قال الإمام الرضا(ع)وقد سئل عن ولده الإمام الجواد::هذا المولود الذي لم يولد في الإسلام مثله مولود أعظم بركة على شيعتنا منه[1].
مدخل:
تطل علينا ذكرى ميلاد الإمام العاشر والنور الباهر،باب المراد،محمد بن علي الجواد(ع).
هذا وقد أختلف في تاريخ ولادته المباركة،فقيل أن ولادته المباركة كانت في شهر رمضان المبارك من سنة 195 للهجرة،واختلفوا في تحديد اليوم من ذلك الشهر في تلك السنة،فذكر أنه الخامس عشر،وقيل أنه السابع عشر،وقيل أنه الثامن عشر،وقيل أنه التاسع عشر منه[2].
وذكر بعض آخر أن ولادته المباركة في شهر رجب،وقد استندوا في ذلك للدعاء الذي أورده الشيخ الطوسي(ره)في كتابه مصباح المتهجد،وهو:اللهم إني اسئلك بالمولودين في رجب محمد بن علي الثاني،وابنه علي بن محمد المنتجب وأتقرب بهما إليك خير القرب[3].
ومن الواضح أن محمد بن علي الثاني الوارد ذكره في الدعاء هو الإمام الجواد(ع).
المولود العظيم:
لقد وصف الإمام الرضا(ع)وليده بأنه المولود الذي لم يولد مثله في الإسلام،وأنه لم يولد مولود أعظم بركة منه على شيعته،وهذا يستدعي التوقف شيئاً ما أمام هذا النص،فما هو مراده(ع)من ذلك؟…
هناك عدة إحتمالات يمكن أن تذكر في المقام:
الإحتمال الأول:أن يكون نظره الإمام(ع)أنه أعظم بركة على الشيعة بلحاظ غير الأئمة(ع)،فهو أعظم بركة عليهم من الحكام والولاة الموجودين في ذلك العصر وكل عصر من العصور.
الثاني:أن يكون الملحوظ في النصن هو الإشارة إلى الواقع التاريخي والحالة الإقتصادية التي يكون عليها الشيعة في عصره(ع)،وبهذا الإحتمال تكون الرواية إحدى الإخبارات الغيبية التي يخبر بها الإمام الرضا(ع).
وبعبارة أخرى:إن الإمام في صدد إخبار الشيعة بأن عصر الإمام الجواد سيكون عصر رفاهية وسعة في العيش من الناحية الإقتصادية،وذلك لسعة خراج الدولة وكثر وارداتها المالية،مما يستدعي أن ينال الشيعة جانباً من ذلك،خصوصاً وأن الإمام(ع)سيصاهر الخليفة على ابنته،وسيكون ذا حظوة عنده.
بل إن الخليفة سيسعى لكسب رضاه،خصوصاً وأن أصابع الإتهام تشير إليه بكونه الذي قتل الإمام الرضا(ع)بينما هو يدعي الإنتماء لمذهب أهل البيت والتشيع لهم.
وهذا كله يستدعي أن ينعم الخليفة على الشيعة ويغدق عليه ولا أقل يكون ذلك من باب الإرضاء لهم،وتطيـيب خواطرهم.
الثالث:أن يكون هذا النص مشيراً إلى شبهة عقائدية،وجدت في عصر الإمام الرضا(ع)وقويت،وكانت ولادة الإمام الجواد رداً عليها،ودفعاً إياها،توضيح ذلك:
من المعلوم أنه بعد شهادة الإمام الكاظم(ع)ظهر تيار الوقف،وهم الذين قالوا بأن موسى ابن جعفر لم يمت وإنما غاب،وسيعود وهو الإمام المهدي،الذي بشرت به الروايات الواردة عن أهل البيت(ع)،فلم تقبل إمامة الإمام الرضا(ع)،وقد إزداد التشكيك في إمامة الإمام الرضا،حتى وصل إلى بعض محبيه وشيعته،ذلك لما لاحظوا عدم تحقق الإنجاب للإمام فصاروا يشككون في إمامته إذ لو كان إماماً لكان له خلف،ولما لم يثبت الخلف له فهذا يعني عدم صحة إمامته.
فقد كتب ابن قياما إلى أبي الحسن الرضا(ع)كتاباً يقول فيه:كيف تكون إماماً وليس لك ولد؟…
فأجابه أبو الحسن(ع):وما علمك أنه لا يكون لي ولد؟والله لا تمضي الأيام والليالي حتى يرزقني الله ذكراً يفرق بين الحق والباطل[4].
ويدخل هذا الرجل الواقفي مرة أخرى على الإمام(ع)،فيقول له:أيكون إمامان؟…قال:لا،إلا أن يكون أحدهما صامتاً.
فقلت له:هو ذا أنت،ليس لك صامت-يعني ليس لك ولد-،فقال لي:والله ليجعلن الله مني ما يثبت به الحق وأهله،ويمحق به الباطل وأهله[5].
وبالجملة كانت ولادة الإمام الجواد،رداً قاطعاً لحجج هؤلاء،ودفعاً لشبههم التي كانوا يزرعونها بين الناس،وبولادته المباركة زال ما يخاف منه على التشيع والمذهب الجعفري،حيث أن تلك الشبهات المطروحة ارتفعت بمقدمه المبارك.
الرابع:أن يكون النظر في هذا النص إلى التمهيد لإمامة الإمام الحجة المنتظر المهدي(عج)،من خلال أن الإمام الحجة سوف يتولى الإمامة وهو صغير السن،لا يتعدى عمره خمس سنوات،وهذا قد يكون سبباً لعدم قبول الناس لإمامته،خصوصاً وأنه سوف يغيب عن الأنظار،ولن يكون هناك مجال للقاء به إلا من خلال السفراء والمكاتبات.
وهذا يستدعي أن يقبل الناس بشخصه المبارك،ويقروا بإمكان أن يتولى الإمامة من هو صغير السن،ويلمسوا ذلك بأيديهم حتى يؤمنوا بإمامته،فكانت إمامة الإمام الجواد(ع)كالتمهيد لإثبات إمامة الإمام الحجة في ذلك العمر،حيث أن الإمام الجواد قد تولى الإمامة في عمر ما بين السابعة والتاسعة،يعني أنه صغير السن،ولم يقبل الناس بداية بهذا الأمر،لكن الإمام الرضا كان يطرح أنه كعيسى بان مريم الذي تولى النبوة وهو بعد في المهد،كما أن المعاجر والكرامات التي رآها الناس جعلتهم يصدقون بإمامته.
والحاصل،أن يكون النظر في هذا الحديث الشريف من جهة كونه تمهيداً وإعداداً لإمامة الإمام المنتظر لكونه مشابهاً لجده الإمام الجواد في تولي الإمامة وهو صغير السن.
دور الإمام في التربية الأخلاقية والإجتماعية:
من المعلوم أن دور الإمام في المجتمع هو نفس دور الأنبياء والرسل(ع)،يتمثل في بناء وصياغة الإنسان النموذجي،لأن النبي أو الإمام هو شاهد منتخب من قبل عالم الغيب،ويتحمل في عالم الشهادة مسؤولية تأسيس أمة صالحة من الداخل،بعد أن يغرس في أعماقها كل المعاني والمثل والقيم الفاضلة،ثم قيادتها وفق الأوامر الإلهية للوصول إلى المجتمع التوحيدي المتكامل.
ومن خلال استقراء منهج الأنبياء والرسل في قيادة البشرية وهدايتها عبر سلسلتهم الطويلة الممتدة منذ بدء الخليقة المتمثلة بالإنسان الأول،والذي كان نبياً أيضاً،وحتى الرسالة الخاتمة المتمثلة بأشرف الأنبياء والرسل(ع)،وهوخاتمهم،نجد أن هذا المنهج يعتبر الإنسان محور حركته.
فالإنسان لا يلحظ كعقل مجرد،بل يلحظ الإنسان صاحب العقل والروح والأحاسيس والمشاعر،الإنسان صاحب القلب والعواطف.
والحاصل إن مشروع الأنبياء وأوصيائهم(ع)وخاتمتهم الأئمة الأثني عشر(ع)في صياغة الإنسان وتربيته وصنعه،يتم من خلال التعامل مع تلك المقومات الإنسانية التي ذكرنا بشكل عاطفي وعملي،وليس كالفلاسفة الذين يتعاملون وبتجاذبون مع العقول المجردة.
وهذا المنهج هو الذي سار عليه إمامنا الجواد(ع)كما تكشف لنا ذلمك بعض النصوص الواردة في كيفية توعيته(ع)لأصحابه وشيعته وعموم الأمة وإرشادهم إلى السلوك الإيماني القويم.
فمن ذلك أنه قال له أبو هاشم الجعفري،في يوم تزوج أم الفضل بنت المأمون:يا مولاي لقد عظمت علينا بركة هذا اليوم.
فقال(ع):يل يا أبا هاشم،عظمت بركات الله علينا فيه.
قلت:نعم يا مولاي،فما أقول في اليوم.
فقال(ع):تقول فيه خيراً فإنه يصيبك.
قلت:يل مولاي أفعل هذا ولا أخالفه.
قال(ع):إذاً ترشد ولا ترى إلا خيراً[6].
ومن ذلك أيضاً ما رواه أبو ثمامة قال:قلت لأبي جعفر الثاني(ع):إني أريد أن ألزم مكة أو المدينة،وعليّ دين فما تقول؟…
فقال(ع):إرجع إلى مؤدى دينك وانظر أن تلقى الله عز وجل وليس عليك دين،إن المؤمن لا يخون[7].
وعن إسماعيل بن سهل،قال:كتبت إلى أبي جعفر الثاني(ع)علمني شيئاً إذا أنا قلته كنت معكم في الدنيا والآخرة.
قال:فكتب بخطه أعرفه:أكثر من تلاوة(إنا أنزلناه)ورطب شفتيك بالإستغفار[8].
العطاء الفكري للإمام:
لابد للإمام المعصوم أن يمارس نفس الأدوار والمهام التي كان يمارسها النبي(ص)في حياة الأمة من تبليغ الرسالة،وهداية الأمة إلى الرشاد،مضافاً إلى تحمله أعباء الإمامة المشخصة في شخصه بأمر من الله سبحانه وتعالى.
ولهذا فإن حاجة الناس إلى الإمام كحاجتهم إلى النبي،لتعليق نظام أمورهم الدينية والدنيوية عليه.
من هنا فإن دراسة حياة الأئمة(ع)بإعتبارهم أوصياء رسول الله(ص)يجب أن تعتمد المنهجية الأصيلة في البحث،فتبرز خصائص الإمام الذاتية وسيرته وسلوكه على أنها متممة للسيرة النبوية المباركة من جانب،ومن جانب آخر،لابد أن تكون هذه الدراسات مبرزة لجانب التكليف الإلهي لمنصب وصاية الأنبياء،ووظيفة الإمام الرسالية في البناء الفكري والعقيدي للأمة،ثم هداية الشعوب والأمم إلى خط الإسلام الأصيل،كما كان يفعل رسول الله(ص)حين دعوته،وبعد انتشار الإسلام،وهكذا تحتفظ مسيرة حركة الأنبياء بتعجيلها في إنطلاقتها إلى آخر عمر الدنيا،حيث إن الإسلام رسالة خاتمة،وليس بعده نبوة أو رسالة.
ولهذا اكتسب منصب الإمامة والوصاية أهمية بالغة وخطيرة في حركة الأمة،ومن هنا ندرك معنى قوله(ص):من سره أن يحيا حياتي،ويموت مماتي،ويسكن جنة عدن غرسها ربي فليوال علياً من بعدي،وليوال وليه،وليقتد بأهل بيتي من بعدي فإنهم عترتي،خلقوا من طينتي،ورزقوا فهمي وعلمي[9].
فالأئمة هم قوام الله على خلقه وعرفاؤه على عباده،ولا يدخل الله أحداً الجنة إلا من قد عرفهم وعرفوه،ولا يدخل النار إلا من أنكرهم وأنكروه.
ومن الأئمة الذين لهم قيادة الأمة وهدايته ورعاية شؤونها،إمامنا الجواد(ع)فرغم قصر عمره الشريف،فقد تميزت حياته بدور فاعل ومؤثر في حركة المجتمع خاصة وأنه مهد الطريق،وهيأ الأجواء لثلاثة من الآئمة أتوا من بعده،كانت ظاهرة صغر السن بالنسبة إلىبعضهم تشكل أمراً بالغ الخطورة،خاصة في قضية الإمام المهدي(عج).
هذا ويمكن ملاحظة عطائه الفكري الثر،من خلال ملاجظة تلامذته والرواة عنه،وكيف كان يحيطهم بكل عناية ورعاية أبوية،للوصول بهم إلى التكامل،كما أن الكلمات الصادرة منه،تعتبر رافداً تربوياً للأمة في مجال تقويم سلوكها والسعي بها إلى رقي مدارج الكمال،ولنشر لبعض تلك الكلمات:
قال(ع):من استفاد أخاً في الله فقد استفاد بيتاً في الجنة.
وقال(ع):لا تعاد أحداً حتى تعرف الذي بينه وبين الله تعالى،فإن كان محسناً فإنه لا يسلمه إليك،وإن كان مسيئاً فإن علمك به يكفيك،فلا تعاده.
وقال(ع):الثقة بالله ثمن لكل غالٍ،وسلّم إلى كل عال.
وقال(ع):القصد إلى الله تعالى بالقلوب أبلغ من إتعاب الجوارج بالأعمال.
وقال أيضاً:من أصغى إلى ناطق فقد عبده،فإن كان الناطق يؤدي عن الله عز وجل فقد عبد الله،وإن كان الناطق يؤدي عن الشيطان فقد عبد الشيطان.
وقال:لا تكن ولياً في العلاتية وعدواً له في السر.
وقال:ثلاث يبلغن بالعبد رضوان الله تعالى:كثرة الإستغفار،ولين الجانب،وكثرة الصداقة.وثلاث من كن فيه لم يندم:ترك العجلة،والمشورة،والتوكل على الله عند العزم.
وقال:المؤمن يحتاج إلى ثلاث خصال:توفيق من الله وواعظ من نفسه وقبول ممن ينصحه.
دوره في الفقه وأحكام الشريعة:
لفقه مدرسة أهل البيت(ع)سمات بارزة متميزة عن سائر الفقه السائد في مدرسة الرأي،وخلاصة تلك السمات أنه يستمد مقوماته من القرآن الكريم أولاً،ثم السنة الثابتة ثانياً.
ولهذا أصبح فقه مدرسة أهل البيت(ع)هو الإمتداد الطبيعي لفقه القرآن الكريم والسنة المطهرة،وليس فيه شيء من عمل الرأي أو استعمال القياس والإستحسان وما شابه ذلك.
وهذا المعنى هو ما صرحت به عشرات بل مئات الروايات الواردة عن الأئمة المعصومين(ع)بأن كل ما لدى أهل البيت(ع)إنما هو عن رسول الله(ص)توارثوه واحداً بعد واحد وصولاً إلى الإمام المهدي(عج).
كما يتميز الفقه الشيعي أيضاً بالشمولية حيث أنه لم يدع ملحظاً كلياً أو جزئياً إلا وقد بينه بمنتهى الدقة والتفصيل،أما من حيث الإمتداد الزماني فهو فقه الأمس واليوم وغداً،لصلاحيته لكل زمان وامتداده إلى حل كل مشكلات الحياة.
ومما تقدم يتضح لنا أن فقه أهل البيت(ع)واحد لا يقبل التفكيك والفصل،فلا يمكننا أن نقول:إن هذا هو فقه الإمام علي(ع)،وهذا فقه الإمام الصادق(ع)وهكذا بالنسبة إلى جميع أئمة أهل البيت المعصومين(ع).
وعلى هذا يكون حديثنا عن دور الإمام الجواد الفقهي هو عين حديثنا عن فقه أي واحد من أئمة أهل البيت.
هذا وقد وردت موارد فقهية كثيرة عن الإمام الجواد(ع)لا تتسع هذه الكلمة المختصرة لطرحها جميعاً،وهي على أي حال دالة على أنه(ع)ملأ الفراغ الفقهي في عصره وأنه أغنى الساحة الإسلامية،وشيعته على وجه الخصوص عن غيره،فلم يلتمسوا حلول مشكلاتهم وإجابات اسئلتهم من أحد غيره،وهم الطائفة الواسعة الإنتشار في شرق بلاد الإسلام وغربها.
ومن خلال استعراض الموارد وقرائتها نستخلص أن الإمام كان مبرزاً على جمهور الفقهاء،وكبار العلماء والقضاة المعاصرين له.
فمن حيث مجلسه(ع)في ديوان الخلافة،ما كان ليجلس إلا بموازة مجلس الخليفة،والعلماء والقضاة في مجلسهم جميعاً كانوا دون مجلسه،ويمثلون بين يديه هيبة عند محادثته.
ولقد كانت أرؤه في العقيدة والتفسير والفقه مقدمة على بقية الآراء،لكونها تعكس واقعاً وحقيقة روح الإسلام،فلاحظ قصة حد قطع يد السارق،وغيرها من القضايا المذكورة في بطون الكتب التاريخية.
هذا وله(ع)دور بارز في عملية تفسير القرآن الكريم يلحظه كل من تابع النصوص الصادرة عنه.
كما أنه(ع)اهتم بمسألة ترسيخ العقيدة وتثبيتها ،خصوصاً وأن عصره كان وقت اتشار بعض المذاهب الكلامية،والتي كانت تحظى بتأيـيد من الخلافة،حيث كان الخليفة نفسه يلعب بالورقة المذهبية.
فكان للإمام(ع)دور بارز في ترسيخ العقائد الإسلامية والدفاع عنها،وتصحيح معتقدات الناس مما قد يخطر في أذهانهم من تصورات خاطئة حول أصول الإعتقاد،فلاحظ ما صدر عنه من كلمات في التوحيد والصفات،كما لاحظ موقفه من الفرق المنحرفة،ورده على الأحاديث الموضوعة في فضائل بعض الصحابة،التي روج لها بنو أمية منذ زمان معاوية بن أبي سفيان،وصرفوا الأموال الطائلة في سبيل وضعها ونشر ها،وذلك لبلوغ أهدافهم السياسية والمحافظة على أركان ملكهم واستمرار تسلطهم غير المشروع على الخلافة الإسلامية.
————————————————-
[1] أصول الكافي.
[2] إعلام الورى ج 2 ص 91،تاج المواليد للطبرسي ص 52.
[3] مصباح المتهجد ص 741.
[4] أصول الكافي ج 1 ص 320.
[5] المصدر السابق.
[6] تحف العقول ص 339.
[7] تهذيب الأحكام ج 6 ص 382.
[8] ثواب الأعمال باب ثواب الإستغفار.
[9] نهج البلاغة 212