الحديث عن السيدة الجليلة أم البنين(ع) حديث شيق، لأنه يتضمن تعريفاً بشخصية سكنت الوجدان الشيعي، بل سكنت وجدان كل من تعرف عليها، ولا ريب أن مرد ذلك لما عرف عنها من ملكات وصفات أوجبت أن تكون لها هذه المكانة، إلا أن ما يؤسف له أنه لا يوجد في ما كتب عنها في المصادر التاريخية، أو ما ألف حول شخصيتها من بحوث ما يشفي الغليل، ويروي العطشان، فإنه لا زالت الكثير من الجوانب في سيرتها تحتاج توقفاً وتأملاً، وسوف أسعى جاهداً في هذه الكلمات أن أسلط الضوء على شيء من تلك السيرة العطرة، علنا نتمكن أن نقتبس شيئاً منها نفيد منه في حياتنا العملية.
اسمها ونسبها:
من المعروف بين المؤرخين أن أسم وارثة الزهراء(ع) هو فاطمة، وأنها من آل الوحيد، وأهلها من سادات العرب وأشرافهم، وزعمائهم، وأبطالهم المشهورين، وأبوها شخص معروف لا يختلف فيه، نعم وقع الخلاف في اسمه، فقد ذكر أنه أبو المحل واسمه حرام-بالحاء المهملة، والراء المهملة- إلا أن الوارد في كثير من النسخ ذكره بالزاء المعجمة، وذكر أنه غلط قطعي[1]. وأمها هي ليلى بنت سهل بن مالك، وهو أبو البراء، ملاعب الأسنة[2].
وتعتبر قبيلتها من أشرف القبائل العربية شرفاً، وأجمعهم للمآثر الكريمة التي تفتخر بها سادات العرب، ويعترف لها بالسيادة، لكثرة النوابغ من الرجال المبرزين والزعماء الممتازين بأكمل الصفات الكريمة وأتم الخصال الممدوحة، كالكرم والشجاعة والفصاحة وغير ذلك[3].
ولادتها:
لم يذكر المؤرخون بالتحديد سنة لولادتها، فضلاً عن أن يكونوا قد حددوا يوماً لذلك، أو الشهر الذي حصلت فيه الولادة.
إلا أنه يمكن أن يعمد إلى تحديد سنة ولادتها من خلال ملاحظة مقدار عمر مولانا أبي الفضل العباس بن أمير المؤمنين(ع)، يوم واقعة الطف، وبالتالي تحديد سنة ولادته، فيمكن أن يعرف مقدار عمرها يوم ولادتها به(ع)، ولو تقريباً فيحصل من خلال ذلك تحديد سنة ولادتها.
ووفقاً لما ذكر، بنى بعض الباحثين على أن سنة ولادتها كانت في السنة الرابعة أو الخامسة من الهجرة النبوية، وذلك لأن عمر أبي الفضل(ع) يوم واقعة الطف كان خمسة وثلاثين سنة، ما يعني أن ولادته كانت سنة خمسة وعشرين أو ستة وعشرين من الهجرة النبوية، على الخلاف في أن واقعة الطف كانت سنة ستين، أو سنة إحدى وستين من الهجرة.
وإذا قلنا بأن الحالة الطبيعية أن تكون المرأة مقترنة بزوجها في عمر لا يزيد على عشرين سنة، فهذا يعني أنها وقت ولادتها بابي الفضل(ع) كانت ما بين التاسعة عشر والعشرين، فتكون سنة ولادتها في السنة الرابعة أو الخامسة من الهجرة النبوية.
والإنصاف، حسن الأسلوب الحسابي المتبع في عملية الوصول إلى تحديد سنة الولادة، إلا أن ما يمنعنا من القبول به، ولا أقل من التأمل فيه، أنه يستبعد أن تبلغ أم البنين(ع)، وهي تلك الفتاة التي ولدت في وسط اجتماعي متميز من أسرة ذات مكانة مرموقة، شهد لها الأوائل والأواخر، مضافاً لما ذكر في حسنها وجمالها، فضلاً عما ستسمعه من جمالها المعنوي والكمالي أيضاً، إلى هذا المبلغ من العمر، من دون أن تتزوج، وقد كانت العادة السائدة والمعروفة عند العرب، المسارعة إلى تزويج الفتيات، بل ازدحام الفرسان والشجعان على أمثال وارثة الزهراء(ع)، لما لها من ملكات ومقومات. وقد جاء الإسلام، ليؤكد على هذا الأمر أيضاً، ويدعمه بقوة، وبالتالي يكون بقائها إلى بلوغها تسعة عشر سنة، أو العشرين مانعاً من ترتيب أثر على كون سنة ولادتها ما ذكر.
هذا وسوف نستفيد من الطريقة التي ذكرت في استخراج سنة ولادتها السابقة، لكننا سوف نعمد على النـزول شيئاً ما، بأن نقول، إن الغالب في تلك الحقبة من العصر أن يكون زواج الفتاة لا يزيد على بلوغها الرابعة عشر، أو الخامسة عشر، بل ربما تزوجت الفتاة أصغر من ذلك بمجرد بلوغها، كما هو محكي ومنقول. وعليه، فإذا طرحنا من ذلك عمر مولانا أبي الفضل العباس(ع)، يوم واقعة الطف، لنستخرج سنة ولادته، أمكن القول أنها ولدت في السنة العاشرة من الهجرة تقريباً.
وهذا الوجه وإن كان بحسب الظروف الطبيعية متصوراً، ويساعد عليه، إلا أنه قد يمنع منه أنها(ع) قد زوجت بأمير المؤمنين(ع)، وهي لا تزيد على أربعة عشر أو خمسة عشر سنة، إلا أنها قد تأخرت في الإنجاب، فلم تنجب إلا بعد مضي عشر سنين من الزواج.
وهذا وإن كان محتملاً، إلا أن افتقاد المصادر التاريخية ولو للإشارة إليه من قريب أو بعيد، تجعله أمراً مستبعداً، فلاحظ.
وعليه، فإن الذي تركن إليه النفس أن ولادتها كانت في السنة العاشرة تقريباً من الهجرة النبوية، فتدبر.
إلفات مهم:
ولعل ما يدعونا إلى الإصرار على كون ولادتها في هذه السنة، وأنها يوم اقترنت بأمير المؤمنين(ع) لم يتعد عمرها الرابعة عشر أو الخامسة عشر، إبراز عظمتها وعلو كعبها على غيرها من نساء الإمام(ع) بعد الزهراء(ع)، فإن وارثة الزهراء(ع)، لو دخلت بيت أمير المؤمنين، وقد بلغت العشرين من العمر تقريباً فلن يكون غالباً لها فضل في المقام، ضرورة أن أمثالها في هذا العمر يكن قد بلغن من النضوج الشيء الكثير، فلا يكون لها بروز بين أقرانها، إلا أن دخولها دار أمير المؤمنين(ع)، وهي لم تزد على الرابعة عشر من العمر تقريباً، بما لها من ملكات وامتيازات خاصة، أهلتها لتكون وارثة الزهراء(ع)، ومن ثم تكون سيدة الدار مع وجود من كن أسبق منها سناً، ومكانة، يكشف عن عظمة هذه المرأة ومكانتها التي يلزم التوجه إليها، ومعرفة ما بلغته وأحاطت به، فلاحظ.
سبب التكنية:
ومما يلحظه القارئ لسيرة وارثة الزهراء(ع)، هو غلبة كنيتها أم البنين على اسمها، حتى كادت أن تكون الكنية علماً تعرف به، ذلك أنها تذكر به أكثر من ذكرها باسمها، فمن هو الذي أطلق عليها هذه الكنية، وأعطاها إياها؟
الموجود في المصادر التاريخية احتمالان، أو قولان في ذلك:
الأول: أن الذي كناها بأم البنين، هو أبوها حرام، تيمناً بجدتها ليلى بنت عمرو بن عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، حيث كان لها خمسة أبناء أكبرهم أبو براء ملاعب الأسنة، وقد ذُكر لذلك حدث، فإن حراماً كان في سفر مع أصحابه، وقد نام فرأى في عالم الرؤيا أنه قد انعزل عن أصحابه ناحية في أرض خصبة وبيده درة يقلبها وهو متعجب من حسنها، وإذا به يرى رجلاً اقبل إليه من صدر البرية على فرس وسلم عليه، وسأله بكم تبيع هذه الدرة عندما رآها في يده، فقال له حرام بأنني لا أعرف قيمتها حتى اقدر لك ثمنها، لكن أنت بكم تشتريها، فقال له الرجل، أنا أيضاً لا أعرف لها قيمة، لكن أهدها إلى أحد الأمراء، وأنا الضامن لك بشيء هو أغلى من الدراهم والدنانير، فقال له ما هو، قال أضمن لك به عنده الحظوة والشرف والزلفى والسؤؤد أبد الآبدين، فقال له حرام: وتكون أنت الواسطة في ذلك. قال: وأكون أنا الواسطة أعطني إياها فأعطاه إياها.
فلما انتبه حرام وقص رؤياه على أصحابه وطلب تأويلها، فقال له احدهم: إن صدقت رؤياك فإنك ترزق بنتاً ويخطبها منك أحد العظماء وتنال عنده بسببها القربى والشرف والسؤود.
وعند عودته من سفره بشروه بولادة زوجته ثمامة الحبلى، وأنها قد أنجبت له أنثى، فتهلل وجهه لذلك، وقال في نفسه قد صدقت رؤياي، وقال لهم أسموها فاطمة، وكنوها بأم البنين.
ولا يخفى أن رؤيا حرام من الرؤيا المبشرات التي أشير إليها في النصوص، فقد ورد عن الإمام الصادق(ع) أنه قال: الرؤيا على ثلاثة وجوه: بشارة من الله للمؤمن، وتحذير من الشيطان، وأضغاث أحلام[4]. فإنها لا تفيد معنى الحجية، وإنما تفيد البشارة للمؤمن بما سيكون له من أمر في المستقبل، وقد يقع وقد لا يقع، وقد تعرضنا بصورة مفصلة للحديث حول حجية الرؤى والأحلام، فيمكن للقارئ العزيز ملاحظة ذلك.
وعلى أي حال، وفقاً لهذا القول، فسوف تكون تكنية وارثة الزهراء(ع) بهذا الكنية من أبيها، وأنها كنيت بها قبل وصولها إلى بيت أمير المؤمنين(ع)، وقد كناها بها أبوها تفألاً بحسن حالها، لما رآه من رؤيا مبشرة له بذلك.
الثاني: أن الذي كناها بها هو أمير المؤمنين(ع)، بعدما زفت إليه، فإنها قد طلبت منه أن لا يناديها باسمها وهو فاطمة، لأنها كانت ترى الحسرة في عيون أبناء الزهراء(ع) عندما يسمعون اسم أمهم(ع) ويتذكرون ما جرى عليها من المصاب، فيألمون، ورأفة منها بأبناء رسول الله(ص) ورغبة منها في عدم إدخال الأذى عليه في ولده، سألت الإمام(ع) أن يسميها باسم آخر غير فاطمة، فأسماها بأم البنين.
ولا يوجد ما يوجب التوقف في القول المذكور، إلا ملاحظة العمر الزمني للإمامين الحسنين(ع) ولمولاتي الحوراء زينب(ع) يوم زفت أم البنين لأمير المؤمنين(ع)، فإنه وفقاً لما قويناه قبل قليل من أن ولادتها كانت في السنة العاشرة، فسوف يكون زفافها له في السنة الرابعة والعشرين تقريباً، وهذا يعني أن عمر الإمام الحسن(ع) في تلك الفترة ما ينيف على عشرين سنة، وكذلك الإمام الحسين(ع) وحتى مولاتي زينب(ع) قاربت على ذلك، ومن الطبيعي أن من بلغ هذا المقدار من العمر، يكون قد ارتفع عنه اليتم، وبدأ يعيش حياته الاعتيادية، خصوصاً وأنه يكون قد كون أسرة، واقترن بامرأة، فلن يكون ملتفتاً لمثل هذا الأمر كما هو واضح، وإن كان الفقيد مثل سيدتي الطاهرة الزهراء(ع) التي لا يمكن أن تنسى، فلاحظ.
وبالجملة، يبقى القول الأول أقرب للمقبولية من القول الثاني، مع أنه يمكن التوفيق بينهما بأن لا يكون أمير المؤمنين(ع) مستحدثاً لها هذا الكنية، وإنما أعاد لها ما كان كناها به أبوها، فلاحظ.
نشأتها:
وقد أختار الله سبحانه وتعالى لهذه المرأة الصالحة أن تنشأ في منبت طاهر، بين أبوين صالحين، عرف الأب منهما بالولاء لآل بيت محمد(ع)، وبالكرم والشجاعة والسؤدد، ورجاحة العقل بين قومه، والمكانة المرموقة، وكانت الأم ذات عفاف، وطهارة، وتقوى وإيمان، يربطها بأهل بيت العصمة والطهارة رابط الانتماء والولاء. ويمكن استكشاف هذا المعنى من حديث الخطبة، فإنه لما جاء عقيل(رض) يخطبها لأمير المؤمنين(ع) أنتشى أبوها فرحاً، إلا أنه خشي ألا تكون أبنته جديرة بزوجية أبي الحسن(ع)، فقال له: بخ بخ بهذا النسب الشريف والحسب المنيف، لنا الشرف الرفيع والمجد المنيع بمصاهرة ابن عم رسول الله(ص)، وبطل الإسلام وقاسم الجنة والنار، ولكن-يا عقيل-أنت جدُ عليم ببيت سيدي ومولاي، إنه مهبط الوحي، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، وأن مثل أمير المؤمنين(ع) ينبغي أن تكون له امرأة ذات معرفة عن علم، وآداب في ثقافة، وعقل مع أخلاق حسنة، حتى تكون صالحة لشأنه العالي ومقامه السامي، وإن ابنتنا من أهل القرى والبادية، وأهل البادية غير أهل المدينة، ولعلها غير صالحة لأمير المؤمنين(ع).
إن هذه الكلمات من الأب، الذي جاءه الشرف يسعى إلى بين يديه، وهو الذي يطلبه كل أحد تكشف عن عمق ولاء، وصدق انتماء، ومحبة خالصة لبيت أمير المؤمنين(ع)، ولسيده أبي الحسن(ع)، فإنه لو لم يكن كذلك لما كانت تصدر منه هذه الكلمات حرصاً منه على مصلحة بطل الإسلام، ورعاية لحقه، وملاحظة لحاجته، فهذا الرجل الصالح الموالي لآل علي(ع) يخشى ألا تكون ابنته جديرة بالاقتران بأمير المؤمنين(ع)، ولا صالحة أن تكون له زوجة. وكذلك عندما نتأمل في كلماته التي طرحها على زوجته عندما جاء يسألها عن أهلية ابنتها لمثل هذه الاقتران، وعن مدى أهليتها لتكون خادمة في هذا البيت الهاشمي.
ولا تقل زوجته عنه شأناً، فعندما جاء يسألها عن مدى أهلية ابنتها للزوجية بأبي الحسن(ع) أشارت إلى امتلاكها الأهلية، لقيامها بإعدادها إياها إعداداً خاصاً جعلها تمتلك تلك القابلية المطلوبة لمثل هذا الشرف، وهذه المسؤولية الجسيمة، قال حرام: هذا عقيل بن أبي طالب جاء يخطب ابنتك للإمام علي(ع)، وقد استمهلته حتى أسألك عن ابنتك، هل تجدين فيها كفاءة بأن تكون زوجة لأمير المؤمنين(ع)؟ واعلمي أن بيته بيت الوحي والنبوة والعلم والآداب والحكمة، فإن تجديها أهلاً لأن تكون خادمة في هذا البيت، وإلا فلا.
فقالت زوجته: يا حرام، إني-والله-ربيتها وأحسنت تربيتها، وأرجو الله العلي القدير أن يسعد جدها، وأن تكون صالحة لخدمة سيدي ومولاي أمير المؤمنين(ع)، فزوجها.
وكما أن زوجها أعتبر وارثة الزهراء(ع) خادمة لأمير المؤمنين(ع)، وفي بيتها وأن هذا غاية الشرف، كانت زوجته أيضاً تشاطره الرأي والمعتقد.
في ظل هذه الأجواء الإيمانية المفعمة نشأت وترعرعت السيدة الجليلة أم البينين(ع)، لترتشف من الأبوين المصالحين، عبق الولاء، والمحبة لآل علي(ع)، وترتبط بهم أيما ارتباط، وتنشأ بينها وبينهم علاقة خاصة. ولهذا لا عجب عندما نسمع كيف كانت معاماتها للإمامين الهمامين الحسنين(ع)، وكيف أنها أنشأت أبنائها بعد ذلك.
والتأريخ وإن لم ينقل لنا شيئاً عن هذه الحقبة من حياتها(ع)، إلا أنه يمكن تلمس مقدار ما كان يفرغ عليها من ولاء ومحبة لأهل البيت(ع) من المواقف التي حصلت في هذه المرحلة، فإن حال الفرح والاستبشار التي عمت العائلة، عندما جاء عقيل(رض) خاطباً إياها لأمير المؤمنين(ع)، وعلي(ع) بعد لم يتصد للخلافة الظاهرية، تكشف عن أن هذا البيت لم يكن كبقية السواد الأعظم من المسلمين، وأنه لم يكن يرتبط بأحد آخر غير بيت علي(ع)، وما كان يدين بولاء لسواه.
كما أن دورها الذي قامت به في بيت أمير المؤمنين(ع)، وقد انتقلت إليه عروساً يؤكد هذا المعنى، بل يدل عليه، فلاحظ.
صفاتها النفسانية:
وقد تحدثت المصادر التاريخية عن الصفات النفسانية التي امتلكتها مولاتنا أم البنين(ع)، فأشارت إلى ما حباها به خالقها سبحانه وتعالى من الملكات النفسانية، والصفات الكمالية، فقد كانت(ع) على قدر كبير من الذكاء، وقوة الحافظة، وحدة الذهن، كما أنها امتلكت حلاوة في التعبير وعاطفة جياشة وعذوبة في الحديث، وأعطيت قدرة على امتلاك قلوب السامعين، مما لو يتوفر لغيرها من النساء.
وقد كان لجمال المنظر، والخلقة وجوده أيضاً في شخصيتها، فقد أشير إلى أنها كانت على قدر عالٍ من الجمال، لتجمع إلى صفات الكمال المعنوي، وجود الجمال المادي، وتمتلك بذلك الحسنيـين.
رتبتها في زوجات أمير المؤمنين(ع):
من المعلوم أن أمير المؤمنين(ع) لم يعرف امرأة غير مولاتي الزهراء(ع) خلال حياتها، لأن النساء كن محرمات عليه خلال تلك الفترة، إلا أنه وبعد شهادتها(ع)، قد اقترن بمجموعة من النسوة، وقد وقع الاختلاف بين المؤرخين في أي منهن كانت أسبق، ومن التي لحقتها، ومن كانت آخر زوجاته، فقد أختار الطبري في تاريخه، وكذا ابن الأثير في كامله، أبو الفدا في تاريخه، وأبن الجوزي في التذكرة، أن أول امرأة أقترن بها أمير المؤمنين(ع) بعد شهادة الزهراء(ع)، هي السيدة أم البنين(ع)، بينما قال آخرون بأن أول امرأة أقترن بها هي أمامة بنت أبي العاص، وأمها زينب بنت رسول الله(ص) والتي تزوجها أمير المؤمنين(ع) بوصية من السيدة الزهراء(ع) ليلة رحلتها عن عالم الدنيا. وتزوج بأم البنين بعد زواجه من أمامة، لتكون أم البنين الزوجة الثانية له(ع).
وهناك قول ثالث أن أول زوجاته بعد الصديقة(ع) كانت أمامة، ومن بعدها كان زواجه بأسماء بنت عميس، وكانت أم البنين الزوجة الثالثة له(ع).
ولا يخفى أن شيئاً من الأقوال السابقة لم يتعرض لذكر خولة الحنفية، ولعل القائلين بنوا على أنها أمة، وليست حرة، مع أن المستفاد من النصوص التاريخية المعتمدة أن الإمام(ع) قد تزوجها، ولم يتعامل معها معاملة ملك اليمين، ما يجعلها في عداد زوجاته، كما لا يخفى.
وعلى أي حال، إن الذي يساعد عليه التأمل التاريخي أن تكون أم البنين(ع) هي رابعة زوجات أمير المؤمنين(ع) فإن أول زوجاته بعد رحيل مولاتي الطاهرة(ع) هي أمامة بنت أبي العاص، وبعدها تزوج (ع) بخولة الحنفية والدة محمد بن الحنفية، والتي جيء بها بعد مقتل قومها في حادثة استشهاد مالك بن نويرة المشهورة، سبية، وقد كان لاقتران أمير المؤمنين(ع) بها حادثة مشهورة، وبعد موت الرجل الأول، بنى أمير المؤمنين(ع) بأسماء بنت عميس، بعدما انقضت عدتها، وقد كان زواجه بوارثة الزهراء(ع) السيدة أم البنين بعد هؤلاء، لتكون هي الزوجة الرابعة له(ع).
ويساعد على هذا الترتيب مجموعة من القرائن، كالتأريخ الذي استقربناه في سنة ولادتها، وانه في السنة العاشرة من الهجرة، فإنه لا ينسجم أن يكون زواجه(ع) بها قبل ذلك، مضافاً إلى الوصية المعروفة من السيدة الزهراء(ع) بالزواج من ابنة أختها زينب أمامة، وكذلك وصول خولة الحنفية في عداد الأسارى خلال حكم الرجل الأول، يمنع أن يكون زواجه(ع) بهما متأخراً عن زواجه بالسيدة أم البنين(ع).
الزواج الميمون:
وقد ذكرت المصادر التاريخية حواراً جرى بين أمير المؤمنين(ع)، وبين أخيه عقيل(رض)، يوم أراد الإقدام على الزواج والاقتران من أم البنين(ع)، ولا يهمنا نقل النص التاريخي للحوار، فإنه متداول في المصادر، ويكثر الاستماع إليه من ألسنة الأخوة الخطباء، وإنما الذي يهمنا في المقام، هو تسليط الضوء على تساؤل يثار حول لجوء الإمام(ع) لمثل هذا الأمر، وهو العالم بالقضايا الغيبية، ويعلم بطرق السماوات كعلمه بطرق الأرض، بل أكثر، فكيف نتصور ممن يكون محيطاً ومطلعاً على غيبيات السماء، ومطلعاً على علم الغيب، أن يسأل أحداً أن يرشده لامرأة تصلح أن تكون زوجة له وفقاً لما تمتلكه من مواصفات؟
إن الغالب في الإجابة على مثل هذا التساؤل، تنصب على أن الإمام علي(ع) أراد إرشاد المجتمع الإسلامي إلى هذه الناحية المهمة، المتمثلة في كيفية اختيار الزوجة، وما هي السبل والوسائل التي تتبع في مثل هكذا موارد، وبيان الصفات التي يلزم أن تكون مطلباً لكل من أراد أن يتزوج امرأة من النساء، لما للزوجة الصالحة من دور أساس في بناء الكيان الأسري، وإعداد المجتمع الصالح.
ولا يخفى أن الإجابة المذكورة وإن كانت حسنة، إلا أنه لا نتصور أن يكون الهدف الأساس من الحوار المذكور منحصراً فيها، ذلك أنه يمكن للإمام(ع) أن يقدم الأمور المذكورة في إحدى خطبه أو بياناته التي كانت تلقى على الأمة بين فينة وأخرى، كما أنه يمكنه أن يوصل ذلك من خلال ما كان يقوم به من عملية تعليمية للمجتمع الإسلامي خلال مدة حكم الرجال الثلاثة الذين سبقوه في الخلافة الظاهرية.
والإنصاف، إن الحوار المذكور يشير إلى معنى آخر، أبعد وأعمق مما ذكر جواباً، كما لا يخفى.
والذي أتصور أن الغاية التي أريد إيصالها من خلال الحوار المذكور هو تقديم تعريف للوسط الاجتماعي بشخصية السيدة أم البنين(ع) من خلال عرض ما تتميز به من سمات وملكات نفسانية خاصة لا توجد عند غيرها من النساء، ما يوجب لها وجوداً متميزاً ومكانة خاصة، ولم يجد أمير المؤمنين(ع) وسيلة أفضل من هذا الأسلوب وهو الذي يوازي اليوم الجانب الإعلامي في المجتمعات المدنية، فإن حديث عقيل(رض) عن المرأة وعرض ما يميزها سواء في النسب من جهة، أم في المكانة الاجتماعية من جهة أخرى، أم التربية والأدب من جهة ثالثة، أم في عنصر الجمال والكمال في جهة رابعة، أم في حسن الخلق، والسمت، وغير ذلك، سيكون مورداً لأن تسير به الركبان، ومن الطبيعي أن يكون هناك أشخاص أصحاب فضول، سوف يسألون عن صحة، بل عن دقة المعلومات التي ذكرها عقيل، خصوصاً وأن الزوج الخاطب ليس شخصاً عادياً بل هو أمير المؤمنين(ع)، ولو ألتفتنا أكثر إلى أن دواعي الخطبة ليست مجرد الاقتران بالنساء، وحب العلاقة الطبيعية، بل هناك سبب غاية في الأهمية، يستهدف الحصول عليه من خلال هذه الزيجة، يتمثل في وجود عقب بمواصفات خاصة.
وبالجملة، إن ملاحظة هذا تكشف عن أن الغاية كانت ما ذكرناه، وليست الغاية ما ذكر جواباً، فلاحظ.
ولا يذهب عليك أن هذا الذي استظهرناه من النص السابق، يساعد على استظهار أمر أهم وأبعد، وهو أن هذه المرأة ليست امرأة عادية، كبقية النساء، بل إن لها امتيازاً سماوياً، يتمثل في كونها مصطفاة ومنتخبة مختارة، إذ أنها معدة أساساً لأداء مهمة خاصة، ومكلفة بالقيام بها، ما يوجب أن يحصل لها ما ذكر، وأن الله سبحانه وتعالى هو الذي أختار لأمير المؤمنين(ع) الزواج بها، لتقوم بما أوكل إليها من مهام، فلاحظ.
صفات الزوجة الصالحة:
ولا تنحصر الاستفادة من النص المذكور في خصوص بيان المكانة السامية لوارثة الزهراء(ع)، بل قد وافق العديد من النصوص الشريفة الصادرة عن النبي الأكرم محمد(ص) بالإشارة إلى الصفات التي يحسن بكل من أراد الإقدام على الزواج أن يطلبها في من يقترن بها، مضافاً إلى عرض الأسلوب الأمثل في كيفية انتخاب الزوجة، وذلك بملاحظة ما تملكه من مقومات وصفات، مثل: العفة والطهارة.
ومنها: أن تكون عزيزة ذات مكانة في وسط أهلها وذويها، وذات احترام وتقدير بينهم، وأن لها كلمة مسموعة.
ومنها: أن تكون ذليلة مع زوجها،خاضعة إليه، مستجيبة لأمره، تستمع لقوله، وتطيع أوامره.
ومنها: أن تكون باذلة نفسها لزوجها غير ممتنعة عنه، وتحصن نفسها وتصونها عن كل أحد سواه.
ولقد اشتملت النصوص على عرض بعض صور التشبيه للمرأة الصالحة وبيان ندرة وجودها، فعبرت عنها مرة بأنها كالغراب الأعسر، وأخرى بأنها كالشامة في جلد الثور الأسود، وهكذا.
وفي مقابل ذلك تضمنت النصوص أيضاً التنفير من الاقتران بمجموعة من النساء على أساس ما لهن من صفات، فذكرت مثلاً المرأة الحسناء في منبت السوء.
تنبيه مهم:
ثم إنه قد يركز على البعد الوراثي في الأولاد، فإنه يستفاد من النص المذكور وجود مدخلية له في ذلك، إذ يلحظ أن الإمام(ع) قد ذكر عنصر العائلة. وما ذكر وإن كان في محله، لكن لا ينبغي أن يأخذ على نحو العلة التامة، بل الظاهر أن أقصى ما يتصور كونه بنحو الاقتضاء، وهذا يعني أنه متى توفرت العوامل الصحيحة للتربية الناجحة كان ذلك موجباً لصلاح الولد، وعلى العكس تماماً لو لم تتوفر العوامل الصحيحة للتربية السليمة فإنه سيكون مصيره الانحراف وإن كان خؤولته من أهل الصلاح والإيمان. ويضاف إلى ذلك أن القيم والأخلاق، بعضها وراثي، وبعضها الآخر اكتسابي يتحصل عليه الطفل نتيجة التربية، فلا تغفل.
ويساعد على ما ذكرنا، بل يدل عليه النصوص التي تضمنت الدعوة إلى الاقتران بالمرأة الصالحة لصلاحها، من دون نظر إلى أسرتها وذويها، ولو قيل بأن مثل هذا الإطلاق مقيد بما ورد من أن الخال أحد الأبوين، فإنه يندفع بملاحظة النصوص التي تضمنت تزويج من كان مرضي الدين والخلق، إذ لا ريب في أن له أخوالاً قد لا يكونوا صالحين، فضلاً عن أنه لم نجد من ألتـزم من فقهائنا بأن زواج الفاسق من الفاسقة من الأمور التعبدية، أو التكوينية، فلا تغفل. ويعجبني أن أحيل القارئ العزيز على ما ذكره علماء التفسير حول قوله تعالى:- ( الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة)[5].
في بيت أمير المؤمنين:
لم ينقل لنا التأريخ كيف تمت مراسيم الزفاف، وكيف زفت العروس إلى بيت زوجها، وإن كان المتصور من حال علي(ع) سلطان الدنيا، أبو الفقراء أن لا يخرج زواجه في بساطته وتواضعه عن زواج أي واحد منهم.
ودخلت أم البنين(ع) بيت أمير المؤمنين(ع)، لتكون سيدة ذلك البيت، ووارثة للزهراء(ع)، إذ أصبحت هذه الزوجة الرابعة في ما بعد، هي الرقم الأصعب بين زوجات الإمام(ع)، وذات المكانة الخاصة، سواء عند أمير المؤمنين(ع)، أم عند أبناء مولاتي الزهراء(ع).
وكما لم ينقل لنا المؤرخون شيئاً عن حيثيات الزفاف المبارك، لم ينقلوا شيئاً أيضاً عن حياتها(ع) في بيت أمير المؤمنين(ع)، عدا أمرين:
الأول: طلبها من الإمام(ع) أن يستبدل أسمها، لما كانت تراه من ألم وحسرة في عيني الإمامين الهمامين الحسنين(ع)، وبقية أولاد الزهراء(ع) عندما تنادى بفاطمة، لأنهم يتذكرون أمهم(ع).
وقد عرفت منا التحفظ على مثل هذا، ذلك أن المقدار الزمني، والعمر الذي بلغه الإمامان الهمامان وأختهما الحوراء زينب(ع) لا يساعد على استحسان مثل هذا، فضلاً عن القبول به.
الثاني: أنها قامت بتمريض الإمامين الحسنين(ع)حيث كانا مريضين يوم زفت إلى أمير المؤمنين(ع)، فأخذت تسهر معهما وتمرضهما، وتقابلهما بالبشاشة، ولطيف الكلام، كالأم الحنون الرءوم الشفوق.
ويشتد موجب التأمل في هذا أكثر من سابقه، إذ قد عرفت في ما تقدم أنها(ع) يوم زفت للإمام(ع) لم يكن عمر الحسنين(ع) يقل عن عشرين عاماً، وهذا يساعد على كونهما متأهلين، فلا يتصور أن تسهر هي على تمريضهما، ولكل واحد منهما زوجة، فتأمل جيداً.
وعلى أي حال، فقد عاشت أم البنين(ع) مع أمير المؤمنين(ع) قريباً من خمسة عشر إلى ستة عشر سنة، واكبت خلالها الأحداث التي عايشها(ع)، وكانت إلى جانبه يوم قام بالخلافة الظاهرية، وانتقلت معه إلى الكوفة التي أتخذها عاصمة له، ولم تكن بعيدة عنه(ع) وهو يخوض حروبه الثلاثة في الجمل وصفين والنهران.
وبقيت معه إلى حين وقوعه في محراب صلاته شهيداً، ومن الغريب جداً أن المصادر التاريخية لم تنقل لنا شيئاً عن إحدى زوجاته(ع) خلال فترة خلافته الظاهرية، ومدة إقامته في الكوفة، مع أنه من المستبعد جداً أن لا يكن قد انتقلن معه إليها، خصوصاً وأن التأريخ لم ينقل إلينا أنه(ع) كان يخرج منها مثلاً إلى المدينة المنورة، بل المعروف أن خروجه من الكوفة كان منحصراً بلحاظ ما خاضه(ع) من الحروب، فلاحظ.
وكما لم تنقل المصادر التاريخية شيئاً عن وجودهن معه في الكوفة، لا نجد لهن ذكراً أيضاً حال احتضار الإمام(ع)، فمع أنه قد نقلت وصاياه، وما تضمنته من إخبارات، إلا أنها لم تتضمن الحديث عن زوجاته، ولهذا لا نجد وجوداً للسيدة أم البنين(ع) خلال هذه الأحداث، وكيف أنها قد استقبلت أمير المؤمنين(ع) ساعة جيء به من المسجد، وهكذا.
والذي يهون الخطب، أن التاريخ لما كان مكتوباً بأقلام مأجورة ما كانت لترضى بعلي، ولا عن علي(ع) فمن الطبيعي جداً أن لا تنقل شيئاً من سيرته العطرة، ولا تحفظ شيئاً من تاريخه، بل لو تسنى لهم أن يحذفوا ما كتب، لم يتورعوا عن ذلك. كما لا تنقل شيئاً من سيرة من كان معه وحوله.
نعم من المطمئن به قربها من أمير المؤمنين(ع) كما يستفاد ذلك من تاريخ ولادة آخر أخوة أبي الفضل(ع) وهو الذي كان له يوم الطف عشرين عاماً تقريباً، فتأمل.
العودة إلى المدينة:
ولما انتقل أمير المؤمنين(ع) إلى جوار ربه، وقرر الإمام الحسن(ع) العودة إلى أرض طيبة الطيبة، مدينة النبي(ص) كانت أم البنين(ع) واحدة من النساء اللاتي عدن معه، وبقيت في كنف الإمام الحسن(ع) ورعايته مدة إمامته المقدرة بعشر سنين تقريباً، وصارت في رعاية الإمام الحسين(ع) بعد شهادة الإمام الزكي(ع)، وكما افتقرت المصادر التاريخية للحديث عن حقبة وجودها في بيت أمير المؤمنين(ع) افتقرت أيضاً عن ذكر شيء عن وجودها الشريف مع الإمامين الهمامين الحسنين(ع) في أرض المدينة المنورة، فلم ينقل لنا عنها شيء أبداً.
في واقعة الطف:
والمعروف تاريخياً أن أم البنين(ع) بقيت في المدينة بعد خروج الإمام الحسين(ع) منها متوجهاً ناحية العراق، إلإ أن العلامة المقرم(ره) ذكر في مقتله عدم عثوره على نص يوثق به يدل صراحة على حياتها يوم الطف، وأشار إلى أن مستند القائلين بحياتها في ذلك اليوم يعود إلى ثلاثة أقوال:
الأول: ما جاء في رياض الأحزان للعلامة محمد حسين القزويني(ره) حيث قال: أقيم العزاء والمصيبة في دار أم البنين زوجة أمير المؤمنين، وأم العباس وأخوته.
الثاني: ما جاء في إبصار العين للسماوي: وأنا أسترق جداً من رثاء أمه فاطمة أم البنين الذي أنشده أبو الحسن الأخفش في شرح الكامل، وقد كانت تخرج إلى البقيع كل يوم ترثيه وتحمل ولده عبيد الله، فيجتمع لسماع رثائها أهل المدينة، وفيهم مروان بن الحكم، فيبكون لشجى الندبة.
الثالث: رواية أبي الفرج في مقاتل الطالبيـين، في مقتل العباس عن محمد بن علي حمزة عن النوفلي عن حماد بن عيسى الجهني، عن معاوية بن عمار عن جعفر أن أم البنين أم الأخوة الأربعة القتلى تخرج إلى البقيع تندب بنيها أشجى ندبة وأحرقها فيجتمع الناس إليها ليسمعوا منها، وكان مروان يجئ فيمن يجئ لذلك فلا يزال يسمع ندبتها.
وعقب(ره) على الأقوال الثلاثة، فأجاب عن الأول بجوابين:
أحدهما: أنه لا دلالة للنص المذكور في أنها كانت على قيد الحياة خلال تلك الفترة، بل أقصى ما يستفاد منه أن العزاء قد أقيم في دار أم البنين، ومن المعلوم أن تسمية الدار باسم شخص لا يعني وجود الشخص على قيد الحياة.
ثانيها: إنه بعد التسليم بدلالة النص المذكور على وجودها بعد فاجعة الطف، إلا أنه لا يصح الاستناد إليه، لعدم انطباق عنوان الخبر عليه، بل هو حكاية لفعل قد صدر في تلك الفترة.
وأجاب عن القول الثاني، بأنه تفحص كثيراً في المصادر التاريخية والمصنفات رغبة منه في أن يظفر بكتاب بهذا الاسم لشخص بهذا الاسم، إلا أنه لم يظفر بشيء من ذلك، وقد كرر السؤال على الشيخ السماوي ليعرفه على المصدر ويطلعه عليه، إلا أنه كان يقابل ذلك بالسكوت، حتى أنه ظن فيه أن تكون هذه الأبيات من إنشائه.
وأما بالنسبة للقول الثالث، فإنه وإن كان مستنداً إلى رواية، وهي واضحة الدلالة في حياتها بعد واقعة الطف، إلا أنه لا مجال للاستناد إليها، للخدشة فيها من ناحية السند والمتن.
أما ناحية السند، فلاشتمالها على مجوعة من الضعفاء، ما يمنع من الاستدلال بها، فقد وقع فيه النوفلي وهو يزيد بن المغيرة بن نوفل ابن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم، وقد حكى ابن حجر عن أحمد أن عنده مناكير، وعند أبي زرعة ضعيف الحديث، وعامة ما يرويه غير محفوظ، وقال أبو حاتم: منكر الحديث جداً، وقال نسائي: متروك الحديث.
كما تضمن السند أيضاً معاوية بن عمار، وهو مردد بين غير واحد، فلو كان المقصود منه ابن أبي معاوية فقد حكى في تهذيب التهذيب قول أبي حاتم فيه بأنه لا يحتج بحديثه. أما لو كان المقصود به شخص آخر غيره، فهو مجهول الحال.
وأما من ناحية المتن، فهنا ملاحظات:
الأولى: إن الرواية المذكور قد تضمنت ما لا يمكن الالتـزام به من خروج وارثة الزهراء(ع) إلى البقيع للبكاء على أبنائها، ومن المعلوم أن هذا لا يتناسب والشريعة الإسلامية، المتضمنة للنهي عن تعرض المرأة للأجانب تحريماً أو تنـزيهاً ما لم تكن ضرورة داعية إلى ذلك.
الثانية: إنه قد جرت العادة أن تخرج المرأة إلى الجبانة للبكاء على فقيدها حال وجود قبر معروف إليه، ولم ينقل خروج المرأة إلى الجبانة للبكاء على فقيدها المدفون في مكان آخر، لأنه سوف يكون بكائها عليه في الجبانة كبكائها عليه في البيت، ولا ريب في رجحان الثاني.
الثالثة: إن لأبي الفرج الأصفهاني غاية من هذه الفرية التي نسبها لوارثة الزهراء0ع) بدعوى خروجها إلى البقيع لندبة أبنائها، فبعيداً عن أنها تفتقر إلى الشاهد، فقد أراد مدح مروان بن الحكم، وبيان أنه شخص رقيق القلب، لأنه كان ينفعل لرثاء أم البنين فيبكي لما يسمعه منها.
الرابعة: لقد ناقض أبو الفرج الأصفهاني نفسه في المقاتل، لأنه ذكر أن العباس قد حاز ميراث أخوته، ومن الواضح جداً أن هذا لا يكون إلا إذا لم تكن أم البنين على قيد الحياة، لأنها لو كانت كذلك، فإنها تكون في طبقة متقدمة عليه، فلا يكون وارثاً[6].
مع العلامة المقرم:
هذا وقبل التعقيب على ما ذكره(ره)، نشير إلى أن صريح كلامه في كتابه حول العباس بن أمير المؤمنين(ع) في موارد متعددة الالتـزام بكونها على قيد الحياة بعد واقعة الطف، فمن تلك الموارد قوله أن السيدة زينب(ع) قد زارت السيدة أم البنين(ع) بعد وصولهم إلى المدينة تعزيها بأولادها، كما أنها كانت تزورها في أيام العيد[7].
ولا يخفى صراحة العبارة المذكورة في أن وارثة الزهراء(ع) كانت على قيد الحياة بعد واقعة الطف، وإلا فلا معنى لأن تكون السيدة زينب(ع) تزوها.
ومنها: عند مناقشته لبعض من تحدث في وراثة أبي الفضل(ع) لأخوته(ع)، قال معقباً: وما أدري كيف خفي عليهما-أي المؤرخين المذكورين الطبري والأصفهاني- عدم إمكان حيازة العباس ميراث أخوته مع وجود أمهم أم البنين، وهي من الطبقة المتقدمة على الأخ، ولم يجهل العباس شريعة تربى خلالها.
ومنها: في حديثه أيضاً عن عدم إمكان وراثة العباس(ع) لأخوته، قال: وهناك مانع آخر من ميراث العباس لهم وحده، حتى لو قلنا على بعد، ومنه بوفاة أم البنين يوم الطف لوجود الأطرف وعبيد الله بن النهشلية، كما يشاركهم سيد شباب أهل الجنة، وزينب وأم كلثوم، وغيرهن من بنات أمير المؤمنين-إلى أن قال-هذا إن قلنا بوفاة أم البنين يوم الطف، ولكن التاريخ يثبت حياتها يومئذٍ، وأنها بقيت بالمدينة وهي التي كانت ترثي أولادها الأربعة.
ومنها: ما ذكره في أن أول من رثى أبا الفضل العباس(ع) هي أمه أم البنين(ع)، قال: وأول من رثى العباس أمه أم البنين كما في مقاتل الطالبيـين، فإنها كانت تخرج إلى البقيع تندب أولادها أشجى ندبة وأحرقها فيجتمع الناس لسماع ندبتها.
ولا يخفى أن مقتضى ما ذكر من الموارد يستكشف منه أن هناك تنافياً بين القولين، فبينما هو يصرح في كتاب العباس بن أمير المؤمنين(ع) بوجودها على قيد الحياة بعد فاجعة الطف، يتأمل، بل ينكر حياتها إلى ما بعد الواقعة المؤلمة، ويشير إلى عدم وجود ما يمكن الاعتماد عليه في مقام إثبات ذلك، وعليه، فأي الرأيـين يمكن التعويل عليه، فلو قلنا بأن كلا الأمرين يعبر عن شهادة منه(ره) فلا مجال للقول بالتعامل معهما معاملة المتقدم والمتأخر والناسخ والمنسوخ، بل يكونا تعارضين، ومع عدم وجود المرجح لأحدهما سوف يسقطا عن الاعتبار والحجية.
أما لو بني كما هو غير بعيد أنه مجرد حدس، ورؤية، وليس شهادة في البين، فعندها سوف يلحظ أي القولين هو الأحدث ليحكم بكونه ناسخاً للقول الأول، مع الالتـزام بكونه(ره) معرضاً عن القول السابق، المبني على كونه ذاكراً له غير ملتفت عنه، وإلا فلو بني على وجود غفلة منه عن قوله السابق، فلا مجال للبناء على الأخذ بأحدثهما، فلاحظ.
والظاهر أنه لم يتضح أي الكتابين هو المتأخر تأليفاً، ما يمنع من ترجيح أحد القولين على الآخر، الموجب للتوقف في مختاره(ره)، فتأمل.
وأما بالنسبة لما أفاده(ره) تأملاً في الأقوال الثلاثة، فإنه يمكن الجواب عما ذكره في القول الأول، بأن العبارة المذكورة وإن لم تكن صريحة في حياتها، فإنها ليست صريحة أيضاً في وفاتها. مضافاً إلى أنه قد جرت العادة غالباً أن يعقد مجلس العزاء في مجلس يكون صاحب الدار والمعزى موجوداً، وعليه فعقد مجلس العزاء في داره، يدل ولو بالدليل الإني على أنها كانت موجودة في تلك الفترة.
وما أجاب به ثانياً فمردود، بأنه ليس المقام مورد استدلال حتى يكون المورد من صغريات الخبر، أو من صغريات الحكاية، بل إن المقام من موارد نقل القضية التاريخية، ومن الطبيعي جداً أن يكون ذلك مأخوذاً على نحو الحكاية، فلاحظ.
وأما جوابه عن القول الثاني، فإن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود، كما هو واضح، وسكوت الشيخ السماوي، لا يعني أنه ليس محيطاً بالكتاب، ونسبته، فتأمل جيداً.
وأما القول الثالث، فإن المناقشة تعتمد على أنه يعتبر في الرواية التاريخية ما يعتبر أقلاً في الرواية الفرعية من لزوم إحراز أصالة الصدور إما بالوثوق أو بالوثاقة، ومع عدم توفر ذلك، فلا يمكن الاستناد إليها.
والصحيح أن الرواية التاريخية تختلف عن الرواية الفرعية، فلا يعتبر في حصول إحراز أصالة الصدور ما يعتبر فيها، بل يكتفى في حصول ذلك أن تكون مأخوذة من كتاب محرز النسبة لمؤلفه، ولم يعرف مؤلفه بالكذب والتدليس، ولا تكون مشتملة على ما يكون منافياً لا القواعد العقلائية، ولا القواعد الشرعية، فضلاً عن عدم اشتمالها على ما ينافي مقام الغمامة والعصمة.
ولا إشكال في توفر الأمر المذكور في الرواة محل البحث، خصوصاً وأن المناقشة المذكورة في المتن لن تصلح للمانعية، كما سيتضح فأنتظر.
ثم إنه لو لم يقبل بما ذكرنا من الضابطة في الرواية التاريخية، فإنه يمكن دفع المناقشة السندية، إذ قد عرفت أن منشأ التضعيف اشتماله على شخصين، فلو أمكن توثيقهما سواء بالتوثيق الخاص، أم بالتوثيق العام كان ذلك موجباً لعلاج المشكلة السندية، وهذان هما:
الأول: النوفلي، وقد عرفه(ره) بأنه يزيد بن المغيرة بن نوفل ابن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم.
هذا والمسمى بهذا الاسم في النصوص والأخبار عدة أشخاص، منهم: الحسن بن محمد بن سهل، وعبد الله بن الفضل بن عبد الله بن الحرث بن نوفل بن الحرث بن نوفل بن الحرث بن عبد المطلب، والحسين بن يزيد بن محمد بن عبد الملك النوفلي، وعلي بن محمد بن سليمان النوفلي.
والمعروف في الفقه لكثرة رواياته هو الحسين بن يزيد، ولا طريق لتوثيق إلا من خلال التوثيق العام، كما أشير لذلك في البحوث الرجالية، فلتلاحظ.
ولا ريب في أنه ليس هذا الذي يروي عنه الأصفهاني في المقاتل، وهل المقصود به ما ذكره السيد المقرم(ره)، الظاهر أيضاً أنه ليس هو، بل هو شخص آخر يظهر من خلال التتبع في مقاتل الأصفهاني، وعند ملاحظة البقية ممن ذكر، نجد أن بعضاً منهم من أصحاب الإمام أبي عبد الله الصادق(ع) ما يعني أن طبقته تمنع من أن يكون المقصود به في مرويات الأصفهاني في مقاتل الطالبيين، فيتعين أن المقصود به هو علي بن محمد بن سليمان النوفلي، والقرينة على ذلك أمران، ملاحظة الطبقة، وكثرة اعتماد الأصفهاني في المقاتل عليه، إذ أن كثرة التتبع في الكتاب المذكور تفيد أنه أحد الأسماء التي أكثر الاعتماد عليها.
نعم يبقى أن علي هذا ليس له توثيق خاص، لكنه ثبت أنه إمامي، ولم يرد فيه قدح، ما يعني أن خبره على أقل التقادير سوف يكون في الأخبار الحسان، وقد دل الدليل على حجية الخبر الحسن، كحجية الخبر الثقة، فلاحظ.
على أنه يمكن الركون في توثيقه إلى بعض التوثيقات العامة لو قبل بها، مثل عدم استثنائه من كتاب نوادر الحكمة، بناء على أن الاستثناء للرواة وليس للروايات.
ومثل ملاحظة مضمون النصوص التي رواها، فإنه ممن روى في العقائد كما جاء ذلك في أصول الكافي، وكذا روى في الفروع الفقهية أيضاً، إلا أنه ليس مكثراً، فلاحظ.
بل يمكن التعويل على مسلك شيخنا التبريزي(قده) من أنه من المعاريف، فإنه إمامي ممدوح، لم يرد فيه قدح، ولا ذم، وله موارد غير قليلة، فلاحظ.
بل يمكن القول أن مجموع ما ذكر من الوجوه يوجب الاطمئنان عند الفقيه بوثاقته، لأن ضم كل واحد منها على البقية وفقاً لحساب الاحتمال الرياضي يولد ذلك، وإن كان كل منها لا يحقق ذلك على نحو الاستقلال.
الثاني: معاوية بن عمار، وقد عرفت أنه(ره) ردده بين ابن أبي معاوية، وهو مضعف، وبين غيره، فيكون مجهولاً.
والصحيح أن المقصود به في المقام بمقتضى روايته عن الإمام أبي عبد الله الصادق(ع) معاوية بن عمار العجلي الدهني، من أصحاب أبي عبد الله الصادق(ع)، وهو الذي سماه بابن أبي معاوية، وقد نص على توثيقه وعلو منـزلته وعظم شأنه من تعرض له من الرجاليـين، فلاحظ ما ذكره فيه النجاشي.
ولم يتضح لي الموجب لبحث السيد(ره) عن توثيقه في كتب القوم، مع أن الرواية عن الإمام الصادق(ع)، وكيف غفل عن أن يكون أحد أصحابه المترجمين في كتبنا الرجالية، والفهارس المعدودة لذكر مصنفات أصحابنا لكن العصمة لأهلها.
وأما ما ذ كره من موانع في متن الخبر يوجب رفع اليد عنه، فيمكن دفعها، إذ يجاب عن الأولى، أنه لم يتضح أن خروجها للبقيع للبكاء على مفقوديها كان منافياً لحجابها وحشمتها وعفتها، إذ لا ملازمة بين الأمرين كما لا يخفى.
ويجاب عن الثانية، بأن مجرد عدم اعتياد ذلك لا يمنع من وقوعه خارجاً، إذ ما أكثر ما يكون خروجاً على المألوف والمعتاد، وأمثلته ونماذجه في الخارج كثيرة جداً.
وجواب الثالثة، إن المحاولة التي سعى لها أبو الفرج لن تحقق له غايته، لان الجميع يعرف من هو مروان الوزغ بن الوزغ، فإنه الذي شمت بقتل المولى أبي عبد الله(ع)، ومجرد صدور البكاء منه خارجاً وحصول الدمع من عينه، يوجب حمل ذلك على ما يسمى بدموع التماسيح، والبكاء الكاذب، فلاحظ.
وأما الرابعة، فإن حصول المناقضة من أبي الفرج لا تعني سقوط الخبر، فإن أقصى ما يتصور أن أبا الفرج كان له رأيان متناقضان، لكن هذا لا يعني سقوط دليل كل منهما، فتدبر.
على أن في البين احتمالاً ذكره المحقق المتتبع الشيخ آغا بزرك الطهراني في كتابه القيم الذريعة، وهو حصول تصحيف وتحريف في العبارة، فعوضاً عن أن تكون العبارة هكذا: أرثيكم، كتبت أرثكم، ومن الواضح جداً تقارب الرسم بين العبارتين، فضلاً عن إمكانية حصول الاجتهاد من النساخ إذ تصوروا أن المقصود هو الوراثة فعمدوا إلى عملية التصحيح، فلاحظ.
هذا ويمكن أن يذكر مؤيداً لما أخترناه من حياتها(ع) بعد واقعة الطف، بل يجعل دليلاً وفقاً لما بنينا عليه في القضية التاريخية، حوارها مع بشر بن حذلم يوم دخل المدينة ناعياً الإمام الحسين(ع)فقد ذكر العلامة المامقاني(قده) في تنقيحه، أن بشراً قال: رأيت امرأة كبيرة تحمل على عاتقها طفلاً وهي تشق الصفوف نحوي، فلما وصلت قالت: يا هذا أخبرني عن سيدي الحسين(ع)، فعلمت أنها ذاهلة، لأني أنادي: قتل الحسين، وهي تسألني عنه، فسألت عنها، فقيل لي: هذه أم البنين(ع)، فأشفقت عليها وخفت أن أخبرها بأولادها مرة واحدة.
فقلت لها: عظم الله لك الأجر بولدك عبد الله.
فقالت: ما سألتك عن عبد الله، أخبرني عن الحسين(ع)ز
قال، فقلت لها: عظم الله لك الأجر بولدك عثمان.
فقالت: ما سألتك عن عثمان، أخبرني عن الحسين(ع).
قلت لها: عظم الله لك الأجر بولدك جعفر.
قالت: ما سألتك عن جعفر، فإن ولدي وما أظلته السماء فداء للحسين(ع)، أخبرني عن الحسين(ع).
قلت لها: عظم الله لك الأجر بولدك أبي الفضل العباس.
قال: بشر، لقد رأيتها وقد وضعت يديها على خاصرتها وسقط الطفل من على عاتقها، وقالت: لقد والله قطعت نياط قلبي، أخبرني عن الحسين.
قال، فقلت لها: عظم الله لك الأجر بمصاب مولانا أبي عبد الله الحسين(ع)[8].
والمتحصل مما تقدم، تمامية الدليل على كون وارثة الزهراء(ع) كانت على قيد الحياة بعد واقعة الطف، فلاحظ.
وفاتها:
إن المتداول على الألسن أنه ليس لمولاتنا أم البنين(ع) تاريخاً محدداً في وفاتها، وإنما أتخذ يوم الثالث عشر من شهر جمادى الثانية من قبل بعض العلماء(رض)، وتبانى عليه من جاء بعده، حتى صار يوماً تحيى فيه ذكراها(ع).
إلا أن هناك رواية تنقل في غير مصدر نقلاً عن كتاب كنز المطالب للسيد محمد باقر القراباغي الهمداني(ره)، تفيد خلاف ذلك، فقد ورد في الاختيارات عن الأعمش قال: دخلت على الإمام زين العابدين(ع) في الثالث عشر من جمادى الثاني وكان يوم جمعة، فدخل الفضل بن العباس(ع) وهو باك حزين وهو يقول: لقد ماتت جدتي أن البنين.
نعم لم يتضمن الخبر المذكور ذكراً لسنة الوفاة، بل اقتصر على ذكر اليوم والتأريخ والشهر، نعم مقتضى ما قدمنا من وجودها إلى ما بعد فاجعة الطف فمن الطبيعي أن تكون وفاتها بعد ذلك. إلا أنه قد حددت السنة في وقائع الأيام والشهور للبيرجندي، وأن ذلك كان في السنة الرابعة والستين من الهجرة النبوية.
[1] بطل العقمي ج 1 ص 111-112.
[2] المصدر السابق ص 112.
[3] المصدر السابق ص 116.
[4] الكافي ج 8 ص 90 الرؤيا على ثلاثة وجوه ح 60.
[5] سورة النور الآية رقم 3.
[6] مقتل الحسين(ع) ص 336-339.
[7] العباس بن أمير المؤمنين ص 72.
[8] تنقيح المقال ج 3 باب الهمزة من فصل النساء ص 70.