من القواعد الفقهية العملية التي لها منفعة كبيرة جداً في حياة المكلفين اليومية بحيث تبتني بعض أحكامهم الشرعية الفقهية عليها،قاعدة سوق المسلمين،كما أن رفض هذه القاعدة وإلغائها من الموارد التي يعتمد عليها بحيث لا يعول عليها أصلاً مدعاة لحصول شيء من اختلال النظام أو لزوم شيء من العسر والحرج.
مكانها الفقهي:
يتعرض فقهاؤنا عادة لهذه القاعدة أثناء بحثهم عن الأعيان النجسة فيذكرون في تعدادهم للأعيان النجسة أن منها الميتة ويعرفونها بأنها: كل حيوان زهقت روحه دون حصول تذكية شرعية له.
وبعبارة أخرى يعرفون الميتة أنه كل حيوان كان موته على غير الطريقة الشرعية،سواءاً مات حتف أنفه أم مات نتيجة ذبحه بطريقة خاطئة لعدم اشتمال عملية الذبح على جميع الشروط المعتبرة في الذبح كما هو مفصل في محله من الفقه.
وعندما يتعرض الفقهاء لمسألة الميتة بالمعنى الذي ذكرناه يذكرون بالمناسبة مسألة أخرى وهي الحيوان الذي يشك في تذكيته بمعنى هل حصلت له التذكية الشرعية المطلوبة التي تجعل لحمه حلالاً وجلده طاهراً حتى يمكن للمكلف أن ينتفع بهما أو أنه لم تحصل له التذكية الشرعية؟
ففي هذه الحالة حين الشك ما هو حكم أكل لحمه من ناحية الحلية وعدمها ،فهل يجوز أكل لحمه مطلقاً أو أن جواز أكل لحمه له بعض الصور والموارد.
في مقام الإجابة يفيد فقهاؤنا (أعلى الله كلمتهم وأنار برهانهم) أن الحيوان الذي يشك في تحقق التذكية له يجوز أكل لحمه في موارد منها:
1-أن يكون مأخوذاً من سوق المسلمين.
2-أن يكون مأخوذاً من يد المسلم.
3-أن يكون مذكى في بلد الإسلام وإن وجد في غيرها.
وبهذه المناسبة يتعرضون للبحث عن قاعدة سوق المسلمين كأمر أساسي وعن الأمرين الآخرين معها أيضاً.
معنى القاعدة:
إن معنى قاعدة سوق المسلمين كون السوق أمارة على أن الحيوان الموجود فيه قد ذكي على وفق الطريقة الشرعية وأن تذكيته حصلت مع جميع الشروط المعتبرة.
لأن الحيوان الذي لم يذك على وفق الطريقة الشرعية يعد ميتة فلا يجوز تناول لحمه ولا تصح الصلاة مع جلده كما هو الرأي الفقهي وهذا واضح.
فإذا شك في تذكيته حكم عليه بعدمها تمسكاً باستصحاب عدم التذكية،لأن الحيوان حال حياته ليس مذكى،وعند الشك في حصول التذكية له بعد زهاق روحه نستصحب عدم التذكية.
وهذا الاستصحاب حجة فيفيد حكماً وهو كون الحيوان غير مذكى،ويترتب على ذلك عدم جواز تناول لحم الحيوان ولا الصلاة في جلده كما هو رأي بعض الفقهاء.
بل المشهور بين الفقهاء هو الحكم بنجاسة هذا الحيوان أيضاً فتتنجس اليد والملابس إذا أصابته برطوبة.
نعم هناك طريق يجعلنا لا نعتمد على هذا الاستصحاب بل نرفع اليد عنه وهو ما إذا كان هذا اللحم أو الجلد قد أخذا من سوق المسلمين،فعندها يحكم على هذا الحيوان الذي أخذ لحمه أو جلده بأنه مذكى فيحل أكل لحمه كما يبنى على طهارة جلده وتصح الصلاة فيه.
أدلة القاعدة:
يمكن الاستدلال على هذه القاعدة بثلاثة أمور:
الأول: سيرة المتشرعة،حيث يذهبون إلى السوق فيشترون منه اللحم والجلد ويتعاملون معهما تعاملهم مع المذكى مع أنهم لا يجزمون بتذكية القصاب للحيوان الذي اشتروا منه،بل هم يحتملون فيه إما أنه ذكاه ذكاة شرعية أو أنه ذكاه لكن على غير الطريقة الشرعية.
ونرى أن المتشرعة يعدون المتوقف في الشراء والأكل مخالفاً للمسلك العام الذي يسير عليه المسلمون جميعاً.
وهذه سيرة موجودة من عصر الأئمةu،غير متجددة في العصور المتأخرة،لأنه لا يحتمل أن المسلمين في عصر الأئمةuلم يكونوا ممن يشتري اللحم والجلد من السوق،كما أنه لا يحتمل أنهم كانوا يجزمون بكون جميع القصابين الموجودين في السوق يجرون التذكية على وفق وجهها الشرعي المقرر دون حصول تخلف من أحد منهم.
وعلى هذا تكون هذه السيرة حجة لأنها تكشف عن تلقيها من الشارع المقدس،ولا نحتاج فيها إلى حصول إمضاء منه.
الثاني: إن عدم قبول هذه القاعدة يستوجب اختلال النظام ولو في ا لجملة لأن ذلك يستدعي أن يقوم كل فرد بعملية تذكية الحيوانات لنفسه،ولا يجوز له أن يشتري اللحم من السوق والأكل منه،لأن احتمال عدم التذكية ما دام موجوداً فيثبت بالاستصحاب عدم تذكية الحيوان الذي يشك في تحقق ذكاته،وعليه لا يجوز له أن يتناوله.
الثالث: النصوص الواردة في هذا المجال،وهي غير قليلة نشير إلى بعض منها:
1-صحيحة فضيل وزرارة ومحمد بن مسلم وتعرف بصحيحة الفضلاء حيث سألوا أبا جعفر uعن شراء اللحوم من الأسواق ولا يدرى ما صنع القصابون،فقال: كل إذا كان ذلك في سوق المسلمين ولا تسأل عنه[1].
2-موثقة إسحاق بن عمار عن العبد الصالحu: لا بأس بالصلاة في الفراء اليماني وفيما صنع في أرض الإسلام.قلت: فإن كان فيها غير أهل الإسلام؟قال: إذا كان الغالب عليها المسلمين فلا بأس[2].
3-صحيحة البزنطي عن الإمام الرضا uقال: سألته عن الرجل يأتي السوق فيشتري جبة فراء لا يدري أذكية هي أم غير ذكية أيصلي فيها؟فقال: نعم ليس عليكم المسألة،إن أبا جعفر u كان يقول: إن الخوارج ضيقوا على أنفسهم بجهالتهم ،إن الدين أوسع من ذلك[3].
4-صحيح البزنطي الآخر عن الإمام الرضا u قال: سألته عن الخفاف يأتي السوق فيشتري الخف،لا يدري أذكي هو أم لا،ما تقول في الصلاة فيه وهو لا يدري،أيصلي فيه؟ قال: نعم،أنا أشتري الخف من السوق ويصنع لي وأصلي فيه وليس عليكم المسألة[4].
حيث تدل هذه النصوص أن حكم مشكوك التذكية هو الطهارة وحلية اللحم والجلد إذا كان في سوق المسلمين.
ثم إننا لا نفهم من خلال النصوص السابقة أن السوق أمارة على التذكية ليترتب حلية اللحم وطهارة الجلد تعبداً بمعنى أن أماريته بجعل من الشارع المقدس كتأسيس جديد لحكم شرعي،بل الظاهر أن جعل السوق أمارة على التذكية يعود لنكتة عقلائية وهي كاشفية السوق عن أن البائع مسلم وأنه يطبق الشرائط الشرعية للتذكية،توضيح ذلك:
إن وجود المحل الذي سنشتري منه في السوق التي يغلب فيها تواجد المسلمين أو كله من المسلمين يكشف عن أن صاحبه مسلم،كما أن الغالب على المسلمين هو التحفظ على الأحكام الشرعية ومراعاتها،ومن جملة الأحكام الشرعية التي يراعيها المسلمون الشروط الشرعية المعتبرة في تحقق التذكية الشرعية،فالأخذ من اليد التي حكم بإسلام صاحبها يكشف عن تحقق الشروط المطلوبة.
وعلى هذا نصل إلى أن اليد التي أخذ منها يد مسلمة لأجل الغلبة،والأخذ من اليد المسلمة يكشف عن تحقق الشروط الشرعية المعتبرة للتذكية لأجل الغلبة أيضاً.
ما يعتبر في حجية سوق المسلمين:
من المعلوم أن سوق المسلمين بما هو سوق المسلمين مع عدم ضم قيود أخرى له لا عبرة به أصلاً،إذ لا نحتمل أن حجية سوق المسلمين قضية تعبدية بحتة من الشارع المقدس،وإلا كان اللحم المشكوك في تذكيته الواقع بيد الكافر وهو محرم الأكل ونجس الجلد إذا انتقل إلى يد المسلم غير المبالي بتعاليم الشريعة الإسلامية وقلنا أن حجية السوق حكم تعبدي كفى ذلك في تحوله إلى محلل الأكل وطاهر الجلد.
فعملية النقل من يد الكافر إلى يد المسلم أوجبت له الحلية بالرغم من الجزم بعدم تحقيق اليد الثانية المسلمة عن قضية التذكية.
وبعبارة أخرى: إذا كان الحكم تعبدياً محضاً من الشارع المقدس كان مجرد انتقال الشيء المحرم الأكل والنجس إلى يد أي مسلم كان مراعياً للأحكام الشرعية مبالياً بها أم لا، يستدعي تحوله إلى محلل الأكل وطاهر الجلد.
وعلى هذا الأساس يوجد إذن عندنا قيد حتى يمكننا أن نعتمد على هذه القاعدة ونفيد منها في حياتنا اليومية والعملية،وهذا القيد عقلائي يحرزه العقلاء ويستكشفونه كنكتة للحجية المجعولة للسوق وهذا القيد هو:
إن تواجد المسلمين في السوق وكون الطابع العام فيه هو الإسلام نستكشف منه أن يد هذا البائع يد مسلم،واليد المسلمة تكشف عن تحقق شروط التذكية المعتبرة للحلية والطهارة.
ومن الواضح أننا حينما نقول المسلم نعني به الشخص الذي يراعي الأحكام الشرعية ويتقيد بها لا مطلق من شهد الشهادتين ولم يعرف منهما حتى الرسم.
وهذا القيد كما ذكرنا نتوصل له من خلال نفس نكتة حجية سوق المسلمين حيث عرفنا سابقاً أن حجيته ليست حكماً تعبدياً محضاً بل تعود الحجية لنكتة عقلائية،وتعويل العقلاء في مثل هذا المورد يعتمد على أساس أن المسلمين الموجودين في السوق يراعون الشرع المقدس في إحراز شرائطه المعتبرة في كل شيء يعتبر في شيء من ذلك.
وبعبارة أخرى: لابد من كون المورد لجريان القاعدة هو حصول الالتزام والتقيد بالتعاليم الشرعية وكون الناس الموجودين في السوق مبالين بالتعاليم الإلهية،كل ذلك تمسكاً بمقتضى النكتة التي هي منشأ الحجية بالنظر العقلائي.
وتوجه هذه النكتة العقلائية لتدل على أن وجود الحيوان في السوق يعني أنه قد ذبح على الطريقة الشرعية وذلك لأن المسلمين يراعون حصول الشروط المعتبرة لتحقق الزكاة الشرعية.
لا فرق بين فرق المسلمين:
لا تختص أمارية سوق المسلمين على تحقق التذكية الشرعية بما إذا كان الموجودون في السوق خصوص الشيعة الإمامية،بل تعم جميع مذاهب المسلمين حتى مع قولهم بطهارة الميتة بالدبغ وحلية ذبائح أهل الكتاب.
والسر في ذلك يعود إلى أمرين:
الأول: إن الطابع العام الذي كان عليه السوق وقت صدور النصوص هو احتواؤها لفرق أخرى غير الشيعة الإمامية ولم يرد تخصيص بهم وإلا لزم تخصيص الأكثر وهو مستجهن عند العرف.
الثاني: إن النصوص التي سبق وذكرناها مطلقة حيث تضمنت التعبير بلفظ سوق المسلمين وكلمة المسلمين غير مقيدة بفرقة دون أخرى.
بعض تطبيقات القاعدة الفقهية:
بعد ما عرفنا أن حجية السوق ليست أمراً تعبدياً،بل هو لنكتة عقلائية ذكرناها نشير إلى بعض الفروع التي تقع في دائرة الابتلاء:
1- إن الاعتماد على قاعدة سوق المسلمين مشروط بكون الطابع العام على أصحاب السوق هو الإسلام بأن يكون الكل أو الأغلب من المسلمين،فلا عبرة بالسوق لو كان الكل أو الأغلب من غير المسلمين.
وهذا الذي ذكرناه هو الضابطة في صدق كون هذا السوق سوقاً إسلامياً من عدمه.
وعلى هذا لو كان أصحاب المحلات التجارية من المسلمين لكن الباعة الموجودين فيها من غير المسلمين وكانوا هم المتصرفين في العمل بمعنى أن أصحاب المحلات لا يعلمون شيئاً عنها وعما يجري فيها فالظاهر عدم انطباق عنوان سوق المسلمين على هذا السوق.
ونحن لا نشترط أن يكون الممارس للعمل في السوق هم المسلمون وإنما نشترط الإطلاع والعلم بما يجري فيه حيث لا موضوعية عندنا لعنوان السوق بخصوصه،بل المراد أنه يكشف عن تحقق التذكية لنكتة كون أهله مسلمين.
2- لو تضمن سوق المسلمين أحزمة وأحذية مصنوعة من جلود الحيوانات من بعض الدول الكافرة،وعندنا جزم بعدم مبالاة المسلم المستورد بقضية التذكية،بل كان تمام همه تحصيل الأرباح لا غير،فلا يجوز شراؤها وإن كانت تباع في سوق المسلمين استناداً إلى قاعدة سوق المسلمين لأن السوق أماريته على الطهارة والحلية مشروطة بكون أهله من المبالين بالشرع الحنيف والدين الإسلامي،ومع ضعف المبالاة بتعاليم الإسلام أو انعدامها لا قيمة للسوق أصلاً.
3- إذا وجدنا جلوداً في سوق المسلمين مستوردة من بلاد الكفار وعلمنا أن هذه الدول الكافرة تستورد جلوداً من بلدان إسلامية فيحكم بطهارتها وبجواز الصلاة فيها.
4- إذا وجدنا جلوداً في سوق المسلمين مستوردة من بلاد الكفار لكن لا علم لنا أن هذه الدول تستورد جلوداً من بلدان إسلامية أو لا،لكننا نحتمل احتمالا عقلائياً بأنها تستورد جلوداً من بلاد المسلمين بمعنى أننا لا نجزم بعدم استيرادها ولا بعدم أخذها من بلاد الإسلام،فهنا يحكم عليها بالطهارة وبجواز الصلاة فيها.
5- إذا وجدت جلود في سوق المسلمين وعلمت أنها مستوردة من بلاد أخرى إلا أننا لا نعلم الدولة التي قد استوردت منها،فهل هي مستوردة من بلد إسلامي أو أنها مستوردة من بلد كافر، ففي هذه الحالة يحكم عليها بالطهارة وبجواز الصلاة فيها.
6- إذا كنا نجزم باشتمال بعض المحلات في السوق الإسلامي على لحوم غير مذكاة،وليس بإمكاننا تشخيص ذلك المحل عن غيره فلابد من ترك الشراء من تلك المحلات لسقوط السوق عن الأمارية بعد العلم باشتماله على غير المذكى لأن السوق أمارة عند الشك في التذكية لا عند الجزم بعدمها من خلال العلم بوجود غير المذكى في السوق.
7- إذا أخبرنا كافر مثلاً بأن هذا الجلد الموجود في يده قد اشتراه من بلد إسلامي أو من سوق إسلامي ولم نعلم بكذبه فيمكن قبول خبره لكونه خبر ذي اليد ويعامل هذا الجلد معاملة الطاهر.
8- تستورد بعض الدول الإسلامية أسماكاً معلبة من الدول الكافرة والظاهر أن الصائد لها هم الكفار فهذه الأسماك لا يجوز أكلها وإن بيعت في سوق المسلمين ،لعلمنا بأنها غير مذكاة على الطريقة الشرعية لكون المذكي لها كافراً.
ومثل ذلك المطاعم التي توجد في البلدان الإسلامية وتبيع لحوماً أو دجاجاً مستورداً فإنه لا يجوز الأكل منها تعويلاً على قاعدة سوق المسلمين أيضاً.
طريقان آخران:
ذكرنا في بداية الحديث أن الفقهاء(أعلى الله كلمتهم وأنار برهانهم)يتعرضون في المقام عادة إلى أمور ثلاثة تقدم الحديث منا عن الأول وبقي الحديث عن الأمرين الآخرين فنقول:
يد المسلم:
إذا أخذنا اللحم أو الجلد من يد شخص مسلم بهبة مثلاً أو بشراء دون أن يمر ذلك الأخذ بسوق المسلمين كما لو اشترى ذلك من أحد الأسواق الأجنبية مثلاً أو أي بلد كافر،فهنا هل يمكننا أن نحكم بحلية هذا اللحم وطهارة هذا الجلد أو لا ؟…
يذكر الفقهاء أنه يمكننا هنا الحكم بالحلية والطهارة أيضاً لنفس النكتة المتقدمة في سوق المسلمين لكن مع تغيير إلى يد المسلم حيث ذكرنا هناك أن الغلبة العامة تكشف عن كون صاحب اليد مسلماً وأنه يراعي الشروط المعتبرة في تحقق التذكية،كذلك نجري هذا أيضاً في المقام فيد المسلم المبالي بالشرع الحنيف والدين يمكننا التعويل عليها بلحاظ مبالاته وتدينه فنصل إلى أنه يراعي الشروط المعتبرة.
فرع فقهي:
وهنا نشير إلى فرع فقهي يترتب على ما ذكرنا:
إن الاعتماد على يد المسلم لتكون أمارة على التذكية مخصوص بصورة تعامله مع ما هو تحت يده التعامل الخاص بالمذكى كعرض الجلود للبيع أو لبسها في الصلاة أو مسها برطوبة وما شاكل ذلك.
أما لو لم يكن تعامله معها بهذه الكيفية مثل ما إذا احتملنا أن احتفاظه باللحم لأجل الإلقاء في المزبلة أو لأجل الإحراق،أو من أجل إطعامه للحيوانات أو استفادته منه في تسميد الأرض ،فلا تكون يده حجة وعليه لا تنفع في إثبات التذكية الشرعية ليرتب الحلية والطهارة.
ما صنع في أرض الإسلام:
إذا تواجد المسلم في بلاد كافرة فوجد أحزمة أو أحذية مصنوعة من الجلود في أسواقها،فحكمها هو النجاسة على وفق رأي المشهور لأنه بمقتضى استصحاب عدم التذكية يحكم بكونها غير مذكاة.
لكن يستثنى من ذلك إذا كان هذا الجلد مصنوعاً في إحدى الدول الإسلامية وحصل له العلم بأحد الطرق كما لو كان مكتوباً عليها أنه صناعة دولة إسلامية فيبنى حينئذً على الطهارة حتى على رأي المشهور.
ومثل ذلك لو كان الجلد في تلك البلاد الكافرة لكن كانت هناك أمارة على كونه مستورداً من بلد إسلامي فيبنى حينها على طهارته.
تذكير:
عادة ما يثار تساؤل عند كثير من الأخوة المؤمنين حاصله أنه هل يحرم على المكلف السؤال والاستفسار والفحص لو كان في سوق المسلمين عن اللحوم والجلود أو لا يحرم ذلك؟…
لابد من التفصيل في المقام حيث توجد عندنا مجموعة من الصور:
الأولى: أن يكون السؤال من باب الوسواس فلا ريب في كون السؤال في مثل هذه الموارد محرماً.
الثانية: أن يكون السؤال ناشئاً من الاستخفاف بالقواعد الشرعية وهنا أيضاً يحرم السؤال.
الثالثة: أن يكون السؤال راجعاً إلى التحرز عن الوقوع في الحرام بل عن الوقوع في المشتبه فهنا يكون السؤال والاستفسار حسناً.
وعلى أي حال الظاهر من بعض النصوص أنه حتى في مثل الصورة الثالثة السؤال والتفحص غير راجحين،كل ذلك حذراً من تضييق المكلف على نفسه،لكن لو سأل المكلف وتفحص لا يكون قد ارتكب مخالفة شرعية أو أقدم على فعل محرم.
——————————————————————————–
[1] الوسائل ب 29 من أبواب الذبائح ح 1.
[2] الوسائل ب 50 من أبواب النجاسات ح 5.
[3] الوسائل ب 50 من أبواب النجاسات ح 3.
[4] الوسائل ب 50 من أبواب النجاسات ح 6.