القلبي للرائي في عالم النوم بأن الذي يراه هو النبي(ص)، فيجعل ذلك مصداقاً للموثق، أم لابد من وجود ميزان يمكن الاعتماد عليه في المقام؟

ألتـزم المحقق الشعراني(قده) في تعليقته على شرح أصول الكافي للملا صالح المازندراني(ره)، بأنه يكتفى بحصول الخطور القلبي عند الرائي بأن الذي يراه هو النبي محمد(ص)، لأنه ليس لأحد ممن جاء بعده أن يعرفه بصورته(ص)، أو بغير صورته.

فإن قيل: قد يرى رسول الله(ص) ويلهم الرائي أنه هو(ص)، وهو شبيه بزيد مثلاً، ويراه الآخر في صورة رجل آخر، وشبيهاً بعمرو، ويلهم أيضاً أنه هو، فلابد وأن يكون لرسول الله(ص) صور مختلفة أو لا يكون لهذه الروايات مصداق في الخارج؟

قلنا: تمثل أرواح الأنبياء في صور مختلفة غير مستبعد، لكن لابد أن يكون صورة مناسبة بحيث إذا ألهم الرائي أنه رسول الله(ص)، أي تمثل روحه في هذه الصورة لا يستبشعه.

وبالجملة، الإلهام من عالم الغيب يلقى إلى قلب الرائي ويعرف هو صحته، بعلم ضروري لا يشك فيه، وهذه الصورة بهذا الكيفية لا تكون من الشيطان على ما أخبر به الإمام(ع)[43].

ثم إنه لو رفع اليد عن جميع ما قدم، ورجع لمدلول النص، فإن المستفاد منه أن الشيطان لا يتمثل بالنبي(ص). وهذا المعنى لا ينفي أن يدعي الشيطان كونه النبي(ص)، لأن هناك فرقاً بين الموردين، كما لا يخفى.

المحور الثاني: البحث حول المانع:

ثم إنه لو سلم بتمامية المقتضي، وبني على قبوله للدلالة على المدعى، فإنما يستند إليه بعد الفراغ عن عدم وجود مانع يمنع من ذلك، وفي مانعين يمنعان من الاستناد للموثق، وهما:

الأول: ما رواه علي بن إبراهيم(ره) في تفسيره بسند صحيح أعلائي، في تفسير قوله تعالى:- (إنما النجوى من الشيطان)-الآية-عن أبي عبد الله(ع) قال: كان سبب نزول هذه الآية أن فاطمة(ع) رأت في منامها أن رسول الله(ص) همّ أن يخرج هو وفاطمة وعلي والحسن والحسين(ع) من المدينة، فخرجوا حتى جاوزوا من حيطان المدينة، فعرض لهم طريقان، فأخذ رسول الله(ص) ذات اليمين حتى انتهى إلى موضع فيه نخل وماء، فاشترى رسول الله(ص) شاة (كبراء)وهي التي في أحد أذنيها نقط بيض، فأمر بذبحها، فلما أكلوا ماتوا في(مكانهم)منامهم، فانتبهت فاطمة(ع) باكية ذعرة، فلم تخبر رسول الله(ص) بذلك. فلما أصبحت جاء رسول الله(ص) بحمار، فأركب فاطمة(ع)، وأمر أن يخرج أمير المؤمنين(ع) والحسن والحسين(ع)، من المدينة كما رأت فاطمة(ع) في نومها، فلما خرجوا من حيطان المدينة عرض لهم طريقان، فأخذ رسول الله(ص) ذات اليمين كما رأت فاطمة(ع)، حتى انتهوا إلى موضع فيه نخل وماء، فاشترى رسول الله(ص) شاة كما رأت فاطمة(ع) فأمر بذبحها، فذبحت وشويت، فلما أرادوا أن يأكلوا قامت فاطمة وتنحت ناحية منهم، تبكي مخافة أن يموتوا، فطلبها رسول الله(ص) حتى وقع عليها وهي تبكي، فقال: ما شأنك يا بنية؟ قالت: يا رسول الله، رأيت البارحة كذا وكذا في نومي وقد فعلت أنت كما رأيته، فتنحيت عنكم لئلا أراكم تموتون. فقام رسول الله(ص) فصلى ركعتين، ثم ناجى ربه، فنـزل عليه جبرئيل فقال: يا محمد هذا شيطان يقال له الزها، وهو الذي أرى فاطمة هذه الرؤيا، ويؤذي المؤمنين في نومهم بما يغتمون به. فأمر جبرئيل(ع) فجاء به إلى رسول الله(ص)، فقال له: أنت الذي أريت فاطمة هذه الرؤيا؟ فقال: نعم يا محمد، فبزق عليه ثلاث بزقات، فشجه في ثلاثة مواضع. ثم قال جبرئيل لمحمد(ص): يا محمد إذا رأيت في منامك شيئاً تكرهه، أو رأى أحد من المؤمنين، فليقل: أعوذ بما عاذت به ملائكة الله المقربون وأنبياء الله المرسلون وعباده الصالحون من شر ما رأيت من رؤياي. ويقرأ الحمد والمعوذتين، و(قل هو الله أحد)، ويتفل عن يساره ثلاث تفلات، فإنه لا يضره ما رأى، فأنزل الله على رسوله:- (إنما النجوى من الشيطان)الآية[44]. فإن الصحيح المذكور صريح جداً في كون رؤيا المعصوم قد تكون رؤيا شيطانية، وأن الشيطان يتمثل بصورهم(ع)، لتصريحه بأن الشيطان المسمى بالزها قد أرى مولاتي الزهراء(ع) هذه الرؤيا، مع أن الموثقة المروية عن الإمام الرضا(ع)، وغيره تضمنت أن الشيطان لا يتمثل بصورهم، بل لا يتمثل بصور أحد من شيعتهم، فتكون المعارضة بينهما بالتباين، وهذا يستوجب العمد إما إلى الترجيح، أو البناء على التساقط بعد فقدان ما يوجب ترجيح أحدهما على الآخر، فلاحظ.

ولا مجال للنقض بكون الصحيح المذكور من الأخبار الشاذة التي لا يعول عليها، فإن غواص بحار الأنوار العلامة المجلسي(ره) أشار إلى أنه من الأحاديث المشهورة، والمتكررة في الأصول، فلاحظ.

الثاني: ما أشير إليه في كلام العلمين، المفيد والمرتضى(ره) من أن البناء على الموثق على إطلاقه يستلزم التناقض، ذلك أن حصول الرؤية له(ص) ليست منحصرة في خصوص أهل الإيمان، لأنه قد تُدّعى من قبل المخالفين، وليست منحصرة في المسلمين، بل يمكن ادعائها من الكفار، ولا تنحصر في أهل الحق، بل يمكن أن يدعيها أصحاب الباطل والضلالة، مع كون الإخبار الصادر عن كل واحد منهم موافقاً لما يعتقده هو.

وحاصل، هذا المانع، أنه كما حصل الاختلاف في ما صدر عنه(ص) في عالم اليقظة، فنسب إليه كل أحد بما يعتقده، ويخدم مراده، فكذلك سوف يكون ذلك جارياً في عالم الرؤيا.

[1] بحار الأنوار ج 58 ص 191.

[2] أمالي الشيخ الصدوق ص 210.

[3] روضة الكافي ص 224 ح 14876/61 حديث الأحلام والحجة على أهل ذلك الزمان، تحقيق دار الحديث.

[4] شرح أصول الكافي ج 11 ص 479.

[5] بحار الأنوار ج 27 138 ب ثواب حبهم ونصرهم وولايتهم وأنها أمان من النار.

[6] بحار الأنوار ج 58 ص 209-210.

[7] أمالي الشيخ الصدوق ص 210.

[8] سورة الأعراف الآية رقم 16-17.

[9] سورة الحجر الآية رقم 39.

[10] الميزان في تفسير القرآن ج 8 ص 40.

[11] أصول الكافي ج 1 ب أن الأئمة(ع) يزدادون في ليلة الجمعة ح 9.

[12] بحار الأنوار ج 58 ص 233.

[13] سورة يوسف الآية رقم 36.

[14] سورة يوسف الآية رقم 43.

[15] سورة يوسف الآية رقم 46.

[16] سورة الصافات الآية رقم 102.

[17] سورة الإسراء الآية رقم 60.

[18] بحار الأنوار ج 58 ص 192 ح 70.

[19] روضة الكافي

[20] بحار الأنوار ج 58 ص 167.

[21] بحار الأنوار ج 58 ص 167.

[22] مرآة العقول ج 25 ص 204.

[23] شرح أصول الكافي ج 11 477.

[24] سورة التوبة الآية رقم 61.

[25] روضة الكافي ح 14874 ص 223.

[26] مجمع البيان ج 3 ص 88.

[27] المصدر السابق.

[28] فروع الكافي ج 3 ح 1 من باب النوادر ص 484.

[29] أجوبة المسائل المهنائية المسألة 159 ص 97-98.

[30] الدرر النجفية ج 2 ص 283-284.

[31] قوانين الأصول ص 495.

[32] بحار الأنوار ج 58 ص 237.

[33] مجمع البيان ج 8 ص 321.

[34] صراط النجاة ج 2 ص 450 سؤال رقم 1535 طبع مكتبة فدك. هذا وللعلامة المحقق السيد علي الشهرستاني(حفظه الله) كلام جميل جداً في كتابه الأذان بين الأًلة والتحريف ص 59، يحسن بالقرئ العزيز ملاحظته.

[35] عيون أخبار الرضا(ع) ج 2 ص 257 ح 11، الأمالي ص 120-121 ح 111.

[36] رسائل الشريف المرتضى ص 12-13 المجموعة الثانية.

[37] حكاه عنه في كنـز الفوائد ج 2 ص 64-65.

[38] رسائل المرتضى ص 12-13 المجموعة الثانية.

[39] قوانين الأصول ص 495.

[40] مجمع البحرين ج 2 ص 121.

[41] الدرر النجفية ج 2 ص 279.

[42] بحار الأنوار ج 58 ص 237.

[43] حاشية شرح أصول الكافي ج 7 ص 377.

[44] تفسير القمي ج 2 ص 367-368.

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة