الولاية التكوينية لأهل البيت (4)

لا تعليق
كلمات و بحوث الجمعة
163
0

حدثت نسيم ومارية قالتا: إنه لما سقط صاحب الزمان من بطن أمه جاثياً على ركبتيه، رافعاً سبابته إلى السماء، ثم عطس، فقال: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله، زعمت الظلمة أن حجة الله داحضة، لو أُذن لنا في الكلام لزال الشك[1].

تمهيد:

عشنا قبل أيام ذكرى ميلاد منقذ البشرية، ومبير الظلمة، ومجلي الهم ورافع الغمة عن الأمة الإمام صاحب العصر والزمان أرواحنا لتراب مقدمه الفداء، وإكمالاً لما كنا نتحدث عنه في الأسابيع الماضية، أفتـتحنا حديثنا بما يشير إلى ثبوت الولاية التكوينية له(عج) كثبوتها لآبائه(ع).

وعلى أي حال، كنا قد تحدثنا في بحوث ماضية حول مسألة الولاية التكوينية، وما يرتبط بها، ووصل بنا الحديث إلى بيان حقيقة الولاية التكوينية، لأننا عندما نعرفها بأنها القدرة والسلطة على التصرف في الكون، نحتاج أن نتعرف بأي نحو تكون هذه القدرة، والسلطة.

وقد ذكرنا أن الوارد في كلمات الأعلام(رض) احتمالات أربع، وهي:

الأول: أن تكون الولاية التكوينية، بمعنى الدعاء المستجاب، فمعنى ثبوتها لهم، يعني أن دعائهم مستجاباً، وقد أشرنا فيما تقدم إلى أنه يمكن أن يستفاد هذا المعنى من قصة آصف بن برخيا، لأن أحد الأقوال الموجودة بين المفسرين تشير إلى آصف قد جاء بعرش بلقيس بواسطة الدعاء المستجاب، ولعله يتفق مع ما ورد من أنه كان يعرف الاسم الأعظم، أو يعرف حروفاً أو حرفاً منه، وكل من ملك تلك المعرفة كان دعائه مستجاباً.

لكننا أشرنا إلى أن هناك فرقاً بين الدعاء المستجاب، وبين الولاية التكوينية مما يمنع من جعل أحدهما بمثابة البيان والإيضاح للآخر.

وبعبارة أخرى، إن هذين الأمرين حقيقتان مختلفتان، فلا تصلح الواحدة منهما لشرح الأخرى.

الثاني: أن يكون المراد من ثبوت الولاية التكوينية لهم، ما صدر على أيديهم من المعجزات والكرامات.

وهذا المعنى وإن كان ينطوي على قدرة وسلطة على التصرف في الكون، لكنه أيضاً لا ينسجم مع معنى الولاية التكوينية، وذلك لوجود فرق بين المفهومين، ضرورة أن الولاية التكوينية من المفاهيم التي تتقوم بمجموعة من القيود أربعة أو خمسة، كالتحدي، ومطابقة الدعوى، وإثبات الدعوى، وهذه الأمور لو توفرت في الولاية التكوينية لكن لا على أساس أنها مقومات لحقيقتها، بمعنى أنه قد تصدر الولاية التكوينية وفقاً لتحدي أو لتصديق دعوى، أو لمطابقتها، لكن ذلك لا يكون كذلك دائماً، بل تصدر أيضاً من دون هذه الأمور، وهذا يجعل حقيقة الولاية التكوينية أمراً مختلفاً عن حقيقة المعجزة، نعم ما لا ينكر أن بينهما اشتراكاً، فهما يشتركان ويختلفان، ولذا النسبة بينهما هي نسبة العموم من وجه.

الولاية التكوينية نحو من أنحاء التفويض:

الاحتمال الثالث: أن الولاية التكوينية نحو من أنحاء التفويض، وينبغي قبل الحديث حول هذا الأمر الإشارة إلى معنى التفويض، فنقول: للتفويض معنيان، أحدهما في اللغة والآخر في الاصطلاح.

التفويض لغة:

أما معناه في اللغة:

فهو مأخوذ من فوض إليه الأمر، يعني صيره إليه، وجعله الحاكم فيه. وفي قوله تعالى:- (وأفوض أمري إلى الله) أي أرجع الأمور لها إليه سبحانه وتعالى، ليكون الحاكم فيها.

التفويض اصطلاحاً:

أما معناه بحسب الاصطلاح، فيوجد له ثلاثة معان، مستفادة من معناه اللغوي، وهي:

الأول: تفويض أفعال العباد من قبل الباري سبحانه وتعالى إليهم، فكل ما يصدر منهم من فعل أو أمر ليس بقدرة الله تعالى، بل إنه تعالى خلق الكون وأودع فيه القوى والأسباب وتركه يدور بنفسه ويؤثر بعضه في بعض بدون قيام وقيمومية منه تعالى.

ومن الواضح أن هذا المعنى قريب مما التـزمت به اليهود، فيما حكاه القرآن الكريم عنهم، قال تعالى:- (قالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا)[2]وهذا هو ما قالت به المعتـزلة، في مقابل مقالة الإشارة الذين قالوا بالجبر، وأن الله تعالى يجبر الخلق على فعل الأمور، فكل ما يصدر من الخلق، إنما هم مجبورون عليه، وليس لهم فيه اختيار أو إرادة، وهناك القول الحق وهو القول الثالث، وهو مقالة أهل البيت(ع) وشيعتهم، وهو الأمر بين الأمرين.

الثاني: التفويض في أمر التشريع، وهو ما أشارت له جملة من النصوص مثل ما ورد من أن الله سبحانه وتعالى أدب نبيه بآداب ففوض إليه دينه، أو في بعضها فوض إليه أمر دينه، وهو يشير إلى صدور جملة من التشريعات عنه(ص)، وهو المعبر عنه بالولاية التشريعية، وقد أشرنا لذلك في مطلع حديثنا عن الولاية التكوينية إلى مسألة الولاية التشريعية، وهل أنها ثابتة للأئمة المعصومين(ع) كما هي ثابتة للنبي(ص) أم لا، وسوف يأتي مزيد بحث لهذا المعنى من التفويض إذا ساعدت الحياة إن شاء الله تعالى.

الثالث: التفويض في أمر التكوين، أو التفويض في الأمور التكوينية، وهذا هو المربوط بمحل بحثنا، أما الأمران الأول والثاني، فلا ربط لهما بحديثنا، ضرورة أن الثاني منهما سوف نتعرض له مستقلاً فيما يأتي إن شاء الله، أما الأول، فإنه يوكل البحث عنه إلى المسائل العقدية الأصلية، التي ترتبط بأصول الدين، أو بالصفات الفعلية للذات المقدسة، فليطلب من هناك.

معنى التفويض لهم:

ثم إننا نحتاج إلى أن نتعرف معنى ثبوت التفويض لهم(ع) الذي جعل معنى الولاية التكوينية، وذلك لأن الوارد في كلمات الأعلام للتفويض عدة معان، يقبل بعضها وبعضها الآخر يرفض، ويمكننا حصر تلك المعان ضمن اثنين، وكل واحد منهما ينحل إلى اثنين أيضاً:

التفويض الاستقلالي:

وهذا المعنى من التفويض له نحوان،

أحدهما: وهو الذي يعني أنه تعالى بعدما خلق محمدا وآله(ع)، فوض إليهم أمر خلق الدنيا وما فيها، ولذا هم الخلاقون والرازقون والمميتون والمحيون والمانعون والمعطون، بالاستقلال، من دون دخالة لأحد معهم، فهم مستقلون في ذلك كله عنه سبحانه وتعالى.

ومن الواضح أن هذا المعنى باطل جزماً، لما تقدم منا في الحديث عن الولاية المستقلة على الغير، حيث ذكرنا هناك أن الأدلة العقلية والنقلية تأبى مثل هذا الأمر، بل هو من أجلى موارد الكفر والشرك بالله سبحانه وتعالى.

فلاحظ قوله تعالى:- (قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار)[3]، وقوله عز من قائل:- (ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه)[4]

ثانيهما: ما يشترك مع المعنى السابق ولا يخـتلف عنه في شيء إلا في نقطة واحدة، وهي أن المعنى السابق للتفويض الاستقلالي قد تضمن أن خلق الخلق وإيجاد الموجودات تم على مرحلتين، تضمنت المرحلة الأولى خلق أشرف الكائنات وأفضلها، ثم هم خلقوا بقية الخلق من دون رجوع لله سبحانه وتعالى، فالله تعالى إنما خلق الأكمل والأشرف، وهو محمد وآله(ع).

أما هذا المعنى من التفويض، فلا ينظر إلى تقدم خلق الأفضل والأكمل على خلق الموجودات، بل يرى أن منشأ بقاء الموجودات مرتبط بهم، فهم علة في البقاء، فبعد ما خلق الله تعالى الخلق، فوض أمرهم إليهم(ع)، بالذات والاستقلال.

وهذا المعنى أيضاً، لا يمكننا القبول به، كما كان ذلك بالنسبة إلى سابقه، لأن المانع من قبول المعنى المتقدم، هو بنفسه يؤدي إلى رفض هذا المعنى، وعدم التصديق به.

التفويض الإفاضي:

وهذا المعنى من التفويض يخـتلف عن المعنى السابق للتفويض من خلال أن التفويض بالمعنى السابق كان يتضمن الإشارة إلى أن ما يصدر منهم(ع) في شؤون من تصرف، بنحو التفويض مأخوذ على نحو الاستقلال، أما هنا فلا يدعى ثبوت استقلالية في البين، بل ما يصدر إنما هو بإذن من الباري سبحانه وتعالى، فهو الذي يفيض ذلك عليهم(ع) فيكون لهم ذلك.

وعلى أي حال، فهذا المعنى من التفويض أيضاً فيه نحوان:

الأول: التفويض الإفاضي المطلق، ويراد منه: تفويض الأمر إليهم(ع) بنحو الإفاضة الدائمة منه سبحانه وتعالى في كل آنات التصرف.

فالتصرف في شؤون الكون كله من إحياء وإماتة ورزق ومنع، ومطر وغيره، أمره إليهم وبيدهم، بتفويض من الله سبحانه وتعالى، لا على نحو الاستقلال.

وربما استفيد هذا المعنى من خلال بعض النصوص الواردة عنهم(ع)، فقد ورد في الزيارة الجامعة: بكم فتح الله وبكم يختم وبكم ينـزل الغيث وبكم يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه. وكذا ما جاء في دعاء العديلة في حق المولى ولي الأمر(روحي لتراب مقدمه الفداء): الذي ببقائه بقيت الدنيا، وبيمنه رزق الورى، وبوجوده ثبتت الأرض والسماء.

الثاني: التفويض الإفاضي المقيد، وهو لا يخـتلف عن المعنى السابق وهو التفويض الإفاضي المطلق، إلا في أن المعصوم(ع) لا يعمد إلى الاستفادة من ولايته مطلقاً، بل متى ما شاء، فهو قادر على التصرف في شؤون الكون، بأن يرزق أو يميت أو يحي وغير ذلك، لكنه إنما يفعل ذلك متى شاء وأراد، لا أنه يفعل ذلك دائماً وأبداً.

وإن شئت فقل، إن هذا التفويض هو تفويض إشائي، فهم يستفيدون منه في بعض الأحيان لا مطلقاً، مثلاً إذا كانت هناك مصلحة تقتضي ذلك، فإنه يعمد إلى الاستفادة من ذلك.

والحق أن المعنى الثاني من التفويض بقسميه، لا مانع من الالتـزام به ثبوتاً، لكن يـبقى الكلام في وجود الدليل عليه إثباتاً.

أما الأول منهما، فالظاهر أنه لا يساعد عليه دليل واضح بهذا المعنى، وما أشير له من الزيارة الجامعة والدعاء الشريف، يمكن حمله على أنه خصوص التفويض المقيد لا التفويض المطلق، وبالتالي لا يكون في البين دليل في مرحلة الإثبات يثبت صحة هذه المقالة.

والحاصل، يتعين الأمر حينئذٍ في خصوص المعنى الثاني من التفويض، وخصوص النحو الثاني منه.

وقد يستفاد هذا المعنى من قوله تعالى:- (قال رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب*فسخرنا له الريح تجري بأمره حيث أصاب*والشياطين كل بناء وغواص* وآخرين مقرنين في الأصفاد)[5].

تصوير التفويض إليهم:

هذا ونحتاج بعد معرفة التفويض إليهم، ولو كان بنحو التفويض الإفاضي المقيد كيفية تفويض أمر الكون إليهم، بحيث يتولون عملية تدبيره لكن لا على نحو الاستقلال كما عرفت.

وعلى أي حال، يتصور ذلك على أنحاء:

الأول: أنه سبحانه وتعالى قد منحهم قدرة على التصرف في شؤون الكون وأمر الكون بالاستجابة إليهم(ع)، فهم يدبرون شؤون العالم بما منحوا من قبله سبحانه وتعالى، وأفاضه عليهم.

الثاني: أنه تعالى قد جعلهم أوعية لمشيئته، ومظاهراً لقدرته واردته، ومعيار رضاه وغضبه، بعدما أدبهم وأكملهم وجعلهم عباداً مخلصين مصطفين أطهار، وهذا جعل لهم قلوباً ريضها الله تعالى بالخوف والرجاء، فهم لا يريدون إلا ما يريده الله تعالى، ولا يفعلون إلا ما يحبه سبحانه، لهذا إذا أرادوا شيئاً فإن إرادتهم مظهراً لإرادته تعالى وقدرته.

الثالث: أنه تعالى يستجيب دعائهم في كل أمر يريدونه في الخلق والتكوين، لأنهم بعدما وصلوا إلى ما وصلوا إليه نتيجة تهذيب الله تعالى إياهم فلن يسألوا ما فيه مفسدة، أو ما لا يشتمل على المصلحة، فكل ما يسألون الله تعالى، فهو يجيـبهم فيه.

الرابع: أن الله تعالى يريد ما يريدون، ويفعل ما يريدون فعله، أي أنه تعالى يفعل الأفعال مقارنة لإرادتهم ورغبتهم، وهذا مثل ما يقال في حقيقة المعجزة والكرامة على بعض تفاسيرها بأن المعجزة منه سبحانه، وبقدرته، لكن قدرته مقارنة لإرادة ومشيئة صاحب المعجزة إظهاراً لصدقه وعظمته وعلو مرتبته.

الخامس: أن لهم إحاطة علمية بالخلق وما يرتبط به من قوانين وأنظمة وشؤون وتدبيرات جعلت لهم من قبله سبحانه وتعالى بعدما اصطفاهم، فهو يتصرفون في الكون كما يريد سبحانه وتعالى.

إشكال ودفع:

لكن بعض أساتذتنا(دامت أيام بركاته)[6] لم يرتض القول بثبوت التفويض الإفاضي المقيد بالبيان الذي سبق وعرضناه، لكونه خالف صريح القرآن الكريم، كما يلحظ ذلك أثناء عملية التحدي التي صدرت من كفار مكة للنبي(ص) فلو كانت للمعصوم ولاية تكوينية تخول له أن يفعل في الكون ما يشاء ويتصرف فيه بحسب ما يريد بإذن من الله تعالى، فلم لم يستجب النبي الأكرم محمد(ص) إليهم، لاحظ قوله تعالى:- (وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً* أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيراً* أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفاً أو تأتي بالله والملائكة قبيلاً* أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنـزّل علينا كتاباً نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشراً رسولاً)[7].

ولا يخفى أن كلامه(حفظه الله) يتم على أساس أن عدم تجاوب النبي(ص) مع القوم بتنفيذ ما طلبوه منه(ص) يكشف عن عدم ثبوت القدرة لديه على ذلك، وإلا لو كانت لديه القدرة، لما كان هناك وجه لعدم إجابته(ص) إياهم.

ومن الواضح عدم قبول هذا المعنى، ضرورة أن عدم تنفيذ النبي(ص) لما طلبوه منه، لا يدل على عدم ثبوت القدرة لديه، وعدم تمكنه من فعل ذلك، بل لعل هناك حكمة إلهية دعت إلى عدم تفاعل النبي(ص) مع هذا الطلب، وعدم تجاوبه معهم، لأنه لو أجاب لربما تمادوا فطلبوا أكثر من ذلك.

على أن هناك جواباً آخر يستفاد من كلام السيد الطباطبائي(قده) في الميزان عند تفسيره للآيات الشريفة، وحاصل ما أفاده:

إن ما صدر منهم من طلب له(ص) إما أن يكون بلحاظ أنه بشر، أو بلحاظ أنه يدعي الرسالة الإلهية.

فإن كان الاحتمال الأول، فلا إشكال في عدم قدرة البشر على هكذا أمر مما يحتاج إلى قدرة مطلقة غير متناهية، ومحيطة حتى بالمحال الذاتي.

وإن كان الاحتمال الثاني، فلا يخفى أن الرسالة لا تقتضي أكثر من حمل ما حمّله الله تعالى من أمره وبعثه وتبليغه بالإنذار والتبشير، لا تفويض القدرة الغيـبية إليه وإقداره أن يخلق كل ما يريد، ويُوجد كل ما شاؤا، وهو(ص) لا يدعي لنفسه ذلك[8].

الرجوع للمدعى:

ثم إنه بعدما تعرفنا شيئاً على التفويض، وأحطنا بما يمكن القبول به من معانيه، ليكون صحيحاً غير متضمن للشرك أو الكفر بالله سبحانه وتعالى، نعود لما كنا فيه، وهو جعل حقيقة الولاية التكوينية عبارة عن التفويض، فيكون المراد من ثبوتها لهم أي تفويض أمر الخلق وشؤونهم إليهم، بالتفويض الإفاضي المقيد.

ولا يخفى أن المحتملين الأولين في بيان حقيقة الولاية التكوينية، واللذين سبق الحديث عنهما يمكن عدهما ضمن نطاق هذا الوجه، بحيث لا يقال بوجود ثلاثة محتملات، بل في الحقيقة هو محتمل واحد، له أفراد.

وعلى أي حال، هل يمكننا أن نقول بأن حقيقة الولاية التكوينية عبارة عن التفويض بالمعنى الصحيح الذي ذكر له، وجاءت الإِشارة إليه في كلمات شيخنا المجلسي(ره) في كتابيه مرآة العقول وبحار الأنوار، أم لا؟…

الصحيح أنه لا يمكن عدّ حقيقة الولاية التكوينية عبارة عن التفويض، وذلك ليس رفضاً ونكراناً لثبوت حق التفويض إليهم(ع)، بل مقتضى التحقيق هو الالتـزام بذلك كما هو المستفاد من الأدلة، إلا أن المانع من جعل حقيقة الولاية التفويض، هو أن التفويض أعم من الولاية التكوينية، لأنه يشمل الولاية ويشمل غيرها، ومع كونه أعم منها فلن يصلح لتعريفها لأنه يستدعي دخول غيرها فيها، لذا نحتاج إلى تعريفها به مع إضافة قيد يوجب اختصاص التعريف بها دون دخول غيرها فيه، لكي يكون التعريف جامعاً مانعاً.

——————————————————————————–

[1] كمال الدين ج 2 ص 430 ح 5.

[2] سورة المائدة الآية رقم 64.

[3] سورة الرعد الآية رقم 16.

[4] سورة الأنعام الآية رقم 102.

[5] سورة ص الآية رقم 35-40.

[6] الإمامة وقيادة المجتمع ص 127.

[7] سورة الإسراء الآيات رقم 90-92.

[8] الميزان ج 13 ص 203.

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة