التبرع بالمستحبات عن الأحياء
لا يجوز التبرع بالواجبات عن الأحياء حتى لو كانوا عاجزين عن الإتيان بها، فلا يجوز التبرع بأداء الصلاة عن شخص ولو كان عاجزاً عن أدائها، ومثل ذلك الصوم أيضاً. ويستثنى من ذلك الحج فيجوز التبرع به عمن وجب عليه وكان عاجزاً عن أدائه بنفسه.
وأما المستحبات، فلا إشكال في جواز إهداء ثوابها للأحياء كإهداء ثوابها للأموات، فيصلي الإنسان صلاة جعفر الطيار مثلاً، ثم يهدي ثواب ذلك لوالديه، أو يصوم المكلف أياماً من شهر شعبان المعظم، ويهدي ثواب ذلك لمن يشاء من الأحياء كأحد أصدقائه مثلاً، أو زوجته وهكذا. كما يجوز للإنسان أن يزور المراقد الطاهرة للمعصومين(ع)، ويهدي ثواب ذلك لمن يشاء من المؤمنين، أو يؤدي عمرة رجب ويهدي ثوابها لمن يحب من أرحامه وأصدقائه، وكذا الصدقة وقراءة القرآن الكريم، وما شابه ذلك.
وبالجملة، كما يجوز إهداء ثواب المستحبات للأموات بعد أداء العمل، كذلك يجوز إهداء ثوابها للأحياء أيضاً.
وقد اختلف الأعلام في جواز الإتيان بالأعمال المستحبة نيابة عن الأحياء كما يجوز الإتيان بها نيابة عن الأموات، بأن يعتمر في شهر رجب مثلاً، نيابة عن والديه، أو يزور النبي المصطفى محمد(ص)، والصديقة الطاهرة الزهراء وأئمة البقيع(ع) نيابة عن أصدقائه الأحياء، وهكذا يصوم بعض أيام شهر رجب أو شعبان نيابة عن شخص حي مثلاً.
فاتفقوا على جواز الإتيان ببعض العبادات نيابة عن الأحياء، وليس جميعها، وقد خص ذلك السيد الخامنئي(حفظه الله) بخصوص الطواف المستحب وصلاته، وزيارة المراقد الطاهرة وصلاة ركعتي الزيارة. وذكر السيد صادق الشيرازي(حفظه الله) الزيارة بنحو المثال. وأضاف لذلك السيدان الخوئي(ره) والسيستاني(دامت بركاته)، الحج والعمرة، والطواف لمن لم يكن في مكة. وأما بالنسبة لبقية الموارد الأخرى فقالا بالإتيان بها رجاء المطلوبية، وليس بعنوان الاستحباب، فيصلي صلاة جعفر الطيار مثلاً عن والديه نيابة رجاء المطلوبية وليس بعنوان الاستحباب.
وقد ذكر السيد الحكيم(دام ظله) أن مقتضى الاحتياط الوجوبي التبرع بالعبادات المستحبة كالصلاة والصوم والحج والصدقة والزيارة وقراءة القرآن عن الأحياء بعنوان رجاء المشروعية.
فرع:
قد تعارف فعل المؤمنين مجموعة من الأعمال العبادية باسم مولانا ولي النعمة(روحي لتراب حافر جواده الفداء)، فإن كان ذلك من باب إهداء الثواب فقد عرفت عدم وجود إشكال فيه. أما لو كان بعنوان النيابة، كأن يتصدق نيابة عن الإمام صاحب الزمان(عج) أو يصلي نيابة عن الإمام صاحب الزمان(عج)، وهكذا، فيأتي فيه التفصيل المتقدم الذي قد سمعت.