الاستشفاء بالتربة الحسينية(1)

لا تعليق
من القلب إلى القلب
141
0

نص فقهاؤنا على عدم جواز أكل الطين، ونفى أرباب الطب أن يكون الطين علاجاً، بل ذكروا أنه مضر جداً قد يبلغ حدّ الموت. وقد ورد النهي الشديد عن أكله في النصوص الشريفة.

واستثني من ذلك بعض أقسامه بشروط، وفي ظروف خاصة، فذكر أنه دواء، بل من أفضل أنواع الأدوية، وأشدها تأثيراً، مثل طين قبر المولى الحسين(ع)، وطين قبر ذي القرنين، وهو المعروف بالطين الأرمني، وطين الحرير، وغيرها.

وقد وردت نصوص عديدة في أن تربة قبر المولى أبي عبد الله الحسين(ع) شفاء، بل في بعضها أنها دواء لكل داء، ففي الكافي عن الإمام أبي عبد الله الصادق(ع) قال: إن عند رأس الحسين(ع) لتربة حمراء فيها شفاء من كل داء إلا السام. ويقصد بالسام في هذا النص الموت، وقد تضمن النص أن تربة قبر أبي عبد الله الحسين(ع) شفاء من كل داء عدا الموت.

وجاء فيه أيضاً عن أبي الحسن(ع) أنه قال: أكل الطين حرام مثل الميتة والدم ولحم الخنـزير إلا طين قبر الحسين(ع) فإن فيه شفاء من كل داء وأمناً من كل خوف[1].
وقد سئل الإمام الصادق(ع) عن طين الأرمني يؤخذ للكسير والمبطون، أيحل أخذه؟ قال: لا بأس به، أما إنه طين من قبر ذي القرنين، وطين قبر الحسين خير منه[2].

وقد اكتسبت تربة كربلاء المقدسة مكانتها ومنـزلتها بعدما حل فيها الإمام الحسين(ع)، وسقط عليها صريعاً فخالط دمه الشريفة ولحمه الطاهر،  تربتها وامتـزجت بهما، فصارت لها هذه الصفة، أنها أمان وشفاء، فيشفى كل من أكل منها، وقد أصبح لها رائحة وعطراً، ولوناً  كما صار لها ملائكة يحفظونها ويحفظون من حملها.

وقد يستغرب البعض ذلك، بل قد يستبعده، فلا يتصور أو لا يقبل أن يكون لطين قبره(ع) هذا التأثير، فيقول: كيف نتصور أن يكون لطين هذه الخاصية، وهذه الآثار؟!

وهذا الاستغراب، فضلاً عن الاستبعاد في غير محله، ضرورة أن القرآن الكريم قد تضمن الإشارة إلى مثل ذلك، فقد حكى سبحانه قصة السامري لما عاتب الكليم موسى(ع) الإسرائيليين على عبادتهم العجل، وإخلافهم  ، قال تعالى:- (قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنا حملنا أوزاراً من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السامري فأخرج لهم عجلاً جسداً له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى)[3]، ودار حوار بعدها بين نبي الله موسى(ع) وبين السامري، قال تعالى:- (قال فما خطبك يا سامري قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي)[4].

هذا والمنقول في كتب التفسير في أحد القولين، أن السامري أخذ قبضة من التراب الذي وطأه الرسول، ويقصد به الملك، وهو جبرائيل، بل قد أخذ قبضة من أثر فرسه الذي كان راكباً عليه، ثم جمع الزينة والحلي التي حملها بنو إسرائيل مما تركه آل فرعون وألقى عليه ذلك التراب فتحولت عجلاً له خوار، وقد يكون له كلام، فما هو الذي حدث في ذلك التراب حتى صار يبدل الحلي عجلاً له خوار؟

ثم بعد هذا التقديم، ينبغي تحديد الموضع الذي تأخذ منه التربة الحسينية بقصد الاستشفاء، كما يلزم أن تذكر الشروط التي لابد من توفرها لتحققه،  وهذا يجرنا لعرض الموانع التي تمنع من الاستفادة منها وتحصيل الأثر المرجو منها، ويختم الحديث بعرض بعض المسائل ذات الارتباط بالمقام، مثل مقدار ما يؤخذ من التربة الحسينية، وهل أن هذه الخاصية تختص بطين قبر الإمام الحسين(ع)، فلا يجري ذلك في شأن غيره من قبور المعصومين(ع)، أم أن الخاصية المذكورة ثابتة لهم كثبوتها لقبره الشريف، وأمور أخرى.

[1] الكافي ج 6 ح 9 ص 266.
[2] مكارم الأخلاق ص 167.
[3] سورة طه الآيتان رقم
[4] سورة طه الآية رقم

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة