شروط جريان قاعدة السوق
س: جناب الشيخ سلام عليكم ورحمة الله، انتشر مقطع لبعض طلبة العلوم الدينية ينقل فيه فتوى المرجع الديني الأعلى الإمام السيستاني(دامت بركاته) حول جريان قاعدة السوق، وأنه يجوز الأكل ولا يلزم السؤال، فما هو تعليقكم على ذلك؟
ج: عليكم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تقبل الله أعمالكم
الأخ العزيز وفقه الله
قاعدة السوق من القواعد الإمتنانية التي جعلت توسعة على المكلفين، يمكنهم من خلالها البناء على حلية اللحم المشكوك الذكاة حال وجوده في سوق المسلمين الذي تتوفر فيه شروط معينة مذكورة في محله، وهذا يعني أن مورد جريانها حين وجود الشك وليس مطلقاً، فلو لم يكن هناك شك كما لو وجد علم بعدم ذكاة اللحم الموجود في السوق من أي طريق كان، أصبح ذلك مانعاً من جريانها.
ويعتبر في جريانها شروط لابد من توفرها فلو فقد أحدها لم تجر، وتلك الشروط هي:
الأول: عدم علم المكلف بكثرة وجود الميتة في السوق، فلو علم بكثرة وجودها كان ذلك مانعاً من جريانها، ولم يجز له الاستناد إليها في جواز الأكل من لحم السوق إلا إذا أحرز أنه مذكى بكونه مذبوحاً على الطريقة الشرعية.
الثاني: أن تكون الشبهة التي يشك في وجود اللحم فيها شبهة غير محصورة، بحيث يكون احتمال انطباق الميتة على اللحم الذي يتناوله ضعيفاً لا يعتني به العقلاء. فلو كانت الشبهة محصورة منع ذلك من جريان القاعدة، والاعتماد عليها في حلية أكل اللحم المشكوك التذكية، لأن احتمال كون ما يتناوله ميتة احتمالاً عقلائياً يعتد به العقلاء كما لا يخفى.
الثالث: عدم دخول اللحم الموجود في السوق بأكمله في دائرة ابتلاء المكلف، بل هناك بعض منه خارجاً من دائرة ابتلائه، بحيث لا يتعامل معه. أما لو كانت المطاعم الموجودة مورداً لابتلاء المكلف بحيث يحتمل أن يتعامل معها يوماً ما، لم تجر القاعدة المذكورة.
فإذا توفرت الشروط المذكور جرت القاعدة ولم يكن العلم الإجمالي بوجود لحم غير مذكى في السوق مانعاً من جريانها، أما لو اختل واحد منها كان ذلك موجباً لعدم الحريان. وبالتالي يلزم المكلف قبل الأكل السؤال عن مصدر اللحم وأنه مذكى أو لا، فإن أخبره الثقة المؤتمن بكونه ذكياً جاز له الأكل منه.
ومما يؤسف له أن الكثير يغفل عن الشروط المعتبرة في جريانها، ويحاول تطبيقها دون ملاحظة هذه الشروط، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيننا على أنفسنا، وأن يطهر بطوننا من الحرام والمشتبه، إنه سميع مجيب، والله العالم.