الإحسان وخدمة الناس

لا تعليق
من القلب إلى القلب
85
0

لا تنحصر العبادة والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى في الإسلام في خصوص الممارسات العبادية التي يؤديها المكلف امتثالاً لأمر الله تعالى، من خلال الطقوس العبادية التي يمارسها من صلاة وصيام وحج وخمس وزكاة ودعاء وزيارة، كما أنها لا تنحصر بالمساجد والمعابد والمزارات، بل يعتبر القيام بالمسؤوليات الاجتماعية والإحسان وخدمة عباد الله إذا كان مع قصد القربة، من أفضل العبادات، حيث يمكن أن يكون وسيلة لبناء وإكمال النفس والتقرب من الله.

فالإسلام لا يتحقق من خلال الانزواء والتعبد به والسير والسلوك لا يستلزمان ذلك، بل يمكن أن يكون من خلال قبول المسؤوليات الاجتماعية وفي وسط المجتمع، من خلال التعاون في الخير والإحسان والسعي في حوائج المؤمنين، وإدخال السرور إلى قلوبهم، والدفاع عن المحرومين والمستضعفين، والاهتمام بأمور المسلمين، وقضاء حاجاتهم، وحل مشاكلهم، ومساعدة عباد الله، وكل هذه الأمور تعتبر في الإسلام من العبادات الكبيرة، وثوابها أكبر من عشرات الحجج المقبولة المبرورة.

وقد وردت مئات الأحاديث في هذا الخصوص عن الرسول الأكرم محمد(ص) والأئمة الطاهرين(ع):

منها: عن أبي عبد الله(ع) قال: قال الله عز وجل: الخلق عيالي، فأحبهم إليّ ألطفهم بهم، وأسعاهم في حوائجهم[1].

ومنها: ما عن الرسول الأكرم(ص) أنه قال: الخلق عيال الله، فأحب الخلق إلى الله من نفع عيال الله، وأدخل على أهل بيته سروراً[2].

وعن أبي جعفر الباقر(ع) قال: تبسم الرجل في وجه أخيه حسنة، وصرف القذى عنه حسنة، وما عبد الله بشيء أحب إلى الله من إدخال السرور على المؤمن[3].

وقال أبو عبد الله الصادق(ع): من سر مؤمناً فقد سرني، ومن سرني فقد سر رسول الله، ومن سر رسول الله، فقد سر الله، ومن سر الله أدخله جنـته[4].

وقال أبو عبد الله الصادق(ع): لقضاء حاجة امرئ مؤمن، أحبّ إلى الله من عشرين حجة، كل حجة ينفق صاحبها مائة ألف[5].

وقال(ع) أيضاً: مشي المسلم في حاجة المسلم خير من سبعين طوافاً بالبيت الحرام[6].

وقال الإمام الصادق(ع) أيضاً: إن لله عباداً من خلقه يفزع العباد إليهم في حوائجهم، أولئك هم الآمنون يوم القيامة[7].

وجاء عن الإمام زين العابدين(ع) قوله: أما الجنة فلن تفوتكم سريعاً كان أو بطيئاً، ولكن تنافسوا في الدرجات، واعلموا أن أرفعكم درجات وأحسنكم قصوراً ودوراً وأبنية، أحسنكم فيها إيجاباًً لإخوانه المؤمنين، وأكثرهم مواساة لفقرائهم، إن الله عز وجل ليقرب الواحد منكم إلى الجنة بكلمة يكلم بها أخاه المؤمن الفقير بأكثر من مسيرة مائة ألف عام في سنة بقدمه، وإن كان من المعذبين بالنار فلا تحتقروا الإحسان إلى إخوانكم، فسوف ينفعكم الله حيث لا يقوم مقام ذلك شيء غيره[8].

والحاصل، يستفاد أن من العبادات الإسلامية الكبرى، وذات الأجر والثواب الجزيل عند الله سبحانه، الإحسان وخدمة عباد الله والسعي في قضاء حوائجهم، وحل مشاكلهم.

ومتى أديت هذه الأمور بقصد القربة كانت وسيلة لتـزكية النفس وتهذيبها، والسير والصعود والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى.

ولكنه مما يؤسف له اليوم غفلة الكثير من الناس عن هذا القسم المهم والعظيم من العبادات الإسلامية، نتيجة لعدم معرفتهم الصحيحة للإسلام، فيحصرون الإسلام والعبادة والسير والسلوك في خصوص الصلاة والصيام والزيارة والدعاء والأذكار والأوراد.

——————————————————————————–

[1] الكافي ج 2 ص 199.

[2] المصدر السابق ص 164.

[3] المصدر السابق ص 188.

[4] بحار الأنوار ج 74 ص 413.

[5] الكافي ج 2 ص 193.

[6] بحار الأنوار ج 74 ص 311.

[7] المصدر السابق ص 318.

[8] المصدر السابق ص 308.

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة