ما يلحق الميت بعد الموت

لا تعليق
الزاوية الفقهية - أبواب متفرقة
455
0

 

ربما يتصور البعض أن الإنسان إذا مات فقد طويت صحيفة أعماله وختمت، فلا يلحقه شيء من الثواب، والصحيح هو لحوق ثواب جملة من الأعمال به، فيدخل ثوابها عليه، فقد ورد عن الإمام الصادق(ع) أنه قال: ليس يتبع الرجل بعد موته من الأجر إلا ثلاث خصال: صدقة أجراها في حياته، فهي تجري بعد موته، وسنة هدى سنها فهي يعمل بها بعد موته، أو ولد صالح يدعو له.

و

قال(ع): ستة تلحق المؤمن بعد موته: ولد يستغفر له، ومصحف يخلفه، وغرس يغرسه، وقليب يحفره، وصدقة يجريها، وسنة يؤخذ بها من بعده.

والظاهر أن العناوين المذكورة أمثلة قد ذكرها الإمام(ع)، لا أن الأمر محصور فيها، فكل عمل يمكن وصول الثواب والأجر للميت يكون منها.

 

وعلى أي حال، فإن الأعمال التي يصل ثوابها الإنسان بعد موته نوعان:

الأول: ثواب بعض الأعمال التي عملها حال حياته، ويستفيد منها الأخرون، فتكتب له صدقة جارية تؤتي أكلها كل حين. وينقسم هذا النوع إلى قسمين:

 

أحدهما: ما يكون ثوابه مستمراً إلى يوم القيامة، وهي مجموعة من الأعمال يقوم بها الإنسان قبل وفاته، ولذلك أمثلة كثيرة:

 

منها: ما يسنه في مجتمعه من سنن حسنة، سواء كانت تلك السنة موجودة إلا أنها لم تعدّ متداولة في المجتمع، كالعمرة في شهر رجب قبل مدة، أو صيام شهر رجب أو احياء مناسبات أهل البيت(ع) وغير ذلك. أم كانت مستحدثة وجديدة، كعمل صندوق لتكفل نفقة العاجزين عن الحج، وآخر يتكفل المساعدة في تزويج العازبين، أو تأسيس مشروع يتوارثه الأجيال، وهكذا. جاء عن رسول الله(ص) أنه قال: من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجرهم شيء.

 

وللأسف غفلة مجتمعاتنا اليوم عن هذه الناحية وعدم مبادرتهم للعناية بها مع ما فيها من الفائدة للإنسان بعد وفاته، وقد سمعت أجرها.

ومنها: قراءة آية:-(شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم)، عند منامه، فقد قال(ص): خلق الله منها سبعين ألف خلق يستغفرون له إلى يوم القيامة.

 

ومنها: قراءة آية الكرسي، وجعل ثواب قراءته لأهل القبور، فقد ورد عنه(ص): إذا قرأ المؤمن آية الكرسي وجعل ثواب قراءته لأهل القبور، جعل الله تعالى له من كل حرف ملكاً يسبح له إلى يوم القيامة.

ثانيهما: ما يكون ثوابه محدداً بزمان، وله وقت معلوم وينتهي بعده، وهي أمور أيضا:

منها: قراءة سورة القدر ستة وسبعين مرة كل يوم، يكون له ألف ملك يكتبون ثوابها ستة وثلاثين ألف عام، ويضاعف الله تعالى استغفارهم له ألفي سنة ألف مرة.

 

وقد حددت كيفية قراءتها بالطريقة التالية: سبع مرات بعد طلوع الفجر، وقبل صلاة الغداة، وعشراً بعدها، وإذا زالت الشمس قبل النافلة عشراً، وبعد النوافل إحدى وعشرين، وبعد صلاة العصر عشراً، وبعد العشاء الآخرة سبعاً، وحين يأوي إلى فراشه إحدى عشرة مرة.

ومنها: ذكر البسملة قبل كل شيء يقوم به ويبدأه.

 

ومنها: إقراض المؤمن وإمهاله، فقد ورد أنه تصلي عليه الملائكة لحين أدائه. وللأسف أن هذه من الأمور التي فقدت في مجتمعنا اليوم بسبب اساءة بعض الأفراد التعامل مع هذه النعمة.

 

الثاني: ما يعطى ويبعث إليه من قبل الأحياء، فيستفيد مما يبعثه أبنائه وأهله وأصحابه وكذا المؤمنون إليه.

ولا تنحصر الفائدة من العمل الصادر من الحي للميت لخصوص الميت، بل إن الحي يستفيد منه أيضاً كما يستفيد منه الميت، فقد ورد عن الإمام الصادق(ع)قوله: من عمل من المسلمين عن ميت عملاً صالحاً أضعف الله له أجره ونفع به الميت.

 

نعم ينبغي ملاحظة الأعمال التي نقدمها للميت لينتفع بها، ذلك أننا قد نقوم بأفعال لا ينتفع منها اصلاً:

منها: رش الماء على قبره بعد مضي مدة من دفنه ووضع الرياحين والورد عليه، فإن استحباب رش القبر ينقضي بعد مدة، فيكون ما نعمله عمل مباح لا ينتفع من الحي ولا الميت ومثله وضع الرياحين على القبر.

 

ومنها: توزيع بعض المنشورات في ختام مجلس الفاتحة، فإن الغالب عدم انتفاع الميت ولا الموزع بها، لعدم استفادة الناس منها، بل قد تكون فيها اساءة عوضاً عن الاستفادة.

 

ولهذا يحسن أن ينتخب الأحياء الأعمال التي ينتفع الميت منها، كالمساهمة في صداق فقير، أو طباعة كتاب، أو تحمل نفقة مأتم من مأتم أهل البيت(ع)، أو غير ذلك من الأعمال الخيرة.

 

 

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة