التورية
من الكبائر التي توعد الله سبحانه وتعالى فاعلها النار الكذب، وعرفوه بأنه الأخبار بخلاف الواقع، كما لو كان الزمان نهاراً وقال عنه أنه ليل، أو كان الجو صحواً، وقال عنه أنه ممطر، أو أخبر بمجئ زيد، وهو لم يحضر.
معنى التورية:
وليس من الكذب التورية، وهي أن يتكلم بكلام ويقصد منه معنى من معانيه مما له واقع لكنه خلاف الظاهر.
وبعبارة ثانية، أن المتكلم يريد من الكلام الذي ذكره ظاهره ولا يريد شيئاً آخر غيره، لكن السامع يفهم إرادته شيئاً آخر، كما لو أخبر بعدم وجود شخص معين معه في مجلسه، وظن السامع أنه ينفي وجود شخص آخر غير الذي قصده هو مع اتفاق الاثنين في الاسم.
ومن الواضح أنها بهذا المعنى تختلف تماماً عن الكذب، لأنها لا تتضمن إخباراً مخالفاً للواقع، لأن المفروض أن ما أخبر به موافق تماماً للواقع، وليس مخالفاً له، فإخباره في الحقيقة موافق للواقع.
سبب عدم كونها كذباً:
وسبب عدم كونها من الكذب، لأن الكلام الصادر من المتكلم مطابق للواقع وليس مخالفاً له، عمدة ما كان أن السامع فهم منه شيئاً آخر محتملاً ومتصوراً من هذا اللفظ الملقى.
التورية وسيلة للتخلص من الكذب:
وتعتبر التورية وسيلة للتخلص من الكذب، ففي كل مورد أمكن الإنسان أن يستعملها ويترك الكذب لم يجز له ذلك، حتى في الموارد التي يجوز الكذب فيها كمورد الاضطرار أو التقية، فقد نص جملة من الأعلام، أنه مع تمكنه منها، لا يجوز له الكذب، ولو كذب والحال هذه كان مرتكباً لمحرم من المحرمات، وكبيرة من الكبائر.